الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً - الجزء الرابع عشر

محمود عباس

2017 / 6 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مصداقية محتويات الكتاب-4
ما يقوله البلاذري في كتابه المذكور عن الجزيرة الفراتية، تأكيد على أن كتابة تاريخها خضعت لفبركة واسعة وعلى مراحل طويلة، فهو لا يذكر المصطلحات الجغرافية (ديار بكر وربيعة ومضر) التي انتشرت بين الكتاب العروبيين، وتعمقوا في تحريف أسماء المناطق الجغرافية التي لم تبلغها القبائل العربية إلا بعد الغزوات بقرون، وفي الواقع لم تسكنها، حتى مراحل متأخرة كما ذكرناها سابقاً، ولم يكن لهذه القبائل وجود ديمغرافي إلا بالاسم. وليس غريبا بأنه لا توجد لهذه القبائل من آثر في المنطقة من منتصف الخلافة العباسية وحتى الوقت الحاضر، وقبلها لم تكن سوى أحاديث دون وقائع أو آثار حضرية، سوى نقل عن نقل لا أثبات. رغم بقاء أسمائها في كتب التاريخ بدون شعب، فلا توجد قبيلة باسم مضر أو ربيعة أو بكر في كل الجزيرة الفراتية، إلى جانب القبائل الحديثة الحضور كالشمر والطي والجبور على سبيل المثال، والسؤال هنا: أين ذابت تلك القبائل وكيف ومتى؟
حتى وبالنسبة للماضي تشوب المكتوب والمذكور غموض وشكوك، ففي كتابه المذكور سابقاً، يقول البلاذري في الصفحة (205) " ...قالو ورتب أبو عبيدة ببالس جماعة من المقاتلة واسكنها قوما من العرب الذين كانوا بالشام فأسلموا بعد قدوم المسلمين الشام وقوماً، لم يكونوا من البعوث نزعوا من البوادي من قيس واسكن قاصرين قوماً ثم رفضوها أو أعقابهم. وبلغ أبو عبيدة الفرات، ثم رجع إلى فلسطين" ويقول في الصفحة (245) "لما ولى معاوية الشام والجزيرة لعثمان بن عفان (رضه) أمره أن ينزل العرب بمواضع نائية عن المدن والقرى، ...فأنزل بني تميم الرابية، وانزل المازحين والمدبر أخلاطا من قيس وآسد وغيرهم، ... ورتب ربيعة في ديارها على ذلك" وربيعة كما ذكرنا سابقاً، وحسب المصادر التاريخية العربية، كانت تسكن في شمال الجزيرة العربية وحتى جنوب الرحبة (جنوب مدينة الميادين) أي جنوب الفرات الأوسط.
أما بالنسبة لحضور بعض القبائل العربية إلى المنطقة وزمن سكنها، فتتوضح في الصفحة(248) كيف أن القبائل العربية استولت على الأراضي التي هجرها أهلها بسبب الغزوات، واسكن الأمراء فيها القبائل العربية فيقول" سألت المشايخ عن أعشار بلد ..، فقال هي أعشار ما أسلمت عليه العرب أو عمرته من الموات الذي ليس في يد أحد أو رفضه النصارى، فمات وغلت عليها الدغل فأقطعه العرب". ومن مسيرة التاريخ نعلم أن تخلي النصارى، الذين كانوا يعيشون الحضارة بسلام، لأملاكهم وترك أراضيهم جاءت على خلفية غزوات القبائل العربية الإسلامية، حيث النهب والسبي، وعدم الأمان، أي الخوف من القادم البدوي الجاهل وبشائعه.
وبالعودة ثانية إلى كتاب البلاذري، والصفحة(464) تتوضح أكثر، عدمية وجود العنصر العربي في جغرافية الجزيرة الفراتية، فيقول "حدثني العباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده قال: أول من اختط الموصل وأسكنها العرب ومصرها هرثمة بن عرفجة البارقي" وهرثمة هذا هو والي عمر بن الخطاب بعد أن عزل عنها عتبة بن فرقد. ومعروف تاريخيا أن الموصل كانت من أحد معاقل الأكراد التي تم فتحها في عهد عمر بن الخطاب. ويتمم في الصفحة ذاتها (464) فيقول " ووجد بالموصل ديارات، فصالحه أهلها على الجزية، ثم فتح المرج وقراه وارض باهذرى، وباعذرى وحبتون والحيانة والمعلة ودامير، وجميع معاقل الأكراد". كما ويقول ابن حوقل في كتابه (صورة الأرض) ص(199) “وقد سكن طوائف من العرب من ربيعة ومضر الجزيرة حتى صارت لهم بها ديار ومراع، ولم أر أحداً عزا الجزيرة إلى ديار العرب لأن نزولهم بها وهي ديار لفارس والروم”، للتوسع أنظر دراسات الباحث (محمد مندلاوي) التاريخية العديدة، من خلال صفحته في موقع الحوار المتمدن، ومن بينها دراسته (الموصل مدينة كردستانية عبر التاريخ)و (حوار ساخن لقضية ساخنة) وغيرهما، وكذلك دراسات الباحث الدكتور مهدي كاكائي، وأبحاث الدكتور أحمد خليل، والمؤرخ علي ميراني، ودراسات المؤرخ مهرداد آزادي باللغة الإنكليزية، وغيرهم.
ومن هذه الوثائق المتتالية يمكن رسم الخط الجغرافي بشكل واضح بين الوجود العربي والكرد أو الشعوب الأخرى في المنطقة، ما قبل الإسلام وبعده، والنتيجة هي بأنه لم تكن للقبائل العربية ولا حتى لإمارتيهما الغساسنة والمناذرة التابعتين للإمبراطوريتين، ولا للقبائل التي ظهرت أسمائهم بقدرة قادر في كتب التاريخ العربي اللاحق، ربيعة وبكر ومضر، وجود في الجزيرة الفراتية، ولا حتى جنوب الفرات الأوسط، وجنوب منطقة الرقة، حتى الأطراف الشمالية لبادية تدمر، ولا في أطراف البصرة، التي تعتبر اليوم مركزاً للديمغرافية العربية، والتي يقول فيها المؤرخ الدانماركي آرثر كرنستنسن في كتابه (تاريخ إيران في عهد الساسانيين) الصفحة(97) بأن أسمها لم تكن بصرة، بل كانت "هشتا باد-أردشير ثم أعيدت في أوائل العهد الإسلامي باسم البصرة"، فقد كانت ساسانية، سكنها العرب بعد دخول الجيوش العربية الإسلامية إليها في عام 18 هجرية. وإن كانت لبعض قبائلهم وجود في شمال الأنبار في فصول معينة من السنة، ولغايات البحث عن الكلأ ...

يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
22/4/2016م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينفذ هجوما جويا -بمسيّرات انقضاضية- على شمال إسرائي


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يغلقون جسرا في سان فرانسيسكو




.. الرئيس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي: -لن أتولى أكثر من


.. رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما




.. ارتفاع ضحايا السيول في سلطنة عمان إلى 18 شخصا