الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعودية الوهابية ضد مالك بن نبي

رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)

2017 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


السعودية الوهابية ضد مالك بن نبي

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-


أستغرب بعض المتتبعين منع المملكة العربية السعودية كتب المفكر الجزائري مالك بن نبي، لكن ما يجب أن نستغربه في الحقيقة هو سماح نظام المملكة وحراس أيديولوجيته الوهابية بتداول هذه الكتب في بلادها، وهو النظام والأيديولوجية المعروفين بمعاداتهم لكل فكر عقلاني ونقدي، فهي التي تمنع كتب الفلسفة، وتعتبر تدريس الفلسفة كفرا، وللأسف هي نفس الفكرة التي بدأت تنتشر في بعض دولنا كالجزائر، وذلك بالتواطؤ مع الإستبداد، فكل نزعة إستبدادية تعادي الفلسفة لأنها تعلم الإنسان الروح النقدية والتمحيص وعدم القبول بأي أمر، فالفلسفة تحول الإنسان إلى ثوري الطبيعة، فهي دافعة للتقدم ولحركية التاريخ إلى الأمام، فلا يمكن أن ننفي دور تدريس الفلسفة، وعلى رأسها أفكار عصر التنوير الأوروبي التي انتجت الثورة الفرنسية في نشأة حركات التحرر في البلدان المستعمرة، فأغلب قادة هذه الحركات تأثرت بشكل أو بآخر بأفكار جون جاك روسو وفولتير ومونتيسكيو وغيرهم من مفكري عصرالتنوير الأوروبي، ولعل هذا ما أدركه الإستبداد في دولنا، مما دفعهم إلى نشر بعض الأيديولوجيات المشرقية كالوهابية المعادية للفكر ولروح النقد والثورة والتقدم.
أستغربنا سماح السعودية بكتب بن نبي، وهو المفكر العقلاني الذي أراد بفكره إخراج المسلمين من عصور الإنحطاط والقضاء على ما يسميها بالأفكار "الميتة" و"المميتة"، والتي يقصد بها الأفكار التي جمدت المسلمين في تخلفهم، والتي هي عادة نفس الأفكار التي تنشرها الأيديولوجية الوهابية السعودية اليوم في عالمنا، كيف سمحت السعودية الوهابية بكتب بن نبي المتأثر ب"نظرية اللاعنف" للماهتما غاندي، وهي التي تنشر الأفكار التكفيرية المنتجة للإرهاب في عالمنا، والتي تستخدم اليوم من القوى الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية لزرع الفوضى في دولنا وتفتيتها على أسس طائفية وفكر ديني ضيق ومنغلق؟ أستغربنا سماحها لكتب بن نبي، وهو الرافض لأي شخصنة للإسلام سواء في دولة أو تنظيم سياسي أو حزبي كي لا يشوه الإسلام ذاته، وهي التي شخصنت الإسلام في نظامها المتخلف بناء على تأويل ديني متخلف جدا.
لعل يقول البعض أن بن نبي قد اعترف في مذكراته بأنه أعجب بالوهابية في ثلاثينيات القرن الماضي، لكن هل يعلم هؤلاء أن ثلاثينيات القرن 20 أعجب الكثير من المسلمين، وفرحوا بميلاد المملكة العربية السعودية إلا لأنهم لايعلمون حقيقة أيديولوجيتها؟ كما أن المسلمون آنذاك يرون في ميلاد كل دولة مسلمة هو إنتصار لهم بسبب ما كانوا يعانونه من الإستعمار، فهل يعلم هؤلاء أن فرحات عباس اللبيرالي الذي يصفونه الكثير بالتغريبي أو المتأورب كان جد منبهر بآل سعود، كما كان منبهرا أيضا بنقيضهم كمال آتاتورك، ونجد نفس الأمر لدى الإصلاحي عبدالحميد بن باديس وغيرهم الكثير، فلم تكن تلك المواقف في الحقيقة بمعزل عن مسألة تحرير من الإستعمار وفرح وإغتباط بقيام أي دولة للمسلمين مهما كان شكلها، وهو ما ينطبق على بن نبي، لانعتقد أن بن نبي سيعجب بالوهابية، وهو الذي وجه نقدا لاذعا للحركات الإصلاحية، وعلى رأسها جمعية العلماء المسلمين في الجزائر بقيادة بن باديس، فقال فيهم أنه لا يمكن القيام بإصلاح ديني بأصحاب العمائم، بل برجال يتبنون الفكر الديكارتي الأوروبي، فقد كان بن نبي يمثل مرحلة متطورة في الفكر الإسلامي مقارنة بالحركة الإصلاحية التي قادها الأفغاني ومحمد عبده ثم بن باديس في الجزائر، كما كانت الحركة الإصلاحية لهؤلاء متطورة جدا مقارنة بالوهابية التي حاربت هذه الحركات، وما أدراك ببن نبي وغيرهم من المفكرين العقلانيين في عالمنا الإسلامي الذين تجاوزوا حتى الأفكار الإصلاحية آنذاك، ونشير إلى ما كتبه بن نبي عند ذهابه لأداء فريضة الحج، فلاحظ ضرب الشرطة للسيارات بعصاهم كأنها جمال، فقال معلقا على ذلك بأنه يستحيل على الإنسان السعودي أن يدخل الحضارة بهذه الأيديولوجية الوهابية التي تسيطر عليها الذهنية البدوية، فيجب تغيير ذهنيته تماما وتخليصه منها.
لعل يرى البعض من التنويريين في عالمنا، ومنهم بعض الماركسيين أن بن نبي يمثل فكرا رجعيا، لكننا نعتقد أن هؤلاء إما أنهم لم يقرأوا فكر بن نبي أو يريدون أن يحركوا التاريخ في بلداننا إلى الأمام بعدم أخذهم الواقع الإجتماعي لبلداننا وشعوبنا بعين الإعتبار، لكننا سنحيل هؤلاء على الروح الماركسية ذاتها، أفلم يعتبر ماركس وأنجلس البروتستانتية المسيحية ثورة وتقدما في حينها طبقا لحركة التاريخ ومراحله؟، ألم يرون في الثورة الفرنسية التي قادتها البرجوازية ثورة تقدمية في وقتها؟، ولما لايرى هؤلاء في فكر بن نبي ثورة في عالم الإسىلام اليوم؟، ألم يعتبر مثلا الحزب الشيوعي الجزائري الحركة الإصلاحية لبن باديس ثورة في حينها، وشبهوها بالحركة الإصلاحية البروتستانتية في أوروبا؟.
أننا لسنا من مروجي فكر المؤامرة، لكن بمرور الزمن أصبحنا نشك بأن الدولة السعودية بأيديولوجيتها المتخلفة قد زرعت في قلب عالمنا الإسلامي لعرقلة أي تقدم وتطور، ألم تحارب الوهابية المحاولات الإصلاحية في الدولة العثمانية وكذلك النهظوية لمحمد علي في مصر، مما جعله يجهز جيشا بقيادة إبراهيم باشا للقضاء على الدولة السعودية الأولى(1744-1818(؟، ألم تحارب الوهابية الحركات الإصلاحية التي قادها الأفغاني ومحمد عبده، كما يحاربون اليوم كل فكر متفتح وعقلاني في عالمنا الإسلامي؟، ألم تكن نشأة الدولة السعودية على أساس ديني هو إيجاد شرعية للكيان الصهيوني المبني ايضا على أساس ديني أيضا؟، أليس نشر الطائفية بقوة اليوم هدفه دعم أكثر لهذا الكيان الذي سرق أرض الشعب الفلسطيني؟ ألا يكون دور السعودية الوهابية في قادم الإيام هو إخضاع نهائي لبلداننا بزرع الفوضى ىبسبب الحروب الطائفية والدينية التي تغذيها أيديولوجية هذه الدولة؟.
ان السعودية الوهابية ضد أي تقدم للمسلمين، وتستخدم في ذلك أيديولوجيتها المنتجة للإرهاب والإنغلاق والجمود والتزمت، فما هو مصير المرأة والتعليم والحريات وغيرها بإنتشار هذه الأيديولوجية التي منعت الملك فيصل إدخال التلفزيون إلى المملكة في ،1964 وأغرقت البلاد في نقاش عقيم حول هل التلفزيون حرام أو حلال لمدة سنوات، ليلقى الملك فيصل الذي يعد الملك الأكثر تفتحا ضمن ملوك آل سعود مصرعه في يوم عيد من عام 1974؟.


البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا