الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطأ و الصواب (2) : معايير قبول أو رفض الجماعة للفرد

ماهر رزوق

2017 / 6 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الخطأ و الصواب (2)
معايير قبول أو رفض الجماعة للفرد


الفرد هو كيانٌ مستقل و قائم بذاته (فيزيولوجياً) ، لكن تعريفه يبقى ناقصاً حتى ينسب بالتعريف إلى جماعةٍ معينةٍ ... فهو دائماً ما يشكل جزءاً من تجمّع صغير أو مجتمعٍ كبير يكتمل به تعريفه فكرياً ... فعقل الفرد مهما كان مستقلاً ، لابدّ من تأثره على المستوى الذهني بأفكار معينة ... إن كانت أفكار أخلاقية أو دينية أو سياسية !!
أما المجتمع (الجماعة) : فهو تجمع لعدد من الأفراد الذين يتشاركون معا ، نفس العادات و التقاليد و الأخلاق ... يحملون جميعا مسؤولية تأدية واجبات تجاه هذه الجماعة ... كما بالمقابل ، تضمن لهم هذه الجماعة حقوقهم كاملة ...

قد يثور الفرد على عادات و تقاليد و حتى على دين جماعته ، و ذلك في محاولة منه لإصلاح ما يراه خاطئا فيها ... مدعوما بأسباب منطقية و أخلاقية ، و تماشيا مع متطلبات العصر ...

لكن هناك بعض الأخلاق العامة التي ساهمت في تكون المجتمعات و تقدمها ... و التي بدونها تفقد أي جماعة تماسكها و الأداة التي تحافظ بها على كيانها و كرامة و حقوق أفرادها ...
هذه الأخلاق لا يمكن المساس بها مطلقا ... و سيكون عقاب أي فرد يتعدى عليها ؛ هو العزلة التي يختارها هو بنفسه ، و ما ينتج عنها من رفض تام من قبل باقي الأفراد ... ثم الانفصال التام عن تلك الجماعة !!

هناك أمثلة كثيرة في مجتمعاتنا ، عن أشخاص رفضهم المجتمع لأسباب ايديولوجية معينة ؛ إن كانت سياسية أو دينية ... و في هذه الحالة علينا أن نتساءل : هل فعلا هم أشخاص سيئون أم أنهم مميزون و مبدعون ؟؟

أغلب الأفراد الذين ثاروا على الايديولوجيات كانوا أشخاصا يطمحون إلى اصلاحات بمجتمعاتهم ، يهدفون إلى توعية المجتمع و تذكيره بحريته المسلوبة ... أفراد ضحوا بانتماءاتهم و عرضوا أنفسهم للخطر ، من أجل فضح التخلف في مجتمعاتهم و محاولة إيقاظه من سباته الذي طال أمده ... هؤلاء هم المبدعون الذين لولاهم لما قامت الحضارة الأوربية التي نراها اليوم ...

لكن أيضا من ناحية أخرى هناك أشخاص يرفضهم المجتمع و يعزلهم بقدر ما يعزلون أنفسهم ... و لكن الأسباب هنا قد تكون مختلفة ، و المعيار الذي يعتمده المجتمع بالحكم عليهم مختلف تماما أيضا ... حيث يحاسبهم تبعا لمعيار الأخلاق العامة المعتمدة في حياة هؤلاء الأفراد جميعا ... و يحكم عليهم بالعزلة و الرفض التام ...
هنا نتساءل أيضا : هل يمكن اعتبار هؤلاء الأشخاص : أفرادا سيئين ؟؟
الجواب هو : نعم طبعا !!
فالأخلاق هي الحد الفاصل ، و المرجعية الأولى و الأخيرة من وجه نظري الشخصية طبعا ...
فالمؤمن و الملحد قد يختلفان على صحة الأديان و فكرة وجود الله ... لكنهم لا يختلفون في مجال الأخلاق العامة التي شاعت بين أطياف الجماعة التي ينتمون إليها ... فالأخلاق سبقت الأديان و مازالت حتى الآن تحكمنا ... و بدونها ، تصبح حياتنا عبارة عن غابة يسمح فيها بكل شيء ، و يصعب تمييز الخطأ و الصواب : المفهومان اللذان قد يختلفان طبعا بين جماعة و أخرى ... لكن يتفق عليهما الأفراد جميعا ضمن الجماعة الواحدة ...!!



MAHER RAZOUK








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان