الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستفتاء حقٌ مشروعٌ ، و ليس خزياً و لا عاراً .

يوسف حمك

2017 / 6 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


أن تعرف معنى الألم دون معاناته ، ليس بمقدار من يعاني من الألم ذاته . و أن تعرف معنى السعادة دون أن تتذوقها فتتوق إليها متلهفاً يفوق مقدار من يشعر بها و هو غارقٌ في لج نعيمها . و أن تفهم معنى ملكية شيءٍ – و أنت منه محرومٌ – ليس بمقدار من يملك الشيء نفسه .
و أن تنتظر شيئاً جميلاً فتشعر بلذةٍ تفوق كثيراً من نكهتها بعد حصولك عليه ، و لا يكون بمقدار ذاك الجمال قبل حصولك عليه .
و نادراً ما يحل اليأس محل المتعة و الجمال حينما يطول الانتظار .
ا
مع إنني كنت في خصامٍ شديدٍ بأعماقي مع قادة الكرد ، و كنت أنفر من التنافس العدائيِّ بينهم بسبب السلطة و النفوذ ، و من خلال أحزابٍ تجاوزت أعدادها إلى حدٍ لايطاق و بلا مبررٍ .
غير أن هذه هي المرة الثانية التي بهما أرغموني على مراجعة حساباتي معهم ، فأضع بين أيديهم بعض الاحترام عندما أخفوا خلافاتهم المخزية وراء ظهورهم ، و أجمعوا على رفع العلم الكردستانيِّ في سماء كركوك في المرة الأولى .
و الآن هاهم يفعلون الشيء ذاته بالاتفاق على إجراء استفتاءٍ يظل الرأس به مرفوعاً ، و في يومٍ يجمع أبناء أمةٍ واحدةٍ كلمتهم لإعادة مجدٍ يلهب مشاعرهم ، و تنطلق من حناجرهم صيحةٌ واحدةٌ بكلمة ( نعم للحرية ... نعم لاسترداد الكرامة ..) .
صيحةٌ تعبر عن حب الوطن و الانتماء إليه تجسيداً لغايةٍ ساميةٍ بذلوا الغالي و النفيس في سبيلها منذ مئات السنين ، ليدبوا على ثرى الوطن بسلامٍ و وئامٍ ، و ممارسة السيادة على جغرافيته بكبرياءٍ و سموٍّ ، فرفع الطغيان و الاحتلال الجاثمين فوق قلوبهم ، كما استعادة هيمنته على ذاته .

و عودةٌ إلى الألم الذي عاناه الكرد و هم يعتصرون وجعاً من طغيان احتلالٍ بغيضٍ يحكمهم على ترابهم بالحديد و النار ، وهم سعداءٌ بإبادتهم ، و من قتلهم يتلذذون .
حريةٌ طال انتظارهم لها قروناً دون أن يدب اليأس في نفوسهم ، فخاضوا أعتى المعارك ، و قدموا أعظم التضحيات لأجلها ، إلى أن حان أوان ممارسة حقهم في تقرير مصيرهم ليمنحوا لأنفسهم شكل السلطة التي يرغبونها , و إلغاء السيطرة أو الوصاية أو فك الشراكة غير المتكافئة ، و ذلك حسب القانون الدولي الذي يمنحهم حقاً مشروعاً على أساس المساواة بين الناس و بالتسوية في الحقوق بين الشعوب .
و أن قانون الجمعية العامة للأمم المتحدة يكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها و لازال .

لن أتدرج في مراحل التطور التاريخي لهذا الحق بإسهابٍ منذ عهد إفلاطون مروراً بالقرون الوسطى ، و لن أجتر في تعريفاته .
بل باقتطاعٍ أَصِلُ إلى ثبات هذا الحق نصاً و مضموناً برقم : ( 2955) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام ( 1962) .
فلم تقف عند هذا الحد بل طالبت من كافة أعضائها الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها و استقلالها ، فتقديم الدعم و المساندة لها برقم : ( 303 ) لعام ( 1973 ) و هو حقٌ مقررٌ لكل الشعوب بلا استثناءٍ ، كما ضمان تحريرها و أرضها دون قيدٍ أو شروطٍ .

و تأكيداً على المطالبة بهذا الحق على الشعوب أن تجري استفتاءً حراً نزيهاً للتوصل إلى نتيجةٍ تعبر عن إرادتها دون قيودٍ أو ضغوطٍ .

فمن خلال ما تقدم و مطابقةً للقواعد القانونية الخاصة بمبدأ حق تقرير المصير الذي أقرها ميثاق الأمم المتحدة فإن للشعب الكردي ِّ الحق في أن يقرر مصيره بنفسه، و باستخدام كافة الطرق المشروعة بما في ذلك الكفاح المسلح .
كما أن كل الثورات و الانتفاضات التي خاضها الشعب الكرديُّ لنيل حقوقه مشروعةٌ . و ذلك حسب القرار رقم ( 2621) الصادر في / 12 / تشرين الأول لعام ( 1970 ) و الذي ينص : ( التأكيد على حق الشعوب المستعمرة في الكفاح بكل الطرق الضرورية التي في متناولها ضد الدول الاستعمارية التي تقمع تطلعاتها ) .
و استنتاجاً من ذلك أن الدولة التي تتنكر لحق تقرير المصير فهي التي تنتهك القانون الدوليَّ .
و هنا يأتي دور مجلس الأمن باستخدامه القوة ضد تلك الدولة التي لا تنفذ قراراته .
و على ضوء ذلك فإن استمرار إخضاع الشعب الكردي للاستعباد و الاضطهاد و التعسف إنما هو إنكارٌ لحقوق الإنسان الأساسية ، و نقيضٌ لميثاق الأمم المتحدة و عرقلةٌ للسلم الدوليِّ .
و يبلغ الجدل أكثر احتداماً و مداه الأقصى بين مؤيدٍ لقرار استفتاء الكرد و معارضٍ له .
للمؤيدين نشكرهم على وقفتهم مع الحق .
و للمعارضين نقول : حججكم واهيةٌ كخيوط العنكبوت . فقد بنيتم دولكم ، و فضلتم القومية على الدين ، و سلطتم الأنفال على الكرد ، فصببتم أنواع الغازات عليهم ، و طردتموهم خارج حدودهم .
و الآن تريدون أن تمارسوا دوركم الدمويَّ من جديدٍ بدلاً من أن تتخلصوا من عقدة ذنبٍ ارتكبتموهم بحقهم ؟! . أو تعاودوا تضليلهم بحجة أخوة الدين للانصياع إليكم .
أما مسألة الفساد و الاستبداد و القهر فسنتصدى للحكام لو مارسوها بعد تأسيس الدولة الكردية ، و سنكون أول المعارضين لرؤوس النظام لو تنصلوا من النزاهة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا