الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهم الله والوطن، ولنا عذاب القبر

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 6 / 14
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لو جردنا الثورة من كل معانيها، لجردّنا مشاعرنا من لحظات خفقت فيها قلوبنا لأنّ الشباب كان يقول على العلن ما نقوله في قلوبنا، ولو أنكرنا أنها لم تستمر إلا أشهر معدودات، ثم أصبنا بخيبة أمل نكون نضحك على مشاعرنا.
الدكتاتورية حطمّت الجمال في أدمغتنا ،لم يبق لدينا سوى ذلك الحزن الأصيل، أقسم أنّني لم أستيقظ مرّة وكانت الشّمس تصفعني كي أبتسم إلا وذرفت الدّمع سخيّاً. أحياناً أعتقد أنّني خلقت وفي عينيّ نهر من الدّموع. إنّني تلك السّورية التي تلقيّت الظّلم الذي لا تشرحه سطور مقالة، وربما في جميع كتاباتي أشير إلى نوع ذقت منه، وتذوقت طعمه.
لن أتحدث بالسياسة بل بالواقع.
في بدايات الثورة، وكانت الكنائس تسعف الجرحى من المتظاهرين في مدينة حمص. توفيّ شاب مسيحي في الثلاثين من عمره وهو ينقذ جريحاً، وكان" الثّوار" الذين أشرفوا على أسلمة الثورة، وضعوه ميّتاً ورفعوا سبّابته، وقالوا أنّه أصبح مسلماً قبل أن يموت. يا للعار! كان قد خرج من الكنيسة لينقذكم ليس إلا.
كم كانت أغاني السّاروت والممثلة السّورية العلوية فدوى سليمان رائعة. لكنّني كنت أخشى عليها دائماً، فصفحات الساروت مليئة بالطّائفيّة. ربما أعذره اليوم لأنّهم أفنوا عائلته، ولم أكن أعذره يومها.
سوف أسمّي الأشياء بأسمائها، ولتقولوا ما تقولون: البارحة قرأت في صحيفة سورية أن مؤسسة الآغاخان" الاسماعيليّة" سوف تعيد بناء المدارس في طرطوس، واستغربت عن أية مدارس يتحدثون، ولم يبدأ الحلّ في سورية بعد. هي لفتة من القائمين عن العمل في تلك المؤسسة يقولون من خلالها: أنّنا نحن الاسماعيليون ندعم الدكتاتور، وبذلك تكون داعش جاهزة لقتلهم، مع أنّ الجميع يعلم بأنّ نسبة المعارضين في السلمية كبيرة.
كما أن شيخ العقل الدرزي وأعتقد أن اسمه كميل، كان قد تشّيع، لكنه بقي شيخ عقل يقول نحن الدروز مع السلطة، وكذلك بعض الكنائس، والجميع تحت اسم محاربة داعش.
نبكي اليوم على الله. سرقوه منّا وسجلوه باسمهم. نبكي على الوطن. سرقوه منّا ويلعبون بدماء أبنائه، نبكي على أنفسنا.
تحدّثت مع الكثير من الشيوعيين، والقوميين، وأغلبهم مع الدكتاتور لأنّهم كما يقولون ضد التّطرف الإسلامي، وهم في الحقيقة ضد المسلمين الفقراء الذين لا يحركهم الدين بل لقمة العيش.
آخر المستجدّات هي إعطاء الضوء الأخضر من ترامب للسعودية بالاستئثار بالمنطقة، ونحن السوريون نقف ضمن اللعبّة، وكأنّنا دولة لها سيادة، وكل شخص يعطي تصريحه وكأنّه رئيس حكومة. من استفاد من قطر يقف معها ، ومن استفاد من السعودية يقف معها، والأمر لا علاقة له بالقيم . دولتان غنيتان تختلفان وقد تتصالحان. ما دخلنا نحن؟
أما من يموّل الإرهاب، وكيفيّة القضاء عليه فرغم الألم الشّديد فإنّني عندما أسمع بذلك أضحك ضحكة الاستنكار. هل رأيتم في الوطن العربي حكومات حقيقيّة؟ كلهم أمراء مؤمنين، وأمراء حرب، وهذه الشعارات التي أتت بها داعش لم تكن غريبة عناّ، فأنا واحدة من الفتيات كنت في السادسة عشر من عمري عندما كنت أخشى الرّجال، وعندما أسمع قصة مريم العذراء أخشى أن يجري معي ما جرى معها، وأحمل دون أن أشمّ رائحة رجل، وأقتل. ابحثوا في التشريعات العربية عن داعش، وسوف ترونها جلّية، وحتى في إيران الشيعيّة تطبّق نظام داعش الديني. هو تهديد يفيد في القضاء على كل أمر، وعلى كلّ صوت.
نحن سوريين ننتمي إلى طوائفنا بحكم الولادة، وربما نعاني من استبدادها، بينما ننتمي إلى الإنسانيّة بحكم التّدرب. لا نستطيع أن نخلع جلودنا. نرغب أن يعود الله ملكية جماعيّة لكلّ البشر يعبده كلّ بطريقته، وأن لا يجلس على كرسي الحكم مع السّياسيين، وأن يعود لنا الوطن كي نزور أضرحة ذوينا، ونبكي على أطلاله.
كلمة أخيرة. ما يجري في سورية اليوم. لا علاقة للشعب به، ولا حرب على الإرهاب. هي قتل منظم للسّوريين، فالإرهاب له أثواب كثيرة على المسرح السوري. يرتدي الثوب الذي يطلب منه المخرج ارتداءه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا