الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طير السعد

محمد الذهبي

2017 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


طير السعد
محمد الذهبي
لا يدري لماذا تشغله دائما حكاية طير السعد الذي حط على صلعة احد الأشخاص ليصبح ملكا في رمشة عين، هو والانتخابات لم يصطلحا يوما، ولم يتقبل أن يكون مراقباً أو موزع استمارات أو يقف في باب إحدى المدارس، كان يهرب دائماً في حين يراهم يتهافتون على (300) الف دينارٍ تعطيها المفوضية بعد ستة أشهر من انتهاء الانتخابات وتزويرها في أحسن أحوالها، ليكون الجميع مسؤولاً أمام الوطن، درج طوال الأعوام السابقة على انتخاب قائمة واحدة لاغير، لكنها هي الأخرى اخترقت من قبل لصوص الله، فقرر أن يمتنع من انتخاب أية قائمة صغيرة أم كبيرة، ربما اختفاء الكهرباء، أو اختفاء سيارة الأنقاض، أو هبوط مرتبه المتهالك يشعل في داخله ثورة التمرد على هذه الممارسة التي صارت بذيئة في بلده، اخواني إياكم والاشتراك في هذه الجريمة الكبيرة، على الأقل لا تكونوا من خدامها أمام فتات موائد الزعماء الذين حولوا الشعب الى شعب يبحث عن الغنيمة والسرقة، نعم لقد كانوا قدوة سيئة، أنباء عن اعتقال محافظ، وأنباء عن هروب مسؤول كبير، وأنباء وأنباء، جميعها تدخل بضمن اختلاف مجموعة من اللصوص على غنيمة معينة، كم يكره طير السعد الذي يختار الملوك ويترك الشعب في حيرة من أمره، هل لهذا الطير نوايا مسبقة في الاختيار، أم انه ربما وجد في صلعة الملك مكانا مناسبا لإفراغ فضلاته، فكان أن صفق الحاضرون ولم يروا جلية الأمر.
لم ينس ذلك الملك المهزوم من مملكته، وقرر أن يهرب بعيداً، ولكن قدره الأحمق كان له بالمرصاد، فمر بطريق سفرته بمدينة مات ملكها، واجتمع رؤساء القوم وجلبوا طير السعد ليحط على رأس احدهم، وعندما شاهدوا الملك المهزوم، امسكوه وقرروا أن يقف معهم ليشاهد الأمر ويحكم، وطار طير السعد وحط على رأس الملك المهزوم، فنهره الواقفون واعادوا الكرة ثانية فحط ايضاً على رأس الملك المهزوم، فنهروه وبدأوا مرة ثالثة فكانت مثل سابقاتها، فسلم الجميع للأمر، ووضعوا التاج على رأس ملكهم الغريب، هو رجل هارب من قدره الأحمق الذي رماه في مركز لم يخلق له، لكنها مشيئة هذا الطير الغريب، الشعب المسكين ينتظر، ولا يعلم أن طيراً ملوناً غبياً قد قرر مصيره وانتهى الأمر، وأصبح الملك الضعيف المهزوم ملكا جديدا في تلك المدينة، هو هارب من مملكته الأولى لأنه لم يستطع أن يحقق قليلا من العدل أو الرفاهية، فماذا سيحقق لهذه المدينة المسكينة التي مات ملكها ولم يترك وريثاً للعرش، لم يكد يمضي شهر أو شهران حتى أحس الناس ورؤساء القوم ماذا فعلوا من فعل شنيع، لكنهم كانوا يتحججون بطير السعد، فالمذنب الوحيد في هذا هو ذلك الطير الملعون، الذي صار طير تعاسة لا سعدٍ، انتشرت الرشوة والسلب والنهب والخطف والقتل، والملك لا يدري ماذا يفعل، يطرح الأفكار ولا احد ينفذها، الفوضى تعم المدينة، والناس يأكلون من نفايات القصور الفارهة، واللصوص هم من يسيطر على كل شيء، هم والكهنة المستفيدون من طير السعد ذاك، لم يفكر احد في حل لهذه الأزمات المتلاحقة، لكن في نهاية المطاف الكل يعول على الملك المهزوم، علّه يهرب ثانية، ليترك المجال لطير سعد آخر، أو ربما سيكون طير تعاسة ايضاً، الجميع ينتظر هروب الملك، كان يخاطب نفسه ويردد وأنا معهم انتظر منذ سنين، ربما سيحط طير السعد على صلعة مباركة هذه المرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة