الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلم الأمريكي..أم كابوس عالمي؟؟ .........(3 والأخير)..........

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لكن كيف وبأية طريقة ؟ .. حقق وسيحقق الأمريكيون حلمهم الجنوني هذا ؟؟
إن طريقة الأمريكيين وعقليتهم في تحقيق حلمهم الجنوني هذا، مشتقة من طبيعة تكوينهم التاريخي كشعب مصطنع وأمة مزيفة، وككيان استيطاني إحلالي قام على إبادة جماعية لأصحاب الأرض الأصليين، كالكيان الصهيوني تماماً.. ولهذا الجانب المهم ـ مع جوانب أخرى ـ الموضوعي ترجع هذه العلاقة الحميمية بين الأمريكان والصهاينة، والتحالف العضوي بينهما!! .

ولأن عقليات الأمم والشعوب وقيمها ومفاهيمها تتكون عادة من طبيعة تكوينها التاريخي، ومن خلال سيرورتها وصيرورتها التاريخية الخاصة، وما تلاقيه تلك السيرورة والصيرورة خلالها، من نجاح أو فشل ونفع أوضرر خلال مسيرتها التاريخية الطويلة!.
فتصبح عقليات الشعوب من خلالها، مبرمجة وفق نظرية كل ما هو ناجح ومفيد ونافع (قيم ومثل عليا) وخير مطلق لتلك الشعوب.. بينما يصبح كل ما يؤدي إلى الفشل والضرر والإيذاء (قيم دونية منحطة) وشر مطلق في نظرها، يجب تجنبه ومحاربته وتحريمه بشتى الطرق!.
بهذه الطريقة الباطنية اللاواعية واللاشعورية تكونت عقلياتها أمم وشعوب ومجتمعات مختلفة، وبنفس الطريقة تكونت قيمها ومفاهيمها عن الخير والشر والقبح والجمال، وكذلك تصوراتها وسلوكها العام مع نفسها ومع العالم الخارجي أيضاً!.
****
ولأن ولادة الولايات المتحدة كدولة وكمجتمع لم تكن خارج إطار هذه القوانين التاريخية، ولأن تلك الولادة جاءت بفعل القوة والقهر واغتصاب أرض الغير وإبادة جماعية لأصحابها الأصليين، فأن قيم القوة والعنف والمنفعة، أصبحت هي [القيم والمثل العليا] و (الخير المطلق) بالنسبة للأمريكيين، وعكسها هو (الشر المطلق) كما يعتقدون!.

وقد طبعت هذه القيم العنيفة حياة الأمريكيين وسلوكهم العام بطابعها، وتعاملوا بها ومن خلالها مع أنفسهم ومع العالم الخارجي أيضاً!.
فَعَمَت ـ نتيجة لها ـ مظاهر العنف والقوة علاقات وسلوك أفراد المجتمع الأمريكي داخلياً ـ حمل السلاح واستخدامه داخل المدارس والجامعات مثلاً ـ وصبغ بصبغته إنتاج الأمريكيين الفكري والثقافي والأدبي والمسرحي والسينمائي وكل الفنون التشكيلية الأخرى، وكذلك إنتاجه الصناعي والعلمي، والعسكري منه بصورة خاصة!.
وقد تمظهرت هذه القيم الأمريكية العنيفة بأقصى صورها بشاعة، في إنتاج أنواع من الأسلحة الفتاكة التي يمكنها أن تبيد البشرية بكاملها عدة مرات .. في لحظات قليلة!.
ولهذا كان الأمريكيون هم أول وآخر من استخدم (السلاح النووي) في التاريخ البشري، كما أم هم أيضاً أول من استخدم جميع أنواع أسلحة الإبادة الجماعية والدمار الشامل المتنوعة!!

والأكثر بشاعة من كل هذا هو: أن هذا السلاح وصناعاته المدمرة [مجمع الصناعات العسكرية] أصبحت هي (القاطرة العملاقة) التي تقطر الاقتصاد الأمريكي بأكمله خلفها.. فبانتعاش أسلحة الموت والدمار هذه، ينتعش الاقتصاد الأمريكي ويزدهر.. وبانكماشه ينكمش اقتصادهم جميعه وينتكس بشدة!.
ولهذا أصبحت الحروب الأهلية والإقليمية، والمشاكل والاضطرابات الداخلية والدولية في بلدان العالم أجمع (وسيلة عملية) لإنعاش الاقتصاد الأمريكي وإدامة دوران عجلته الجبارة باستمرار.. وأصبحت (المصلحة الوطنية الأمريكية العليا) تكمن في إدامة الحروب والاضطرابات والمشاكل الإقليمية والعالمية الداخلية للبلدان المختلفة!.
ولهذا أيضاً أصبحت صناعة الحروب والمشاكل والاضطرابات وتعميمها في العالم ـ لأنها تمكنهم من تصريف أسلحتهم ـ مسألة وطنية حيوية، ومصيرية بالنسبة للولايات المتحدة!.
فتم لهذا الغرض إنشاء معاهد دراسات ومؤسسات كبرى، تأتي على رأسها جميعاً الــ C.I.A ومكتب التحقيقات الفدرالي FBI وفروعهما المتخصصة في صناعة الحروب والاضطرابات والمنازعات في العالم! .
لقد صنّع الأمريكيون أكثر أسلحة الدمار الشامل فتكاً بالحياة الإنسانية، وبالكائنات الحية والحيوية على كوكب الأرض، وتسلحوا بها وبالقيم الأمريكية العنيفة، وسلكوا بهما معاً جميع الطرق الممكنة ـ بما فيها حروب الإبادة الجماعية لشعوب كثيرة ـ لتحقيق حلمهم الكبير بالسيطرة على العالم!.
لكنهم، ورغم قيمهم العنيفة وآلتهم العسكرية الجبارة ـ وهنا المفارقة ـ لم ينتصروا في أية حرب خاضوها، وانهزموا في جميع مواقع حروبهم تقريباً!.
انهزموا في فيتنام وانهزموا في الصومال وانهزموا في أفغانستان، والأهم انهزموا في العراق، ولم ينتصروا حتى في الحرب العالمية الثانية، ولعجزهم أثنائها عن دحر اليابان عسكرياً، دحروها بعد استخدامهم لأسلحتهم وقنابلهم الذرية بدون تردد.. وهي في كل الاعتبارات أفظع وسائل الإبادة الجماعية!.
وبسبب هزائمهم العسكرية المتكررة هذه في كل مكان، تشكلت عند الأمريكان عقد مستعصية اتجاه الحروب، ملأت وجدان الشعب الأمريكي والجيش الأمريكي وزعزعت ثقتهم بأنفسهم تماماً!.
فهم كلما تعافوا من هزيمة ودخلوا حرباً جديدةً، انهزموا من جديد أيضاً، وكانت آخر هزائمهم الشنيعة في العراق .. فتراكمت هزائمهم هذه فوق بعضها، وضخمت من حجم تلك العقد المستعصية في لاوعيهم!.
****
وهذه العقد المستعصية هي التي أجبرت الإدارات الأمريكية المتعاقبة، على مراعاتها في سياساتها وخياراتها الخارجية وحتى الداخلية، واضطرتها في نهاية الأمر إلى استبعاد خيار الحرب ـ ما أمكن ـ واعتماد خيارات أخرى غيرها، كانت في أغلبيتها خيارات تآمرية واستخبارية، وسرية بالدرجة الأولى:
كالحروب النفسية والاغتيالات السياسية والحرب بالإنابة وطرق المخابرات السرية "والعمليات القذرة " ، واستدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وتكنولوجيا التأثير عن بعد والعلوم الإنسانية ذات الطبيعة التخريبية للمجتمعات الأخرى، من خلال تخريب وتشويه قيمها ومثلها القومية العليا وقيمها الدينية الراسخة.. كما حصل للدين الإسلامي مثلاً!.
ومنها استخدام جميع العلوم الأخرى التي اكتشفها العقل البشري، للتأثير في تركيبة الإنسان الفرد والإنسان المجتمع والإنسان المواطن في وطنه، ومحاولة تعويضها بما يشبه (مواطنة عالمية) وفق القيم والقيادة الأمريكية، لتحل محلها!.
ثم اعتمادهم مؤخراً لما يسمونه بـ (التحالفات الدولية) لتحقيق أهدافهم الحقيقية، كالحلف الحالي ضد داعش مثلاً و (قمم الرياض الثلاثة) ضد النهج التحرري في المنطقة، كي يضيفوا بواسطتها الشرعية على حروبهم وأهدافهم الحقيقية.. ولكي لا تبدو حروبهم حروب أمريكية صرفة، لتحقيق مصالح أمريكية فقط!

وقد أثبتت كل هذه الوسائل نجاعتها بالتجربة، وفائدتها أكثر من جميع الحروب العسكرية المباشرة التي خاضها الأمريكيون، على طول تاريخهم.. ولهذا أصبحوا (الآن) لا يلجأون إلى الحرب المباشرة إلا اضطراراً .. وفي حالتين فقط :
• الأولى :عندما تعجز كل تلك وسائلهم السرية عن تحقيق الهدف المنشود، فتعتمد في هذه الحالة الحرب المباشرة كوسيلة افتتاح (مؤقتة) لذلك الهدف .. ثم العودة بأسرع ما يمكن إلى تلك الوسائل السرية !!
• الثانية : عندما يكون هناك مشروع كبير كـ ((مشروع الشرق الأوسط الجديد)) أو الكبير أو الموسع مثلاً: فهذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا بحدث صاعق يفجر المنطقة بكاملها ويفكك أوصالها: سياسياً واجتماعياً وحتى جغرافياً.. ويفجر داخلها جميع التناقضات الاجتماعية والسياسية والدينية والمذهبية والعرقية............الخ
لأن في هذه الحالة فقط، يمكن للأمريكان إعادة تشكيل هذه المنطقة من جديد، وعلى أسس تناسب المشاريع والمصالح الأمريكية، وتقربها خطوة أخرى من تحقيق "الحلم الأمريكي" المنشود!.
فتكون الحرب المباشرة في هذه الحالة هي ذلك (الصاعق والمفجر) للمنطقة، مع الاحتفاظ بدور الحرب الثانوي (كمتمم) ومساعد لتلك الوسائل السرية، وكرادع ناري لحمايتها!.
مثال ذلك الحرب التي شنت على العراق وأدت إلى احتلاله، ومن ثم تفجير جميع التناقضات داخلة.. وتصدير هذه التناقضات منه ـ فيما بعد ـ إلى عموم المنطقة العربية والعالم الإسلامي برمته!.
وهذا هو الذي نعيش تفاصيله المريرة اليوم في عموم منطقتنا العربية!.
****
لقد أطل هذا القرن الواحد والعشرون على العالم، والأمريكان متسلحون بكل تلك الأسلحة العسكرية المدمرة، وبأسلحتهم السرية الفتاكة والمجربة جيداً في دحر أعدائهم الكبار وخصومهم الصغار!.
بدءاً بإسقاط حركات التحرر الوطني وقادتها التاريخيون وإسقاط تجاربهم الوطنية الرائدة، في الاستقلال السياسي والاقتصادي والتطور الاجتماعي، وصولاً إلى المعسكر الاشتراكي وحلف وارسو، وانتهاءً بإسقاط الاتحاد السوفيت نفسه!.

فالسوفيت ومعسكرهم الاشتراكي وحلفهم العسكري (وارسو) لم تسقطهم حرب عسكرية أمريكية وغربية مباشرة، ولم تسقطهم أسلحتهم النووية أو تقليدية!.
إنما أسقطتهم تلك الأسلحة السرية الفتاكة، والمجربة جيداً قبلهم في إسقاط جميع النظم الوطنية، وإسقاط لجميع القيم والمفاهيم بما فيها القيم الدينية المقدسة، والتجارب الوطنية غير الرأسمالية!.
بدليل أن الأمريكيين أعادوا احتلال مشرقنا العربي باستخدامهم للإسلام السياسي والاسلامويين (الجهاديين) الجدد، أصحاب أو مدعي تلك القيم الدينية المقدسة، وبحجة مكافحة إرهابهم الدموي !!

فبهذه الطريقة وبهذه الوسائل السرية الناعمة ـ وليس بالحرب الخشنة ـ تمكن الأمريكيون من دحر أعدائهم جميعاً، وبها تمكنوا من احتواء القرن العشرين، ومهدوا الطريق ليكون هذا القرن الواحد والعشرين.. قرناً أمريكياً بكل تفاصيله، فيتحقق لهم ذلك الحلم الأمريكي الأثير .. الذي تحول إلى (كــابــــــوس) مرعب لشعوب الأرض جميعها!!

لكن ذلك الحلم الأمريكي أو الكابوس العالمي قد وقع ثقله المركزي على المنطقة العربية والأمة العربية بالخصوص، بأكثر مما وقع على أية منطقة أو أمة أخرى في العالم.. بما فيها جميع الأمم الإسلامية!!
[email protected]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) إبراهيم خليل المشهداني : كتيب صغير بعنوان " الإحداثيات الفكرية للمشروع الأمريكي "
(4) جريدة الأهرام : بتاريخ . 2003-8-30. وموجود فيها أيضاً الرابط الموجود عليه خطاب بوش أعلاه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل