الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاث مناسبات لاعلان اليوم العراقي للتسامح. الدكتور حيدر العبادي مع التحية

قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)

2017 / 6 / 24
المجتمع المدني


ثلاث مناسبات..لأعلان اليوم العراقي للتسامـــح!
السيد حيدر العبادي مع التحية
*
أ.د.قاسم حسين صالح
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

الأولى اننا في رمضان وفيه يتوجه الناس الى الله سبحانه يدعونه ان يغفر لهم، اي انهم يطلبون منه ان يسامحهم على اخطاء ارتكبوها بحق غيرهم.والثانية،اننا في عيد الفطر المبارك وهو اجمل مناسبة للتسامح،وفيها يتوجب على المسلم ان يبادر الى السلام على من اساء اليه. والثالثة القضاء على داعش وتحرير العراق من الارهاب.هذا يعني ان علينا ان نستثمرهاتين المناسبتين الكريمتين والمناسبة الوطنية الأكبر في تحرير الأرض والانسان من اخطر واحقر وأخس واشرس تنظيم متطرف في التاريخ الحديث،هدد بجد مستقبل الوطن وأهله.
وللتذكير نشير،ان التسامح الذي صار الان مبدءا انسانيا تعتمده الامم المتحدة،كان الدين الاسلامي قد سبقها وسبق الحضارة المعاصرة بالف وخمسمئة عاما في دعوته الى التخلي عن رغبتنا في ايذاء الاخرين لأي سبب حدث في الماضي، وان نفتح اعيننا لرؤية مزايا الناس بدلا من ان نحكم عليهم ونحاكمهم او ندين احدا منهم.وكان النبي الكريم قد ضرب اروع مثلا وانبل موقفا في التسامح يوم فتح مكة وقال للذين حاربوه..من دخل بيته فهو آمن ومن دخل بيت ابي سفيان فهو آمن..مع ان ابا سفيان كان من الدّ اعدائه.
والتّسامح..الذي دعا إليه الأنبياء والمصلحون،لا يعني فقط العفو عند المقدرة، وعدم ردّ الإساءة بالإساءة،والترفّع عن الصّغائر، بل انه يعمل على السُّموّ بالنّفس البشريّة إلى مرتبة أخلاقيّة عالية،وله أهميّة كبرى في تحقيق وحدة وتضامن وتماسك المجتمعات،واحترام معتقدات وقيم الآخرين،والقضاء على الخلافات والصّراعات بين الأفراد والجماعات..ولهذا فانه يعدّ ركيزة أساسيّة لحقوق الإنسان، والديمقراطية والعدل، والحريات الإنسانيّة العامّة.ولهذا ايضا فان العالم حدد يوما دوليا للتسامح (16 تشرين الثاني/نوفمبر) يتم فيه القيام بانشطة مؤسساتية وجماهيرية دعت اليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1996،وطالبت الحكومات بالعمل على النهوض برفاه الانسان وتقدمه وتشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون فيما بين مختلف الثقافات والشعوب.موضحة ان اليوم الدولي للتسامح يقوم على فكرة امكانية تفادي الحروب اذا ما تعلمت الشعوب ان تتعارف على نحو افضل،وتفهم أن ما يجمعها في تنوع ثقافاتها المثمر أقوى مما يفرقها،وانه يمثل ركيزة المواطنة المستدامة في عالم جديد يتيح لنا فرصا كبيرة للتفاهم نحو الافضل لتعزيز التكافل الفكري والاخلاقي والتربوي فضلا عن كونه وسيلة لبناء السلام وازدهار الابداع والابتكار.
وللتوضيح ايضا فان إعلان مبادئ الأمم المتحدة حرص على تعريف التسامح بنفي الفهم المغلوط عنه، بأنه لا يعني عدم المبالاة،ولا يعني قبول كل شيء دون أي تحفظ، بل هو يعني احترام التنوع الذي يزخر به هذا العالم وقبوله والتصالح معه،وهو في جوهره "اعتراف بحقوق الإنسان للآخرين. وكانت السيدة ايرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو اوضحت "إن التسامح لا يعني الشعور باللامبالاة تجاه الآخرين،ولا يستبطن قبول كل المعتقدات وكل أنماط السلوك دون أي تحفظ، وهو لا يعني تدني التزام المرء بمعتقداته أو تهاون عزمه، والتسامح لا يعني الاستعلاء،ولا يحمل في طياته أية دلالة على أن الشخص المتسامح أرفع مرتبة من أي شخص".وفي هذا اشارة الى ان بعض المجتمعات تنأى عن التسامح باعتباره هوانا أو تساهلا أو ضعفا فيما هو في جوهره فضيلة تعكس قلب الإنسانية النابض بالمحبة والوئام والسلام. كذلك نبّه معهد جنيف لحقوق الانسان ان التسامح قيمة ما خلا منها مذهب او معتقد او دين او ثقافة ،وانه ليس مجرد مانع للحروب والعنف،بل هو أيضا حافز للإبداع والابتكار والتجديد والاكتشاف.
والتسامح يقوم على مسلمات فلسفية بخصوص الطبيعة البشرية،اولها :لا يوجد انسان معدوم الخير،وثانيها..لا يوجد انسان لا يخطأ،وثالثها..ان الانسان مجبول على الحب. ما يعني ان من يسيء لغيره قد يعيش ظروفاّ صعبةّ أدّت به الى أن يسيء لمن حوله، لكنّه لايجد من يعذره ويتسامح عن زلّته.
وسيكولوجيا..يعني التسامح ايقاظ مشاعر الرّحمة، والتّعاطف، والحنان، الموجودة اصلا في قلبك،وازاحة مشاعر الغضب والكراهية والانتقام نحو من اساء اليك.ويعني فسلجيا..ان الجهاز العصبي للانسان يكون في حالة التسامح ..مرتاحا،لأن الدماغ يكون مرتاحا جدا في حالات الحب فيما يكون مشوشا متوترا(مخبوصا) في حالات الكراهية. وان التسامح لا يعني فقط ان نسامح آخرين على اخطاء ارتكبوها بحقنا،بل يعني ايضا ان نسامح انفسنا على اخطاء ارتكبناها بحقها وان نخلّصها من اللوم والاحساس بالخزي والشعور بالذنب الذي يصل احيانا الى تحقير الذات.
وثمة حقيقة سيكولوجية هي انك اذا احببت احدا خلقت له الاعذار عن خطأ او سوء تصرف صدر منه نحوك،واذا كرهت احدا فانك تخلق له الاسباب وتعمل على تضخيمها..وكلاهما ناجمان عن حسن الظن في الأولى وسوء الظن في الثانية..الذي يشيع في زمن الكراهية.ما يعني ان علينا ان نبدأ بحسن الظن بالآخرين كخطوة اولى نحو التسامح،وان نستثمر هاتين المناسبتين (رمضان الكريم والعيد المبارك)في ان نبادر نحن بمسامحة الآخرين..فبه نكسب رضا الله ورضا النفس والناس ونشيع المودة والحب والسلام في وطن كانت بغداده تسمى مدينة السلام.
ان الزمن يجود علينا الآن بافضل ثلاث مناسبات :رمضان،والعيد،والنصر على الأرهاب..تشيع فينا الفرح وتهيأ النفوس للتسامح،لا بالطريقة الشكلية والمراسيمية،بل بالمفاهيم والقيم التي تضمنها موضوعنا هذا.
وانطلاقا من مسؤوليتنا الوطنية والعلمية،فاننا ندعو الحكومة العراقية ممثلة بشخص رئيسها الدكتور حيدر العبادي ، الى جعل يوم النصر على الارهاب مناسبة وطنية لأعلان اليوم العراقي للتسامح يحتفل بها العراقيون كل عام،ويوحدهم لبناء وطن ينفرد بثلاث ثروات..تحت الأرض وفوقها وفي العقول..تجعلهم يسعدون بثلاث نعم: الرفاهية والكرامة والتعلق بالحياة.
اللهمّ هل بلّغت اللهمّ فاشهد.
السبت 29 رمضان 1438 / 24 حزيران 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام فرنسي: اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية في باريس


.. إعلام فرنسي: اعتقال الرجل المتحصن داخل القنصلية الإيرانية في




.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في


.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ




.. تاريخ من المطالبات بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في ا