الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


چري سُعْدى، بين الحُبّ والشهادة

قحطان محمد صالح الهيتي

2017 / 6 / 20
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كتبتُ قبل خمس سنوات موضوعا بعنوان "قصر سُعدى وخرافة النهر والزواج" وقد جاء فيه:" لم نقرأ في قصص الحب المدونة قصة بطلتها سعدى بنت الأحمد، وبطلها أمير بصري ثري. ربما تكون الحكاية حقيقية عن شاب أحب فتاة جميلة، فما أكثر هذه القصص في التاريخ، ولكن أن يكون مهر هذه العروس الجميلة حفر نهر طوله أكثر من تسعمائة كيلومتر يمتد من هيت إلى البصرة؛ فهذا ضرب من الخيال، بل هو خرافة لاعتبارات عدة أهمها: كم هو الوقت الممكن لإنجاز مثل هذا المشروع لو خططت له الدولة اليوم ُمسخَّرة كل الآلات والمكائن الثقيلة وغير الثقيلة؟ وهل من الممكن أن يَحفر أو يَكري أمير عاشق نهرا بهذا الطول في فترة ثلاث سنوات (وهي الفترة التي ذكرها الشيخ الخطيب)؟ وما هو مبلغ الغنى عند الأمير البصري في ذلك الزمن ليدفع ثمن الحبِّ ألوفَ الألوف من الدنانير الذهبية أجورا لمئات الألوف من العمال كي يحفروا له نهر العشق هذا؟ وكم عاملا أستأجر لينجز هذا المشروع العملاق الذي لا تستطيع الشركات الحديثة اليوم بكل ما تمتلكه من إمكانيات مادية وبشرية من تنفيذه في مثل هذه المدة".
-
قدمتُ لموضوعي بهذا الجزء المأخوذ من مقالي الذي أشرت إليه في أعلاه لأدخل في حاضر (چري سُعدى)، ولمن يُرِيدُ معرفة المزيد عن هذه الأسطورة يقرأ الموضوعَ كاملا على الرابط المدرج في نهاية هذا المقال.
-
الچريُ في حاضره هو المنطقة الممتدة من ساحة الساعة الى مدرسة الشيماء. ويُعدُ اليوم شارعا تجاريا مهما في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لمدينة هيت.
-
لقد ذكرتُ (چريَّ سًعْدى) في قصائدي أكثر من مرة؛ فقد قلت عنه في قصيدتي دار سعدى في عام 2003:
-
تنكّــرَ ( الچريُ ) لمــا جئــتُ أســالـهُ
عن بيتـِـنا وتناســى الوصلَ وابتعدا
-
فقلــتُ يا (چريُ) هيتــيٌ أنا فبكــــى
وقبلّ الشــــوقَ فـي عيْنـي َوافتـــئدا
-
وقادنـي فــي دروبِ كـنــتُ اعـرفهـــا
طـفــلا وكانـت لأحلامي رؤىً ومـدى
-
وجـدتـُه باســــطاً كفّيــــــه متـكئــــــاً
علـى جذوع ٍهـوتْ مـن سـقفِه دهـددا
-
ولـم أجــدْ عـنْـده صغـْـري ولا كِبـَري
ولم أجــدْ فيهمـا عُمــري ولـنْ أجـــدا
-
وقلتُ عنه في قصيدتي (تبّتْ يدا داعش)، وأنا في غربتي مهجرا في بغداد في عام 2015:
-
يا هيـتُ فرسانُك للشمسِ قد صَعدوا
وعانقــوا المـجـدَّ أحــرارا ومـا نزلــوا
-
قـولــي لسُــعدى بانَّ الــدارَ باقيـــــة ٌ
والچريُ جارٍ واهلًُ الحيّ ما انشغلوا
-
وأنَّ يومـــاً مــع العُشــــاق يَجمــعُـنا
آتٍ قـريبــــا فــلا تحــزنْ لمـــا فعـــلـوا
-
وذكرته في قصيدتي الوالي ولّى وصارت داعش خبرا في عام 2016 مخاطبا هيت:
-
انتِ العــروسُ وحــبُّ الله يَجـمعُــــنا
فيــك ولــن نرتضـي زيــداً ولا عُـمــرا
-
فحنّي(چري) الهوى بالقار واحتفلي
بالنصــرِ وانتـظــري منَـا الوفـا مـطرا
-
وعطـرّيــه بريـحِ ( العِيْنْ ) وابتهــجي
فالوالـي ولَّّى وصـارت داعـشٌ خــبرا
-
هكذا كان (الچريُّ) في ماضيه البعيد والقريب شارعا للمحبة والمودة والسلام، ولكنه اليوم وبعد جرائم داعش ابتداءً من إعدام مجموعة من الشباب في ساحة الساعة مرورا بجريمة رمضان الأولى التي راح ضحيتها خيرة شباب ورجال هيت بين شهيد وجريح، وانتهاءً بجريمة رمضان الثانية التي راح ضحيتها أطفال بعمر الزهور ونساء بريئات كنَّ يحلمن بغد مشرق سعيد صار شارعا للموت والخوف.
-
ما أدعو اليه دون أن ننسى تضحياتنا الغالية بأن نُبقي (چري سُعْدى) نهرا للحبًّ والعطاء، ومنارا للتضحية والفداء، وعلينا ألا ننسى تاريخه أو ننسى الشهداء الذين رَوَت دماؤهم أرضه. ليظلَّ قلبا نابضا بالحياة ولتكتب الأجيال عنه أكثر من قصة ورواية.
-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل