الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن حوار قوى اليسار... البدايات . .الترتيبات .. .التحقق ... .الفشل ....ا لمآلات

كامل عبد الرحيم السعداوي

2017 / 6 / 8
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



هذه محاولة لاستخلاص الدروس من المحاولة الجهيضة لحوار قوى اليسار العراقي ،والتي يبدو أنها فشلت في مهدها ، وبصفتي المنسق المستقيل لتلك المحاولة ، وربما لم أكن مؤهلاً لهذا الدور ، لكن لاشك لدي ما أقوله ،وهو لا علاقة له بالتشهير أبداً بأي طرف من الأطراف ولكن لوضع خلاصات التجربة لمن سيتابع المسعى يوماً ، فذلك الحوار وما يتبعه من أشكال العلاقة بين قوى اليسار هو ضرورة حتمية ستفرض نفسها يوماً بهذا الشكل أو ذاك ، وللتأريخ فإننا إذ نعترف بجدية السيد رزكار عقراوي في دعوته ، إلا أن جهودنا كانت تسبق دعوته بكثير ، هذا فقط للتأريخ ومن أجل وضع الأمور في نصابها ، كنتُ قد كتبت على صفحتي في الفيسبوك بعض الأفكار ، وفي لقاءاتنا مع بعض الأصدقاء من الحزب الشيوعي أو بقية التجمعات والحركات اليسارية ، لكن الحوار الجاد كان في ساحة التحرير وفي أيام التظاهر بالأخص ، حيث أن الحزب الشيوعي وفي مؤتمره العاشر المنعقد مؤخراً ، تجاوز التلميح بذلك إلى تخصيص دعوة بهذا الشأن ،فكانت لقاءات مع الأستاذ فرحان قاسم ،وهو على ما يبدو مكلف من الحزب بهذا الخصوص ،وكنا ندرك صعوبة المهمة ، وقد وضعنا نسبة الفشل أكثر من النجاح ، ولكن لنجرب ، ثم جاءت الدفعة القوية عندما التقيت بطريق الصدفة بالأستاذ رائد فهمي صحبة بعض الأصدقاء ،وكان موضوعنا هو الحوار اليساري ، بالنسبة لي كان المفتاح يتمثل بتفهم مخاوف وما ترسب في قناعات الحزب الشيوعي من ناحية ، وبالمقابل إرسال تطمينات وأيضاً التيقن من جدية الحزب الشيوعي للأطراف الأخرى ، وكانت الصعوبات في التفاصيل ، مكان الاجتماع ،العنوان ،من يوجه الدعوة ،لمن توجه الدعوة ، أشخاص أم حركات ،برنامج اللقاء ، واتفقنا أن تكون القاعة التي سيجتمع بها المجتمعون محايدة وعامة وتكاليف حجزها وما يصاحبها من طباعة وخدمات من جيوبنا الخاصة ورفض أي تمويل ، وقد استثنينا في البداية دعوة جماعات المحافظات (إلا ما رحم ربي) ، لعدم القدرة على استضافتهم والتأكد من نجاح اللقاء الأول ،وكانت الاستجابة كبيرة ومفرحة وفاقت التوقع، لكن ما بعد اللقاء الأول هو المعضلة وهنا برزت حزمة المفاهيم المسبقة والأطر النظرية تلقي بظلها الكثيف علينا ولنجمل تلك المعضلة على قدر ما نستطيع :

1/ الحزب الشيوعي العراقي هو قطب اليسار (شئنا أم أبينا) ،لكنه في المقابل مشكلة اليسار الأولى.
2/كل التجمعات والتنظيمات خارج الحزب الشيوعي لم تكن جادة فعلاً في اللقاء اليساري ، لعدم ثقتها بهذا الحزب أولاً ، ولكونها ستُكشف وتتعرى ويبان ضعفها ،وأي تنازل عن قفلاتها النظرية الخاصة سيعني انهيار منظومتها النظرية بكاملها ، وهي غير مستعدة لدفع فاتورة هذا اللقاء ،وهي اشتركت بدافع الفضول وجس النبض وإسقاط الحجة .
3/ الأفراد المستقلون ،اليساريون غير المنتمين لهذا التنظيم وذاك التجمع ،هم الذين استقبلوا الحدث بما يستحقه وكانوا جادين ومتحمسين ومستعدين للتضحية والمضي بالشوط حتى نهايته، وهم قوة كبيرة لكنها غير منظورة ، وهي في الأساس محط أنظار الحزب الشيوعي أصلاً ولكنه لم يكن يمتلك الأدوات ولا التصميم الكافي ،لا للاعتراف بهم ولا دفع مستحقات استعادتهم إلى أحضانه .
4/ شخصياً ركزت على نقطة مهمة نظرية وإجرائية ، وهي عدم اعتبار الخلافات النظرية والسياسية أو غيرها داخل صفوف اليسار ،امتداداً للصراع الطبقي ، ومن ذلك دخول العملية السياسية أو مقاطعتها ، قضية التحالفات ، منذ قبل جبهة 1973 وما بعدها وما رافقها من أخطاء أو تبريرات وتضحيات ، بل هي تدخل في خانة الاختلافات ووجهات النظر ، وهذه رؤيا لها ما يدعمها نظرياً وتاريخيا وليست فقط بادرة لحسن النوايا ،وهي ما تمنع تفشي ظاهرة التخوين والتكفير داخل صفوف اليسار وتفعّل الحوار الجاد من أجل المقتربات العملية ، لكن التجمعات خارج الحزب الشيوعي صعّدت من لهجتها في هذا الشأن ،حتى باتت فكرة اللقاء والحوار اليساري بلا معنى ،ومزايدة لفظية ،والحقيقة كان هذا التصعيد مقصوداً من أجل إخفاء الهزال المعروف والطبيعي في بنية هذه التجمعات .
5/ داخل الحزب الشيوعي تجري الأمور بشكل مختلف ، فللحق ، أن الجماعة المكلفة للتنظير داخل الحزب ،تعي أفضل من غيرها الاستحقاقات التي يجب فعلها لمواكبة العصر ،استحقاقات ما بعد انهيار المنظومة (الاشتراكية) وانكشاف الحزب الشيوعي ، فلا حليف كبير ، وخفوت بريق النظرية الاشتراكية ،ومظاهر التغوّل الرأسمالي وغير ذلك ،وقد قاموا ببعض الخطوات على هذا الصعيد ،لكن مسعاهم يصطدم دائماً بمجموعة عقبات أهمها ،طريقة صعود القيادات داخل الحزب ،فهذه الأخيرة لازالت تتم عبر تفاهمات (قّبْلية) شبيهة بحلف (الفضول) قبل الإسلام ، فهناك جماعات ضغط ومراكز قوى ،لازالت تمسك بكواليس الحزب وهي لا تراعي الكفاءة أو النضالية أو القدرة الرؤيوية ، ما يجعل خطوات الحزب وردود أفعاله تجاه الأحداث بطيئة وتقليدية وتعطي الأولوية للتوافقات الداخلية على الفاعلية السياسية والوطنية ، وعلى المقلب الآخر ، فبنية الحزب ما بعد عام 2003 ،غير قادرة على استيعاب التغييرات بل على العكس تمنعها ، فطبيعة الأعضاء الجدد للحزب أو الذين أعادوا ربط أنفسهم من جديد بالحزب ، هم جلهم ،وربما كلهم ، تحولوا إلى موظفين أو مستفيدين من كوتة المؤسسات التعويضية من سجناء وشهداء وأنصار ، ما جعل الحزب مكسواً بطبقة ثخينة من الشحم ، فأصبح ثقيل الحركة وأحيانا منعدم لتلك الحركة ، فماذا تتوقع من حزب موظفين ، سوى علو صوت التبرير ومعاداة التجديد ، حتى سادت ظاهرة برزت لأول مرة في تأريخه ، حيث أن قيادة الحزب رغم ثقل امتيازاتها هي على يسار القاعدة ، القاعدة العشوائية والتي تنتظر مكافآتها ورواتبها ،إلى حد التبرير للوضع القائم والنظام الفاسد البالي والاكتفاء برفع مطالب عائمة وغامضة ومتصالحة ، كل هذا يجعل التجديد النظري صعباً ،بل مستحيلاً ، فعندما وضعت جماعة التنظير داخل الحزب ،موضوع الانفتاح على اليسار ، فُهم الأمر من قبل حسني النوايا ،على انه دعوة الشيوعيين المتسربين من الحزب لهذا السبب أو ذاك ،فلا اعتراف بوجود تنظيمات أو حركات يسارية خارج الحزب ، أما بالنسبة لجزء حاسم من قيادة الحزب وغالبية قاعدته ، فإن الموضوع برمته هو لغو وكلام فارغ ويجب إفشاله ، ولم يكن هذا في الحقيقة بعيداً عن خلافات مخبوءة بين قيادات الحزب وكتله الضاغطة والنافذة ، والتي كانت قيادة حميد مجيد موسي تغطيها بشخصيته المهيمنة ودربته على إدارة تلك الجماعات ،ومن ثم تفجرت بعد تخليه عن منصبه القيادي ، وبالتالي فأن المجموعة الرافضة للحوار اليساري لها القول الفصل ، ساعدها في ذلك الاستحقاقات الانتخابية والتي ينشغل بها الحزب الشيوعي حالياً ، فصار لسان حال الحزب ،ماذا نفعل بهذا الحمل الثقيل والغير ذي فائدة ، فما نفع مجموعة (يساريين) لغوهم يفوق فائدتهم ،حتى الانتخابية ،فعادت إلى الظهور نزعة الاستعلاء والإلغاء ، ساعدهم في ذلك سلبية وعلو سقف مطالب المجموعات اليسارية ، فصدرت التعليمات أو بالأحرى اللاتعليمات والإهمال ،خلصونا من هذا الموضوع بأية طريقة ، وأيضاً شخصياً استلمت الرسالة التي تجلت في تعويق اجتماعات لجنة المتابعة وافتقادها للأفق ودورانها حول نفسها وأصبح همها تقييدي من التصريح بأي تصريح (محرج) وقد تم تأجيل كل شيء إلى مؤتمر ، تم الاختلاف حتى على تسميته من أجل تحجيمه ، فاعترضوا على تسمية المؤتمر ، واختاروا (الورشة) ، اعترضتُ على التسمية المحبطة والمتواضعة ،لننتهي إلى حل وسط هو (الندوة) ، وكما أسلفت ، تصاعدت الأصوات السلبية عبر مقالات نُشرت على موقع الحوار المتمدن ،هدفها التعويق واستعراض العضلات والهجوم على لجنة المتابعة وقيادتها بالأخص دون إدراك لمهمتها المؤقتة والانتقالية ، فقررتُ التقدم إلى أمام فنشرتُ على صفحتي في الفيس بوستين تمثل رأيي الشخصي للتذكير بأن وجودنا في لجنة المتابعة لا يلغي خلافاتنا ،بل على العكس ،هذه الخلافات هي سبب وجودنا في اللقاء أو لجنة المتابعة ،وكنتُ أعلم إن أطرافاً ستستغل تلك الآراء ، ولكنني أعترف بمفاجأتي بحجم الحملة المضادة والتصميم النوعي ومقدار الانزعاج الذي شكلته خطوة اللقاء اليساري عندهم ، كان بقائي في هذه اللجنة لا يتفق مع شخصيتي ،وربما ،من البدء ،لستُ الشخص المناسب .
6/ فشل جهودنا وعرقلة مساعي اللقاء ونجاح أعدائه ، لا يعني أبداً انتفاء الحاجة له ، على العكس ، فهو ضرورة تجلت في الاستقبال الإيجابي من أصحاب المصلحة الحقيقية ،وهم جمهور اليسار العريض ،بما فيهم الشيوعيين أنفسهم ، وقد يكون انزاح عبء ثقيل من على كاهل أعداء الحوار من كل الأطراف ، لكنه سيفرض نفسه لاحقاً ، وعلى نفس القاعدة التي أشرنا إليها سابقاً ،( الحزب الشيوعي هو قطب اليسار العراقي وهو مرضه ومشكلته العويصة ) وإذا كان لي الحق في الحديث عن خلاصة أو عبرة ، حينها سأقول ، إن الحوار بين قوي اليسار ينبغي أن يكون على مرحلتين ، الأولى بين قوى اليسار التي هي خارج الحزب الشيوعي ، من حركات وأحزاب وتجمعات وناشطين وباحثين ومفكرين وشيوعيين في (المنزلة بين منزلتين) ، هم هنا وهناك ، تجتمع وتقرر أطرها النظرية وأشكال العلاقة بينها ،من أجل التوجه في النهاية ككتلة واحدة ومتراصة وواضحة الأهداف إلى الحزب الشيوعي للتفاوض والحوار ، فلا شيء غير الحوار من أجل يسار متعدد الصفحات متنوع التوجهات يحترم بعضه بعضاً وبدون تسقيط وعبر الحوار يتوصل إلى الشكل المثالي للعلاقة بين أطرافه بعد توضيح وتوسيع وتجذير أهدافه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صراع طبقي
عبد الحسين سلمان ( 2017 / 6 / 18 - 08:53 )
تحياتي
شكرا لك على هذا الجهد الكبير و الصادق

تقول
شخصياً ركزت على نقطة مهمة نظرية وإجرائية ، وهي عدم اعتبار الخلافات النظرية والسياسية أو غيرها داخل صفوف اليسار ،امتداداً للصراع الطبقي؟؟؟؟

ما معنى هذه الجملة و ما دخل الصراع الطبقي وهل يوجد صراع طبقي بالمفهوم الماركسي بين هذه الجماعات


2 - اهمية الحوار لا تلغي صعوباته
رشيد غويلب ( 2017 / 6 / 18 - 12:22 )
اعتقد ان المقال تضمن الكثير من الملاحظات المهمة وكان موضوعيا في توصيف ساحة اليسار وانا لا اتغاضى عن الاشكالات التي اشار لها العزيز ابا حيدر ولكن اعتقد ان مشروع بهذه الأهمية وهذا التعقيد يحتاج ، خصوصا في خطواته الأولى الصبر والكثير من الصبر لخلق التراكم المطلوب، لاسيما وان الكثير من المشاركين يعون هذه الحقيقة واعتقد ان استمرار عمل لجنة المتابعة على الرغم من الاشكالات التي لا علاقة مباشرة لها بالمشروع وانما بالتقديرات الشخصية لبعض الأحداث التي اراها كانت متسرعه وغير مطلوبة في هذه اللحظة وما ولدته من ردود فعل لا يمكن تجاوزها ولكنها حملت حسب رأي المتواضع اكثر مما هي في الواقع وجرى اسقاط الحوارات الثنائية على الفيس بووك على الصعوبات التي تعتري حوار اليسار والتي كانت قائمة
قبل ما حدث وبالتالي وظفت لخلق شعور عام بوصول المحاولة الى طريق مسدود وهو امر لايسر الساعيين الى الحوار والانفتاح على بعضنا البعض ان استمرار الحوار سواء عبر لجنة المتابعة او عبر اشكال وفعاليات اخرى امر مهم ولكن الأهم ان تصاحب هذه الجهود نظرة موضوعية عكست جوانب منها المقالة وان تنطلق من المشروع وليس من ملولك العناوين ال


3 - تكملة
رشيد غويلب ( 2017 / 6 / 18 - 12:31 )
الذين وجدو في الفكرة والمنجز على تواضعه كشفا غير مقصود لواقعهم ولذلك انبروا في استحضار التهم الاديويولوجية والهجوم عبر اية امكانية انطلاقا من تهمه لا قيمة لها مفادها ان الحزب الشيوعي العراقي يريد احتوائهم علما انهم غير قادرين على تعبئة 100 ناخب وبعضهم لا تتعدى قوته التنظيمية اصابع اليد الواحدة. ولكن هؤلاء ليس كل اليسار فهو اكبر بكثير ويستحق الجهد والمواصلة والدأب والصبر والمرونه والابتعاد عن ردود الأفعال السريعة حتى وان كانت تعكس صدق صاحبها بالتأكيد الموضوع يحتاج لوقفه اوسع واعمق والى حوارات شخصية اتمنى ان تتوفر الفرصة لها لاحقا مع اطيب التحيات

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا