الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


104 الفرائض والعبادات والشعائر في الإسلام 2/3

ضياء الشكرجي

2017 / 6 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


104 الفرائض والعبادات والشعائر في الإسلام 2/3
ضياء الشكرجي
[email protected]o
www.nasmaa.org

هذه هي الحلقة الرابعة بعد المئة من مختارات من مقالات كتبي في نقد الدين، حيث سنكون مع مقالات مختارة من الكتاب الرابع «الدين أمام إشكالات العقل» وهذه الثانية من ثلاث حلقات حول الحكمة والجدوى من العبادات والشعائر الدينية وبعض الواجبات والمحرمات في الإسلام.

فريضة الصيام
كما للصلاة فللصيام فلسفة، لو أدركها الصائمون لكان ربما للصيام أثره العظيم في النفس البشرية وفي السلوك الإنسانيين، لكن كما هو الحال مع الصلاة، فإن هناك مبالغة شديدة في عدد أيام الصوم، وفي طول مدة الصيام، وفي ممنوعات الصيام. فعشرة أيام من الصوم في السنة، كانت ربما ستؤدي دورها، أكثر من الثلاثين يوما، ولو حدد الصوم بمقطع من الزمن، بما يعرف اليوم بعدد من الساعات، بقطع النظر عن حركة الشمس نسبة إلى الأرض، بحسب ما كان يتصور المسلمون، بينما الأرض هي التي تدور حولها وليس العكس؛ المهم أقول لو تحدد ذلك بفترة من الزمن، لما حصل كل هذا التفاوت، فيكون الصيام اليوم في بعض بلدان العالم وفي بعض فصول السنة يتعدى العشرين أو الاثنتين والعشرين ساعة، ويقل إلى ما دون الأربع ساعات أو الساعتين في فصل آخر، أو ما يبلغ أكثر أو أقل مما ذكر، وهكذا لو اكتفي بالنهي عن الطعام والممارسة الجنسية، دون الماء والدواء، لكان أكثر معقولية وأقل ضررا، ولكان من الممكن أن ينهى عن الممارسة الجنسية طوال أيام وليالي الصيام، كما فهم منه المسلمون في بداية تشريع الصلاة، لو اقتُصِر على عشرة أيام، وربما دون أن يُعَدّ آثما من لم يطق الامتناع عن ذلك لكل الأيام العشرة.
ولكن لنتناول فلسفة الصيام، أو فوائده المعنوية أو الروحية من جهة، والاجتماعية أو الإنسانية من جهة ثانية، والصحية من جهة ثالثة، لنرى مدى تحقق الفوائد المبتغاة في الواقع، وليس في الافتراض النظري. سنجد بوضوح عدم تحقق المراد من الصيام. فيقال مثلا أو يفترض أن الصيام يبعث في الصائم الإحساس بجوع الجائعين، مما يحثه على الإنفاق على الفقراء وإطعام الجياع، بينما في الواقع، ولو قمنا بعملية مسح لحالات الصائمين وغير الصائمين فيما له علاقة بهذا الموضوع، لما وجدنا أن أكثر الصائمين يستشعرون التعاطف الإنساني مع الجياع والمحرومين والفقراء، وبعكسه أن أكثر غير الصائمين فاقدون لهذا الإحساس الإنساني، بل إن التفاوت في درجة إحساس الإنسان بمعاناة أخيه الإنسان، إنما هو تفاوت لا يتوقف على الصيام أو عدم الصيام، ولا على التدين أو عدم التدين؛ إذن هذا افتراض نظري محض، والله العليم الحكيم لا يمكن أن يحتمل أثرا إيجابيا لعبادة يفرضها على الناس، ثم لا تتحقق توقعاته. ومثل هذا يقال عن كل فوائد الصيام المفترضة أو المدَّعاة. يقال فيما يقال إن الصوم يذكّر الصائم بجوع وعطش يوم القيامة، مما يجعله أكثر تقوى واستقامة ومروءة، تحقيقا للآية القرآنية «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ على الَّذين مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ»، أو فيما يتعلق بالغاية من عموم العبادة «يا أَيُّهَا النّاسُ اعبُدوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم وَالَّذين مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ». الواقع ينبئنا أن المصلين والصائمين ليسوا أتقى من غير المصلين والصائمين، إذا كانت التقوى تعني الاستقامة الإنسانية، وليس مجرد العبادة الخالية من الروح، أو التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر، والظلم، والعدوان، والتجاوز على حقوق وكرامات الآخرين، وغيرها من تجسيد المثل الإنسانية، وإلا فلا خير في تقوى تنهى عن الخمر ولحم الخنزير والزنى، ولا تنهى عن الظلم والجور والعدوان وسوء الخلق، فتجري السرقة بغطاء شرعي، والكذب بغطاء شرعي، والتزوير والغش بغطاء شرعي.
ثم يقال فيما يقال، وهذا خاص بالوسط الشيعي، أن الصيام يذكّر الصائم بعطش الحسين وأصحابه وأهل بيته يوم العاشر من محرم في واقعة الطف، فإذا كان تذكّر عطش الحسين من أجل تعميق الحزن على الحسين، ليشفع لمحبيه والمقيمين العزاء عليه والذارفين الدمع على مصابه، دون أن يستوحوا أي شيء من كل ذلك ما يقوّم ويهذّب إنسانيتهم، بل من أجل أن يرتكبوا المعاصي، فيشفع لهم الحسين، وتشفع لهم أمه فاطمة، فلا خير في تذكر ذلك اليوم وحوادثه التراجيدية، ولا فائدة حقيقية منه.
ويُدّعى أن الصيام هو تمرين على الصبر، ولكن لا يمكن لأحد أن يدّعي، فيما هو الواقع، أن أكثر الصائمين هم الأكثر صبرا وتحملا وصمودا من أكثر غير الصائمين. فالصبر إما مَلَكَة عند البعض، وإما قيمة أخلاقية يحاول البعض أن يُنمّيها ويزداد تحليّا بها، وإلا فلا علاقة للصبر البتة بمن يصوم ومن لا يصوم، إلا ربما عند نفر قليل، وبنسبة ضئيلة، كعامل من العوامل، بشرط أن يكون لهم الاستعداد على الاستزادة من ملكة الصبر، والإرادة على تحقيق ذلك.
أما الفوائد الصحية المدعاة، فالواقع والطب يقولان عكس ذلك تماما. فمن حيث الواقع فإننا إذا قلنا أن الفائدة الصحية متحققة بتقليل كميات الطعام في شهر الصيام، فواقع المسلمين ينبئنا أن 90% من الصائمين إنما يأكلون في شهر رمضان ضعفين، أو ثلاثة أضعاف، أو ربما أكثر، مما يأكلونه عادة في أيامهم الأخرى، إذن الصيام عند الكثيرين هو شهر الشراهة في الطعام، وليس شهر الصوم الحقيقي. هنا سيقال إن العيب ليس في فريضة الصيام، بل في الصائمين، فجوابه إن الله يتعالى عن أن يُشرّع فريضة يتوقع منها فوائد للملتزمين بها، ثم يتبين له عدم تحقق توقعاته، كما ذكرنا عن آثار وفوائد الصلاة. بل إن الأضرار الصحية ثابتة عند الأطباء، فالوجبات المتباعدة مضرة للكثير من الحالات، ثم إن الأضرار المترتبة على الامتناع عن الماء لساعات طويلة معروفة هي الأخرى، وأصبحت من البديهيات الصحية. كل هذا ناهيك عن صوم الطفلة الصغيرة التي تبلغ سن التكليف عند معظم فقهاء الشيعة، وهي في الثامنة من عمرها، أو في التاسعة حسب السنين القمرية التي تبلغ بالضبط (ثماني سنوات شمسية، وثمانية أشهر، وثلاثة أسابيع)، فأي مشقة، وأي ضرر صحي يترتب على هذه الطفلة التي لم تبلغ بعد التسع سنوات، إلم يكن على أكثر الصائمين؟ ثم هناك ضرر اقتصادي واجتماعي، من خلال انخفاض طاقة ونشاط معظم الصائمين إلى ما بين 80% في أحسن الأحوال إلى 20% في أسوأ الأحوال، و50% في أكثر ومتوسط الحالات، من طاقتهم في غير أيام الصيام. فلو جرت دراسة اقتصادية على ضوء إحصاءات واستبيانات دقيقة، لظهرت ربما أرقام مرعبة في الأضرار الاقتصادية المترتبة على البلدان ذات الأكثرية المسلمة، والتي ترتفع بكل تأكيد بنسبة ارتفاع نسبة المتدينين في كل بلد، ونسبة الملتزمين بفريضة الصيام منهم، وبحسب شدة الحرارة التي تتجاوز الخمسين درجة مئوية في بعض البلدان، إذا وقع شهر رمضان في الصيف.

فريضة الحج
في الحج - من غير شك - الكثير من المعاني الروحانية الجميلة والمؤثرة، لكن التي لا تدركها إلا نسبة ضئيلة جدا جدا من مؤدي فريضة الحج. لكن في الحج أيضا الكثير من الطقوس التي تقترب من الممارسات الوثنية، ناهيك عن المخاطر الجمة التي تودي أحيانا بحياة الحجاج، أو تؤدي إلى إصابتهم بعاهات، كفقدان البصر من خلال حصية طائشة أثناء رمي الجمرات، هذا ناهيك عن هدر الأموال الطائلة التي يمكن أن تقام بها مشاريع إنسانية هائلة، تنفع البشرية أضعاف ما ينتفع منه المسلمون روحيا من الحج، ومعظمهم لا يؤثر الحج فيه وفي تغيير وتهذيب شخصيته إيجابيا، نحو مزيد من الروحانية، ومزيد من الاستقامة، ومزيد من الإنسانية، إلا النادر جدا جدا من الحالات، في تلك القلة ذات الاستعداد للتزود من الحج ومعانيه وفلسفته.

فريضة الزكاة
بالرغم من تكرار مفردة «الزكاة»، حيث تكاد تكون مقترنة دائما بالصلاة بعبارة «الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ»، فهي تمثل نسبة ضئيلة جدا (2.5%) من أموال محدودة جدا، ألا هي الذهب والفضة والحبوب والأنعام، ولذا لا أفهم كل هذا التأكيد عليها، وكل هذا التكرار لها في القرآن. واليوم نحن في عصر، تنظم الدولة الضرائب والرسوم، من أجل تحقيق ما يمكن تحقيقه من العدالة الاجتماعية، وتوفير ما يجب توفيره من الخدمات، بشكل هو أفضل وأدق بكثير مما تؤديه الزكاة من دور في هذا المجال. أما الإنفاق الطوعي، والقيام بمشاريع خيرية وإنسانية، فيبقى لذلك قيمته الكبيرة الإنسانية والأخلاقية، والذي يمتدح فاعله، ويثاب عليه من الله، سواء كان مؤمنا، أو لم يكن. والذين ينفقون أموالهم في المشاريع الإنسانية من المتدينين، هم قلة ضئيلة، فمعظم أثرياء المتدينين ينفقونها في بناء المزيد من المساجد والحسينيات، وتمويل الشعائر الدينية، خاصة عند الشيعة، بل وفي قضايا ما يسمى بالجهاد، وبالتالي قضايا الإرهاب عند متطرفي السنة. وبكل تأكيد إن عدد المتبرعين للقضايا الإنسانية في العالم من غير المسلمين يفوق عددهم من المسلمين بما لا تصح المقارنة بينهما.

فريضة الخمس
قلنا إن الزكاة التي تمثل نسبة ضئيلة لا تتجاوز الـ2,5% تكرر ذكرها والتأكيد عليها كثيرا في القرآن، بينما الخمس، الذي يمثل ضريبة الـ20% من فائض المؤونة كما هو في الفقه الشيعي، لم يذكر إلا مرة واحدة، ذلك في الآية 41 من سورة الأنفال، ونص ذلك: «وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِّن شَيءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ». وفي الواقع لا ينبغي استكثار الـ20%، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أنها لا تستقطع من صافي الربح، بل من فائض المؤونة، أي فائض حاجة الإنسان لنفقاته خلال سنته المالية، سواء الضرورية أو غير الضرورية، وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار البعد الإنساني، إذا ما سُخِّر الخمس لسد حاجة الفقراء، وتوفير الخدمات للمجتمع، سواء الصحية أو التعليمية أو غيرها. وكذلك لن نجد الـ20% مبالغا بها، إذا ما استحضرنا أنها من حق مَن رزقنا الـ100%، ثم خوّلنا بالتصرف بـ80% منها لأنفسنا، وطلب منا أن ننفق الـ20% من فائض حاجاتنا فقط، ليس له، بل لخير إخواننا في الإنسانية، ورفاههم وسد حاجاتهم، طبعا في حال كان هذا فعلا حكم الله. لكن تُسجَّل مجموعة إشكالات على هذه الفريضة، أوردها باختصار كالآتي:
1. ليس من دليل على وجوبها، لكون الآية التي جاء ذكر الخمس فيها، جاءت في سياق آيات من 38 إلى 44، وما قبلها وبعدها، مما يؤكد أن الخمس قد فرض على غنائم الحرب فقط، إذ نقرأ: «قُل لِلَّذينَ كَفَروا إِن يَّنتَهوا يُغَفَر لَهُم مّا قَد سَلَفَ، وَإِن يَّعودوا فَقَد مَضَت سُنَّةُ الأَوَّلينِ، وَقاتِلوهُم حَتّى لا تَكونَ فِتنَةٌ وَّيَكونَ الدّينُ كُلُّهُ للهِ، فَإِنِ انتَهَوا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعمَلونَ بَصيرٌ، وَإِن تَوَلَّوا فَاعلَموا أَنَّ اللهَ مَولاكُم، نِعمَ المَولى وَنِعمَ النَّصيرُ، وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِّن شَيءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ، إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَوم التَقَى الجمعانِ، وَاللهُ على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، إِذ أَنتُم بِالعُدوَةِ الدُّنيا وَهُم بِالعُدوَةِ القُصوى وَالرَّكبُ أَسفَلَ مِنكُم، وَلَو تَواعَدتُّم لَاختَلَفتُم فِي الميعادِ، وَلـاـكِن لِّيَقضِيَ اللهُ أَمرًا كانَ مَفعولًا، لِّيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَّيَحيى مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ، وَّإِنَّ اللهَ لَسَميعٌ عَليمٌ، إِذ يُريكَهُمُ اللهُ في مَنامِكَ قَليلًا وَّلَو أَراكَهُم كَثيرًا لَّفَشِلتُم وَلَتَنازَعتُم فِي الأَمرِ، وَلـاـكِنَّ اللهَ سَلَّمَ، إِنَّهُ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدورِ، وَإِذ يُريكُموهُم إِذِ التَقَيتُم في أَعيُنِكُم قَليلًا وَّيُقَلِّلُكُم في أَعيُنِهِم لِيَقضِيَ اللهُ أَمرًا كانَ مَفعولًا، وَّإِلَى اللهِ تُرجَعُ الأمورُ». بهذا نرى أن أجواء هذه الآيات تدل على أنها آيات قتال، وما كان يغنمه المسلمون في غزواتهم وفتوحاتهم ضد غير المسلمين، سواء بحرب عدوانية أو حرب دفاعية، ولا علاقة فيها بما يحصل الإنسان عليه من أرباح عبر التجارة، أو الزراعة، أو الصناعة، أو غيرها.
2. الخمس يدفع غالبا إلى المرجع أو وكلاء المرجع من مُعمَّمين، وغالبا ما تذهب هذه الأموال فيما لا ينفع المجتمع، بل ويستخدمها كثير من المعممين لأغراضهم الشخصية، علاوة على أن المراجع غالبا ما يتركون الملايين من هذه الأموال الشرعية بعد موتهم تحت تصرف أبنائهم وأصهارهم، الذين لا ضمانة لتقواهم ولأمانتهم.
3. الخمس عند الشيعة لا يصرف إلا على الشيعة، فمن شروط الاستحقاق أن يكون الفقير المستلم من حق الإمام من الخمس من المؤمنين، ما يعني بالمصطلح الفقهي الشيعة، (المؤمنين) بولاية أمير المؤمنين علي وإمامة الأئمة (المعصومين)، كون المسلم غير الشيعي، لا يُسمّى بلغة الفقه الشيعي بالمؤمن، بل بالمسلم المخالف، ناهيك عن حرمة صرف الأموال الشرعية، سواء عند الشيعة أو عند السنة، على قضايا إنسانية يستفيد منها غير المسلمين، مهما بلغت حاجتهم من مبلغ يوجب مدّ يد العون لهم، لأنهم من «الَّذينَ كَفَروا»، فيكفي المسلمين فضلا على الكافرين بالإسلام أن منهم من جّمد فريضة مقاتلتهم حتى يُسلِموا، وجاءت داعش لتفعّل فقه محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية، أو لعله شريعة المرحلة المدنية لمحمد بن عبد الله، وتحيي فريضة الجهاد ضد «الَّذينَ كَفَروا» أي غير المسلمين.
4. الخمس مبني على التمييز حسب النسب، والفوارق الطبقية، لأنه يقسم هذه الأموال إلى قسمين، الأول يسمى بحق الإمام، أي الإمام المهدي الغائب المنتظر، ويصرف بدرجة أساسية على طلبة العلوم الدينية من غير السادة، أي غير المنحدرين نسبا من علي وفاطمة، ونادرا ما صرفت هذه الأموال على قضايا تخدم المجتمع، كالمستشفيات ودور الأيتام وإعالة الأرامل (محمد حسين فضل الله مثل استثناءً في هذا المجال). أما القسم الثاني ويسمى حق السادة، فهو خاص بالمنحدرين في نسبهم من علي بن أبي طالب وفاطمة بنت محمد، وهذا ما يؤسس لطبقية تنقض مبدأ المساواة الذي ينص عليه القرآن بقول «إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقاكُم»، وما ينص عليه الحديث النبوي «لا فرق بين عربي وأعجمي، ولا بين أبيض وأسود إلا بالتقوى». لكن الفقه الشيعي يحرّم الصدقة على السادة، لأنها مساس بكرامتهم، كونهم أبناء رسول الله، ويوجب عليهم نصف الخمس، وكأن المساس بكرامة غيرهم لا يمثل مشكلة.
5. إن تثبيت نسبة ثابتة كضريبة دينية، بقطع النظر عن دخل الشخص، كما هو معروف في القوانين الضرائبية المعاصرة، لا يحقق العدالة، وكذلك عندما يكون ذلك بغض النظر عن حاجات المجتمع الأساسية، والمستوى المعاشي فيه، ونسبة الفقر، ومن غير دراسة اقتصادية من مختصين، وبإعادة الدراسة بين الحين والآخر وتطويرها وسد الثغرات فيها، ومعالجة المستجدات، وبحسب البرامج الاقتصادية التنموية التي تقدمها الأحزاب السياسية المتنافسة، في ظل نظام ديمقراطي تعددي تداولي، لتحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي.
6. كثير من فقهاء الشيعة لا يصلون في ما يسمى بالبحث الخارج إلى دليل كاف بوجوب الخمس، ولكنهم يخالفون ما توصلوا إليه في البحث الخارج، ويفتون بوجوب الخمس، لأن بقاء المذهب وقوته متوقفان حسب تقدير المؤسسة الدينية الشيعية بشكل أساسي على جباية الخمس، وإقامة شعائر العزاء الحسيني، وحفظ القداسة للمرجعية الدينية، لاسيما في النجف العراقية، وقم الإيرانية، المتنافستين، لكن المحتكرتين لموقع المرجعية العليا، مما شكل لديهم مشكلة في الاعتراف بمراجع ظهروا في بيروت. وسمعت إن بعض الفقهاء الشيعة، في دروس ما يسمى بالبحث الخارج، يصلون إلى عدم وجود الدليل على وجوب الخمس، ومع هذا يفتون في رسائلهم العملية، التي تشتمل على فتاواهم لمقلديهم، بوجوبه، وهكذا هو الأمر مع الكثير مما لا يجدون دليلا عليه، ومع هذا يفتون بوجوبه أو حرمته، كوجوب التقليد، وحرمة حلق اللحية، وما غيرهما.

وإلى الحلقة القادمة والأخيرة حول هذا الموضوع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استاذ الشكرجي
ايدن حسين ( 2017 / 6 / 17 - 08:16 )
الفرائض و الشعائر في الاسلام ليست الا لديمومة بقاء الاسلام .. بمعنى انها وضعت لخدمة الاسلام و ليس المسلمين
الصلاة عماد الدين .. من هدمها فقد هدم الدين .. كلام سليم مائة بالمائة .. لانه لو منعت الصلاة خمسين سنة مثلا .. لانقرضت الاسلام
الاسلام ليست الا الاذان و الصلوات و خصوصا صلاة الجماعة و صيام رمضان و حج البيت
اما الزكاة .. فلم تفرض الا لتقوية جيوش المسلمين و تسليحها .. فلم نر في حقبة من الحقب التي مرت منذ 1400 سنة .. ان الفقر تراجع في احدى السنوات عن طريق الزكاة
الشعائر و الفرائض ليست منطقية ابدا بدون اعتبارها سببا ليقاء و ديمومة الاسلام
فالانسان يمكن ان يحمد ربه و يسبح ربه و يحب ربه و يحلق في رحاب ربه بدون وضوء و لا صلاة و لا صيام و لا حج
احتكار معية الله في هذه الفرائض ظلم عظيم
و لدي الان سلسلة مقالات بعنوان مملكة الفاتحة و الصلوات
و هذا اولها و رابطها
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=561026
و تقبل احترامي
..


2 - عزيزي السيد آيدن حسين
ضياء الشكرجي ( 2017 / 6 / 17 - 13:55 )
لك تحياتي وشكري، ولا أختلف مع ما تفضلت به، وسأطلع ما كتبته بأقرب فرصة وبكل سرور، وأشد على يديك فيما تبذله من جهد.


3 - السلام عليكم
طلعت خيري ( 2017 / 6 / 17 - 15:06 )
تحيه طيبه ..

هذا قولك

مثلا أو يفترض أن الصيام يبعث في الصائم الإحساس بجوع الجائعين، مما يحثه على الإنفاق على الفقراء وإطعام الجياع، بينما في الواقع، ولو قمنا بعملية مسح لحالات الصائمين وغير الصائمين فيما له علاقة بهذا الموضوع، لما وجدنا أن أكثر الصائمين يستشعرون التعاطف الإنساني مع الجياع والمحرومين والفقراء، وبعكسه أن أكثر غير الصائمين فاقدون لهذا الإحساس الإنساني، أو

كلامك عاري عن الصحه لم يشرع الصيام للاحساس بالجياع . الصيام هو شهر واحد فقط.. ما حال الفقير في بقية الاشهر


4 - السيد طلعت اقرأ جيدا
ضياء الشكرجي ( 2017 / 6 / 17 - 19:30 )
السيد طلعت اقرأ جيدا
الأخ السيد طلعت خيري أرجوك أن تقرأ جيدا قبل أن تثير إشكالاتك، فالإشكال يجب أن يوجه إلى المفكرين والمفسرين والفقهاء والدعاة والخطباء المسلمين، فإنهم هم الذين يطرحون هذه الفوائد المدَّعاة من الصيام، من أجل يثبتوا حكمة التشريع (الإلهي؟) حسب اعتقادهم، بينما هو من تشريعات مؤلف القرآن، وهو أي المؤلف له في كل الأحوال ليس الله، تنزه عن ذلك، وبرؤ منه، وتعالى عليه علوا كبيرا. مع تحياتي


5 - السلام عليكم
طلعت خيري ( 2017 / 6 / 18 - 00:12 )
تحيه ..

هذا قولك

حسب اعتقادهم، بينما هو من تشريعات مؤلف القرآن، وهو أي المؤلف له في كل الأحوال ليس الله، تنزه عن ذلك، وبرؤ منه، وتعالى عليه علوا كبيرا. مع تحياتي

كف عن التدليس القران هوالله وليس ما تعتقد به انه يسوع المسيحيه نحن ليس ازدواجيون
نتعامل مع الهيين اله منزه بالاسم يلبي الرغبات الشخصيه واله محور الانتقاد كاله القران


6 - السلام عليكم
طلعت خيري ( 2017 / 6 / 18 - 00:12 )
تحيه ..

هذا قولك

حسب اعتقادهم، بينما هو من تشريعات مؤلف القرآن، وهو أي المؤلف له في كل الأحوال ليس الله، تنزه عن ذلك، وبرؤ منه، وتعالى عليه علوا كبيرا. مع تحياتي

كف عن التدليس القران هوالله وليس ما تعتقد به انه يسوع المسيحيه نحن ليس ازدواجيون
نتعامل مع الهيين اله منزه بالاسم يلبي الرغبات الشخصيه واله محور الانتقاد كاله القران


7 - لم يصوم الفقراء؟؟
ماجدة منصور ( 2017 / 6 / 18 - 10:12 )
لو كان هدف الصوم هو أن يحس الأغنياء بمعاناة الفقراء و حرمانهم فلم ًيصوم الفقراء من الأصل؟؟
تحت هذا البند فأنا أعفي فقراء العالم من الصوم و أُلزم الأغنياء فقط بالصيام0
ثم أني لم أجد أن الصيام يرتقي بأخلاق الإنسان بل وجدت العكس تماما...أذكر ،،حين كنت طفلة،، أنه كان لدينا جار يدعى مصطفى و كان يشتبك مع زوجته و يضربها طوال شهر رمضان حيث أن أخلاقه تنعدم في هذا الشهر كونه مدخن و يصبح شرسا حين يتوقف عن التدخين!!!0
ولاحظت شيئا آخر أيضا..إن العبادات ..لا تُقًوم أخلاق الإنسان بل العكس هو الصحيح فكثرة العبادة تجعل المرء غليظ الطبع فظ القلب0
الإنسان الأخلاقي لا يحتاج لنصوص إلهية كي لا يقتل أو يسرق أو يزني أو يكذب0
أعتقد بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يساوي في إنسانيته و سموه كل أديان الدنيا0
لو كان هناك جدوى فعلية من العبادة لأصبح المسلمون من أكثر شعوب العالم رقيا و سموا ورفعة شأن...لكن الواقع يُرينا عكس ذلك تماما
احترامي استاذ


8 - ثلاث ملاحظات للسيد طلعت
ضياء الشكرجي ( 2017 / 6 / 18 - 11:34 )
السيد طلعت خيري: أولا: دينك يحرم عليك أن تسلم عليّ بعبارة السلام عليكم، لأنها لا تجوز إلا للمؤمن بأن محمدا رسول الله. ثانيا: شكرا، لأنك كشفت عن حقيقتك، وحقدك على من يختلف معك في العقيدة، وعجزك عن محاورة الفكرة بالفكرة شأنك شأن معظم المتدينين. ثالثا: من أين جئت بتصورك عني أني مسيحي، واسمي الكامل لعلمك ضياء محمد تقي الشكرجي من أسرة مسلمة. لكنك لا تلام، فهكذا يربّى الإنسان المتدين، المعتقد بامتلاك بل باحتكار الحقيقة المطلقة، لسان حاله مع من يختلف معه «وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا». تحياتي.


9 - شكرا للتعليق الرائع للأخت ماجدة
ضياء الشكرجي ( 2017 / 6 / 18 - 11:48 )
عزيزتي الأخت الفاضلة السيدة ماجدة منصور، أكاد أتفق معكِ في كل ما قلتِه، بل كل ذلك متناثر في طيات كتاباتي، باستثناء نقطة واحدة، لعلكِ ستتفقين أيضا فيها مع ملاحظتي، وهو إني رغم كل موقفي الناقد وبشكل حادّ للدين، لا أعتمد تعميم وإطلاق الأحكام على المتدينين، فأعرف الكثير من المتدينين الطيبين والعقلاء، ولكن ما تفضلتِ به يمثل ظاهرة واسعة، ولعلها تنطبق على أكثر المتدينين. أنا أؤكد دائما بأني أفرق بين الإسلام والمسلمين، وأفرق بين إسلام وإسلام، وأفرق بين مسلمين ومسلمين، وهكذا بالنسبة للأديان الأخرى وأتباعها. ولا أتصوركِ عنيتِ التعميم، فمن خلال ما تسطرينه من كلام جميل ومنطقي ومن خلال طريقة تفكيركِ أراني أجزم أنكِ أيضا ضد التعميم والإطلاق. أعطر تحياتي وكبير احترامي


10 - السلام عليكم
طلعت خيري ( 2017 / 6 / 18 - 13:01 )
تحيه..

هذا قولك
وعجزك عن محاورة الفكرة بالفكرة شأنك شأن معظم المتدينين. ثالثا:

لا بل عجزك انت عندما اطلب امنك اثبات الحقيقه من القران .... ثم تلتف حول الموضع بتعليقات غير مبرره .. بالعراقي ..يعني يثرد بصف الصحن


11 - السيد طلعت خيري
ضياء الشكرجي ( 2017 / 6 / 18 - 15:30 )
أفحمتني


12 - معك حق
ماجدة منصور ( 2017 / 6 / 19 - 01:16 )
فعلا لا أقصد التعميم..ففي التعميم ظلم كامن
احترامي

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س