الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هروب معنون بالأخلاق العامة

أكرم شلغين

2017 / 6 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


عنوان "الأخلاق العامة" له حساسية خاصة في مجتمعاتنا العربية وقد يتحول إلى فزاعة أحياناً. ومعظم ما يندرج تحت هذا العنوان يتعلق بجانبين مما سمي "الثالوث المحرم" وهما الجنس والدين. بالطبع تصنيف الأخلاق العامة موجود في كل المجتمعات ولكن تختلف معاييره ومقاييسه، وكذلك تختلف مسألة التعاطي مع هذا التصنيف ففي العالم مسألة الجنس تُناقش في العموم ولا إخفاء أو تعتيم عليها علانية. في العالم، على سبيل المثال، لا يوجد إحراج في تدريس تلاميذ المدارس على ما نخاف أن نتكلم به نحن الكبار (سناً) في مجتمعاتنا، فيشرحون للتلاميذ ما يرونه مناسباً لهم كي يكونوا على بينة من كل شيء، فنرى تلاميذ المدارس وبيدهم الواقي الذي أحضرته المعلمة أو المعلم وهم في درس توضيحي عن استخدامه ولماذا؛ في البيت أيضاً وبين الأسرة تشرح الأم لابنتها كل شيء وهي تقترب من سن المراهقة والواالد لولده وهو يقترب من سن االبلوغ ويسود ذلك بشكل تعليمي وتوضيحي وتنويري يلجأ للعقل والمنطق ــ يسميه الألمان (Aufklärung) ــ بينما في مجتمعاتنا يسود التعتيم والاخفاء والهروب من هذا الموضوع، فحين يسأل الطفل أبويه عن تاريخه وكيف جاء للدنيا يكون الجواب مضلل وقامع وفي أحسن الأحوال يكون الجواب بمزحة اشترينا كيس ملفوف ورأيناك بداخله تطفو على سطح الملفوف فانتشلناك وها أنت تكبر بيننا، أو كنت بكيس بطاطاطا وأخذناك وهذا بدلا من الجواب المقنع الذي يشرح الآلية الإنسانية التي أتت وتأتي بكل البشر إلى الدنيا! وسيعرف الطفل بعد سنوات أن والديه كانا يكذبان.
الخوف من هذا الموضوع يجعل مجتمعاتنا تعيش حالة فصام واضحة نضحك فيها من أنفسنا أو أبالأحرى تضحك أنفسنا منا وتقول كم نحترف الالتواء والخداع والكذب حتى مع أنفسنا!
يخاف الزوج إن سار بجانب زوجته وأمسك بيدها في الشارع، بل ويخاف ان رآه الناس في مثل هذا الوضغ ليس فقط خوفا من أن رجولته مهددة (وهو خروف) بل لأن ذلك يحرك مخيلات البشر لتخيل ماذا يمكن أن يحصل في الخفاء ووراء الأبواب المغلقة...! إنها طبيعة بشرية لايستطيع أحد أن يمنعها، ولو شئنا قمعها فستكون كامنة و جاهزة للخروج بشكل أو بآخر يوما ما في المستقبل عندما يأتي ما يدغدغها. أخبرني أحدهم وقد عمل في العربية السعودية ــ وهو القادم من أوربا للعمل هناك ــ بأنه كان يُعري بمخيلته المنقبات...! (طبعا وإن كان ذلك يحكي عنه فإن ذلك يقول الكثير أيضاً عن الطبيعة البشرية التي لا تستطيع الهروب من نفسها ولا نستطيع الهروب منها!) هل نقتلع مخيلاتنا؟ هل نحوّل أنفسنا لآلات لا تحتوي على مخيلات بشرية؟ هل نقتل طبيعتنا البشرية؟ نحن بشر ولسنا آلات، نحن بشر نحب ونتغزل ونتمازج ونتزاوج ولا نخجل من ذلك ولا نوارب فيه وهذه ليست عيوباً وانما العيوب أن نقمع طبيعتنا البشرية ونتظاهر بشيء في العلن ونتصرف نقيضه في الخفاء، وعندما أقول نحب فلا أعني في ذلك ما يمكن لشخص ما أن يصطاد في الماء العكر ويقول لي عن الاباحية والانحلال وإنما أقصد الطبيعة البشريية الانسانية التي تجعلنا نحب ووجود من يحبنا. نعم نحب ونهوى ونتزاوج ونتشارك ...لأننا مخلوقات بشرية وطبيعتها إنسانية ولا نخجل من ذلك ولانوارب ولا نقمع أنفسنا ونتباهى بأدبنا وتهذيبنا وبسلوكنا الاجتماعي وبأخلاقنا العامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية