الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخية اللغة السّريانية

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2017 / 6 / 9
الادب والفن



هل تعلم أنّ اللغة الآرامية ،السريانية ،التي نتجت من تلاقح للفكر الحضاري في بلاد مابين النهرين ، العامر بالحضارات ،السومرية ،الأكادية ، البابلية ،الآشورية متفاعلة مع الحضارة السّوريّة ،في السّاحل الفينيقي الأوكاريتي ،ومع حضارة آرام دمشق ،و حماة و شمأل ،وتدمر ، وفلسطين وغيرها، انتج ذلك التلاقح اللغوي ، أبجدية اختصرت محمول اللغات الأكادية والبابلية والآشورية في أبجدية فينيقية أوكاريتية ، لكنها لم تكن لتثبت ،كحامل للتطوراللغوي والثقافي والفكري والاجتماعي والسياسي والتجاري ، حتى قوض لها أبناء عمومتها ، في آرام دمشق، حيثُ قاموا بتحديث تلك الأبجدية، وأعطوها من خصوصيتهم ، وأسموها بالآرامية ، نسبة إلى أرام ،بن سام، بن نوح ،وبعد دخول أهلها المسيحية، سُميت بالسريانية، والخلاف في اللفظ ،وليس المعنى ،والجوهر،ولقد أضحت لغة عالمية بامتياز، لمدة زادت عن 1100 عام ، حيث وصلت ،إلى حدود الصين ،وفي إيران أصبحت لغة الدولة والدواوين ،لمدة من الزمن وانتشرت في طورعبدين ،وديار بكر، وماردين، والرها ،وحران ،ووصلت إلى مصر، وبلاد العرب (السعودية حاليا ) واليمن السعيد أرض الشهداء الحميريين السريان ، وحضرموت ،والبحرين، (ودلمن). قطر حالياً ، وجنوب بلاد سومر حتى شمال بلاد أشور ثانيةً ، وأرض هيكاري وتيارا العليا ،والسفلى وأورميا ..
وانكفأة السّريانية المتضمنة للآشورية والأكادية والفينيقية ،في نهاية القرن السابع ومطلع القرن الثامن الميلادي ، لصالح اللغة العربية، وبقيت اللغة الطقسية للعديد من الكنائس المشرقية،ولغة أهل طورعبدين وأشور، والصابئة في طقوسهم المندائية ،والخط الاسطرنجيلي يجمع كنيسة المشرق ،مع الكنيسة السريانية الإنطاكية ، والمارونية الكاثوليكية. وبفضلها دخلت كل العلوم اليونانية دون استثناء، والعلوم الفارسية والهندية إلى العربية عن طريق المترجمين السّريان في العصر العباسي.الذين أغنوا المكتبة العربية ،ولولاهم ما كانت لبغدان تلك الثورة المعرفية ، والمكتبة التي احتوت أمهات الكتب المترجمة للفكر اليوناني ،والفارسي والهندي ، وتبقى السريانية التي هي الآرامية لغة قرى القلمون بسوريا .كما وأنها ستبقى اللغة التي لابديل عنها في أكبر جامعات الغرب ،للباحثين عن الحضارات القديمة عبر الطلبة الذين يتقدمون بابحاث تاريخية ولغوية ٍ ونقدٍ مقارن ، فبدون معرفة كنهها وابجديتها ومحمولاتها ، يصعب على الدارس الوصول إلى أهدافه .ولايستوي بحثه دونها .
مرةً ثانية لايستغني عنها الغرب الأكاديمي كما لم يستغني عنها وعن دورها العرب في بغداد .
أما أننا حين نقول: بأنها لغة سريانية ،فلا نقلل من دور ،وأهمية اللغة الآشورية التي تضمنتها السريانية ، سواء أكان في الأبجدية أو في المعاني وكلاما وحديثا عبر اللهجة لأبناء آشور التي لاتتميز لهجتهم ،عن اللهجة الأورفلية ( الرها).إلا بالقليل من اللفظة (شلاما، شلومو، )
وأما أن نقول بلغة آشورية .فهذا يندرج تحت سقف المناطقية،وأعني بالمناطقية ، منطقة شمال العراق الحالي ، بلاد أشورالتاريخية ، فأهلها لو قالوا :عنها بأنها لغة آشورية.؟!! أرى أنهم على حق أيضاً..ومن قال بأنها لهجة سريانية شرقية ،فهو على حق أيضاً، ومن قال بأنها السريانية :فقد تفهم الدور التوليدي للغة الأكادية البابلية الآشورية الفينيقية الآرامية كثمرة ناضجة لتلك التسميات اللغوية .والتي وصلت إلينا بهذه التسمية .والأروع لو علمنا بأنّ أبجديتنا ، الأكادية البابلية الآشورية ، الفينيقية ،الآرامية التي نسميها اليوم بالسّريانية ، لها الفضل على اللغات الأجنبية قاطبة ً ،ومنها الأرمنية، والحميرية ،والحبشية ،وحتى اللغة اليونانية، التي نتجت عنها عشرات اللغات.وأنها أم اللغة العربية وليست شقيقتها ومن يقول بهذا فهو يُساير المتحرك ،ويترك الثابت،واللهجة القرشية هي إحدى اللهجات الآرامية لابل السريانية، وقد جاء عن لسان الرسول العربي حيث قال: لحسان بن ثابت أتجيد السّريانية؟!! قال لا، قال اذهب وتعلمها لأنها لغة الملائكة، فذهب حسّان وتعلمها في سبعة عشر يوما، ما الذي تعلمه حسّان في هذه المدة القصيرة؟!!ومِن من تعلمها؟!! كان يعرفها كلاما ، فما تعلمه ، تعلمها، نحواً وصرفاً.،في أكبر دير هناك غار حراء. وقد جاء هذا في كتاب القلم والدواة ، ورواه محمد بن عمر المدائني .والسؤال الأهم والمهم .من أعلم َالرسول العربي ،بأنّ السّريانية لغة الملائكة؟!!!ولماذا لم يقل باللغة العربية؟!!لكون السريانية النسطورية، كانت أهم لغة منتشرة في شبه الجزيرة العربية آنذاك..مع اللهجات المختلفة ،حتى أنّ خديجة زوجة الرسول كانت نسطورية وقد عُقدَ رقارنهما من قبل ابن عمها، ورقة بن نوفل مطران بكة(مكة) ، على المذهب النسطوري المسيحي تزوجا.... هذه هي الحقيقة ،ولا نقصد أن نقلل من قيمة اللغة العربية ،لا بالعكس فالعربية غدت فيما بعد ،أغنى من السريانية،في ألفاظها ومعانيها وثراء ينابيعها، ونلحظ هذا في تقارض العربية والسريانية .
فالسريانية الآشورية الآرامية ،سمها ماتريد. لها أبجدية واحدة ولها نبع واحد ، يوحدنا في منهله ، ولايفرقنا هذا مايجب أن يكون ،ونرفض التعصب الأعمى لأية منطقة جغرافية، عاش بها شعب السّريانية .
فالسريانية ذاكَ، اللسان الذي تمت مصادرته منذ زمن ٍ طويل، لسان الحضارة السورية الآشورية .بكلّ غناها الفكري والثقافي والحضاري،لكونها النبع الأول ، والجذر لدومة ، سامقة ، نستظل تجمعنا بظلالها دون استثناء.
إنّ السّريانية في أبجديتها وفعاليتها تمثل عمق حضارة بلاد مابين النهرين وسوريا الشاملة .وهذا رأي غير ملزم لكنني أؤكد عليه ،فهو ليس كلاما عابراً ، بل استنتاجاً واستقراءاً لابحاث استمرينا في نبشها منذ ثلاثين عاماً أو أكثر.
اسحق قومي
8/6/2017م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ


.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني




.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق