الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوميات زيرو ميكا / قصة قصيرة

عبد المجيد طعام

2017 / 6 / 14
الادب والفن



اهتدت "سعيدة" إلى ارتداء لباس فضفاض تحمي خلفه سرا ترفض أن ترمقه عيون تبحث دوما عن فضيحة جديدة ، كان عليها أن تقنع الآخرين بهذا اللباس الجديد كانت تردد أمامهم:" لقد التزمت بالحجاب الشرعي عن قناعة و إيمان " لكنها كلما لمست بطنها ، انتفخ فيها الرعب الممتزج بحركة جسم غريب ينمو بعنف في أحشائها المبعثرة ..كانت تحس بالغثيان كلما استرجعت شريط مأساتها، حينما خرجت ذات مساء ماطر من عملها فأرادت أن تختصر المسافة و تربح الوقت لتصل إلى الصيدلية قبل أن تغلق أبوابها ، كان أبوها بحاجة إلى " الرابوز" ليهدئ من حدة السعال حتى يتمكن من إدخال قليل من الهواء إلى رئتيه الملتهبتين ، اختارت أن تسير على الممر وسط الغابة الصغيرة لكنها وجدت نفسها بين يدي شابين نال منهما الخمر اقتاداها إلى الركن الأشد ظلمة .. هناك ..تداولا على اغتصابها مرات عديدة إلى أن لاح الصباح ، تركاها قرب جدع شجرة منهكة و حينما حاولت الوقوف أحست ببقايا سائل لزج ينزل من بين فخديها .

بتوالي الشهور حذقت "سعيدة " لعبة إخفاء الجسم الغريب الساكن في بطنها لأنها لا تريد أن تفقد عملها بشركة الألبسة الجاهزة.. كانت بحاجة إلى راتبها الصغير لاقتناء الدواء لأبيها المصاب بالربو و تملأ الأفواه الخمسة الجائعة …و بقدر ما ارتفعت في دواخلها حدة العتاب الممزوج باللوم و الكراهية ، ارتفعت فيها حدة تساؤلاتها المؤرقة :" من يكون أب هذا الذي يكيل لي ضربات عنيفة موجعة ؟ أهو المجنون الذي افتض بكارتي أم الشاب العنيف الذي قذف في أعماق جسدي سائلا ملعونا ؟ أ لم يمتزج السائلان معا في رحمي ؟ يا إلاهي من هو هذا الجسم الغريب الذي يتحرك بعنف في أحشائي ؟"

أدركت أن موعد الوضع اقترب مع إحساسها بأوجاع المخاض و في يوم مظلم عاصف خرجت خلسة من بيت والديها و اتجهت نحو الغابة الصغيرة هناك على فرع شجرة ربطت حبلا ، شدته بقوة و عضت بكل أسنانها حتى النواجد على قطعة قماش و دفعت بكل عنفها الرافض بالجسم الغريب نحو الأسفل … امتزج الدفع و العرق و الأنين بصوت الرعود المزمجرة إلى أن سال ماء و دم من بين فخديها فانزلق الجسد الصغير و لامس رأسه التراب المبلل بالدم و المطر…استجمعت كل قوتها ، تركت الحبل و جلست بجانب مولودها ، لامسته بيدها اليمنى ثم أنزلت يدها اليسرى على فمه الصغير لم تكن تعرف هل ولد ميتا أم حيا فقط أرادت أن تشبع رغبة جامحة تدفعها نحو كتم انفاسه .

أخرجت كيسا بلاستيكيا أسودا من تحت لباسها الفضفاض ، و هي تضع جثة الجسم الغريب في الكيس ، مرت أمام عينيها أشرطة سريعة قاسية : شريط اغتصابها من طرف الشابين المخمورين… شريط انتفاخ بطنها و ارتدائها اللباس الفضفاض… شريط شرائها للكيس البلاستيكي الأسود… رغم عنف الأشرطة أحست بارتياح عابر بعدما تمكنت من الوقوف على رجليها . مسحت آثار الدم من على جسدها و قبل أن تخطو خطوتها الأولى نظرت إلى الكيس نظرة فارغة…أحست بدموعها و قد تحجرت وقر قرارها على رمي الجسم الغريب في أقرب حاوية قمامة بالمخرج الجنوبي للغابة بعيدا عن مسكن والديها و تنهدت بصوت مسموع :"هناك تكثر القطط و الكلاب الضالة و لا شك أنها ستلتهمه فتختفي كل معالم الجريمة ".

في الصباح الباكر تجمهر سكان الحي أمام حاوية القمامة يتابعون جلبة حركة رجال الشرطة و هم يحاصرون المكان و العميد يصرخ فيهم بغضب يتقاطر من عينيه المحتاجتين للمزيد من النوم :" كيف يقع هذا في دائرة نفوذي.. إنها مؤامرة ضدي… يجب أن تعثر الشرطة العلمية على بصمات صاحب الكيس الأسود…إنها مؤامرة ضدي.." من وراء زجاج سيارته و قبل أن ينصرف من مسرح الجريمة أعطى السيد العميد تعليماته الدقيقة و بنبرة صارمة صاح في رجاله :" ألقوا بالجسم الغريب في القمامة و دمروا الكيس البلاستيكي الأسود ، لا أريد أن يبقى له أي أثر.. وطننا في غنى عن أية أزمة حكومية جديدة …نريد شيئا من الاستقرار لهذا الوطن الحبيب.." .

من يوميات زيرو ميكا 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير