الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديالكتيك بداية -العقل- ومواته

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2017 / 6 / 13
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية




هذا مقال في التأثيل يشرح مراحل حياة وموات ما نسميه "العقل" وبداية إنفتاح أسلوب جديد للمعرفة تضمحل فيه ضرورة وكينونة "العقل" وتحقق إنجازات العلم والإشتراكية العلمية في مجال التقنية إمكانات جديدة لحرية الذهن من عناصر وعلاقات المعرفة التقليدية:


حسب الظروف العامة للمعرفة في كل مجتمع وفي كل مرحلة من تاريخ المعرفة بالإمكان الإشارة لوجود مزدوج ل "العقل": عقل مركزي وعقل هامش أو مهمش وذا على النحو الأتي :

المرحلة الأولى (الشوش): إمتازت تلك المرحلة الأولى بأنها جسدت بداية المعرفة أو "البدائية " في أول البشرية أو "العصر الحجري" حيث كان الذهن هامشاً للطبيعة يسوده الالتباس والشوش في معرفة أسماء و صفات الأشياء بينما كان التعرف والترتيب والتفكر في طبيعة الأشياء وعلاقاتها هوهامش الهامش.


المرحلة الثانية (الصوفية): تمثل عمق الصوفية والغنوصية في إكتشاف وتحديد علاقات الصفات والأسماء (علم الباطن) حيث بدأت معالم صف الأسماء والصفات وصفاء الأذهان من إلتباساتها، وبوادر الصوفية كمعرفة تهتهم بالعلاقات الجوانية واللامرئية فيها ساد تحديد الأسماء والصفات والتفكير في علاقاتها واصطفاء بعض معالمها لتمييزها عن غيرها.

فيها بدأ الإنشغال باكتشاف واصطفاء العناصر والعلاقات والنظم المفيدة لمعيشة الناس بداية من الظاهر المحسوس إلى المتخيل. حركة التفكير وإرتقاءه من النظام العياني لاجتماع بعض ظواهر الطبيعة كالسحاب والمطر والخصب إلى تخيل نظام كوني سماوي-أرضي يشمل حركة النجوم والشمس وتغير الفصول والنبات والحيوان وتأثر حياة المجتمع وأفراده بهذا النظام بل وتأثر حياة ومستقبل الفرد الواحد به،

في ذي المرحلة الإصطفائية بدأ إستواء "العقل المركزي" في كل مجموعة بشرية ذات تعامل منتظم مع الطبيعة حددت فيه الصفات والأسماء والعلاقات بل والواجبات، أما "العقل الهامش" أو المهمش في تلك المرحلة فقد كان عقلان: عقل مواشج وحنين ل"الحرية" القديمة تجد إلتباساته وحنينه إليها في أساطير الهند والعراق واليونان! وعقل جديد منتبه لأهمية وجود نظام أشمل وأحكم لكل هذه الأسماء والعلاقات والنظم الصغيرة.


المرحلة الثالثة (مرحلة الدين): تكونت بالجدل بين العقل الباحث والعقل الجامع حيث منهما ولد إصطفاء أعلى في تاريخ المعرفة مثلته "مرحلة الدين"، وقد تميزت بتبلور نظم مختلفة الأشكال لتحقيق "الخير" للجماعة والفرد بأسلوب معين من الأقوال والحركات بافتراض أن يتحقق بها "الخير" للجماعة والفرد، كان لمرحلة الدين في كل مجتمع عقلان في الهامش الأول عقل هامش رافض للإيمان بوجود نظم محددة لآلهة كلية وشمولية القدرات، والعقل الهامشي الثاني تميز بموجبية إلى أمور امكان تصور وتحقيق الخير والمنفعة مباشرة دون حاجة إلى تصور أو رفض تصور نظام أو لانظام كوني، وان تحسب الأشياء بمنافعها المباشرة لحياة الناس، وتخديم الناس لعقولهم في اقدير الأمور وإستعمال الأشياء بدلاً من آراء ومعارف الفقهاء والكهنة.


المرحلة الرابعة (مرحلة العقلانية) تبلورت في تاريخ المعرفة بمحاولات فهم الأمور أو التنفع بالأشياء مباشرة، دون واسطة كلام ديني أو رجل دين، وبالإمكان تسميتها "مرحلة العقلانية" وفيها تم التنفع بالأشياء والنظم والشخصيات حسب أثرها الفعلي على معيشة الجماعة المتفاعلة معها، وقويت مسألة الحكم على الأشياء والأمور والأفراد حسب الفائدة منها. أيضاً كان لهذه المرحلة عقلان، عقل قديم متعلق بالدين وكان هو الغالب المسيطر حتى المنتصف النسبي لتلك المرحلة، وعقل هامش ناشيء جديد ينشد تنظيم الخبرات والأعمال وفق أسئلة وتجارب منضبطة في نُهُج معينة تضبط الانتقاءات والقراءات والافتراضات والتجارب والاستخلاصات المرتبطة بتحقيق هدف مفيد. وقد اختصرت هذه التحديدات والضوابط باسم "العلم" كاسم نتيجة الأسلوب الأكثر تنظيماً وإتساقاً في كسب المعرفة بضبط النظر والعمل حسب تقديرات سابقة لتقوم بتحقيق أو تجنب نتائج معينة في المستقبل.

تميزت "مرحلة العقلانية" بصراع "العقل" كنهج فهم نفعي ضد الدين وضد العلم فقد غاضب النهج النفعي نهج الفهم الديني لأمور الحياة والمجتمعات، وكذلك فإن الفهم النفعي للأمور منذ ثورة الديموقراط على التكنوقراط في آثينا ضاد وخاصم الفهم الحسابي الدقيق (العلمي) لأمور الحياة، مصوراً الحساب والخيمياء كسحر وحوكم سقراط على الجولوجيا والفلك والفلسفة من تلك الحوادث وظواهرها بالإمكان ربط العقل وكلياته السياسية في تلك المرحلة بمزائج من الرؤى العامة والرؤى الجمالية والروح العملية والاعتداد العام بتنظيم الأمور.

في جانب مجتمعات الاسلام لمعت في غربه "العقلانية" اليهوديات الأندلسية وسطعت في شرقه العراق جماعات الحركة الاسماعيلية واتحادات الحرفيين في المدينة الشمس بغداد، وتأسيسها الدول الفاطمية في تونس ومصرواليمن وشرق الجزيرة وكل فلسفات المعرفة والطبيعة والرياضيات والعلوم والعلوم الإجتماعية في الإسلام وكذا ثقافة ومعارف أخوان الصفا وجامعات القيروان والأزهر والمستنصرية وعمران حديث،للمدن ذو خرائط وخطط مادية وخدمية وسياسية ومالية، وخريطة للعالم ومعهم فهم عملاني فسيح تأسست به عبر جهود المتصوفة والمتعلمين والحرفيين الأوروبيين الحداثة الغربية الحاضرة..

في جانب المسيحية لمعت في تلك المرحلة جماعات متصوفة منها فرسان ذوالنون/يوحنا St. John s Knights و فرسان المعبد Knights Templar وكذا الحركتين الصوفيتين الأخوة الفرانسيسكانية والأخوة الدومنيكانية واتحادات الحرفيين Guilds وقد ظهرت بحهدهم في أوروبا معالم "عصر النهضة" بتعاونياته الدينية العملية، وبنوكه وتمويلاتها السياسية والحرفية، وبربط الكنيسة بنظم بشرية وخدمات إجتماعية، وبمنظورات بديعة في الآداب والفنون رقت بحس الناس وامكاناتهم الذهنية، وكذا امتاز عصر النهضة وعقلانيته باكتشافه النظري لموضوع "المراحل" وبكشوفه العملية ذات البوصلة والمنظار والخريطة والمطبعة وتطويره الحرف والبنادق والقلاع والسفن والمدفعية. والاتجاه إلى ربط الخير بالاخلاق، ثم ربط الأخلاق بالمنفعة لكن مع انقسام كبير في تحديد طبيعة وجود منفعة الفرد ومنفعة المجتمع وبدايات وحدود كل واحدة منها ان وجدت.


المرحلة الخامسة (العلم) إرتبطت مرحلة "العلم" بمعرفة وتنظيم أسس وأهداف ووسائل المعرفة، وأكثر مرحلة العلم مستمر إلى اليوم، وربما لقرون قادمة، وقد تميزت بجدالاتها الفلسفية والنظرية التي إرتبطت بإختلاف النظر و الآراء والمناهج أو النُهُج مع إختلاف المنطلقات والأهداف والأبحاث والباحثين والمراجع والنتائج مع إختلاف ظروف كل من هذه العناصر وعلاقاتها. وبشكل عام تميزت مرحلة العلم (ولم تزل) بالصراع بين العلم والدين، والعلم الأخلاق، والعلم والفلسفة، والعلم والتاريخ، والعلم والسياسة، والعلم والايديولوجيا، اضافة للاختلافات والصراعات بين تصورات أو صور علمية شتى.

في تكملة متقدمة لإختلافات وتكاملات قديمة لتطور المعرفة في"خمت" Khemet (=السودان ومصر) ثم بونان فيثاغورث الحسابي، وجورياس الحججي، وسقراط الحرفي، وأفلاطون الفكري والقانونوي وأرسطو الفلسفة العملية، ظهر في سنة 1848 بيان من رابطة العمال العالمية يوضح أسس الشيوعية وهدفها وطبيعة الوجود الطبقي في المجتمعات واختلاف نظرة كل طبقة لتأريخ العالم وحاضره ومستقبله وفق معرفتها وامكاناتها. البرجواز في جهة والكادحين والمقهورين في جهة ضد. ومع ذلك التمييز أوضح البيان العلاقة العضوية والنسبية بين الكادحين والشيوعيين، وكذلك بين الفرق بين الفهم الإشتراكي القديم والفطير لتحولات الحياة يظنوها خطباً حماسية أو توافقات حزبية وفهم الشيوعيين العلمي لتعدد عناصر وبنى وصراعات الحياة، ونضالات المجتمع للتغيير الشامل والجذري لبنى الاستغلال عبر تغيير فهم وهدف ومركز ونوع واتجاه منفعة العلاقات الاقتصادية للمجتمع وأسسها ومعالمها السياسية وإطاراتها الثقافية والفكرية.

من أسس ومتواليات ذلك البيان الشيوعي التنبيهي الأممي الانجاز والعالمي التداول ظهرت وإلى الآن الأعمال النظرية للرفاق فردريك إنجلز وكارل ماركس، مسجلة في تاريخ المعرفة نفياً منظوماً بصورة علمية إنتقادية ضد أهم فهوم المعرفة الحديثة المتبلورة إلى يومنا هذا ولكنه نفي يتفوق عليها بتجدد وتنوع وتكامل أسسه واشكاله، وبتاكل أسسها وتناقض أشكالها.

باهتمام أعمال ماركس وانحلز بواقعية ونسبية المعرفة، وبضرورة إرتباط المعرفة بالمعادلة الإجتماعية للموارد والجهود، وبصحة بنية وعلاقات المجتمع ومعرفته بطبيعة حاجاته وقدراته .. إلخ ظهرت في كتابات ماركس وإنجلز العلاقة بين النسبيتان الطبيعية والإجتماعية، تلك التي كشفت بعضها دراسة كارل ماركس لنيل شهادة الدكتوراة (1841) وكانت بعنوان: "الإختلاف في فلسفة الطبيعة بين ديمقرطس وأبيقور" ، مبيناً طبيعة إختلاف عالمين في فهم ظاهرة واحدة، بسبب إختلاف معرفتهما للطبيعة وللتاريخ وآفاقه.*

في ذلك الإتجاه الشيوعي لتحويل العِلم من ترف أو إجتهاد شخصي إلى أداة وكينونة ذهنية لحرية المجتمعات، كتب ماركس وإنجلز إمكانات علمية لتحرر الكادحين ونحوهم من المعارف والعلوم والثقافة المبررة للاستغلال والتهميش، مما شمل:*

1- نفي نظرية المعرفة الذاتية وذلك في الكتاب الصغير الحاد كالشعاع "السيد دوهرنج وثورته العلمية" anti-Duhring .

2- كتب الإثنان نفي الفلسفة التقليدية كتاب التحول والتغيير المسمى "....نهاية الفلسفة التقليدية" (المثالية) تلك التي كانت ولم تزل قائمة على التتبع المفرد للأفكار وقياس صحتها بالحساب الفردي لبعض عناصرها، وعلى فصل الفكر عن تغيرات الواقع وتأثيره*The End of Classical Philosophy وكذلك افردا العالم وتفاعلات طبيعته وفهم الناس لها في "ديالكتيك الطبيعة" Dialectic of Nature

3- في علاقات المجتمع ردا الحركة الإجتماعية إلى أصولها في البيئة والمعيشة والمعرفة والثقافة نافيان عن تلك الأصول تأليهات التقديس وشيطنات التذنيب وذلك بشرحهما تطور تصورات العلوم الإجتماعية وتقدم فهمها لتطور بنى المجتمع من العشواء إلى الإنتظام والتنوع، وذلك في "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة" The Origin of the Family, Private Property, and the State

4- في الإقتصاد السياسي وهو المركز الحديث للعلوم الاقتصادية والإجتماعية و السياسية الخ كتب ماركس وانحلز "اسهام في نقض الاقتصاد السياسي" A Contribution to the Critique of Political Economy وكان ذا النقض ولم يزل بناءاً متجدداً شاملاً ومتكاملاً وقت كانت كل الانتقادات ضد علم الاقتصاد من ذلك النوع الصغير الحيي الجزئي أو فوقية تدور حول تصورات اقتصادوية أو مدى أخلاقية بعض الأفكار وعلاقة التجارة بقيمة الأموال وأهمية البنوك ومدى شرعية او اقتصادية الريع؟ أو الربح؟ أو الفائدة؟ وذلك وقتما كانت تلك الأمور شيئاً عجباً يحتاج إلى ايضاح وشرح!

5- كذلك قام ماركس وانجلز بنقض تصوير "التاريخ" كسجل لتسلسل ملوك وحكومات منبهين لدور الصراع المتنوع بين الطبقات حول إمتلاك الموارد وفرص الحياة في تشكيل معالم تاريخ كل طبقة في ذلك المجتمع، وأثر إختلاف نمط الإنتاج والمعيشة في كشف معالم مراحل الصراع الطبقي وتاثيراته على بنى الحياة الإجتماعية Changes of Socioeconomic structures and the class struggle

6- كسر العالمان الحكيمان كل معالم السياسة الفوقية وشعاراتها الليبرالية بكتاب "نقض برنامج غوتا" Critique of the Gotha Programme

7- رفض الثوريان إتباسات وإنفرادات الفهمين الديني و العلماني للحياة الإجتماعية بكتابهما الفقيه العادل "في المسألة اليهودية" On the Jewish Question

8- كذلك نقض الفيلسوفان والعالمان الفهم السطحي ل"العلم"و "الآيديولوجيا" وذلك باطلاقهما النسبية الطبقية ضد التعميمات السطحية المنسوبة ل"العلم"، وبلجمهما العلمي لاطلاق الادلوجات وتشويه ذلك الإطلاق لانتظامات الفكر حتى صارت بعض أمور الايديولوجيا شبه للميثيولوجيا*

9- شملت تلك النقوض ومتوالياتها اللينينية في أسس الفهم المادي الموضوعي لعناصر وتفاعلات الطبيعة والمجتمع وتأريخه كل ما يتعلق بتلك البنى الذهنية للتقدم الإجتماعي من أعمال وشعارات لم يزل أكثرها مستمراً في حياة المجتمعات إلى اليوم، وذلك بحكم أن أسس وأشكال "مرحلة العلم" لم تنتهي بعد في تاريخ تطور المعرفة، ولكنه استمرار مرتبط بالضغوط وبالتكييفات اللاعلمية كالتكييفات الرأسمالية، ومتوالياتها الإعلامية والعسكرية، والدينية، والسياسية، .. الخ وذلك رغم إرتفاع تعداد وأنواع "الثورات العلمية".


إذاً اعتماداً على ربط المعالم الواقعية الكبرى للتفكير والمعيشة في هذه المرحلة بالإمكان وصف العقل الرئيس في "مرحلة العلم" بأنه عقل النفع والإحتكار الرأسمالي وجنونه للسيطرة، وأن العقل المضاد له والمهمش هو "عقل التجديد" والحداثة الموضوعية والبلورة الابداعية للعدل والسلام، وذلك بشقيه النظري والعملي: التجديد النظري الماثل في ظهور وتطور التفكير الإشتراكي العلمي لإحداث الثورة الإجتماعية، والتجديد الالي التقني الذي بدأ في القرنين ال18 وال19 يتبلور الثورة الصناعية واصلاحاتها المستمرة آثارها إلى اليوم، وهو تجديد ظاهر الآن بأسلوب "الثورات العلمية"، اضافة لثورات الأدب والفنون وهندسة تصنيع المعرفة وحوسبة الحياة.


المرحلة السادسة (الوعي) نشأت مرحلة الوعي في تطور المعرفة في أوج بدايات مرحلة العلم الحديث وقد تبلورت أجزاءها في كيان ذهني جديد يسمى "الوعي" Consciousness وهو حالة إنتباه ذهنية في الطبقة الكادحة الثائرة لقراءة وبناء المستقبل بداية من فهم الماضي ومن ثم بعظاته تغيير الحاضر.

يتشكل جزء مهم من "الوعي" بخلاصة الدراسات العلمية لكينونات المعيشة الطبقية وتاريخ مجتمعاتها ومعرفة وفهم تبلور موضوعات تغيير الحاضر كأس لتغيير المستقبل.

كانت أولى إنجازات الوعي تبلور الشيوعية وإندلاع الثورة الإشتراكية الاولى في العالم والتاريخ وظهور أفكار ونضالات التحرر الوطني والإجتماعي المرتبطة بالفهم العلمي للإقتصاد والسياسة الدولية وثقافة التقدم العلمي الوسائل. ولذ إرتبطت مرحلة الوعي الطبقي والثوري يالضرورة يسيطر التفكير الشيوعي بمادياته التاريخية والجدلية على مشهد المعرفة، لكن بينما تتجه الاشتراكية العلمية إلى مكافحة بقايا الإقطاع ولتكسير الرأسمالية في واقع معيشة الناس وأفكارهم، فإن "التأثيل" سيتجه بانتصاراتها وخبراتها المنظومة لاستكشاف عناصر وعلاقات "ما بعد الوعي".


المرحلة السابعة (ما بعد الوعي) أسميها "التأثيل" ينشغل العقل الرئيس في أولها بترسيخ مفرادت "الوعي" وتفاعلاتها ضد: 1- بقايا الأساليب الامبريقية واغراقها البُحاث في تفاصيل التجزئة والنانويات الفكرية و2- ضد بقايا الفلسفة ومحاولاتها لتحديد التفكير أو لإطلاق التفكير بناء على تصور قديم حدده عقل مرحلة العلم أو قبلها. أما العقل الهامش أو المهمش في مرحلة التأثيل فالأرجح أن يظهر أولاً بأصوله القديمة كحالة تطبيق وإنفاذ ل"الوعي" ولجدله مع المظالم الفكرية والمادية مكوناً مرحلة معرفة جديدة وهي بطبيعتها كمولود لن تكون هي الوعي الطبقي القديم بذاته ولن تكون هي "التأثيل" الجديد المتصور المأمول، وعطفه على التناول الجمعي للأشياء والأمور والأفكار، بل ستكون تلك المرحلة في نهايتها شيئاً آخر لا هذا ولا ذاك لكن أكثر من "الوعي".



من المرحلة الأولى وإلى المرحلة السابعة يبدو واضحاً :

(أ) تتالي الصراع بين المركز الذهني للأفكار والتنظيرات وقطبي عقل الهامش القطب القديم المتعلق بأفكار المراحل السابقة، والقطب الجديد الناتج من صراعات المركز الجديد وبقايا القديم،

(ب) أن ظهور افكار جديدة لم يكن نتيجة عبقرية أشخاص أو لهبوطها من السماء بل إرتبطت ولادة الأفكار والتصورات الجديدة بموات ظروف عناصر وبنى أساليب التفكير القديمة وذلك بفعل التغيرات العامة في ظروف وأساليب المعيشة والمعرفة وثقافتهم، مما أنتج في مراحل المعرفة الحاضرة ظهور ضغطين ساحقين ضد البنية المتاكلة لتنزيه العقل وتقديسه كمحور للحياة الذهنية:

* الضغط الأول في انكشاف فشل "العقل" وذلك بظهور معالم الظلم الطبقي والدولي وضد النساء وفي الحروب وفي تخريب البيئة،

* الضغط الثاني فنتج من "الثورة الصناعية" والثورات الاقتصادية والعلمية والإجتماعية السياسية والأدبية والفنية التي أرتبطت بها أو باثارها، لكنه تمثل أخيراً في "الثورات العلمية" واشتعال الذكاء الإصطناعي وتبلور العلوم الجديدة للفوضى والتعقيدات والنانو والكيمياء الحيوية وتواشج هذه التطورات العلمية الكبرى ببحوث رقمية ذات بيانات كبيرة بل عظمى تحسب بترليونات الجيغابايت وبالثورات العلمية وتقدم نشاط العوم وثوراتها وحواسبيها وبرامجها ضد الأوليات والتقاليد الفكرية والبحثية التي ميزت العقل البشري عبر آلاف السنوات وأهمها الجزئية والخطية والإنحصار.




الخلاصة:

نهاية معالم الوجود المسيطر للعقل والتفكير النمطي للأفراد تعني نهاية جدل العقل الرئيس مع العقل الهامشي ونهاية أسلوبهما في تجزئة الأمور واختزالها في نقاط صغيرة تحصرها بتتابع في خط مركزي واحد لتسهيل البحث، فهذا الأسلوب قد أنتهت فوائده الكبرى للمعرفة مع ظهور فشله في مسائل العدل والسلام وأمن البيئة، ومع تقدم إمكانات الحواسيب وظهور "الكمبيوترات العملاقة" وتضاعف وتنوع وإنتشار "الذكاء الاصطناعي" وتحول دور الانسان من مبتكر إلى ملقن أو ملقم مؤقت للآلات الحاسبة المفكرة كبداية لديالكتيك جديد للمعرفة خال من الدور المسيطر لعقل الانسان الفرد.



مع التقدير





المنصور جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا