الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرد على احلام نبوية 1

احمد الكناني

2017 / 6 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبيل الشروع في الاشكالات الواردة على " نظرية احلام نبوية " لابد من التذكير بأمرين هامين :
الغرض من طرح نظرية " احلام نبوية " هو بيان كيفية وصول الوحي الالهي الى الناس ليس اكثر من ذلك ولا اقل ، بمعنى ان مد نظر المؤلف ليس اثبات الوحي او نفيه ، ولا ان الاثبات او النفي من لوازم النظرية ، مع التاكيد على ايمان المؤلف بالوحي وكلامه منصَب على بيان طريقة وصول الوحي الالهي الى الناس .
والنظرية تتحدث عن كيفية وصول الوحي بشكل عام وبالاجمال ، و لا يصح تطبيقها على هذا المورد بخصوصه او ذاك ، نعم تلك الموارد الخاصة تصح ان تكون شواهد على طريقة وصول الوحي ،وعليه فلا يصح النقص بمورد معين على انه ليس حلما او رؤيا لوضوح اليقضة والواقعية فيه .
مشروعية الاحلام وكيفية اثبات الاحكام والتشريعات بواسطة الاحلام هي اول ما يتبادر الى الذهن كعلامة استفهام كبيرة تواجه النظرية ، بمعنى ان الوحي ان كان من سنخ الاحلام فهو ساقط عن الحجية ولازمه بطلان التعاليم والاحكام الواردة في النص القرأني ؛ اذ لا يمكن الاحتجاج والاحتكام الى الرؤى والاحلام ، ولازم ذلك انتفاء الشريعة وامتناع الرسالة .
يقول سروش في جواب هذا الاعتراض : ان احلام الانبياء نوع من انواع الوحي ، فهو حجة على المؤمنين به بلا فرق بين كون الوحي يأتي في حالة اليقضة او المنام ، فالمؤمنون بالوحي يعتقدون به جازمين من اي طريق جاء ، حلم او يقضة .
رويت مشاهدة دعوة النبي لابي جهل للايمان به ، وجواب ابي جهل بأني ارى الرؤيا كما انت ترى . قيل بناء على نظرية " احلام نبوية " هل نعطي الحق لابي جهل في رؤياه بل لدعوة النبي لرؤياه ، ويكفي هنا تبديل صيغة الؤيا بصيغة الوحي ، وكأنه يقول للنبي كما انت ترى الوحي انا كذلك ارى الوحي .
وجواب سروش : ان الكلام في طريقة وصول الوحي لا في تصديقه او تكذيبه .

الاعتراض الاخر يتمسك بأنكار المجازات والاستعارات على القول بالاحلام وهذا يعنى الالتزام بالظواهر ومعناه تصحيح لمذهب المجسمة والمشبهة ، بالاضافة الى ان لطافة الكلام وايصاله الى حد الاعجاز متقوم بالمجازات والاستعارات ، والايمان بالاحلام الغاء لكل ذلك .
والظاهر ان المعترضين لاحظوا انتفاء المجاز ولم يلحظوا اثبات تعبير الرؤيا ... يقول سروش " ان كنت نافيا للاستعارة من المتن المقدس كما يزعمون فأنا مثبت لتعبير الرؤيا ، بمعنى ان ما اكتسبه الاخرون بالتأويل اوضحته عن طريق التعبير .هذا اولا
وثانيا : القول بلطافة الكلام وجماليته متقوم بالمجازات والاستعارات ومن دونهما يفقد الكلام حلاوته وطراوته ، هذا كلام اهل البلاغة والفصاحة لكن الامر لا يتوقف على هؤلاء وفي المقابل هناك الاخرون كالعرفاء واصحاب الرأي والمؤلف قد اقتفى اثرهم ، وتأملاته اوصلته الى ان الاستعارة قول ما لا يقال وحكاية ما لا يصح الافصاح عنه ، عندما يضيق الكلام عن الافصاح بامر ما ينطلق لسان اخر ليعبر عما ضاق به الكلام الطبيعي بلغة الاشارات العرفانية او الاستعارات الادبية . نعم الاستعارات تارة تعطي للكلام رونقا اخر اذا اريد منها تزيين الكلام وتجميله لكن ضيق اللغة عن البيان يخلق ويكشف لغة جديدة عريقة متوارية في لب تلك اللغة .
اذن التفنن في استعمال المجاز ليست صنعة فقط وانما هو كشف و راواية عن عالم الخيال وتجربة ماوراء اللغة ، وخذ مثلا قول الراعي " امشط شعر الله " . او رؤيا محمد " الله نور السماوات والارض " ، و" على العرش استوى " ، و " وكان عرشه على الماء " ، كل ذلك ليس بابا للمجاز وتزيين للكلام ... حتى ملذات اهل الجنان وانين المعذبين وشجرة الزقوم هي مشاهدات وتصوير لعين الوقائع للرؤيا القدسية لمحمد بن عبد الله (ص) .
وبالنظر لصيغة الكتاب الواردة في القرأن " ذلك الكتاب لا ريب فيه " اي كتاب هذا المشاراليه بذلك اذ لم هنالك كتاب قد جمع بعد ، اليس من الاولى في كل ما قيل من تأولات حول هذا الكتاب ان يقال هو ينشد لكتاب كان حاضرا في رؤياه .
كذلك في حادثة انزال الحديد الواردة في سورة الحديد 25 و نزول الحيوانات في سورة الزمر 6 وكيف سلك المفسرون طرقا في بيان معنى نزول الحديد والانعام من السماء ، فهذا التبيان للشيخ الطوسي ينبؤنا عن معنى الحديد فيقول : " روي‌ ‌ان‌ اللّه‌ ‌تعالى أنزل‌ ‌مع‌ آدم‌ العلاة‌-‌ يعني‌ السندان‌ و المطرقة و الكليتين‌-‌ ‌من‌ السماء" ، يقول الطوسي : " وهذا‌ صحيح‌ و ‌لا‌ بد ‌منه‌، لان‌ الواحد منا ‌لا‌ يمكنه‌ ‌أن‌ يفعل‌ آلات‌ ‌من‌ حديد و غيرها ‌إلا‌ بآلات‌ قبلها، و ينتهي‌ ‌إلي‌ آلات‌ يتولي‌ اللّه‌ صنعها ‌تعالي‌ اللّه‌ علواً كبيراً ".
ويزيد الزمخشري في الكشاف على ما ذكره الطوسي فائدة مهمة !! في بيان معنى الحديد :
" روي أن جبريل نزل بالميزان فدفعه إلى نوح وقال: مر قومك يزنوا به .
وأنزلنا الحديد قيل: نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد: السندان، والكلبتان، والميقعة والمطرقة، والإبرة .
وروي: ومعه المسن والمسحاة .
وعن النبي : إن الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: أنزل الحديد، والنار، والماء، والملح ".
والموضوع مفصل بالتمام والكمال حول انزال الحديد وفوائده في التفسير الكبير للفخر الرازي ...
يقول سروش : لو قلنا بان انزال الحديد والانعام كان على حالة من الرؤيا الم يكن هذا اللغز قد حُلَ .

للحديث تتمة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س