الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الروسية المضادة - غريغوري بيتروفيتش ماكسيموف

مازن كم الماز

2017 / 6 / 18
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


الثورة الروسية المضادة - غريغوري بيتروفيتش ماكسيموف
1935

عدم الثقة أو حتى السخرية من إمكانية حدوث تغيير , و خلق ثورة في حياتنا اليومية أصبح شائعا اليوم و أحد أكبر العوائق التي يجب على الأناركيين أن يواجهوها . لقد دمرت بيروقراطية الدولة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي إمكانية ( قيام ) حرية حقيقية و سيكون من الجيد أن نذكر أنفسنا كم كان النقد الأناركي لهذا الوحش بعيد النظر أو نبوئيا . إن مقال ماكسيموف لاذع و دقيق في نقده و ما زال الجزء الأخير منه ينتظر أن يتحقق أخيرا . لقد مر 63 عاما و ما يزال الكثير أمامنا !

حتى وقت قريب اعتبرت الثورة الفرنسية العظمى 1789 - 1793 النموذج الكلاسيكي للثورة و الثورة المضادة . حتى في يومنا هذا يرى الكثيرون أن فترة حكم اليعاقبة كانت هي الفترة الثورية , على الرغم من سلسلة الإجراءات المعادية للثورة التي قامت بها الجمعية التأسيسية , و أن سقوط اليعاقبة يشير إلى بداية الثورة المضادة . هكذا يفهم أنه لا يمكن أن تكون هناك ثورة مضادة طالما بقي الحزب الذي جاءت به الثورة في السلطة . قيل لنا أن الثورة المضادة تبدأ مع سقوط الحزب و الطبقة التي تقود الثورة , مع انتصار حزب أكثر اعتدالا و القضاء على المنجزات الثورية . و يترافق هذا عادة مع سقوط الحزب الحاكم كما جرى عند الإطاحة بحكم اليعاقبة . هذا المقياس القديم الذي فات أوانه ما يزال يستخدم لتقييم اتجاهات و تيارات الحياة الروسية . الاشتراكيون الدولتيون , البروفيسورات الليبراليون "العارفين" و حتى الناس "المثقفين" , و رغم معارضتهم للبلشفية , يرون أنه ما تزال هناك ثورة تجري في روسيا السوفيتية . بالتفكير على أساس نموذج الثورة الفرنسية , لا يريد هؤلاء أن يقروا بفكرة أن الحزب الثوري يمكن أن يتحول إلى حزب معادي للثورة . إنهم يعتقدون أن ما تسمى "بتجاوزات السياسات البلشفية" هي بسبب مصاعب طارئة في بناء الاشتراكية , و أنهم على المدى البعيد سيبطئون من تقدم الثورة لكنهم لن يوقفوها تماما . لقد تمت تعرية هذا الخطأ بسرعة كبيرة بفضل تتالي الأحداث في روسيا السوفيتية بحيث أن السذج وحدهم يمكنهم أن يقولوا ذلك الآن . بالفعل , ما هي الثورة ؟ الثورة هي الإطاحة بالنظام السياسي و الاقتصادي القائم على الاستغلال . إنها تعني إقامة نظام جديد يرفع خير أو حياة الجماهير العريضة من الناس فوق أي شيء آخر , و التي تمنح أوسع ما يمكن من حقوق الإنسان و الحرية , و التي تستبدل أخلاق السادة للكنيسة و الدولة بتلك التي تقوم على الحرية و المساواة و التضامن . كانت الثورة الروسية في بدايتها ثورة بهذا المعنى . في عامي 1917 - 1918 كانت روسيا أكثر البلدان حرية في العالم . حرية التعبير , الصحافة , التجمع , الدعاية , حرية البحث العلمي , التعليم , الحقوق الفردية - كانت حرية غير مقيدة في كل مجالات الحياة تقريبا . حل النشاط العفوي و المبادرة الحرة مكان القانون , و ازدهر الحكم الذاتي المحلي في شكل السوفييتات , و كانت الدولة الممثلة في الموظفين المعينين تتلاشى مثل الدخان . تمت الإطاحة أيضا بالعبودية الاقتصادية : دمرت الرأسمالية , و استبدلت تدريجيا بتنظيم الصناعة حسب مصلحة المستهلكين . أصبح العمال مشاركين نشيطين في العملية الصناعية و الحياة الاقتصادية , ممثلين بلجان المصانع و المنظمات المماثلة , التي كانت تتشكل على شكل فيدارليات صناعية حرة , ككومونة وطنية للمنتجين و المستهلكين . لهذه الدرجة كانت منجزات المرحلة الثورية عظيمة . لكن ما هي الثورة المضادة ؟ أهي مجرد محاولة للعودة إلى دولة ما قبل الثورة , و استعادة امتيازات الطبقات و الأحزاب القديمة ؟ هذا هو التعريف الكلاسيكي للثورة المضادة , لكنه ليس تعريفا كاملا أو دقيقا بما أننا لم نجد في روسيا السوفيتية ثورة ضد الثورة , و لا عودة إلى سلطة الطبقات و الأحزاب الحاكمة في السابق . مع ذلك فإننا نجد ثورة مضادة حقيقية هنا . لقد سحقت كل الحريات في روسيا السوفيتية . و تم سجن أو نفي المطالبين بالحرية و حتى إعدامهم . و تم القضاء على أي حكم ذاتي محلي . و أعيد فرض الحكم الاستبدادي "للبيروقراطيين" مرة أخرى . ماذا عن نظام جوازات السفر الذي بدأ العمل به بنسخ النظام القديم للسلطة البوليسية ؟ و ماذا عن الحظر الذي فرض على أي شكل من النشاط السياسي لا يتفق , و لو قليلا , مع "الخط العام" لليدكتاتور , و حلت جمعية قدامى البلاشفة , و يسجن أبرز أعضاء الحزب عند أصغر بادرة للتفكير المستقل ؟ أليس هذا كله ثورة مضادة بالمعنى الحقيقي للكلمة ؟ لا يوجد مكان تطبق فيه عقوبة الإعدام بالشكل الواسع الذي تطبق به في روسيا السوفيتية : السرقة , الاختلاس , الكسب بطرق "غير قانونية" , أي عنف - هي جرائم عادية يعاقب عليها بهمجية قروسطية . حتى الأطفال لا يستثنون من تطبيق العقوبة الأقصى . أليست هذه ثورة مضادة بشكلها السافر ؟ في روسيا السوفيتية استبدلت الديمقراطية الصناعية ( في الصناعة ) بهرمية أنشأت على نمط التنظيمات الرأسمالية . ظهرت طبقة حاكمة جديدة صاحبة امتيازات - البيروقراطية التي لا تملك ملكية خاصة بها لكنها تمتلك سلطة الإدارة المطلقة في أيديها . هذا هو الجوهر الحقيقي للثورة المضادة , رغم أنها بالكاد تتشابه مع التعريف الكلاسيكي للثورة المضادة . نجد هنا صفة أو خاصية جديدة : حزب ثوري يتبلور في ( يتحول إلى ) طبقة بيروقراطية . بينما تستمر بترديد الشعارات الثورية دون أي معنى , تكرس الطبقة المتشكلة حديثا وظيفتها الطبقية و حكمها و امتيازاتها . كل ذلك لم يكن مجرد مصادفة في مسيرة الثورة . هذه التشويهات للثورة التي أدت كما جرى في في روسيا السوفيتية إلى شكل همجي من الثورة المضادة , لا تعود إلى أية "ضرورة تاريخية" , بل ترجع لمفهوم اشتراكية الدولة نفسه , خاصة الديكتاتورية الماركسية . أن تدعم الديكتاتورية يعني أن تكون ضد الثورة , ضد الحرية , ضد التقدم البشري . إن زوال الأوهام فيما يتعلق بروسيا السوفيتية , و الذي نراه عند الكثير من الثوريين المخلصين اليوم , ليس إلا في بدايته . ستكبر قريبا إلى موجة قوية تسعى نحو أهداف و غايات جديدة . ستكون تلك أهداف و غايات الشيوعية التحررية , أهداف حركة جديدة تحيي آمال البروليتاريا العالمية و تقودنا إلى نضال حازم ضد الديكتاتوريات من كل الأنواع - حمراء , سوداء أو رمادية - و نحو أوسع حرية تقوم على المساواة الاقتصادية .

نقلا عن
https://theanarchistlibrary.org/library/grigori-petrovitch-maximov-russian-counter-revolution








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأناركيون والتروتسكيون
إدوارد النحاس ( 2017 / 6 / 18 - 20:53 )
هاتان الجماعتان يجتمعان في مسألة واحدة وهي أن وقائع التاريخ لا دور لها فيما يعتقدون لكن ما يستوجب الإشارة هنا هو أن الأناركيون ترفعوا عن العمل كجواسيس للإمبريالية كما عمل التروتسكيون ومثالهم ليون تروتسكس الذي عمل جاسوسا لدى الإف بي آي وجورج أورويل الذي عمل جاسوسا لدى المخابرات الانجليزية
رغم أن تطور المجتمع السوفياتي فيما بين 1922 و 1941 أدهش العالم حتى كانت مقدرات المجتمع السوفياتي أعظم
المرء لا بد أن يتمتع بغباء لا نظير له كي يصدق أن مجتمعا تطور كل هذا التطور وتمكن من سحق
الهتلرية حتى العظم تحكمه البيروقراطية وبدون حرية
الجيوش السوفياتي ضربت ضروبا من البطولة لا مثيل لها في التاريخ فهل عاش هؤلاء الأبطال حياة العبودية
الأناركيون يضيعون حيواتهم في خرافات رفضها ماركس وهو ما دعاه لحل الأممية الأولى ولذلك اشترط إنجلس عدم قبول الأناركيين في الأممية الثانية


2 - يحلقون مع الملائكة!
جلال البحراني ( 2017 / 7 / 18 - 14:38 )
الشيء الذي لا أفهمه أبدا، هو كيف لا يفهم الأناركيون معنى وسائل الإنتاج و مقدار تطورها و نضوجها و تأثيرها على حياة البشر
يعتقدون أن المسائل تدور في العقل كما الميتافيزيقيين! أما الواقع، الحياة، فيتصورون أن الأفكار وحدها تغيرها
هكذا نشأت البيروقراطية في تصورهم هي مجرد أفكار أتت من خونة إنتليجنسيا ماركسية لم تسعفها (الأخلاق) لتصبح إنسانية كاملة أناركيا!!
لهذا لا يفهمون معنى الدولة ولا معنى ديكتاتورية البروليتاريا،، و كأن الدولة خلقتها الماركسية
يبررون دكتاتورية طبقة الرأسمالية، لكن ينفون ضرورة أن تنفى الدكتاتورية بدكتاتورية أخرى،، إذ لا قوانين سوى الأخلاق و المعرفة و الوعي!؟؟
ربما!! لأنهم و ببساطة لم يقرؤوا قوانين هيغل،، أو ببساطة يعيشون في مخيلاتهم مثاليا
يعتقدون أن الحياة لوحة فنية جميلة بموسيقى في خلفيتها،،، ربما رسمها الله في غابر الزمن و نساها، يحلقون مع الملائكة!

اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا