الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استمرار الحراك الاجتماعي بالحسيمة وباقي المدن المغربية وفشل الحراك الامني

الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي

2017 / 6 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الاحتجاج السلمي اختبار حقيقي للدولة البوليسية والنظام القائم ومدى انخراطه في الاصلاح الجذري والرغبة الاكيدة في التحول التلقائي والسلس الى دولة مؤسسات عصرية تحتكم الى القوانين وتستوعب التحولات العميقة والتجارب في المجتمعات المتقدمة المتفاعلة مع مطالب الشعب بالاحتكام الى المبادئ الديمقراطية في حل الاشكالات بعيدا عن الشعارات المستهكلة.
الاحتجاج الانساني السلمي الواعي والمنظم في شمال المغرب يروم بالاساس تحقيق التغيير الايجابي باصلاح اختلالات هيكلية في بنية المؤسسات العمومية والدستورية المدانة جماعيا سياسيا ونقابيا وحقوقيا وجمعويا تلمسا لمجتمع متساوي في الحقوق والواجبات تحت مظلة الدستور المغربي.
الاحتجاجات الاجتماعية كما نعلم مرتبطة بمختلف النظم السياسية في العالم المتطور والمتخلف على حد سواء، لها امتداد في الانظمة الديمقراطية و الديكتاتورية بدرجات مختلفة طبعا، فالاجتجاج يؤدي في الغالب الاعم في الانظمة الحداثية إلى تطوير النظام السياسي ومعالجة اسباب التظاهر، أما النظام المنغلق والقمعي يكرس ويصدر الأزمات ويخلق الهوامش والضحايا عبر الجنوح الميكانيكي الى مصادرة الحقوق وسحق المبادرات السلمية لاظهار الحزم والجدية تجاه المواطنين العزل بدل اظهارها في محاربة الفساد والمفسدين.

النظام في المغرب عاجز كلية عن الاستجابة للمطالب الشعبية بحجة غياب الامكانات المادية رغم الثروات القوية التي يتوفر عليها التي توزع بشكل غير عادل ومتمركزة في ايدي القلة القليلة،ويشهر ورقة القمع والتضييق على حرية التعبير والتحايل للالتفاف على المطالب المشروعة للطبقات الاجتماعية حتى لا ترفع سقف المطالب مستقبلا.

الحراك في المغرب انطلق من الريف ويدخل في خانة الاحتجاج الاجتماعي ضد التهميش والاقصاء الذي قوبل بالقمع والتخوين و الباس تهمة الانفصال على المتظاهرين لشرعنة الاعتقالات وطبخ الملفات والمحاضر باسلوب يعيد مخاوف ومخلفات سنوات الرصاص تلك الحقبة الدموية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان من تاريخ المغرب السياسي.

نتيجة التعامل القوي للسلطة مع الاحتجاجات في الحسيمة بدا الحراك السلمي يتمدد ويتوسع في مدن اخرى ويخلق جبهة موحدة مطلبيا و مفرقة مكانيا والقواسم المشتركة بين المتظاهرين فضح الفساد والحكرة والظلم الاجتماعي ونهب وتهريب الثروات والافلات من العقاب.وهذا التمدد المكتسح يعقد من مهمة الاجهزة المخزنية التي تراهن على منطق القوة والغالب والمغلوب.
وبدل فتح قنوات الحوار المسؤول والنقاش الهادئ لايجاد ارضية مشتركة للمطالب العادلة لجات السلطة الى لغة العنف والتفريق بالقوة مما خلف الاصابات ولم تعد قضية بناء مستشفى وجامعة وخلق فرص عمل للشباب العاطل بل تحول الامر الى محاكمة النظام السياسي القائم في شموليته امام العالم ورغم محاولات التعتيم الاعلامي الرسمي فان شبكات التواصل الاجتماعي اوصلت القضية الى الراي العام العالمي مما دفع مغاربة المهجر الانخراط الطوعي في مساندة اهل الريف والمغرب عامة امام القنصليات والسفارات مما زاد في فضح المقاربة الامنية للمؤسسات الرسمية التي لجات ايضا الى تحريك البلاطجة والعياشة لترهيب وتخويف المحتجين وامتصاص الغضب الشعبي وبدأ ملف حقوق الانسان يستغل من قبل الجهات المناوئة للوطن ووحدته الترابية في المحافل الدولية.
لقد انتقلت المطالب الشعبية في الإصلاح الديموقراطي وترسيخ قيم العدالة الاجتماعية وحرية التعبير وتوفير الكرامة الانسانية في شق منها الى مطالب باسقاط الحكومة القزحية ومحاكمة رموز الفساد السياسي والمالي في اجهزة الدولة،ومحاكمة ممثلي المؤسسات الدستورية والعمومية العاجزين عن صياغة مواقف مبدئية والمشاركة الوازنة والفاعلة في ايجاد الحلول لمطالب مشروعة لانهم لا يمثلون الشعب واغلبهم جزء من الاشكال والاغلبية جاءت عن طريق التزوير وشراء الذمم مما يعتبر ضربة اخرى للتدخل السافر في هندسة الخريطة الانتخابية بدل ترك حرية الاختيار للشعب في تنصيب ممثليه في الاجهزة التشريعية.
الدولة انتهجت سياسة القمع والاعتقال في التعاطي المتقدم والحضاري مع الحراك الاجتماعي لانهائه بجميع الاساليب والطرق باستنفار جميع الامكانات وتحول الامر من ملف مطلبي اجتماعي الى تفريخ ملفات حقوقية وقضائية وضعت الدستور والتحول السياسي المغربي المزعوم والمفترى عليه على المحك والاختبار واظهر حقيقة اكيدة انغلاق النظام السياسي العاجز كلية عن الاستماع الى نبض الشارع والتقاط الاشارات اذ لم تقدم وسائل التضليل وحجب الحقيقية النتائج المتوخاة والمرجوة فتقنيات التواصل الحديثة والتطور التكنولوجي فضخ تسويق الرواية الرسمية عبر القنوات الاعلامية العمومية المتحكم فيها عند بعد وما تزال تمارس الاساليب التقليدية في حجب المعلومة والتعاطي بمصداقية ومهنية مع المطالب المشروعة للشرائح المجتمعية.

كما ان الحركات الاحتجاجية اجتماعية صرفة رغم رفعها لبعض الشعارات السياسية لكنها لا تغدو عن كونها نوع من المزايدة و التاكيد على الارتباط الوثيق بالقضايا المصيرية للامة اذ لا وجود لتنظيم سري محرك ومهيمن على الحراك بل تمت محاصرة التنظيمات السياسية ومنعها من المشاركة ليظل الحراك المطلبي عفويا بدون راس رغم وجود قيادة شبابية تظهر وتختفي لكن الجماهير من تقرر بدليل اعتقال ابرز الاسماء وعسكرة المدينة لكن لم ينته الاحتجاج الذي يطور ويبدع اشكال نضالية حتما سيجبر الدولة على تغيير سياستها واعدام المقاربة الامنية.



الحسان عشاق- الخميسات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن