الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل السلم و الحرب بين إسرائيل و حماس !

ريهام عودة

2017 / 6 / 21
القضية الفلسطينية


مازال ليبرمان يتوعد ، و الجيش الإسرائيلي يُهدد ، و المحللون الاسرائيليون يحذرون من حرب أخرى قادمة على غزة ، و كأن جميع الإسرائيلون يستنفرون من أجل تحذير حماس من مغبة شن أي عملية عسكرية لها ضد إسرائيل.

و من يراقب ما ينشر بكثافة عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية ، حول أزمة كهرباء غزة و علاقتها بالحرب ، يكاد يلمح بشدة أن هناك رسائل مباشرة توجها إسرائيل لحماس عبر وسائل إعلامها الإسرائيلي .

و يلاحظ أن هناك توقع إسرائيلي بأن تبدأ حماس الحرب، مما سيوفر حجة قوية للجيش الاسرائيلي لمهاجمة غزة و محاولة القضاء على المقاومة الفلسطينية بالقطاع ، خاصة في ظل تقلص الدعم المادي و السياسي لحماس ، بسبب المقاطعة الخليجية لقطر ، و بسبب رفض السلطة الفلسطينية الاستمرار بدفع فواتير كهرباء غزة ، و تقليصها لرواتب موظفي القطاع ، مما يجعل تلك المتغيرات السياسية توفر مناخ مناسب لإسرائيل لشن حرب على حماس ، قد تكون حرب نهائية وحاسمة.

و هنا ستبرر اسرائيل حربها على حماس ، بأنها مجرد حرب دفاعية، و مجرد رد عسكري على حماس نتيجة تنفيذ حماس عمليات عسكرية ضد المواطنين الإسرائيليين.

أما بالنسبة لحركة حماس ، فهي تراقب بصمت ودهاء ، ما ينشر من تصريحات إسرائيلية حول تخوف إسرائيل من حرب على غزة ، و على ما يبدو فإن الحركة بدأت تعي جيدا قواعد اللعبة الحربية الإسرائيلية ، و بدأت تعلم أنه ليس من مصلحتها و ليس من الحكمه ، في ظل التغيرات الإقليمية و المحلية ، و بدون استعداد نهائي ، أن تتهور الحركة، و تورط نفسها بحرب عشوائية قد تقضي على مستقبلها بقطاع غزة.

لذا كل طرف سواء كان فلسطيني أو إسرائيلي ، يعلم مايريده جيدا ، و يفهم لغة الأخر من رسائل تهديد ووعيد ، و من رسائل طمئنة ، تشير إلي رغبة الطرفين في التهدئة و القبول بأوقات سلم مشروطة.

فاسرائيل من جهتها ، تريد أن تشن حرب على حماس، لكنها لا تريد أن تبادر بتلك الحرب ، لأنها تريد أن توفر غطاء دولي لحربها ، و تريد أن تكون حربها المقبلة حرب نهائية ، فحسب تصريحات وزير جيشها الإسرائيلي ليبرمان ، أنه ليس من المعقول أن تتورط إسرائيل بحرب كل عامين.

أما من ناحية حماس ، فهي تريد أن تشن حرب مقدسه على إسرائيل ، تتزامن مع تنبؤات مفكرها الإسلامي ، بسام جرار، الذي تنبأ بنهاية دولة اسرائيل خلال عام 2022 بناء على حسابات قرأنية.

لذا لماذا تبدأ حماس حربها ضد إسرائيل في عام 2017 ، كرد فعل على الحصار ضدها ، في الوقت الذي يوجد لديها تاريخ مبارك ومدة زمنية أطول لتطوير قدراتها العسكرية، من أجل شن حرب التحرير المقدسة حسب اعتقاد قادتها؟
و بالنسبة لحماس أيضاً ، فإن كل ما اختبرته الحركة من حروب سابقة ، وكل ما تمر به الآن ، من مناورات عسكرية ، هو مجرد عمليات عسكرية تجريبية، و مرحلة استعداد كبري لما هو أعظم و أهول من ذلك ، وهو يكمن بحرب كبرى و نوعية، قد تحدد مصير الحركة ودورها في القضية الفلسطينية بالمستقبل.

و يستمر ليبرمان بإرسال رسائل تحريضية للغزين ضد حماس، أنها هي السبب في مأساتهم ، و أن حماس ستحول غزة كمدينتي الموصل و الرقة، و في نفس الوقت يرسل رسائل تحفيزية لحماس ، تكمن بأن اسرائيل يمكنها أن تحول قطاع غزة لسنغافورة في حال تنازلت حماس عن المقاومة.

لكن بالطبع، ترفض حماس بشدة تلك الإغراءات الإسرائيلية ، و تعلن بقوة عن دعمها للمقاومة، و رفضها التخلي عن مشروع التحرير الكبير ، وفي نفس الوقت ترسل حماس رسالة مباشرة للإسرائيليين عبر تصريح سياسي لقائدها ، خليل الحية ، الذي أعلن خلال مؤتمر صحفي موجه للإعلام الفلسطيني ، بأن حماس في الفترة الحالية لا تريد أن تتورط بأي حرب جديدة ، و أنها ترغب بالحفاظ على فترة هدوء و سلم مع إسرائيل.

إذن رسائل هنا وهناك ، رسائل سلم وحرب، رسائل مباشرة وغير مباشرة متبادلة بين الطرفين ، و الوسيط هنا ليس شخصيات دولية أو عربية ، كما كان بالسابق ، بل الوسطاء هنا ، هم وسائل إعلامية فلسطينية و إسرائيلية التي تركت ساحتها مفتوحة لبث و نشر التصريحات السياسية و العسكرية المتبادلة بين حماس و إسرائيل ، بحيث تشير تلك التصريحات إلى رغبة كلا الطرفين بعدم التورط في أي حرب جديدة خلال عام 2017 و أيضا تحمل تلك التصريحات تهديدات كلا الطرفين في حال خرق أي طرف فترة الهدوء المؤقتة.

و كأن شعب غزة هو جمهور متفرج يشاهد حلبة مصارعه بين الطرفين ، حيث يحاول كل طرف أن يفوز على الطرف الاخر ، و أن يجذب الجمهور المتحمس لصفه ، لكن في الحقيقيه شعب غزة لا يرغب بالضرورة ، أن يتحول قطاعه الي سنغافوره، و هو يرفض بالطبع أن يتحول القطاع الي الموصل أو الرقة .

شعب غزة ، يريد أن يعيش حياه بسيطه آمنة تخلو من العنف و الفقر و البطالة و الحصار، و يريد أن ينعم شبابه بمستقبل مشرق و يلهو أطفاله بمنتزهات خضراء و شواطئ نظيفة ، إنه بكل بساطه يريد حياة هادئة قد تتوفر في أبسط قرية عربية متواجدة في الصعيد المصري.

لذا شعب غزة لا يحتاج من إسرائيل لكي تحول قطاعه لسنغافورة ، لأن الشعب ببساطه هو من يصنع وطنه و يحوله إلي منجما للذهب أو قبرا للموت !

فغزة تحتاج لأبنائها لكي يقررورا مصيرهم بأيديهم ، و يختاروا قدرهم بعقولهم ، و أن يعرفوا ما هي مصلحتهم ، عن طريق صمودهم ، و صبرهم ، و تسلحهم بالعلم و الايمان ، وتبنيهم لثقافة التسامح و السلم الأهلي ، و الاخلاص للوطن ، و التعايش مع روح الحضارة العصرية.

لذلك كشعب فلسطيني ، علينا أن نعرف ماذا نريد، و أن نبدأ ببناء نموذجا لدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 ، قبل أن نطالب العالم بالاعتراف بدولة فاشلة منقوصة غير كاملة السيادة ، لا يوجد بها أقل متطلبات تأسيس الدولة ، ألا وهي الوحدة بين مؤسساتها الحكومية.

فالشعب الذي يفشل بالتوافق على يوم إجازة رسميه في كل من الضفة الغربية و غزة ، لا يستطيع أن ينجح بالاتفاق على قرار واحد للتحرر من الاحتلال بطريقة عصرية و حضارية تكسبه احترام و ثقة العالم.

لذا من الواجب علينا كشعب فلسطيني ، أن نلوم أنفسنا أولاً قبل قيادتنا ، لأن القادة هم مرآه الشعوب ، و القائد هو ابن بيئته و مجتمعه.

فالقائد المتوحش و الحاقد هو بالأساس نشأ و ترعرع ضمن مجتمع ناقم وعنيف ، و القائد السلمي و المستنير هو أيضا نتيجة تنشئة مجتمعية في بيئة مثقفة و متسامحة.

لذلك يكفى لوماً للآخرين ، و لننظر كشعب نظرة معمقة إلي داخل أنفسنا ، و داخل بيوتنا ، و داخل مدارسنا ، ومن ثم داخل مجتمعنا الممزق بسبب العنف و الجهل .

و علينا أن نشعر بالخجل بسبب عجز عقلنا الفلسطيني ، عن ايجاد حل نهائي للتخلص من احتلال مستمر منذ خمسين عاما ، فهل نحتاج لخمسين عاما أخرى، للتكيف مع متطلبات العصر ، و لكي يتطور عقلنا الفلسطيني حتى نجد الحل السحري للتخلص من هذا الاحتلال؟

فلتستمر إسرائيل بإرسال تحذيراتها إلي حماس ، و لتستمر حماس بتهديداتها ووعيدها لإسرائيل ، لكن نحن كشعب لدينا رسائل أخرى ، فرسائلنا تكمن باستمرارنا بالصمود، و الصبر من أجل الحياة ، و الأمل بمستقبل حر ومشرق، يبدأ بتعليم أطفالنا أول حروف الوطن، الذي يجب أن يوفر لنا الحريه و الكرامة و الوحدة و التسامح و الحضاره.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو