الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسيرة مليونية من أجل الالتفاف على حراك الريف وعلى مطالبه من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية

عبد السلام أديب

2017 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مسيرة مليونية من أجل الالتفاف على حراك الريف وعلى مطالبه من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية

لم تنظم اليوم الأحد 11 يونيو 2017 مسيرة من اجل رفع العسكرة عن الريف وتحرير الانسان الريفي من بطش السلطات واعادة الاعتبار لكرامته بعد اغتيال الشهيد محسن فكري في 28 اكتوبر 2016 بطريقة مهينة للانسان الريفي بشكل عام ولا تضامنا مع المطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كما ظل يردد ذلك ابن الريف البطل الفصيح اللسان ناصر الزفزافي والتي تتضمن خمسة نقاط فقط وهي بناء مستشفى لمعالجة مرض السرطان المنتشر بكثرة وسط العائلات الريفية وبناء جامعة بمدينة الحسيمة وبناء بنيات تحتية من طرق ومدارس ومستشقيات وبناء اربع أو خمس معامل تلبي الحاجيات الاساسية لساكنة الريف وتستوعب الشباب العاطل ورفع حالة العسكرة الدائمة في المنطقة. فبسبب هذه المطالب البسيطة تم اعتقال ازيد من مائة شاب ريفي ذنبهم الوحيد انهم أجهروا بهذه المطالب ولان الدولة لا تريد الاستجابة لهذه المطالب خوفا من ان تنهض كافة الجهات الأخرى المهمشة للجهر بنفس المطالب وهو ما سيقلص من فائض القيمة المنهوب من طرف التحالف الطبقي المسيطر، عملت على اتهام شباب الريف بالانفصال لعزل مطالبهم عن مطالب باقي كادحي الوطن المسحوقين ايضا.

شهادة حية لمحاميان على احداث الريف: https://www.youtube.com/watch?v=5AS9JAtVNJY&t=6s

لكن مسيرة 11 يونيو لم تنظم لا من اجل اطلاق المعتقلين ولا من اجل تمتيع منطقة الريف بالحرية والكرامة والديموقراطية، بل نظمت أساسا من اجل تخفيف الاحتقان القابل للانفجار (فقد تعود النظام على السماح بتنظيم مثل هذه المسيرات للتنفيس عن الضغط الاجتماعي الوشيك الانفجار حيث يعود الكادح بعد كل مسيرة مرتاح البال حاملا للوهم بانه ارسل اشارة "قوية" للمسؤولين الذين سيعملون "ربما" بها) ومن اجل الالتفاف على حراك شباب الريف من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وكاستعراض سياسي قوي لبعض القوى السياسية المتناغم مضامينها السياسية مع اجندة التحالف الطبقي الحاكم كما هو الشأن بالنسبة للانزال القوي الوطني لحزبي العدل والاحسان وحزب العدالة والتنمية الذان استغلا المسيرة لطرح مطلب العدل والاحسان الأساسي وهو ارجاع اعضاء الحزب الى مناصب المسؤولية التي ابعدوا عنها من طرف النظام وهذا بغض النظر عن الاستثناءات البسيطة النادرة التي تخص مشاركة هزيلة لبعض قوى اليسار في هذه المسيرة التي حاولت بعض الكامرات التركيز عليها من اجل التقليل من حجم الانزال السياسي للعدل والاحسان وهي استثناءات لا تقلص من حجم هذا الحضور الطاغي لقوى الاسلام السياسي التي شاركت فيها شرائح واسعة من حزب العدالة والتنمية الحاكم . فنظرتنا الى صور المسيرة من الخارج قد تبهرنا، لكن التمعن في جوهرها ومكونات المسيرة قد تبهرنا ايضا عندما نتعرف على مضامينها السياسية.

فحتى على المستوى الرمزي لا علاقة لمسيرة 11 يونيو بحراك الريف، فاذا كانت الرسالة التي توحي بها مسيرة 11 يونيو هي ان القوى السياسية التي تستغل الحدث لتوسيع قاعدتها واستعراض عضلاتها، تعتبر ان حراك الريف مشروعا ومطالب الريفيين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مشروعة وأن الاعتقالات التي طالت شباب الريف هي اعتقالات تعسفية وبالتالي فهي تطالب باطلاق سراحهم، فعلى الأقل يجب ان يتجسد هذا التضامن الرمزي يوميا على أرض الواقع بشكل يواكب حراك شباب الريف. فهذه القوى التي نظمت انزالات وطنية تعلم ان التهميش يطال الجماهير المسحوقة بمختلف جهات البلاد كما تعلم ما يعانيه ساكنة وعمال ايميضر المعتصمين فوق جبل البان منذ ستة سنوات كما تعلم عن مدى التهميش الذي يطال ساكنة جبال الاطلس وخاصة ساكنة منطقة انفكو كما تعلم مدى الحرمان الذي يطال الملايين من الفلاحين الفقراء بمناطق شاسعة من البلاد من نقص في مياه الشرب وفي البنيات التحتية كما تعلم مدى ما يقاسيه عمال مناجم جبل عوام من عذابات الاستغلال والطرد من مالك مناجم تويسيت. ان هذه القوى السياسية ان كانت فعلا صادقة في تضامنها مع حراك الريف فلتفعل مثلما فعل شباب الريف ولتدفع بمناضليها الذين جندتهم لاستعراض عضلاتها السياسية خلال المسيرة المليونية ل 11 يونيو للخروج في مدنهم وقراهم بتزامن مع احتجاجات شباب الريف الشامخ والمطالبة بنفس مطالبهم البسيطة في مدنهم وقراهم فالمثل يقول "من يكرم الشهيد يتبع خطاه". لأن هذه القوى السياسية لو أقدمت على مثل هذه المبادرة الشجاعة سنصدقها بل سننتظر ان تتوقف الاعتقالات على اثر ذلك وأن تفتح المفاوظات وتلبى المطالب التي تقول عنها انها مشروعة. لكني اتحدى كل هذه القوى المنافقة ان تفعل ذلك، بل سننتظر منها المزيد من الركوب على الحراك الشعبي للاستفادة منه وبالتالي افشاله كما سبق لها ان افشلت تنسيقيات مناهضة الغلاء سنوات 2006 - 2008 وأفشلت حركة 20 فبراير سنوات 2011 - 2014، واليوم ها هي تسعى للالتفاف على حراك الريف أيضا الذي لا زال متواصلا منذ ثمانية أشهر.

شهادة حية للصحافي حميد المهدوي حول ما يحدث بمنطقة الريف: https://www.youtube.com/watch?v=Iqi1l9eL050&t=18s

ورغم دعوة واشراك والد ناصر الزفزافي السيد احمد الزفزافي وكذا والدته من أجل اسباغ طابع المشروعية الرمزية على هذه المسيرة الا ان هذه المشاركة ظلت باهثة تائهم وسط الجموع الغفيرة من اعضاء العدل والاحسان والعدالة والتنمية الذين نظموا انزالا وطنيا وساروا في شوارع الرباط منظمين في صفوف خاصة بالنساء واخرى خاصة بالرجال أشبه بطوابير عسكرية مما يذكرنا بطوابير النازية في المانيا وطوابير الفاشية في ايطاليا. المسيرة المنظمة لم يظهر فيها الا نادرا ما يسمون انفسهم بالقوى الديموقراطية أو القوى اليسارية وخاصة فدرالية اليسار والنهج الديموقراطي والتيار التروتسكي تحت يافطة أطاك المغرب كما لم يظهر حضور بعض مناضلي الريف المخلصين للحراك الذين سبق لهم أن دعوا للنزول الى هذه المسيرة، فنادرا ما تصادف احد هذه الوجوه . والمضحك المبكي في آن واحد هو انه في الصفوف الأمامية التي تتقدمها قيادة العدل والاحسان بقوة يوجد في اقصى يسار اللافتة المرفوعة وجهان اثنان لعبد الله الحريف ومصطفى البراهمة يتيمان وسط هذا الحشد الهائل من اعضاء العدل والاحسان علما ان النهج الديموقراطي عقد تحالفا مقدسا مع العدل والاحسان بمبرر العمل على "تفكيك المافيا المخزنية" وهي اللازمة التي لا يمل عبد الله الحريف من ترديدها لتبرير هذا التحالف الهجين وحيث قرر النهج أن يفتح كافة الواجهات التي يناضل عليها لاشراك العدل والاحسان في تلك التظاهرات لكن ما يحدث هو العكس تماما فالنهج أصبح هو الذي يستجدي العدل والاحسان للخروج الى جانبه كمثل النملة التي تركب على ظهر الفيل وتعتقد انها هي التي تحرك القنطرة تحت اقدام ذلك الفيل، ولعل هذه الواقعة تشكل تكرارا لما حدث في ايران قبل الثورة التي انقلب فيها الاسلام السياسي الشيعي على الحزب الشيوعي الاراني حالما انفجرت الثورة الشعبية الايرانية وسيطر عليها الاسلام السياسي الشيعي فكان ذلك مقدمة لاعدام الملايين من الشيوعيين الايرانيين، فتكرار نفس الخطأ، يشكل مهزلة سياسية تاريخية.


تلك إذن هي الصورة الشكلية الظاهرية لمسيرة 11 يونيو أما مضمونها أو المضمون الذي يحاول أن يفرضه العدل والاحسان وحزب العدالة والتنمية (وهما الجناحان المتكاملان للاسلام السياسي في المغرب يلعبان مسرحية الاعتدال والتطرف) بقوة على الجماهير الشعبية خلال شهر رمضان فبطبيعة الحال هو ذلك المضمون الفاشستي الذي يلتقي ويتناغم مع المضمون الاستبدادي للدولة القائم على التفاوت الطبقي وعدم المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق وفي الارث ورفض مطلق لمضمون الحريات الغردية والجماعية والديموقراطية العمالية وفرض مضمون تعليمي رجعي يلغي العقل (انظر مضمون كتابي التربية الاسلامية للسنتين الاولى والثانية ثانوي الذي يعتبر الفلسفة ضد الدين) انه تكريس لمضمون الاسلام السياسي المتخلف وهو المضمون الذي دشن الحسن الثاني العمل به منذ عقد السبعينات عبر الاحاديث الحسنية الرمضانية ووزارة الاوقاف وعمل على حدف تدريس الفلسفة وعلم الاجتماع في الثانوات والجامعات واستبدالها بالفكر الاسلامي فهذه السياسة الفاشية الهادفة الى تضبيع المغاربة المعتمدة منذ عقد السبعينات في بلادنا بل والمعتمدة من طرف الامبريالية في كافة البلدان الاسلامية والعربية لمحاربة الفكر التنويري والحداثة والفكر التقدمي فبالاحرى الاشتراكية ولمحاصرة المد الثوري الشيوعي. فهذه الجيوش من النساء والرجال التابعة كالقطيع للعدل والاحسان لم تجد امامهما خلال خمسة عقود سوى التعليم الديني الطبقي الفاشستي فبطبيعة الحال ستتشبع هذه الجماهير المسالمة بذلك المضمون الفاشي حيث أن فاقد الشيء لا يعطيه، بحثا عن البدائل الممكنة للمضمون الاستبدادي للدولة، خاصة امام افلاس كلي لايديولوجية الديموقراطية البرجوازية التي تقنع المضمون الاستبدادي للدولة ومساهمة خيانية لليسار التحريفي في تلميع قناع الديموقراطية البرجوازية المفروضة . انها طريق مفتوحة أمام دعششة البلاد وفاشستيتها.

الخلاصة هي انه في الوقت الذي يتوق فيه ابناء الريف للحرية والديموقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ليس لابناء الريف فقط بل لكافة الجماهير الشعبية المسحوقة، تعمل قوى الظلام السياسي وحلفائها التحريفيون على ارغام ابناء الريف الشامخ على الخضوع للمضمون الاستبدادي الفاشي الذي شكل اساس السلطة الاستبدادية منذ 14 قرن عمر بالمغرب لمدى قرون وهو نفس المضمون الذي تار في وجهه الشريف محمد امزيان سنوات 1909 - 1912 ومحمد بن عبد الكريم الخطابي سنوات 1921 - 1926 وسلام امزيان سنتي 1958 - 1989 وشباب الريف سنة 1984 و2011 - 2012 وحاليا ثار في وجهه شباب الريف منذ اغتيال الشهيد محسن فكري في 28 أكتوبر 2016. علما أن المضمون السياسي الاسلامي الظلامي هو على طرف نقيض من اسلام الطبقات الشعبية المسحوقة المسالم والمعتدل التواقة للحرية والانعتاق والكرامة والعدالة الاجتماعية. لقد تمخض الجبل فولد بالفعل فأرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس


.. قتلوها وهي نائمة.. غضب في العراق بعد مقتل التيكتوكر -فيروز أ




.. دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى خانيونس جنوبي قطاع


.. على وقع التصعيد مع إسرائيل .. طهران تراجع عقيدتها النووية |#




.. هل تتخلى حركة حماس عن سلاحها والتبعية لطهران وتلتحق بمعسكر ا