الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطع العلاقات مع دولة قطر...

مهند الصباح

2017 / 6 / 6
الادب والفن


مهند الصباح
قطع العلاقات مع دولة قطر...
هذه لم تكن المواجهة الأولى بين بعض دول الخليج من ناحيّة وقطر من ناحيّة أُخرى، حتى في إحدى المرات وقع اشتباك بالذخيرة الحيّة بين الجيش السعودي والجيش القطرى أسفر عن سقوط ضابط سعودي وجنديين قطريين، ولم تتطور الأمور أكثر من اللازم بعد تدخل بعض مشايخ الخليج لتطويق الأزمة. تتالت الأزمات بين قطر من جانب والإمارات والسعوديّة من جانب آخر قبل عدة سنوات وتدخلت الكويت لإصلاح ذات البين بينهما، ومن منطلق الدولة الأم الحاضنة غفر الملك عبد الله بن سعود زلّة القطريين بدعمهم لحركة الإخوان المسلمين في مصر آنذاك، ونشر وكالة أنباء مقرّبة من النظام القطري فيلما عن عبد العزيز بن سعود. لكن ما الذي حصل الآن؟ لماذا تُجدد القطيعة؟ وهل حقا هناك تضارب بين المشروع القطري والمشروع السعودي في المنطقة؟ الجواب هو لا. السعوديين أجل لديهم مشروع تجاه المنطقة، هم يريدون إخضاع الأنظمة والشعوب تحت مظلّة الإسلام السنّي المُعتدل، فهم يملكون المال لأجل ذلك. بيمنا تلك الدولة التي لا يتجاوز تعداد سكتنها مليوني ساكن جُلّ ما تريده هو السماح لها بدور يتناسب مع اغتنائها المفاجئ من الغاز الطبيعي. إذن لا يوجد مشروعان عربيان متنافسان في المنطقة. بل يوجد مشروع عربي سعودي وحيد، وتريد قطر أن تقود مرحلة من مراحل هذا المشروع، فتعلن عن وجودها بتعكير صفو الكبار في المنطقة كطفلٍ عندما لا تعطيه أمّه ما يريد يلجأ للبكاء المتعمد؛ كي يحصل على مبتغاه مقابل التوقف عن البكاء المزعج.
لكن ما الذي حصل؟
جميعنا شاهد حفاوة استقبال الرئيس الأمريكي في الرياض، والكمّ الهائل من الهدايا والعطايا التي حازها الأمريكي من العربي، حتى ذهب البعض لإطلاق مسمى " جزية العصر"على تلك الهدايا التي بدت للوهلة الأولي وكأنّها مجّانيّة. لكن بعد انتهاء القمة العربية والإسلاميّة- الأمريكية تبيّن أنّ ما جناه ترامب لم يكن مجانيّا بالمعنى الخالص! ربما فهم النظام السعودي ومن خلفه دولة الإمارات كيف يفُكّر العم سام الساكن الجديد في البيت الأبيض، هو رجل أعمال ناجح جدا، وما يهمّه هو جمع المال من العالم سواء على شكل إتاوة أو على شكل استثمارات في بلاده، هو يريد جمع المال ولا يريد انفاقها جُزافا في أطراف العالم، وجميعنا شاهد كيف أصطف زعماء الناتو أمامه وهو يُلقي عليهم نصائح الترشيد في إنفاق المال وطالبهم بتسديد ديونهم لحلف الناتو. فهمت السعودية نهج الرجل فأرادت المغانم التالية من غزوة ولي عهدها للولايات المتحدة قُبيل قمّة الرياض:
الأول: درء خطر وسمها بالإرهاب – مؤقتا على أقل تقدير- لكن كان لا بد من إيجاد جهة أُخرى تُظهرها للعالم بأنّها راعيّة الإرهاب الحقيقية. نبشوا سويّا فوجدوا ضالتهم بدولة قطر التي لا تزيد مساحتها عن 11 كيلو متر مربع. أخطأت قطر كثيرا وزلّت قًدمها في عدّة بلدان عربيّة وتحدّت الدول الإقليميّة الكبرى أمثال السعودية ومصر وسوريا، تلك الأخطاء وظّفتها السعودية وحِلفها بشكل جيّد. نعتوا قطر بدعم الإرهاب والتخابر مع إيران ودعم جماعات مسلحة في ليبيا واليمن ودعم الإخوان المسلمين في مصر، وأيضا رموها بسهم زعزعة أمن مملكة البحرين المجاورة والتي لا تتجاوز مساحتها 655 كيلو متر. المُراد من كلّ ما حصل مع قطر أيضا هو إرجاعها لبيت الطاعة الخليجي برئاسة النظام السعودي. وعلى ما يبدو أنّ هناك ما هو قادم للمنطقة ولا تريد السعودية من يُعرقل سير القادم المُنغير، ولاحظنا جميعا مدى اهتمام الدول الفاعلة في الساحة الدوليّة بالأزمة الناشئة بين دول مجلس الإتحاد الخليجي ودعواتهم إلى تغليب الحوار وضبط النفس، وهنا ننقل للمغنم الثاني الذي تريده السعودية من وراء رشوة ترامب الأخيرة وهو:
توسيع الدور السعودي- الإماراتي ( رأسمال العربي) في المنطقة مقابل تحجيم دور الجمهورية الإيرانيّة التي تعاني الحصار الاقتصادي منذ ثورة الخميني. أرادت السعودية زيادة الضغط على إيران فخرج ساسة إسرائيل وقال وزير حربها " أصبح واضحا للعرب أنّ إسرائيل والصهيونية لا تشكلان تهديدا لهم وإنما هي إيران ". وهنا - لا بُد من الإشارة بأن لا دولة شرق أوسطيّة تجرأ ببدء هجوم عسكري على الجمهوريّة الإيرانيّة بدون دعم أمريكي مباشر -. السعودية تريد إطلاق يدها في المنطقة وتريد غطاء أمريكيا وهذا ما يُقلق الساسة الأتراك الساعين هم أيضا لنيل دور أكبر في المنطقة ناهيك عن كونهم حلفاء حقيقيين للغرب في حلف الناتو. على ضوء ما سبق ربما ستشهد المنطقة بعض التغييرات المتوقعة.
إذا أصرّت قطر على عدم العودة إلى بيت الطاعة الخليجي فأمامنا خياران: الأول إعادة الاصطفاف في المنطقة، وربما لجأت قطر إلى روسيا الاتحاديّة وبالتالي تغيّر لخارطة العلاقات الشرق أوسطيّة، مما يؤدي إلى ارتياح لدى النظام السوري وشعوره باقتراب ملامح النصر بتفكك حِلف من مولوا القتل في بلاده. والخيار الثاني هو عدم العودة إلى بيت الطاعة وبنفس الوقت عدم اللجوء إلى ( العجم والفرس) مما يؤدي إلى انعزالها واضمحلال دورها الشرق أوسطي وبالتالي سقوطها من الحسابات الإقليميّة.
أمّا على صعيد دعم الإخوان المسلمين فلا أعتقد بأنّ الدعم المادي سوف يتأثر كثيرا فطرق إيصال الأموال متعددة ومعقدة، وليس من السهل تتبعها، فإذا أرادوا دعم جهة ما وجدوا السبيل إلى ذلك دونما عناء مطلقا.
أمّا على صعيدنا الفلسطيني، فيزداد الانقسام شرخا آخر وستعلو نبرات اللعن والردح على شاشات التلفزة والإعلام. سيدفع الغزيون الثمن مضاعفا. وأخشى ما أخشاه هو عدوان شبه محتمل ولأتفه الأسباب ضد أبناء القطاع خاصة بعد وصف حركة حماس بالإرهاب على يد بعض العرب في قمة الرياض، مما يتقاطع مع مزاعم الاحتلال تجاه مركب أساسي في جبهة التحرر الفلسطينية. وإذا ما شُنّت الحرب سيجد أبناء القطاع أنفسهم وحيدين بلا مُنجد. مصر لن تتدخل إلا بالحد الأدنى؛ لأنّها لن تعادي التوجه السعودي الأمريكي في المنطقة، وكلّ ما سنهال على غزة من مساعدات لن يتعدّى بيانات الشجب والاستنكار، وستضطر حركة حماس إلى تمزيق وثيقتها السياسية الجديدة. لن يتبّقى أمام أهلنا بالقطاع حينها سوى اللجوء إلى تركيّا. تركيا اللاعب الثعلبي الذكي في المنطقة، وهنا اختبار حقيقي لها، هل ستقف بكل ما لديها لوقف العدوان المحتمل؟ أم أنّها ستسلم لغربة البعض في القضاء على ما سموه حركات الإرهاب في المنطقة حفاظا على مصالحها؟
وأخيرا، ربما ينقلب السحر على الساحر وتشكّلت تحالفات جديدة سريّة في المنطقة يكون أساسها الحفاظ على المصالح والمُكتسبات أمثال إيران – قطر – سوريا ومن خلفهم روسيا وتنسيق شبه وثيق مع تركيا. مقابل تحالف يضم العرب السنة برئاسة السعودية ومن خلفها الجابي الأمريكي.
وربما كل ما حدث لغاية الآن هو عبارة عن زوبعة في فنجان ولا يتعدّى كونه تأديبا لقطر.. فركة أذن!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في