الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حراك الريف بين السياسي و المثقف

حميد المصباحي

2017 / 6 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ginal
كل حراك هو بمثابة حركة اجتماعية،قد تبدا من هذه الجهة أو تلك،و يمكن أن
تكون المطالب اجتماعية أو حتى سياسية،ذات منحى إصلاحي،و هي تختلف
حاليا،عن الإنتفاضات التي عرفتها المدن المغربية،في الستينات و
الثمانينات و حتى التعسنيات،لسلميتها أولا،و عدم تزعم أي حزب سياسي لها
ميدانيا،_
بناء على ما سبق يمكن فهم علاقة المثقفين المغاربة بحراك الريف،بحيث
دائما هناك منخرطين فاعلين،و متجاهلين،و آخرين متحاملين،و هذا طبيعي في كل
الحركات الإجتماعية التي تعرفها المجتمعات البشرية،فلماذا نفترض غيابا
للمثقف؟
إننا نقصد عينة محددة من المثقفين،إما القدامى،أي الذين كانت لهم جولات
سياسية داخل الأحزاب الديمقراطية،أو المعروفين تاريخيا بمناصرتهم للقضايا
الإجتماعية،و كأننا نصفي حسابات نرجسية مع مثقفين معاصرين،و جدد،لنقول
لهم،أنتم لا تعنون شيئا مقارنة مع السابقين و القدامى،
لاختصار لا أرى غيابا للمثقفين،إنهم في صلب الحراك فكريا و ثقافيا،لكن
العيون تتجاهل أصواتهم و كتاباتهم و حتى إبداعاتهم،بسبب الحنين للأصوات
السابقة، سواء كانت حزبية سياسية،أو معتزلة للسياسة و متهربة منها،في
انتظار مبادرة من السلطة و ربما من المجتمع و حراكاته.
لكن ينبغي تحديد الموقف من هذا الحراك،وفق المعطيات السابقة_
1_حراك الريف
يبدو لي حراكا اجتماعيا،معبرا عن درجة القهر التي يعيشها الإنسان
المغربي،و دشنتها الحكومة الدينية السابقة،بإجراءات التفقير و
التهميش،فأغلقت كل نوافذ الأمل التي منها كان يطل المغاربة على العالم و
على حياتهم،و بذلك فهذه الحركية ليست جهوية خاصة،و إن كانت المبادرة من
الريف،بفعل حدث الشهيد فكري الذي سحقته شاحنة الأزبال،و ما مثله الحدث من
احتقار للحياة الإنسانية،و تجاهل لمصير البسطاء،و بذلك فإن هذه الحركية
لا تعني الريف وحده،بل تعني كل المغاربة الذين يعانون من القهر و
التهميش،و إن وجدت مناطق أخرى في المغرب ،كما يزعم أكثر تهميشا،فليس
صمتها مبررا لتصمت كل المناطق،و هذا منطق التفاعل الإيجابي مع كل خطوة
احتجاجية ،غايتها فضح الفساد ،و كل تلاعب بالثروات الوطنية،و أهمها
الثروة البشرية،التي ينبغي تأهيلها لتحتل مكانتها و احترامها،بتعليم
ناجح،و مستشفيات حقيقية لمعالجة الإنسان المغربي،و التخفيف عليه من
معاناة التنقل من مدينة لأخرى تبعد بمئات الكلمترات.

2_سياسية الحراك

يدافع الكثير من الساسة و المثقفون عن اجتماعية الحراك،بحيث يعتقدون أن
ذلك سوف يكسبه البراءة من السياسة،التي صورها البعض كأنها مرادف
للإنفصال،و هنا لا بد من التوقف عن مثل هذه الأساليب التخويفية،التي
تذكرنا بقضية الصحراء،التي استغلت كمصدر لتهمة ادعاء لا مغربية الصحراء،و
لعبت بها الدولة المغربية من أجل الزج بالمناضلين في غياهب السجون و
المنافي،و لا ينبغي لهذه الأسطورة أن تتكرر بسذاجة،لن تقنع إلا السذج و
لن تصمد طويلا،و بذلك فإن للحراك وجها سياسيا،يمكن اختصاره،في ضرورة
التصدي للمفسدين بالتحديد،و ليس شعارات محاربة الفساد و كأنه شبح،بل
ينبغي أن يحدد القضاء المتلاعبين بالمال العام و الثروة الوطنية،و يتحرك
كلما وجدت الأدلة الفاضحة للتلاعبات،مما يعني ضرورة و إلحاحية
الديمقراطية،المؤسسة على المحاسبة،و عدم اختزالها في إجراءات
تقنية،كالصناديق و التصويت،إن الديمقراطية التي لا تصل إلى محاكمة
الحاكمين عندما يتجاوزون حدودهم الدستورية،ليست إلا ديمقراطية الواجهة،من
هنا يصير الحراك سياسيا و يمتد وطنيا،لتجذير الممارسة الديمقراطية،التي
بمقتضاها يراقب المجتمع ماليته،و لا ينتظر حتى حين الإنتخابات ليحاسب
الفاسدين،إن الديمقراطية رقابة حية،و فاعلة،و ما دامت الدولة اختارت
التجربة الديمقراطية،فعليها القبول بها كمحاسبة و مراقبة،وعقاب لمن يمسون
بحياة المواطنين و قوتهم و ثرواتهم.

3_السياسي و الثقافي في الحراك

السياسي من منطلق الحزبية،غائب،و حضوره فيما بعد،لن يتخذ إلا وجهين،الأول
احتواء الحراك،و حصره فيما هو اجتماعي،تجنبا لإغضاب الدولة و أجهزة الأمن
بالضرورة،و ربح الإقتراب من الوزارة القوية،و ما يمثله ذلك من فوز في نظر
الأحزاب الراغبة في احتواء الحراك،لتبدو قادرة على توجيه الشارع حيث
تشاء،أما الخيار الثاني،فغايته استغلال الحراك لصالحه،كقوى لازالت لم
تقتنع بعد بأهمية المشاركة السياسية،رغم قبول بعضها بقواعد اللعبة
الإنتخابية،و مشاركتها فيها،من هنا يدرك المثقف هذه الحقيقة،فيسعى
للتموقع من خلالها،بدون أن يكون له صوت خاص و مميز،فحتى خطاب
الحراك،لازال يعاني من تموجات غير ثابتة،مما يفرض نزول المثقف للميدان،و
خلق خطاب،يدرك حرج اللحظة و ينبه الدولة إلى ذلك،فارضا عليها ضرورة
الإنصات لهمس العقل،الذي يفرض ،الحسم مع التجارب السابقة للدولة في
التعامل مع الإصلاحات السياسية،و كأنها مجرد مطالب تدبج دستوريا لتنسى،بل
ينبغي السهر على التنفيذ و المحاسبة على عدم التنفيذ،بغية القضاء على كل
أشكال الزبونينة و الولائية التي تستغل للتهرب من القوانين و التحايل
عليها.

حميد المصباحي_كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال


.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري




.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا