الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام

فاطمة ناعوت

2017 / 6 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الزمان: الأحد 9 أبريل 2017. المكان: مدينة أبو ظبي، عاصمة كوكب الإمارات العربية المتحدة. في ذلك التاريخ، كنت أقفُ أمام صحن مسجد "محمد بن زايد" أحمل في يدي سعفةَ نخيل غضّة خضراءَ، مشبوكةً في غصن وردة بيضاء أهدتها لي صبيةٌ آسيوية تقف على باب الكاتدرائية المصرية بمدينة أبو ظبي، تبيع أغصان السعف للناس. بابُ الكاتدرائية يجاور باب المسجد، ويلتقيان في محبة عند ساحةٍ واسعة تضمُّ بشرًا من جميع جنسيات الأرض، فيهم المسلم وفيهم المسيحي، وفيهم غير ذلك. يجمعهم حبُّ الله وتُظلّلهم مظلةُ الإنسانية الواسعة، وتحميهم وترعاهم دولةٌ، أسميتُها "كوكبًا"، لأنها تسبقُ دول العالم أجمع في التحضّر والسمو والإنسانية. اليوم "أحدُ السعف"، ذلك العيد الذي تعوّدتُ، منذ طفولتي، أن أحتفل فيه بجدل أغصان السعف، مع أصدقائي وأسرتي. صغارًا كنّا، لم نكن نعرف من فينا مسلمٌ ومن فينا مسيحي، إنما نعرفُ أننا أحبّاء نفرح معًا ونجدل سعفات النخيل معًا، لنُهدي صنعات أيادينا لأصدقائنا وأمهاتنا. في ذلك اليوم كنتُ خارج وطني مصر، في مهمة قصيرة بالإمارات. لكن سفري لا يمنعني من الحفاظ على طقوس الفرح، فنزلتُ من الفندق لأجلب السعفَ من كاتدرائيتنا المصرية: “كاتدرائية الأنبا أنطونيوس للأقباط الأرثوذوكس" بأبي ظبي. ولأن توقيت أبو ظبي يسبق توقيت القاهرة بساعتين، لم تكن الأحداثُ الدامية قد حطّت على مصر في تلك الساعة المبكّرة من نهار ذلك اليوم الحزين. جلبتُ السعفات الخُضر وركضتُ في فرح حتى وقفت أمام باب المسجد الفخم لألتقط الصور التذكارية مع أشقائي الأقباط المقيمين في كوكب الإمارات، أحتفل معهم بعيدهم، كما تعودتُ، وكما سيحتفلون معي بعد أيام بعيد الفطر المبارك. ذلك المسجد الجميل، لم يعد موجودًا الآن في أبو ظبي. فقد تحوّل اسمُه من: "مسجد محمد بن زايد" إلى: "مسجد مريم أمّ عيسى عليهما السلام". بالأمس، افتتحته الشيخة "لبنى خالد القاسمي"، وزيرة التعاون الدولي في أبو ظبي، باسمه الجديد يحيط بها لفيف من رجال الدولة ورجال الدين الإسلامي ورجال الدين المسيحي بدولة الإمارات العربية المتحدة. لماذا غيّروا اسم المسجد الفخم المُهيب؟ لأنهم نبلاءُ متحضّرون، ودّوا إرسال رسالة عملية لكل العالم تقول: “الدينُ لله، وبيوتُ الله لكل البشر، والأرضُ والحبُّ للجميع.”
قبل خمسين عامًا، تعرّض إمام أحد المساجد في مدينة مادبا الأردنية لوعكة مرضية شديدة، أرقدته في الفراش خلال شهر رمضان، فلم يستطع أن يؤذن في الناس وقت المغرب. فقرر راعي الكنيسة المجاورة أن يقرع جرس الكنيسة وقت المغرب ليُعلم الصائمين بموعد الإفطار. ولم تكن تلك الواقعة فريدةً في تجلّي قيم المحبة التي يحملها المسيحيون لنا نحن المسلمين. فقد تبرّع أحدُ أبناء العشائر المسيحية من عائلة "مرار" بنفس المدينة "مادبا" بقطعة أرض شاسعة لبناء مسجد جديد في المدينة. وكان مسجد "الحسين بن طلال"، أحد أكبر وأفخم مساجد المملكة الأردنية الهاشمية. وقبل ثلاثة أعوام، شعر الشيخ "جمال جمعة السفرتي" بأن المسلمين مدينون لأشقائهم المسيحيين بردّ شيء من المحبة التي يغمروننا بها على مر السنوات. لهذا، حين علم بأن أحد رجال الأعمال الأردنيين يفكر في بناء مسجد، اقترح عليه بأن يكون اسمه: "مسجد السيد المسيح عيسى بن مريم"، وهو ما كان. ويقف ذلك المسجد شاهقًا في ضاحية "حنينا" بمدينة "مادبا" الأردنية، تشخُص مِئذنته صوب السماء توحّد اللهَ وتقول لنا: جميعُنا موحدون بك يا رب السموات والأرض خالق الكون العظيم. كلٌّ منّا يراك عبر منظوره يُكبّر اسمَك ويُمجّد صنيعك.” ومازالت العائلات المسيحية في الأردن تتنافس لتقديم الإفطار للصائمين المسلمين في مغارب رمضان، كما يحدث في مصر وفي كل دولة عربية تمتلك نعمة "التعددية" والمحبة بين البشر. طوبى لصانعي السلام في كل مكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عيسى ابن مريم ؟ أم عيسى ابن الله ؟
عبد الله اغونان ( 2017 / 6 / 25 - 13:44 )

ليس المهم البنايات والطقوس

المهم هو الاعتقاد والعمل الصالح

في بلدك مصر أم المصائب بلاوي متلتلة وتتركينها لتنشغلي بتغطية الفساد والانقلاب


2 - نسمع جعجعة ولا نرى طحينا
شاكر شكور ( 2017 / 6 / 25 - 15:17 )
أنا لا ارى اي فضل على المسيحيين بتسمية جامع في ابو ضبي بمسجد مريم أمّ عيسى وتسمية مسجد آخر في الأردن بمسجد السيد المسيح عيسى بن مريم ، فهذه الأسماء اصلاً قد وردت في القرآن والمسلم ملزم بها وكثير من اسماء الأشخاص اسماؤهم عيسى او مريم . هذا وإن كان المقصود من هذه التسميات المودة مع الآخر ، فما الفائدة من ذلك إن كان المصّلون في داخلها يشتمون المسيحيين عند قراءتهم لسورة الفاتحة ويسمونهم بالمغضوب عليهم ؟ هذا إضافة الى تكفيرهم وتكذيب العقيدة المسيحية بعبارة ما صلبوه وما قتلوه او ادعائهم بأن عيسى سيأتي في آخر الأيام ويكسر الصليب ، فأين الفضل والمحبة للمسيحيين في هذه المساجد ؟ وعليه فإن الأسماء الجميلة لهذه المساجد ليست دليل السلام او دليل على ما يحدث من ضجيج الغضب والكراهية في داخلها والمعلنة من خلال سمّاعات مآذنها ، على كل حال ، اهنئكِ استاذة فاطمة بعيد الفطر وكل عام وأنتِ وأسرتك الكريمة بخير وسلام فأنتِ فعلاً حمامة تحمل غصن الزيتون


3 - وانت غراب ناعق
عبد الحكيم عثمان ( 2017 / 6 / 26 - 03:11 )
شاكر شكور انت غراب ناعق يحمل الكره والضغينة ويشرع في نشرها في مقال ينشر المحبة والسلام
شكراا لكاتبة علت تغير نمط مقالاتها من مقالات تحريضية الى مقالات لبث المحبة والتقارب والتعايش
هل يقول المسلمين بالحرف الواحد في صلواتهم)اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ صراط المسيحين الضالين وغير صراط اليهود المغضوب عليهم
حتى حضرتك تتهم المسلمين بسب المسيحين
اما ماصلبوه فهذا اعتقاد مثل اي متهم بجريمة قتل هناك من ينفي تهمته وهناك من يؤكدها ولاتنسى ان انجيل برنابا الذي عثر على برديات منه في نجع حمادي تركد مايقوله القرآن الكريم
فتوف عن نعقك كما ينعق البوم وانت تعلم ان هناك تعايش ودي بين المسلمين والمسيحين في كل بلاد المسلمين فلماذا هذا الاسلوب التحريض في تعليقاتك وماذا تستفيد الا انك تريد اثارة العنف والكراهية وتدمير البلاد حتى تخربها وتقعد على تلها خليك محضر خير
كال عام وانت بخير ست فاطمة


4 - الى احدهم
شاكر شكور ( 2017 / 6 / 26 - 07:55 )
نعيق الغراب افضل من التدليس والكذب والدجل والتلاعب بالكلمات لتبرير الفساد ، كل المفسرين المعتمدين يقولون المقصود بالمغضوب عليهم هم المسيحيين ، فلماذا اخفاء زبالاتكم تحت السرير ؟ هل لكي لا تنكشفوا بأنكم عنصريين وعدوانيين ومتخلفين ؟ سماعات الجوامع تصرخ يوميا وتنعت النصارى بالكفرة فهل انا من يثير العنف والكراهية ام الذي قال قاتلوهم حتى يعطوا الجزية وهم صاغرون ؟ جماعتك يكّسرون صلبان الكنائس ويفجرونها كل هذا بسبب كلمة ماصلبوه فالى متى تتصرفون كالنعام وكأن العالم لم يكشف الآعيبكم ؟ اما ما يقوله المسلمون في صلاتهم فأسمع هذه الفديوات لكي تستحي قليلا
https://www.youtube.com/watch?v=XlEs2O23Qlw
https://www.youtube.com/watch?v=JtOlYMa371I


5 - شاكر شكور
وليد عطعوط ( 2017 / 6 / 26 - 17:34 )
ما دخل العقيدة والايمان بالله بالتعامل مع الكفرة والمشركين ؟
التعامل شىء والعقيد هى كل شىء
فان كنت تعتقد اننا عندما نتعامل مع النصارى بالبروالقسط هذا يجعلنا ننكر ما قاله القرآن او امرنا به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولكننا مؤمنين بأن النصارى ضالين واليهود مغضوب عليهم
اولا -ايمانا بما وضحه كتابنا من ضلال بين
ثانيا - لان الواقع يقول هذا حتى انتم تعترفون بهذا
فايمانكم بصلب المسيح عليه السلام ضلال
ايمانكم بالاقانيم والثتليث ضلال
ايمانكم بأن المسيح اله او ابن الله ضلال الخ الخ

ولكن السؤال الذى يقصم ظهرك هل انتم تؤمنون بأن المسلمين على حق ؟ او انهم مؤمنون ؟
اعتقد انكم تكفرون كل من يخالفكم اليس هذا صحيحا ؟ فلماذا تحتج على من يعتقد نفس اعتقادكم للملل الاخرى ؟

اذن من المتعوج والملتوى ومن دائما قديما وحديثا يتعامل معنا بالاعيب الخبث والمكر ومحاكم التفتيش تشهد يا شكور




6 - ما قلَّ ودلَّ
شاكر شكور ( 2017 / 6 / 26 - 21:37 )
البعض لا يلتزم بموضوع المقالة ويريد تحويل الموضوع الى مواضيع جانبة كالتحرش بمعتقدات الآخرين التي تكذّبهم وتعمل كجهاز كشف الكذب والتي نغّصت عيشتهم وزعزعت ايمانهم ، مَثَلَهم هؤلاء مَثَلَ المصاب بحكة شرجية مزمنة لا يستطيع الأستقرار على مقعد

اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح