الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الى الوزير .. هل سنحن لزمن الغش الجميل ؟!!

مهند نجم البدري
(Mohanad Albadri)

2017 / 6 / 8
التربية والتعليم والبحث العلمي


يبدو المشهد برمته كأنه منقول من فيلم خيال علمي اجتماعي بطعم الكوميديا السوداء. فلا الأبطال يبدون طبيعيين ولاتصرفاتهم، ولا الحوار يخضع لقواعد منطق مكتوب أو معروف أو منقول، ولا الهزل الاسود يتوقف بمرور الأيام، أو بالأحرى السنوات، ولا رد فعل الجمهور يتحرك قيد أنملة.
هذا مادار في خلدي وانا اشاهد تقرير عن تعرض مدير احدى مدارس النجف للطعن من احد الطلاب الذين تم كشفهم متلبسين بالغش في الامتحانات النهائية وتعرض استاذ اخر الى اعتداء مماثل عن طريق عدة طعنات بسكين عند خروجه من المركز الامتحاني في الناصرية، وان اسباب الاعتداء في كلتا الحالتين هي الكشف عن عمليات الغش.

بصراحة طريقة الغش والمبالغ المصروفة عليها ونتائجها في هذه الايام يحتاج ان نتوقف عنده فما يححدث هو ان أنامل يصفها البعض بـ «ذهبية» وينعتها آخرون بـ «شيطانية» تدق على لوحة مفاتيح كومبيوتر ما في مكان ، ناقلاً «بشرى خير» لقطاع عريض جداً من الطلاب و»فيروس شر» لقطاع آخر منهم، وذلك على مدار الامتحانات الثلاث الماضية التي ليس فيها ما يميزها سوى الغش. الظاهرة وإن كانت غير شرعية، وتأطيرها على رغم كونها غير أخلاقية. فالغش في الامتحانات ظاهرة قديمة قدم الامتحانات. لكن هذه الأيام تحولت الظاهرة إلى وحش مفترس يأتي على أخضر وزارة التربية ويابس التعليم في العراق.

«سوف نقطع الانترنيت لضمان عدم تسرب الاسئلة»! إعلان واضح وصريح وكلمات من نار اعتراف غير مسبوق أعلنه «محمد اقبال» بوجود تسريب للأسئلة الوزارية وعدم البحث عن الثقب في وزارته الذي تتسرب منه الأسئلة ذهب إلى قطع النت ....!!!!
وهنا انطلقة صفحات فيسبوكية ومجموعات على الوتس آب وغيره من التطبيقات المتخصصة في تحميل امتحانات نهاية العام المسربة مع الحلول تحولت إلى كابوس منغص حياة الطلاب الذين أهدروا عاماً دراسياً كاملاً في المذاكرة والتحصيل، ومصيبة الأهل الذين أنفقوا ما يملكون وأحياناً ما لا يملكون عبر دفع اجور الدروس الخصوصية. لكنها في الوقت نفسه تظل حلماً جميلاً يداعب طلاباً يعتبرون المدارس والتعليم والمنظومة الدراسية برمتها منغصات حقيقية وشراً لا بد منه.

ويبدو أن مؤسسي الصفحات – هويتهم غير معروفة وأحيانا ارقامهم معروفة- احداها متأثرة إلى حد كبير بفكر روبن هود، الفارس الشجاع، اللص الطيب، الحرامي النبيل. وأخرى تسعى للربح المالي الذي يكون ليس بالقليل وثالثة أعدت للنصب والاحتيال وبيع الاحلام للطلبة .. «على الوزارة (التربية ) أن تدرك أنها لو تساهلت مع أبنائها واحتضنتهم واستوعبتهم لرأت أجيالا من العلماء والمهندسين والأطباء إن لم يأتوا الآن، فلن يأتوا بعد ذلك».

مايهمني هم الفئة الاولى ( روبن هود) لان( الفئة الثانية والثالثة موجوده في مجتمعنا ومتعارف على الرشوة والفساد الاداري والثالثة النصب ,مع الاسف) وتأتي رؤيتهم ( اللص النبيل ) ..لحل متلازمة الثانوية العامة / الكارثة/ كابوس في كل بيت عراقي بوصفة واضحة تطالب الحكومة بإلغاء النظام المعمول به حالياً حيث يدور سباق تناحري على حشو الأدمغة بما ثقل حمله ورخص ثمنه من معلومات على مدى سنوات الدراسة, لتصل حد الجنون في الباكالوريا,
وهناك العديد من الصفحات العنكبوتية وعلى النهج نفسه ، حيث يختلط الجد بالهزل، وإثارة اللحظة بمصيبة المستقبل. مناقشات وحوارات و»لايك» و»شير» ومطالبات بـ «بسرعة نريد علمي بسرعة نريد ادبي» و»أرجوكم محتاجين امتحان اللغة الانكليزية قبل الامتحان بوقت كاف» وتبادل الشكر والثناء وتقييم الإجابات المختلفة التي يتم تحميلها، وأخيراً الدعاء لكل من يساهم في هذا العمل الخير الذي يعود بالنفع على الطلاب والطالبات، لا سيما أننا في شهر رمضان في ظل الأدعية الدينية مكللة بالمباركات الطلابية والمطالبات بتحميل الامتحانات المسربة وإجاباتها قبل موعد الامتحانات وليس أثناءها مذيلة بـ «جزاكم الله خيراً» تجعل المشهد برمته أقرب ما يكون إلى الكوميديا السوداء والفصامات الحمقاء.

أسئلة عدة تطرحها الظاهرة، حيث رد فعل وزارة التربية المتميز بالسكون والهدوء ونفي التسريب تارة والاعتراف بالتسريب في اخرى، وقواعد منع اصطحاب أجهزة المحمول مع الطلاب والتي يبدو جلياً إنها مهلهلة، وأخلاقيات ما يصح وما لا يصح لدى الطلاب أنفسهم إذ يبدو أن مسألة الغش لا تقلق كثيرين اولهم طلاب المدارس الدينية ومواقف الأهل الذين قلما يسمع لهم صوت أو اعتراض، ناهيك عن أسئلة أخرى تفرض نفسها. هل الطلاب الذين سينجحون ويحرزون درجات مرتفعة بفضل الامتحانات المسربة، ثم يلتحقون بأحسن الكليات وينضمون إلى سوق العمل، سيتمكنون من الارتقاء بالوطن وإكمال مسيرة البناء والتنمية مع أبنائهم على القواعد نفسها؟ وهل مثل هذه الصفحات وهذه المجموعات هي الطريقة الأمثل للضغط على الدولة لتغيير نظام التعليم العقيم؟ وهل يأتي وقت يحن فيه العراقيون نحن فيه الى «زمن الغش الجميل» حيث الكتابة على اليد وتهريب «القصقوصة» من اعين مراقب تربوي محمي ومامن من الدولة أقصى ما يطمح إليه خيال الطالب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو