الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راه فالكونغو / قصة قصيرة

عبد المجيد طعام

2017 / 6 / 10
الادب والفن


في يوم اختفت فيه زرقة السماء وراء لهيب شمس ممتزج بغبار متطاير ناقم على الوضع و بينما أنا في غرفتي ممدد أبحث عن نسائم مخنوقة قد تنعش أنفاسي الملتهبة ، سمعت قرعا على الباب:" ترى من يكون الطارق في هذا الوقت .. وقت الهجيرة؟ " بخطى متثاقلة لبيت نداء الطارق ، فتحت الباب فإذا بثلاثة رجال يحملون ملفا بين أيديهم ، ابتسمت في وجههم ابتسامة تعلن أنني متعب لكن أحدهم عاجلني بالقول:" أ سي الصحافي ..خاصك توقف معانا...راحنا فالمحنة ...الحرارة و "بوخرارب "..أولادنا غادي يموتوا بالحساسية ! !"
عبرت عن طريق ملامح وجهي عن حاجتي للمزيد من الشرح فقال الثاني:" واش تيعرفونا غي فالانتخابات !...راه خاصنا "بوخرارب " حشاك! " استلمت منهم الملف و طمأنتهم بأنني سأوظف صفتي الإعلامية لأضغط على المسؤولين كما سأخبر كل أصدقائي الصحافيين بمشكلهم لنفتح جبهة دفاع واسعة عن مطلبهم المشروع..
بعد ظهر يوم الغد و الشمس تكاد أن تفجر رؤوس المارة بلهيبها المتوحش توجهت إلى مقر البلدية..وصلت إلى مكتب المسؤول المباشر عن هيكلة الأحياء العشوائية طرقت الباب ،دخلت فوجدت موظفا سألته عن رئيسه فرد على الفور :" راه فالكونغو.. !"
قلت في نفسي :"إنه تطور ملموس ..مجلسنا البلدي أصبح يفكر في مشاكل الكونغو الديمقراطية!" و استطردت مخاطبا نفسي دائما :" أظن أن مجلسنا المنتخب يساير التوجهات الرسمية ،هو أيضا انفتح على أصولنا الإفريقية..." لكن في نفس الوقت تساءلت بصوت مسموع :" ماذا عسى المسؤول عن الواد الحار يفعل في الكونغو ؟ هل يعاني سكان هذا البلد الإفريقي من "بوخرارب" مثلنا ؟ ربما .."
لاحت في وجهي علامات الاستغراب و جالت في ذهني تساؤلات كثيرة و طال وقوفي أمام الموظف ، فنظر إلى من خلف نظاراته و قال لي " أسيدي قلت لك راه فالكونغو ! !" قبل انصرافي سألته :" متى سيعود إن شاء الله" رد و هو مقطب الحاجبين : "غادي يكون هنا ، بعد ساعة و نصف .."
ارتفعت حدة استغرابي و قلت في نفسي مرة أخرى :" فعلا تغيرنا...سيأتي رئيس المكتب من الكونغو بعد ساعة و نصف و مباشرة سيلتحق بعمله...لقد تغيرنا فعلا...لا شك أنه حل مشاكل الواد الحار بالكونغو .." أنعشني الفرح و بدأ الإحساس بتضخم الأنا يتلاعب في دواخلي ..:" أخيرا سيعرف جيراني أنني شخصية مهمة بالمدينة"
بعد ساعة رجعت إلى مكتب " بوخرارب"..طرقت الباب فوجدت المسؤول جالسا في مكانه انفرجت أساريري ، سلمت عليه و قلت له : " على سلامتك ..لا شك أن السفر كان متعبا يا سيدي " نظر إلي باستغراب و قال لي :" آش من سفر ! " قلت له :"عرفت من صديقك أنك كنت في الكونغو الديمقراطية و رجعت اللحظة من سفرك..جميل ما تقومون به ..تسهرون على " بوخرارب " الكونغو و " بوخراربنا" ... مسؤوليتكم جد جسيمة. "
نظر إلي بنرفزة واضحة و قال لي :" آش من كونغو الديمقراطية أو الديكتاتورية !...لقد كنت داخل سيارة الكونغو ...سيارة السيد رئيس المجلس.. كنت أنتعش بمكيف هوائها ...مكيف المكتب لا يشتغل.. " بعد صمت قصير أردف قائلا :" سر حتى الغدا و أجي..غادي تلقاني فالكونغو ." ابتلعت ريقي .. انصرفت و أنا أحمل في نفسي أشياء من حتى..
التاسع من يونيو 2017 و الحرارة مفرطة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-