الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنازع في الاختصاص يكون بين محكمتين في نظر دعوى وليس في القرارات الصادر في الأوامر على العرائض(القضاء الولائي)

سالم روضان الموسوي

2017 / 6 / 17
دراسات وابحاث قانونية


التنازع في الاختصاص يكون بين محكمتين في نظر دعوى وليس في القرارات الصادر في الأوامر على العرائض(القضاء الولائي)
إن مفهوم التنازع في الاختصاص يقصد به وجود تنازع بين محكمتين إما سلبي أو ايجابي بمعنى إما أن ترفض إحدى المحاكم نظر الدعوى لأنها غير مختصة للنظر فيها ومن ثم تقرر إحالتها الى محكمة أخرى وهذه المحكمة المحال عليها أيضا ترفض الإحالة لأنها تعتقد بأنها غير مختصة وهذا هو التنازع السلبي أو يكون التنازع ايجابي بمعنى إن كل محكمة تتمسك باختصاصها في نظر الدعوى وعند ذاك يعرض النزاع على الهيئة الموسعة في محكمة التمييز الاتحادية لتحديد المحكمة المختصة في نظر الدعوى وعلى وفق حكم المادة (13/أولا/2) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل التي جاء فيها الآتي (النزاع الحاصل حول تعيين الاختصاص في نظر الدعوى الذي يقع بين محكمتين.) وهذا النص الذي منح محكمة التمييز تلك الصلاحية هو لقطع دابر التسويف او التأخير في حسم الدعوى مما يفوت الفرصة على أطرافها أو يؤدي إلى صدور حكمين متعارضين .
وللوقوف على ما جاء في ذلك النص حول الاختصاص وهل يتعلق بالدعاوى حصرا أم يمتد إلى الأوامر على العرائض لابد من تحليله وبيان الفرق بين الدعوى والأمر على العريضة بشكل مقتضب بمقدار حاجة البحث وسيكون العرض على وفق الآتي:
‌أ- الأساس القانوني لقرار المحكمة بعدم الاختصاص النوعي :إن المحكمة لها أن تقرر بعدم اختصاصها في نظر الدعوى من تلقاء نفسها إذا رأت إنها غير مختصة نوعياً وعلى وفق حكم المادة (78) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل التي جاء فيها الآتي (إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها القيمي او الوظيفي او النوعي او المكاني وجب عليها ان تحيل الدعوى الى المحكمة المختصة مع الاحتفاظ بما دفع من رسوم قضائية ، وتبلغ الطرفين أو الحاضر منهما بمراجعة المحكمة المحالة عليها الدعوى في موعد تعينه على ان لايتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ الإحالة ، فإذا لم يحضرا أو لم يحضر المبلغ أمام تلك المحكمة في الموعد المعين ، فتطبق أحكام المادة(54) من هذا القانون) وهذا النص القانوني هو مادة الإسناد التي تستند إليها المحكمة عند التصدي إلى الاختصاص النوعي والقرار الذي تتخذه يكون استنادا لتلك المادة وليس لسواها لعدم وجود نص قانوني آخر في قانون نافذ يسعف المحكمة.
‌ب- والخلاصة إن المادة (78) مرافعات هي مادة الإسناد الوحيدة لقرار المحكمة عندما تقرر بأنها غير مختصة ونوعيا أو وظيفيا في نظر الدعوى ومن تحليل هذه المادة نجد إن القرار الذي يتخذ بموجبها لابد وان يتوفر على شروط واجبة إن تخلف احدهم يوجب بطلان القرار وهذه الشروط كما وردت في المادة أعلاه وعلى وفق الآتي:
1. وجود قرار صادر من محكمة مختصة مشكلة تشكيلا صحيحا في دعوى تنظرها
2. ان يكون متعلقا باختصاص المحكمة النوعي او الوظيفي او المكاني
3. ان يقضي القرار بعدم الاختصاص ومن ثم الإحالة إلى محكمة أخرى (المحكمة المحال عليها)
4. وجود طرفين متخاصمين في الدعوى
5. أن يبلغ الطرفان بمراجعة المحكمة المحال عليها
6. أن يتم تحديد موعد للمرافعة لا يتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ القرار الصادر بالإحالة
7. إذا لم يحضر الطرفان إلى المحكمة المحال عليها في اليوم المعين تطبق عليها احكام المادة (54) مرافعات التي قضت بالاتي (- تترك الدعوى للمراجعة اذا اتفق الطرفان على ذلك . او اذا لم يحضرا رغم تبليغهما او رغم تبليغ المدعى . فاذا بقيت الدعوى كذلك عشرة أيام ولم يطلب المدعى او المدعى عليه السير فيها تعتبر عريضة الدعوى مبطلة بحكم القانون)
‌ج- هذه الشروط لابد من توفرها في قرار الإحالة وإلا عد باطلا إذا تخلف احد هذه الشروط او جميعها وعند إمعان النظر في هذه المادة التي تعد مادة الإسناد نجد إنها تتعلق بالقرار الصادر بالدعوى ولم تشير إلى أي قرار آخر لان المحكمة لها أن تصدر قرارات أخرى مثل الأوامر على العرائض المشار إليها في المادة (151) التي جاء فيها الآتي (لمن له حق في الاستحصال على امر من المحكمة للقيام بتصرف معين بموجب القانون ان يطلب من المحكمة المختصة إصدار هذا الأمر في حالة الاستعجال بعريضة يقدمها الى الحاكم المختص وتقدم هذه العريضة من نسختين مشتملة على وقائع الطلب واسانيده ويرفق بها ما يعززها من المستندات) وهو ما يسمى بالقضاء الولائي ( الأوامر على العرائض) وهذا النوع من الاختصاص يتمثل في الاوامر التي تتخذ بعيدا عن الدعوى وعلى وفق ما اشار اليه جميع شراح قانون المرافعات ومنهم المرحوم عبدالرحمن علام في كتابه الموسوم (شرح قانون المرافعات المدنية ـ توزيع المكتبة القانونية بغداد ـ ط عام 2008 ـ ج3ـ ص5) وعند العودة الى اصل الموضوع نرى إن المحكمة تقرر عدم اختصاصها النوعي او الوظيفي من تلقاء نفسها دون طلب الخصوم على وفق الصلاحية المقررة لها بحكم المادة (77) مرافعات التي جاء فيها الآتي (الدفع بعدم اختصاص المحكمة بسبب عدم ولايتها او بسبب نوع الدعوى او قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها . ويجوز ابداؤه في اية حالة تكون عليها الدعوى) وفي حال رفض المحكمة المحال عليها ان تقرر في محضر جلسة المرافعة في اليوم المعين لها بأنها أيضا غير مختصة وتعيد الدعوى إلى المحكمة المحيلة وعند ذاك لآي من المحكمتين أو أطراف الدعوى عرض الموضوع على الهيئة الموسعة في محكمة التمييز الاتحادية وعلى وفق حكم المادة (13/اولا/2) من قانون التنظيم القضائي
‌د- من خلال ما تقدم فان القرار الذي لم يصدر في دعوى منظورة لا يمكن للمحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها في نظره وتحيله إلى محكمة أخرى لان نصوص المواد سالفة الذكر أشارت بصراحة لا تقبل الاجتهاد فيها ولا التأويل ولا حتى القياس عليها حيث أشارت إلى إن الإحالة للاختصاص تكون حصراً في الدعوى والقرار يتخذ أثناء جلسة المرافعة أما أي قرار آخر تصدره المحكمة دون أن يكون بدعوى الطرفين وبدون محضر جلسة مرافعة فان المحكمة ليس لها أن تقرر الإحالة إطلاقا كذلك إذا لم يكن نزاع يتعلق بالاختصاص في دعوى لا يمكن لمحكمة التمييز الاتحادية أن تنظر فيه بحكم صلاحيتها الواردة في المادة (13/أولا/2) من قانون التنظيم القضائي لان ذلك النص قد ورد فيه صراحة إن الهيئة الموسعة تنظر في تحديد الاختصاص في النزاع الحاصل في تحديد المحكمة المختصة في نظر الدعوى ولم يرد فيه تحديد الاختصاص في الطلبات أو في أي إجراء لا يتعلق بدعوى وعلى وفق صراحة النص الآتي(النزاع الحاصل حول تعيين الاختصاص في نظر الدعوى الذي يقع بين محكمتين.) وبذلك فإذا ما طلبت إحدى المحاكم تحديد الاختصاص في نظر طلبات تقع ضمن مفهوم الأوامر على العرائض فان محكمة التمييز ليس لها النظر في ذلك الطلب لان الموضوع لا يتعلق بدعوى وهذا هو حكم النصوص القانونية النافذة وما استقر عليها قضاء محكمة التمييز الاتحادية في عشرات بل مئات القرارات لان نصوص القانون واضحة بان يكون التنازع في نظر الدعوى وليس سواها وما يعزز هذا الاتجاه ان محكمة التمييز الاتحادية كانت قد تمسكت بحرفية النص ولم تقبل النظر في طلب تحديد الاختصاص في دعوى منظورة على وفق قانون المرافعات المدنية وبين خصمين ومحل نزاع قائم إلا إنها رفضت ذلك لان النزاع كان بين محكمة البداءة وإحدى الهيئات القضائية في هيئة دعاوى الملكية لان محكمة التمييز اعتبرت هذه الهيئات لا تدخل ضمن منطوق المحكمة حتى وان كانت برئاسة قاضي وعلى وفق العديد من قراراتها بهذا الصدد منها القرار العدد 167/هيئة مدنية موسعة/2010 في 24/8/2010
‌ه- إذاً هذا الاتجاه القضائي لا يتغير لصراحة النصوص واستقرار التطبيقات القضائية لمحكمة التمييز الاتحادية على العمل به إلا إن محكمة التمييز كانت قد أصدرت قرار أخر حديث اتجهت فيه خلاف ما تقدم ذكره عندما نظرت في تنازع اختصاص حول قرار اتخذ على عريضة (قرار ولائي) وعلى وفق ما جاء في قرار محكمة التمييز الاتحادية العدد 185/هيئة موسعة مدنية/2017 في 16/5/2017 وملخص ذلك القرار الآتي ( إن امرأة أجنبية مسيحية طلبت من محكمة الأحوال الشخصية إصدار حجة إعلان وإشهار إسلامها إلا أن تلك المحكمة قررت إحالة الطلب إلى محكمة المواد الشخصية للنظر في الطلب حسب الاختصاص النوعي لان الاختصاص أصبح لمحكمة المواد الشخصية بعد صدور قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016 الذي حل محل قانون الأحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 الملغى لكن محكمة المواد الشخصية قررت رفض الإحالة وإعادة الطلب إلى محكمة الأحوال الشخصية ثم قررت تلك المحكمة عرض الموضوع على الهيئة الموسعة للنظر في الطلب وتحديد المحكمة المختصة في النظر فيه والهيئة الموسعة قبلت النظر في الطلب واعتبرت إنها مختصة بالنظر فيه وقررت اعتبار محكمة الأحوال الشخصية هي المختصة وليس محكمة المواد الشخصية وسببت قرارها ذلك بان القضاء استقر على أن تكون محكمة الأحوال الشخصية هي المختصة حتى لو نقل الاختصاص إلى محكمة المواد الشخصية بحكم قانون البطاقة الوطنية النافذ وقت تقديم طلب إشهار الإسلام وهذا هو ملخص قرار محكمة التمييز) ولتعميم الفائدة لابد من تحليل ذلك القرار وعلى وفق الآتي:
1. أصل الموضوع طلب إشهار إسلام قدم إلى محكمة الأحوال الشخصية وهذا الطلب يدخل ضمن مفهوم الأوامر على العرائض وليس بمعنى دعوى لان ليس فيه نزاع بين طرفين وإنما تقرير حالة وتثبتها أمام القضاء بان صاحبة الطلب أصبحت مسلمة بعدما كانت على ديانة أخرى وتصدر حجة بذلك تعتمد في دوائر الأحوال المدنية وهذا الطلب إذا ما وجدت محكمة الأحوال الشخصية إنها غير مختصة بالنظر فيه فإنها تقرر رفضه وتفهم صاحب الطلب بمراجعة المحكمة المختصة ويكون هذا القرار على وفق أحكام المادة (151) مرافعات التي حددت للمحكمة إما أن تقبل الطلب أو ترفضه ولم يرد فيه إن لها إحالة الطلب إلى محكمة أخرى وقرار الرفض يكون خاضعا للتظلم ومن ثم قرار التظلم يكون خاضعا للطعن فيه أمام محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية بعد صدور قانون تعديل قانون المرافعات المدنية رقم (10) لسنة 2017 وبذلك فان محكمة الأحوال الشخصية قد مضت على خلاف القانون عند إصدارها قرار بإحالة الطلب لان شروط الإحالة كما سبق ذكره لابد وان يكون في محضر جلسة مرافعة وان يحدد يوم للمرافعة خلال خمسة عشر يوم ولا يجوز النظر في الدعوى من قبل المحكمة المحال إليها إلا في اليوم المعين من المحكمة المحيلة أما في الطلب وفي قرار محكمة الأحوال الشخصية فإنها لم تحدد يوم للمرافعة ولم يكن في محضر جلسة مرافعة وليس في دعوى أصلاً.
2. إن المحكمة المحال إليها الطلب كان عليها أن تقرر رفض الطلب إذا ما رأت إنها غير مختصة في نظره وليس لها أن تعيد الطلب إلى المحكمة التي أحالته إليها وإنما تفهم صاحب الطلب بقرارها الذي يكون بمثابة أمر على عريضة (قرار ولائي) وليس قرار في دعوى لكنها خالفت حكم القانون من جهة الإجراءات وسايرت المحكمة المحيلة في تلك المخالفة مع إنها أصبحت هي المحكمة المختصة في نظر الطلب لان قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 النافذ قد حدد اختصاص محكمة المواد الشخصية حصرا بموجب المادة (26) وعلى وفق النص الآتي (يقع تبديل الدين المنصوص عليه في البند (أولاً) من هذه المادة وتبديل الاســم المجرد إذا اقترن ذلك بتبديل الدين في محكمة المواد الشخصية ولا يخضع فــي هــذه الحالة للنشر) وهذا النص حل محل النص القديم الذي كان يمنح محكمة الأحوال الشخصية ذلك الاختصاص والوارد في المادة (21) من قانون الأحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972الملغى بموجب المادة (45/أولا/آ) من قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016 التي جاء فيها الآتي (أولا – يلغى ما يأتي : أ- قانون الأحوال المدنية رقــــم (65) لسنة 1972) وقانون البطاقة الوطنية أعلاه قد نشر في جريدة الوقائع العراقية (الجريدة الرسمية) العدد 4396في 1/2/2016 وأصبح ذلك القانون نافذ بموجب بيان وزير الداخلية رقم 1 لسنة 2016 المنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد 4402 في 28/3/2016 بينما الطلب المقدم إلى محكمة الأحوال الشخصية كان بتاريخ 26/4/2017 أي في ظل نفاذ قانون البطاقة الوطنية
3. محكمة الأحوال الشخصية بعد ورود الطلب إليها مشفوعا بقرار الرفض من محكمة المواد الشخصية قررت عرضه على محكمة التمييز الاتحادية لنظر في تحديد الاختصاص على خلاف أحكام القانون .
4. بعد ورود الطلب مع أولياته إلى محكمة التمييز الاتحادية قررت قبول النظر فيه على خلاف قواعد الاختصاص التي لا تجيز لها النظر في تحديد المحكمة المختصة إلا إذا كان الأمر يتعلق بدعوى وبين محكمتين وعلى وفق نص المادة (13/أولاً/2) من قانون التنظيم القضائي
5. إن محكمة التمييز قررت مبدأ يجيز مخالفة قواعد الاختصاص التي تعد آمرة ومن النظام العام حينما قررت أن تكون محكمة الأحوال الشخصية هي المختصة بنظر الطلب على خلاف ما جاء في نص المادة (26) من قانون البطاقة الوطنية النافذ رقم 3 لسنة 2016
‌و- في أدناه تحليل لقرار محكمة التمييز الاتحادية أما عن الملاحظات التي سجلتها فأدرجها على وفق الآتي:
1. إن محكمة التمييز قد أقرت مبدأ جديد يجوز بموجبه لأي محكمة أن تخالف نصوص القانون النافذ تحت ذريعة استقرار التطبيق القضائي لمحكمة التمييز الاتحادية.
2. إن الحجة التي تصدرها محكمة الأحوال الشخصية سوف تكون صادرة من محكمة غير مختصة بحكم القانون ويكون مصير هذه الحجة الانعدام إذا ما طعن فيها لاحقا مما سيؤدي إلى أثار مهمة منها إن مجرد صدور الحجة بإشهار إسلام غير المسلمة يودي إلى تفريقها عن زوجها غير المسلم فإذا تفرقت ومن ثم تزوجت برجل آخر وخلال هذه الفترة تم الطعن في الحجة من جهة انعدامها لأنها صدرت من محكمة غير مختصة ما هو مصير الزواج الثاني وقرار التفريق والآثار التي ترتبت عليه.
لذلك وددت أن اعرض للموضوع عبر المادة البحثية أعلاه لفتح باب النقاش حول قواعد الاختصاص الوظيفي للمحاكم وضرورة مراعاة الأحكام القانونية النافذة .
القاضي
سالم روضان الموسوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا