الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كأنّه أبي . الفصل الثّاني .4.

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 6 / 19
الادب والفن


سوف أنتظر اليوم هنا لأرى إن كان أحدما يسأل عنّي
حاجتي كبيرة إلى أن يرنّ هاتفي، ويأتي منه صوت أعرفه
أرغب أن أسمع أحد ما يسألني: هل أنت بخير
يبدو أنّني مغفّل في انتظاري، وحواري
لا أعرف قواعد اللعب
لو سألت أحدا عن حاله، سوف يسألني
حتى هذا لم ينجح
. . .
أرى مسرحاً. النّاس يدخلون بحبّ
كأنّ الجميع عاشق
هل جميع رواد المسرح عاشقون؟
إن كان الأمر كذلك. كيف ستنجح مسرحيتنا؟
اشتريت آخر بطاقة
أطفئت الأنوار
على المسرح عتمّة
ظهر شخص، بيده فانوس
وصرة مليئة بالأشياء
سوف أقرأ أسم المسرحيّة
" حيّ الغرباء"
بدأ العرض
يقول الممثل:
باختصار. باختصار. كنت طفلاً يسكن في حيّ الغرباء، تقول لي أمّي أنّنا محظوظون لأنّنا نأكل ونشرب.
لم تسألني إن كنت فعلاً سعيداً
هذا القميص وجدته منشوراً على حبل. أعجبني فسحبته. لم ألبسه، وذلك الحذاء، وجدته في القمامة. غسلته ، خبّأته كي لا تسأل أمّي من أين لك هذا؟
هذه الأشياء جمعتها خلال سنوات قليلة. لا أريدها. خذوا ما يعجبكم.
يبكي الممثل على المسرح. هو لا يمثّل في هذه المرّة، ولكنّه يمثّل أيضاً.
هل تسمعون دقات قلبي
إنّها تجهش في البكاء
فليأت أحدكم ويوقفها.
قد يكون يطلب منّي أن أساعده
صعدّت إلى المسرح
-لا تبك. أرجوك
جرّد قلبك من الألم
سوف أمسكه
دلّني أين يكمن الوجع؟
-هنا
هل تسمع؟
-دعني أتلمّس قلبك بيدي
ضع يدك أنت على قلبي أيضاً.
دقات قلبك تكاد توقعني أرضاً
كن بخير
لا تبك أرجوك.
-دعني أرى
قلبك يشعر بالقهر
ينذر بالعصف
وفي عقلك مسّ
فقد كنت أمثّل على خشبة المسرح حكاية الحياة. الحكاية توجعني.
-أعتذر يا صديقي. عطّلت عملك بتدّخلي.
-صفقوا له. كان بكاؤه صامتاً، وجزء من المسرحية.
انحنيت للجمهور. جلست في مكاني وبدأ الدّمع ينزل دون سبب.
اليوم بكيت قدر حاجتي، استرخيت وأنا أشاهد العرض.
كأنّ البشر يأتون لمشاهدة حياتهم من خلال بطل مسرحيّ يجيد تمثيلها.
. . .
لم ينته العرض بعد
كأنّ المسرحية بدأت للتوّ
البطل يقول شيئاً ما:
لا قمر هنا، ولا ماء ، ولا عشّاق
الناس كثر
وفي الصف الأخير يجلس رجل مع زوجته
اعتقدت للحظة أنّها ابنته
لكنّه يبثّها الغرام علناً
يا للهول!
ذلك الرّجل هو أبي
لم أدعه لحضور مسرحيتي
أتى كي أراه، وكي أمتعض من قبلاته لتلك الجميلة التي أوقع بها.

يرغب أن أنقل الحدث. أن يغيظ أمّي.
هي! أيها الرّجل الواقع في الحبّ .اخرج من عالمي
أنت لم تأت كي تقول ما أروعك!
أتيت كي تقول أنّني أشبه أمّي
أنا أشبهها فعلاً
أيّها النّاس أخرجوه.
-ضجيج. يتساءل النّاس عن الشخص المطلوب، ويجلس البطل على كرسيه:
ليس موجوداً. أنتم تحضرون مسرحيّة. بعيدة عن الواقع
يقف البطل على المسرح مرّة أخرى
أيتها المرأة التي تجلس في حضن شاب هناك
هو لا يحبّك!
أنت تقدّمين له نفسك لقمة سائغة
توهمينه بالحبّ
قد تكونين رائعة من الدّاخل
وهذا لا يكفي
كوني حقيقيّة فقط، وعندما تشعرين بالوحدة في حضرة الحبيب. قولي وداعاً.
لماذا تنتظرين؟
هيّا.
-عن من تتكلّم؟
-هي مسرحيّة أردت أن تشاهدوها.
انتهى العرض الآن. الجميع يصفق، والبطل ينحنّي: سعدت بتقديم الحقيقة .
. . .
هذا المسرح مذهل
يبدو أن العمل يحتاج لجهد. استطاع الممثل أن يوهمنا أن شخصاً لا يستحق أن يحضر مسرحيته، وامرأة تتملّق رجلاً يدّعي حبّها لا ترغب أن تكون وحيدة، وهو يعرف ذلك لذا يستغلّها.
هل كان البطل أنا؟
قال كل ما تمنيت أن أقوله على الملأ. تحمّست كثيراً
فرّغت شحنات الألم.
المسرح كلمة ساحرة. الممثل يخرج
-لحظة من فضلك!
أرغب أن أسأل سؤالاً واحداً.
أدعوك لحضور أوّل عمل مسرحي لي يوم السبت مساء، ولكن قل لي كيف استطعت أن تمثّل أنّك تبكي؟
-لم أمثّل. كنت أبكي حقيقة ففي قلبي أوجاع تستحقّ البكاء، وهي مناسبة أن أفرّغ شحناتي من خلال المسرح. الممثلون يؤدّون أدوارهم، لكنّهم حقيقيون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة