الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حنا بطاطو وتدوين تاريخ العراق وسوريا

ميسون البياتي

2017 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


من المؤسف أن أغلب الباحثين التاريخيين العرب لا يهتمون بكتابة تاريخهم ولهذا أصبح القاريء العربي يتلقف أي كتاب يكتب عن تاريخه وكأنه منحة من السماء , مبهوراً بالتفاصيل والأسماء دون أن يعير إهتماماً لمصداقية ما يقرأ

حنا بطاطو مواليد القدس 1926 - توفي عام 2000 في الولايات المتحده الأمريكيه وهو مؤرخ فلسطيني يبحث في تاريخ المشرق العربي الحديث . يستشهد الكثير من العراقيين بكتاباته عن العراق وكأنها قرآن منزل , في الوقت الذي لا يجوز لك أن تقرأ كتاباً دون العوده الى المرحله التاريخيه التي تم تأليفه فيها , ومن هو الكاتب أو المؤلف , وما هي عينة البحث التي إعتمدها لتأليف كتابه

هاجر بطاطو إلى الولايات المتحدة عام 1948 . من عام 1951 إلى 1953 درس حنا
في مدرسة إدموند ويلش الشؤون الخارجية بجامعة جورج تاون
نال دكتوراه العلوم من جامعة هارفرد في العلوم السياسيه عام 1960 بأطروحة عنوانها : الشيخ والفلاح في العراق 1917 _1958
ثم من عام 1962 إلى عام 1982 اشتغل بالتدريس في الجامعة الأمريكية في بيروت ثم من 1982 حتى تقاعده في عام 1994 في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة

حنا بطاطو حين جاء الى العراق عام 1958 لم يكن حجة في التاريخ بل هو مجرد طالب دكتوراه علوم سياسيه لم ينهِ دراسته بعد ليكتب أطروحة عن تاريخ العراق يتخرج بها , ولا شيء يضمن لك أن تلك الأطروحه قد حصلت على درجة الإمتياز مع مرتبة شرف , فقد تكون أطروحة هزيله لكنه حصل بها درجة الدكتوره بأي حال . بطبيعة الحال البحث التاريخي ليس قصة للسرد بل هو عمل جاد يعتمد على السرد والتحليل والمقارنه والإستنباط ولهذا فمن لم يتخصص بدراسة التاريخ فهو لايصلح لكتابته

يقال أنه تعرف على عبد الكريم قاسم أثناء تقريب قاسم للشيوعيين مما جعل عينة بحث بطاطو لكتابة تاريخ العراق هم الشيوعيون وسجلات الشرطه السريه في العراق في العهد الملكي , وهذه عينة قاصره وغير شامله لأن من يريد كتابة تاريخ بلد عليه أن يرجع الى أشخاص مختلفين من الطبقة المثقفة العراقيه لايقتصرون على الشيوعيين فقط , كما كان عليه البحث في أرشيف مجلس الوزراء لأنه أكثر صدقاً من سجلات الشرطه السريه التي قد تكون كتبت بحقد وغيض , وكانت معتمده على إعترافات أخذت بالقوه

من هم عينة الشيوعيين الذين إعتمد بطاطو على أقوالهم في كتابة تاريخ العراق ؟ عزيز الحاج مثلاً وهو قائد تنظيم في الحزب الشيوعي وبعد ربع قرن أو يزيد من العمل الحزبي وربع قرن آخر أو يزيد من العمل كمندوب للعراق في اليونسكو يصدر لنا بداية تسعينات القرن الماضي كتاباً هزيلاً مخجلاً عن تاريخ بغداد عنوانه : بغداد ذلك الزمان
فكيف كانت قدرة الرفاق التوثيقيه في مجال التاريخ قبل صدور كتاب عزيز الحاج بحوالي نصف قرن ؟ ليستمد بطاطو من حكاياتهم وثيقة يعنون بها تاريخ العراق

كل 50 سنه يتم الإفراج من قبل الدوائر الإستعماريه عن كثير من أسرار علاقتها بأحداث كثيرة في العالم , هذه الأسرار تسمى : مجوهرات العائله . في العام 2006 صدر كتاب ( حرب خروتشوف البارده ) تأليف الأمريكيين تيموثي نفتالي وألكسندر فورسينكو ( الكتاب غير مترجم للعربيه ) في واحد من فصول الكتاب أفرج المؤلفان عن معلومات في غاية السريه والأهميه مفادها أن الأمريكان هم من قاموا بإنقلاب تموز 1958 الدموي وتمت قيادة هذا الإنقلاب بواسطة جمال عبد الناصر وكميل شمعون ورشيد كرامي و 10 آلاف مارينز أمريكي وصلوا الى بيروت في عملية الوطواط الأزرق لحماية الإنقلاب , والسفاره المصريه في بغداد , وثله من العسكر العراقيين لم يكونوا أكثر من أدوات تنفيذ
ثم يتحدث الكتاب بعد ذلك عن إنقلاب عبد الوهاب الشواف الفاشل وعلاقة خروتشوف بهذا الإنقلاب . ما يهمنا هنا هو التأكيد على أن إنقلاب تموز العسكري 1958 لم يكن أكثر من عملية تبديل مستعمر بريطاني بمستعمر أمريكي , تحت مسمى ( إستقلال ) وأن رغبة الولايات المتحده وإحدى مؤسساتها البحثيه من إرسال حنا بطاطو الى العراق هو لكتابة تاريخ أمريكي للعراق لتصوير ( العهد البائد ) والوجود البريطاني في العراق على أنه خيبة ودمار مع أن دولة العراق الحديثه الحقيقيه لم تبنَ إلا بين عامي 1918 _ 1958 أما الخراب والحروب والإنقلابات والإحتلال فلم نحصل عليها إلا في عهد جمهوريتنا الأمريكيه

أصدر حنا بطاطو كتابه الثاني عن تاريخ العراق بعنوان ( الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية الحديثة في العراق ) تم نشره عام 1978
قبل عام من وفاته أصدر بطاطو دراسة مماثلة حول سوريا بعنوان : فلاحو سوريا _ سليلو الوجهاء القرويين الأقل شأنا، وسياستهم , صدر الكتاب عام 1999 لم أطلع عليه ولا أظنه يختلف عن تدوين بطاطو لتاريخ العراق , فالمواضيع تختلف لكن الأسلوب يبقى واحدا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بعض الحقائق
د.قاسم الجلبي ( 2017 / 6 / 24 - 14:41 )
عندما قامت ثورة الشعب , ثورة تموز المجيدة واطاحت بالحكم الملكي الجائر خادم للتاج البريطاني وشركاته الآستعمارية الناهبه لثروات وخيرات شعب العراق, بعد قيام هذه الثورة استفزت قوى الشر من جواسيس وحكومات الولايات المتحدة والبريطانية وحشدت جيوشها عل الحدود العراقية - الآردنية وارادت اجهاضها ولولا وقوف الآتحاد السوفيتي في ذالك الحين وحشد جيشه على الحدود الآيرانية منبها الى ان لا يتدخل احد بشؤون العراق وثورته الشعبية التي جاءت من اجل انصاف الفقراء والمعدمين من شعب العراق, بعد ان حطم حلف بغداد الآستعماري الجائر بحق شعب العراق, وهنا اتساءل كيف تتحول هذه الثورة كما اسمتها الكاتبة بالجمهوريه الآمريكية بعد بعد ان ارادت حكومتي بريطانيا وامريكا بأسقاطها بعد ان اسمت العراق بالحصان الهارب, بعد قيام ثورة الشعب؟ الكاتب بطاطو وضع كل النقاط فوق كل الحروف في قترة زمنية مهمه من تاريخ العراق المعاصر , مع التقدير


2 - شكراً
ميسون بياتي ( 2017 / 6 / 25 - 07:37 )
تحياتي يا دكتور قاسم وكان بودي أسألك عن موضوع اختصاصك في الدكتوراه لأني اعرف أن من
مع أتم الدكتوراه يكون إنسان مرن في التعامل مع الحقائق وبدون تعنت وإصرار على التمسك بفكره سابقه عفى عليها الزمن أوصلتنا الى الحضيض .. اذا ظهر ما هو جديد يزيحها عن مكانة قدسيتها وينزلها الى أرضية الحقيقه والواقع , مع التقدير


3 - سيدتي
د.قاسم الجلبي ( 2017 / 6 / 25 - 11:23 )
, هناك بعض الحقائق يجب ان لا نمر عليها مر الكرام كما يقال , نعم انا اتعامل مع حقائق عشناها قي فترة 58 , حيث هذه الثورة هزت عرائش وعقول جميع الدول الآستعمارية , واحيت أمأل شعوب
المنطقة , لا يمكنني بأي حال ان اصمت عن بعض حقائق هذه الفترة التي عشناها وقرأنا العديد من التصوص عنها, انا غير متزمت برأي ابدا ولكن هناك امورا ساطعة من ايجابيات كثيرة لهذه الثورة بالرغم من جود سلبياتها الكثيرة , انا لا يمكنني ان اصدق وبأي حال من الآحوال ان تكون ثورة تموز58 من فعل دولة استعمارية امريكية كانت ام بريطانية وهذا ما اردت تأكيده حضرتك في بعض كتاباتك هنا , هناك بعض الكتاب الموناوئين لهذه الثورة او ممن فقدوا امتيازاتهم في العهد الملكي يرغبون وبكل الطرق الغير مشروعة من تشويه سمعة رجال تلك المرحلة ,التي لم ينجب العراق مثل هؤلاء الشرفاء لشعبه الطيب ,اللذين خدموا العراق بكل شرف وامانة واخلاص لفقراء العراق بأجمعه , مع التقدير


4 - شكراً
ميسون بياتي ( 2017 / 6 / 25 - 13:51 )
شكراً يا دكتور قاسم ... انا من طبعي حين أقرأ معلومه جديده أتحقق منها من عدة مصادر اخرى قبل تصديقها و التعامل بها .. عكسك انت من بنيت قناعاتك على معلومات عرفتها قبل نصف قرن ولن يزحزحك عنها أي جديد مهما كان صحيحاً .. وتسمي ذلك مرونه وعدم تزمت

اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص