الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الداخلية وحملة البكالوريوس (المعظلة)

علاء العراقي

2017 / 6 / 12
حقوق الانسان


لم تكن السنوات الخمسة عشر التي قضيتها في المهجرسعيدا بها رغم اني اعيش في وضع انساني ومادي جيد وتُحترم كافة حقوقي كاْنسان وكمواطن سويدي, لكن الحنين الى الوطن له وقع اخر في نفسي فتأريخي وجذوري تستدعيني دوماً (ثم عدت) .
كنت متشوقاً جداً لأصدقائي وأخوتي الذين فارقتهم منذ زمن بعيد وكعادة أبناء عمومتي وأصدقائي دعيت لوليمة لاكثر من مرة. تذكرت فيها تلك الاًيام التي قضيناها سويةً ,دُعيت الى وليمة في بيت عمي (ابو علي ) رحمه الله, دار حديث بيني وبين ابن عمي ( علي ) الذي لطالما كان انساناً مجتهداً ومثابراً وعاملاً لايكل ولايمل يساعد نفسه ويساعد عائلته ولا يُحمّل والده الكبير بالسن اي مصاريف تذكر, كنت ولازلت من المعجبين به واكُن له كل الاحترام والتقدير, لانه كان أنموذجاً يُحتذى به فبادرته بالسؤال, اين اصبحت او باللهجة العراقية ( شلونهة الدنية وياك )؟.
تأفف (علي) بشدة وقال:
ياأخي تعرف مدى حرصي على اكمال دراستي وتعرف كم عانينا ونحن شباب صغار من نظام صدام الشوفيني والذي كان احد اسباب خروجك من العراق, وتعرف كيف كانت عائلتي لا تستطيع ان تسد مصاريف دراستي ,مما اضطرني لاعالتهم واعين نفسي لاكمل دراستي واحقق حلمي الذي كنت اصبوا اليه, وهو اكمال دراسة القانون واستحصالي بعد الجهد الجهيد وضنك المعيشة على شهادة البكالوريوس بالقانون وكما تعرف اني قد تعينت مجبوراً في سلك الشرطة لظروف البلد وعدم وجود فرص عمل تليق بشهادتي ,بدوت يا أخي نادماً على عمري ودراستي وحبي للعلم والمعرفة في بلد مثل العراق لا تُحترم فيه الكفاءات والشهادات العليا ويُعامل اصحابها بكل سخرية واذلال ورغم اني اعمل في سلك الشرطة وفي وزارة مهمة وفي ظل ظروف صعبة يمر بها بلدي ورغم انني أُصُبت اكثر من مرة وهُددت بالقتل من قبل تنظيمات ارهابية , لكني لم اترك وظيفتي لان بلدي كان يحتاجني وكم من المُعيب ان اترك العمل وابناء وطني يحتاجون لوجودي, لكن مايشعرك بالاحباط والاذلال اكثر ان شخص لايعرف ان يكتب ثلاث كلمات على بعض وليس له خبرة يصبح في يوم وليلة برتب عسكرية عليا فقط لان هذا هو استحقاق حزبه ومن حصتهم ان يدمج في الوزارات الامنية وانا صاحب الخبرة والشهادة غير المزورة وتعبت وناضلت من اجلها وسهرت الليالي اتُرك في الشارع كحرس يتحكم بي جهال القوم والمصيبة الاكبر ان مدرائي لايمتلكون شهادتي ولا يسعهم الا معاملتنا باحتقار.
الالاف من حملة الشهادات العليا من شأنهم ان يُقيّموا الوزارة بخبرتهم ومعرفتهم . هل تعلم ياأخي ان نظام البعث الهدامي كان يشجع المنتسبين في الداخلية على اكمال دراستهم الاعداية والجامعية والدراسات العليا ويوفر لهم فرص عمل تناسب شهاداتهم؟ هل تعلم ان من يحصل على شهادة البكالوريوس بالقانون يذهب للمعهد القضائي ليصبح قاضي؟؟ وهم اليوم موجودين وناجحين جدا بعملهم في ساحات القضاء لما يمتلكونه من خبرة. كم هو مؤلم عندما نضرب مثلا كهذا ونحن ابناء المحرومين والمظلومين والمضطهدين والمعدومين والشهداء .
ياأخي وضعنا غريب عجيب لايشبه اي بلد في العالم فلا نحن ضباط ولا نحن موظفين مدنيين على الملاك العسكري ولا نحن موظفين مدنيين, معلقون لا للسماء ولا للارض فقط للاذلال والتحقير .
بدوت وانا مندهش من كلام (علي ) والصدمة شلت تفكيري ولم استطع ان اغمض عيني وهو يروي معاناته وهو ينزف على عمر ضاع بين حكم البعث الهدامي وبين حكم ساسة اليوم الجدد .
وهنا بادرت بالكلام, اتعرف كيف تعامل الشهادات العليا في السويد ( ياعلي ) ؟ اتعرف كيف تعامل الكفاءات في السويد؟ اتعرف سبب تطور الغرب في كافة العلوم الطبيعية والعلمية والامنية والمعلوماتية ؟ووضع الانسان المناسب في المكان المناسب ورفد وزاراتهم بكل ماهو حديث وبكل كفاءات وخبرة .هل تعرف اهم شيء لديهم هو الخبرة ؟كيف يعاملوكم بهذا الشكل المزري ويستهينون بكم بل ويقومون بالتفنن باذلالكم والسخرية منكم .؟؟
ثم سكت قليلاً .
وتحدث (علي) مرة اخرى قال: حاولنا جاهدين ان ننبه الحكومة والوزارة على مظلوميتنا وقد استبشرنا خيراً بعد طول عناء اذ وافق البرلمان ورئيس الوزارء وبموافقة رئيس الجمهورية على اضافة مادة تخص تحويل حملة شهادة البكالوريوس الى الوظائف المدنية وكانت الفرحة شبه خلاص من سجن (الكاتراز) سيء الصيت, لكن صدمنا باعتراض غير مسبوق وبعد الموافقة ,طعن رئيس الوزارء بالمادة 18 من الميزانية العامة ليقتل حلمنا الاخير ويحيلنا الى رماد, ويقتل اخر نفس للحياة الكريمة فينا, حياة تليق بتعب سنوات الدراسة والمجهود والعقلية التي نحملها اصبحنا مدار للصراعات السياسية والدهشة والغموض يكتنف كل الحلول التي تليق بنا .
فيا ابن العم انصحك بالعودة الى السويد وان تعيش في بلد يُحترم فيه الانسان ويجد وظيفة تليق به وبكرامته و بشهادته ويستطيع بها ان يستكمل دراسته العليا ويصبح ما يريد, فهذا البلد لايحب ان يحتضن ابنائه ولايريد لهم ان يعتلوا النجوم بالعلم والمعرفة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا ستجني روندا من صفقة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في ب


.. سوري ينشئ منصة عربية لخدمة اللاجئين العرب




.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


.. اعتقال مؤيدين لفلسطين في جامعة ييل




.. الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟ • فرانس 24