الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الموقف من المجابهة الخليجية القطرية .. الثابت المبدئي والمتغير السياسي

جعفر المظفر

2017 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


في الموقف من المجابهة الخليجية القطرية .. الثابت المبدئي والمتغير السياسي
جعفر المظفر
هذه المقالة هي محاولة لتصريف العلاقة ما بين الثابت المبدئي والمتغير السياسي, حيث يوجب هذا الأخير ترتيب التحديات المرحلية وقوى هذه التحديات من حيث الأهمية وبعدها تحديد صيغ الإقتراب والقربى بين هذه القوة او تلك. ولعل واحد من أهم الأخطاء التي يواجهها العمل السياسي هو إسقاط آليات وأهداف مرحلة سابقة على مرحلة لاحقة مختلِفَة التحديات.
إن بعضا من الدول كانت قد مرت في حالات من الحروب البينية الطاحنة جعلت الإنسان يتصور حينها أن عودة العلاقات الطبيعية بين هذه الدول أصبح مستحيلا حتى ولو في الخيال. لكن يحدث ان تعود العلاقات الإيجابية بين البلدين في مرحلة لاحقة حتى في ظل وجود النظامين اللذين كانا قد تحاربا.
ثمة أمثلة يمكن إستدعاءها. في بداية الحرب العالمية الثانية إضطر ستالين روسيا أن يتفاهم مع هتلر المانيا على إتفاقية تقتضي عدم الإعتداء بين البلدين. هتلر بطبيعة الحال لم يكن يحب ستالين ولا كان هذا الأخير قد أحبه, وكان الإختلاف بينهما كبيرا. لكن هتلر, رغم تفوقه العسكري آنذاك كان بحاجة إلى أن يتفرغ لمحاربة جيرانه الأوروبيين كخطوة أولى على طريقه لإحتلال العالم. في مواجهته حينها لم يكن ستالين ندا عسكريا وكان يعتقد أن حربا طاحنة بين الأخوة الأوروبين الرأسمالين ستجعلهم ينشغلون عن روسيا الشيوعية التي يمكن أن تخرج بعدها أكثر قوة من الطرفين الرأسماليين المتحاربين.
بعد سقوط الحلم الهتلري تبين إن أهم اسباب الهزيمة النازية كان إستعجال هتلر فتح الجبهة الروسية وزجه لجزء أساسي من جيشه في الحرب ضد روسيا حيث وضعه ذلك في مواجهة جنرالين, واحد بشوارب تغطي كل فمه إسمه ستالين, وآخر إفترش الأرض وحولها إلى بحر أبيض إسمه الجنرال ثلج. وما كان بوسع هتلر حينها أن يجابه الجنرالين معا في وقت واحد, جنرال الأرض وجنرال السماء, خاصة بعد أن أفلح جنرال الأرض في التحول من التحالف مع هتلر إلى التحالف مع أميركا والغرب.
بقية القصة تقول أن مرحلة ما بعد الحرب سرعان ما رتبت القوى في خانات جديدة كما أدخلت العالم نفسه في حالات جديدة, فالحلفاء الذين خاضوا حرب المصير المشترك ضد هتلر سرعان ما تحول بعضهم إلى أعداء بعض, ودخل العالم في حرب كونية (ثالثة) هي الحرب الباردة التي لم تتوقف إلا بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وصار من سمات هذه الحرب الجديدة أن تكون هناك حروبا متفرقة بالنيابة.
في منتصف ستينات القرن الماضي (1965) بدأت فعليا الحرب العسكرية الطاحنة بين أميركا وفيتنام, وكانت فيتنام وقتها فيتناميْن واحدة شمالية يقودها الشيوعي هوشي منة وأخرى جنوبية تابعة وعميلة لأمريكا. ولقد إستمرت هذه الحرب ما يقارب العشرة سنوات (1975) حيث إستنفذت أمريكا كامل خزينها من الصواريخ ضد شعب الجنوب وضد حلفائه الشيوعيين الفيتناميين الشماليين الذين تحولت مدنهم إلى خراب. لكن هوشي منة الرجل النحيل العاري الذي لم يكن يقبل النوم أو الجلوس إلا على حصيرة ولا يقبل التنقل إلا على ظهر نعاله البلاستيكي البالي هو الذي كان تغلب بعدها على جنرالات الحرب الأمريكيين من ذوي النجوم الأربعة والسيارات الفاخرة المدرعة وإستطاع بالتضحية والصمود أن يحول الفيتنامَيْنْ إلى فيتنام واحدة.
أما الذي عاش في تلك الثمانية سنوات من الحرب الطاحنة فكان يعتقد أن فيتنام ستبقى على كراهيتها لأمريكا حتى يوم القيامة. إلا أن بلد هوشي منة, الذي عرف كيف يقاتل بضراوة, كان يعرف كيف يعمل في السياسية بحلاوة, فجعل من أول شروطه في مباحثات الصلح ان يكون لفيتنام الجديدة مقام الأفضلية في التعاون التجاري مع أمريكا. لقد أخذت فيتنام من الحرب ما تريد – الإستقلال والكرامة والوحدة – وصار عليها أن تأخذ من السلام ما تريد في حزمة من الأهداف الإقتصادية والتصنيعية سرعان ما جعلت من البلد المنهك بلدا موحدا ومتطورا وجميل.
ولا داعي هنا لوقوف أمام قصة الصين مع أمريكا أكثر من ذلك الذي يقول أن الصين ظلت على شيوعيتها لكنها مع ذلك سعت لأن تحصل على مقام الأفضلية في التعامل التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية, وبفضل ذلك التعامل, الذي سبقه من حيث الأهمية والترتيب إصرار الصين على البناء والتطور, فلقد صارت الصين قوة عظمى وصديقة لأمريكا بمستويات معينة ومع ذلك فقد حافظت على شيوعيتها.
في العلاقة مع إيران فإن من الخطأ ومن الجهل أن نتمسك بقاعدة (اللهم إجعل بيني وبينهم جبلا من نار), اي أن نحول قول إبن الخطاب المرحلي المكتوي وقتها بنار المطامع الفارسية إلى ثابت تاريخي مطلق يمنعنا من التطلع إلى بناء علاقات حسن جوار تقوم على الإحترام المتبادل والمنفعة المشتركة. لكن هذه التطلع التاريخي المفتوح على الزمن يجب أن لا يتقاطع ويجب ان لا ينسينا ان النظام الإيراني الحالي هو مسؤول بدرجة كبيرة عن تحطيم بلدنا في الوقت الراهن من خلال مساندته للنظام الفاسد وإسناد وتعميق وتفعيل الثقافة الطائفية المجتمعية والسياسية. لكن سيصير أفضل لو أننا رفعنا شعار (اللهم إجعل بيننا وبينهم جبلا من المودة والتعاون) دون أن ينسينا هذا التمني مهمتنا المرحلية الحالية ألا وهي الوقوف ضد المطامع الإيرانية التوسعية الطائفية على عراقنا أولا وعلى منطقتنا ثانيا, ثم العمل على ترتيب تحالفاتنا وصداقاتنا الإقليمية والدولية لمواجهة هذا الخطر الأعظم.
إن الثابت الأخلاقي التاريخي قد لا يتغير من مرحلة إلى أخرى لكن التعامل مع المتغير كثابت هو دليل على عقلية معلقة وطافية وعائمة وبدون اقدام على الأرض, وإن من المهم جدا أن لا تتحول كراهيتنا السياسية إلى كراهية عنصرية وكراهيتنا المرحلية إلى كراهية تاريخية.
في الساحة العراقية أهم تحدين يواجههما العمل الوطني في المرحلة الحالية هما الإرهاب الداعشي والأطماع الإيرانية وعلينا أن نتآزر أو نتضامن أو نتعاطف مع كل قوة او دولة أو تجمع يقف على النقيض من هذين الخطرين أو يتحرك ضدهما دون أن يعني ذلك التوقيع على بياض او إتخاذ موقف الإنحياز غير المحسوب بظرفه ومرحلته وأهدافه.
في هذا الإتجاه وبهذا المعنى فإن الوقوف إلى جانب السعودية ضد قطر مسألة محسومة لعلاقة هذه الأخيرة مع كثير من المآسي التي شهدتها الساحة العربية وبداية من مساندتها لقوى الإرهاب نزولا إلى فوضى ما سمي بالربيع العربي, وفي هذا السياق أيضا وبهذا المعنى فإن وقفتنا هذه لا تتقاطع مع وجود العديد من الإختلافات مع السياسة السعودية في العديد من الأحداث وفي العديد من الساحات.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ترمب والخازوق بعد ساعات
شتيوي بو خبله ( 2017 / 6 / 8 - 05:51 )
في جلسة إستماع الكونجرس

بداية العزل

وما أشبه اليوم ترمب
بأمس نيكسون
ولا عزاء للداعر ابن سعود

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي