الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


= مأساة العقل العربي !!

رمضان عيسى

2017 / 6 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أعظم مظاهر مأساة العقل العربي هي كون أهم عناهر مكوناته ، هي أهم عناصر تجذر المأساة ، وهي الحاجز الأكبر أمام المعاصرة والتطور !! كيف ؟
تكمن جذور المأساة في العجز المزمن لدى العقل العربي عن تغيير ثقافته الموروثة من العصر الإسلامي والتي تصور له أن الفضيلة هي من نصيبه وحده وان الخطيئة هي من نصيب الآخرين، الجنة له وحده وجهنم من نصيب الآخرين، التقدم له وحده والتخلف من نصيب الآخرين، الحق معه وحده والباطل مع الآخرين، وأن العربي المسلم هو أَخيرْ البشر الذين يمشون على الأرض ، وقس على هذا فى كل جزئيات الثقافة الإنسانية التى لا يمكن حصرها؟
إن عجزه المزمن عن التسليم بالتنوع الثقافي ، وعدم قدرته على إدراك أن العلم قد أنهى عصور الفصل بين الثقافات المختلفة للإنسان والتي نشأت بحكم الجغرافية المختلفة للأرض ، وعجزه عن ادراك كم من الصراعات والحروب والكراهية نشأت بين البشر بسبب تلك الاختلافات الثقافية ، لهذا لم يستطع أن يصل الى إدراك المثل العليا والقيم الإنسانية التى يقوم على أساسها العالم الحديث المتقدم.
ان عولمة التواصل والاتصالات قد تجاوز الحواجز الجغرافية والقومية والدينية ، فبرزت ثقافة إنسانية واحدة قوامها الحرية السياسية وحرية العقيدة وحرية الحب والإخوة والتفاعل الإنساني.
ثقافة إنسانية واحدة يكمن فيها الحل لمشاكل الصراع بين البشر والبشر . ثقافة انسانية واحدة تقضي على المذهبية الدينية وافرازاتها الفكرية والاجتماعية والسلوكية !!
فما دامت أفكار مثل " ما فرطنا في الكتاب من شيء " ، وأن عندنا كل شيء ، وقد سبقنا العالم في كل شيء ، تطفو على سطح قشرة العقل العربي بكثافة ، فهذا يعني الاصرار على الجهل والتخلف وتفشي الاحساس العميق بالدونية تجاه التقدم العلمى العالمي الذى يجرى بسرعة الضوء ونحن وراءه كالسلحفاة أو مصابون بالكساح .
فلا زال الاعتقاد أن " القرآن موسوعة علمية " يعشش في تلافيف أدمغة الكثير ممن يعتبروا متعلمين ، مع ادراكهم بالعجز الحضاري الصارخ للأمة التي تلتحف أدمغتها بالنصوص القرآنية ، وتعترف حق المعرفة أنه لم يوجد مكتَشف علمي ، أو نظرية علمية قال صاحبها أنه اعتمد على نص قرآني قبل اكتشافها !! وأن ما يسمى بالاعجاز العلمي للقرآن ما هو إلا تعبير صارخ عن العجز الحضاري في الواقع للأُمة العربية التي لا يمكن فصلها عن موروثها المقدس .
ففي الطب لا زلنا نعتقد بفوائد " حبة البركة" و" بول البعير " ومقدرتهما السحرية على الاشفاء من أعتى الأمراض ، ودور وأثر " الرقيَة الشرعية والدعاء والاستخارة والنذور " في تغيير مسيرة الشخص الداعي الى الأفضل وفي اتقاء المصايب النازلة على رؤوسنا في المنطقة العربية رغم كثرة المآذن والزوايا !!
فلو اقتنينا أحدث السيارات وأحدث الطائرات وأحدث الحواسيب ، ستبقى علاقاتنا مع الآخرين مختلطة مع التوحش والصحراوية وسلطة القبيلة ، ولن نتقدم خطوة واحدة بهذا ما دمنا لم نتحلى بالجرأة للتخلص من ثقافة الصراعات والتميز الكاذب بأننا " خير أمة أُخرجت للناس " التي تزرعها فينا الثقافة الموروثة من العصور السابقة ، عصر التصارع على السلطة وخلافة آل البيت الى يومنا هذا .
== قال ماركس ((الإنسان يُصبح ثريًا بقدر ما يكون، لا بقدر ما يملك)). أي ثورياً وقت الثورة ، وعلميا في موقفه من العلم ، ومعاصراً للزمن لا متأخراً عنه ، وانسانا في التعامل مع الآخر !!
وستبقى كل مظاهر التخلف والظلم الاجتماعي والفقر سائدة في أحيائنا ، وستيقى فوضى المفاهيم المعكوسة تعشش في عقول أجيالنا ، ما لم نُغير ثقافتنا القديمة ، ونتبنى ثقافة انسانية جديدة تكون الأساس لمجتمع انساني ، علماني ، حضاري ، متطور ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مأساة العقل العربي في ظل الإسلام
شاكر شكور ( 2017 / 6 / 23 - 05:53 )
التربية الدينية استاذ رمضان وخطب شيوخ الإسلام تركز بالدرجة الأولى على اسلوب تخويف الناس من وجود مؤامرة من أعداء الإسلام ، وهذا يتطلب حشد الجمع المؤمن لمواجهة الأعداء الوهميين وذلك بالدعوة للتمسك بالإيمان بنصوص دينية لم تكن تصلح حتى لزمانها ، كثير من المثقفين يعتقدون ان النظام العلماني هو الحل لتنوير العقل العربي الإسلامي وتطويره ، والحقيقة التي نشاهدها في تركيا مثلاً ، تدل الى ان الإسلام يعتبر النظام العلماني دار حرب ويصنفه ضمن الأعداء الذين يتطلب الجهاد ضدهم ، فالمؤمن بالإسلام يجاهد بكل الطرق لعمل حصة تشريعية للشريعة الإسلامية في دستور الدولة ، وبخلاف ذلك يحس المؤمن بالإختناق كالسمكة التي يخرجوها من الماء ، وهذا الوسواس باعتقادي ناتج عن الخوف من تصدع الإسلام في ظل العلمانية في حالة تجريد الدين من السلطة خاصة وأن اغلب التعاليم الإسلامية سقطت امام العلم كإكساء العظام لحماً وتستطيح الأرض وغياب الشمس في عين حمة ... الخ ، فكلما تطور العلم زاد الخوف على الإسلام وزاد الإصرار على إيقاف الزمن عند عصر قبل اربعة عشر قرن ، تحياتي استاذ رمضان


2 - سِحْر التكاسل والجهل
عدلي جندي ( 2017 / 6 / 23 - 08:53 )
كل من عليها فان يبقي فقط وجه الكريم علشان يشوف وشه لوحده في المراية
تحياتي


3 - نعم
على سالم ( 2017 / 6 / 23 - 15:11 )
هذا هو دين الاسلام دائما , يتميز بالشذوذ والتخلف والغباء والجمود والاجرام والغرور


4 - العقل لاقومية له اذ جل العقلانيين ليسوا عربا
عبد الله اغونان ( 2017 / 6 / 25 - 04:47 )

لايجوز تجنيس العقل اذ العقل فوق القوميات

وحتى في تاريخنا الاسلامي جل المفكرين لاينتمون الى الجنس العربي

مأساة العقل عندنا عربا ومسلمين أن البعض يقصر العقل على اليونان والغرب وعنهم ينقل الروايات

وعات عنعنة حتى لو لم يذكر الروايات

العقل لايستطيع بحث الايمان والغيبيات كما أن عقولا لم تبحث قط في الواقع الطبيعي

فما عقل ابن رشد الا ترهات ونقول وشروح وعنعنات عن أرسطو وهلم جراااااااااااااااااااااااااااااا


5 - نجاحات الماضي لا يجب أن نجعلها عقبات أمام المستقبل
رمضان عيسى ( 2017 / 6 / 28 - 21:05 )
= شكرا للمعلقين لمداخلاتهم ، وبالنسبة لسبأ رشيد أقول كلمات مختصرة ،
في سباق المارتون لا نعتبر أن السابق في بداية السباق أو في منتصف السباق أنه يستحق الكأس ، لا ، بل الكأس لمن يكون السابق في المرحلة النهائية ، وهكذا نقيس التحضر ،
فالعرب كانوا ، ولكنهم الآن في المؤخرة ، ونجح غيرهم ،فعلينا أن نعرف كيف تطور هذا الغير ، ونسير مثلهم ، ونتعرف على الوسائل التي جعلتهم يسبقونا !! فلا يجب أن نجعل النجاحات السابقة
، معيقات للمستقبل ..أو عقبات تمنعنا من السير نحو المستقبل
فنجاحات الماضي رفي المذكورة في آلاف الكتب عن تاريخنا ومناهجنا المدرسية ، هي نظارات سوداء تجعلنا لا نرى شيء أمامنا ، أو تجعلنا نراه على غير حقيقته .
ولا يجب أن نتمسك بارث القرون ونجعله مصدرا كافياً وموثوقاً لمعرفتنا ، فهذا الارث أصبح من أكبر العوائق التي تمنع استيعاب أجيالنا للمعرفة الانسانية ، وهو العائق الذي يمنعنا من التعرف على مقومات الحضارة .


6 - == محاولة لتشخيص حالة التردي للعقل العربي
رمضان عيسى ( 2021 / 2 / 14 - 18:32 )

= للأسف ان العقل العربي له بُعد واحد ماضوي بامتياز ، و مُحاط بسياج واحد وهو الموروثات التي ارتدت ثوب القداسة .. تاريخاً ونصاً وشخصيات .
--
ان غرق العقل العربي في التراث جعله يتردى أكثر باتساع مساحة التردي بانتقاله من تقديس النصوص الى تقديس الأفراد ، الشخصيات التي لها تاريخ ديني ...
--
وما زاد من ورطة العقل العربي أنه أدخل الموروث في المناهج التعليمية ، وبرامج الأحزاب السياسية ، وهذا أدى الى الانحدار الى الشعبوية ومحاولة التقليد والتمسح بالماضي لتغطية الفشل الاداري والتنموي ...
--
ولا ننسى أن التفكير الشعبوي متشبع بفكرة المؤامرة مما زاد من عوامل الصد للتجديد والتطور على المستوى الرسمي والشعبي .