الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ومن منافع الجهل...

محمد مسافير

2017 / 6 / 11
كتابات ساخرة


لبى دعوة أحد أصدقائه لهجر البادية والاستقرار بالمدينة، حزم حقائبه ثم شد الرحال وزوجته إلى حيث نعت له صديقه، كان قد هاتفه بشأن العمل كعون في إحدى المؤسسات التعليمية، أعجبه العرض كثيرا خاصة وأنه ضمن مسكنه داخل المؤسسة... وفعلا وصل إلى المدينة، واستقر بالبيت الجديد...
واجه عراقيل كثيرة منذ الأسبوع الأول، خاصة حين اكتشف المدير أن العون لم يستعمل في حياته قلما، ولأنه كان مديرا متفانيا في عمله، فقد كانت آماله أرفع قليلا من مستطاع العون الجديد، كان يريد عونا يستطيع قراءة أسماء التلاميذ على الأقل، كان لا يطلب إلا الحدود الدنيا... صبر على صديقنا مدة ستة أشهر، قبل أن يقرر تسريحه من العمل ومن المسكن...
اقترض بعض المال من صديقه صاحب الدعوة، اكترى غرفة بحي شعبي، حبلت زوجته، لم يدرِ أي مصائب أخرى يخبئها له الدهر... بدأ يستيقظ كل صباح قبل الفجر، يتجه صوب البادية على قدميه، يجمع ما استطاع من الببوش (الحلزون)، يعود به إلى المنزل، تطبخه زوجته، ثم يذهب به إلى ساحة المدينة قبيل العصر، ولا يعود إلى بيته حتى يفوت موعد العشاء...
استمر على حاله أشهرا مديدة، حتى ذاع صيته وراجت تجارته وتجاوز الطلب العرض بكثير، فبدأ يستعين بأحد الأشخاص في تجارته... تضاعف الطلب في السنوات الموالية، اكترى محلا يخزن فيه الفائض من الببوش، واشترى سيارة من نوع "بيكوب"، يجلب بواسطتها الببوش من البادية، حتى غذا موزعا تجاريا يقصده الباعة المتجولون الذين يحترفون نفس التجارة...
بعد عقدين من الزمن، أصبح يتاجر بالإضافة إلى الببوش، في العسل والعقار، ثم فتح مقهى كبيرا يطل على الشاطئ، ثم فندقا فخما ليس ببعيد عن المقهى... وربما حسبما قيل لي، اقتحم أغلب ميادين الاستثمار... بل أصبح مصدرا مهما لخمسة دول أروبية...
وقد حدث في أحد الأيام، أن أوقفت إدارة الجمارك إحدى شاحناته، وطالبته بآداء رقم لم يستصغه صديقنا، فقال له المسؤول عن المراقبة: هل تظننا سنسرقه، إليك الفاتورة، أحسب على مهلك...
ضرب صديقنا بالأوراق صارخا في وجهه: لو أنني أعرف القراءة والكتابة لوجدتني إلى اليوم أدق جرس الاستراحة للتلاميذ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا


.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني




.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع