الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (29)

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2017 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


توصلنا في نهاية الحلقة الماضية بأن رواية ثمينة ناجي لا يمكن إعتبارها وثيقة تأريخية لا شائبة فيها، بنيت هذا الإستنتاج الأولي كون الشاهد الوحيد الذي إعتمدتْ عليه لا يمكن التعويل على شهادته أولاً ولوجود إختلاف جوهري بين روايتها ورواية كريم أحمد وحتى مع رواية آرا خاجادور، أود أن أوضح بانني لم أعطي حكمي حول عدم امكان التعويل على شهادة كريم أحمد مستندا على المبالغة التي ذكرتُها في الحلقة الماضية فقط، وإنما على روايات عديدة مدونة يُناقض بها نفسه بنفسه، سأضع هذا الموضوع على الرف في الوقت الحاضر، لكثرة التشعبات، لأعود إليه في وقت أخر، لإثبات صدق هذا الزعم.
من أجل أن نتأكد من دقة معلومات ثمينة ناجي علينا أن نحقق في روايتها من عدة جوانب:
أولاً- لنفترض، جدلاً، بأن معلومتي ثمينة ناجي وآرا خاجادور القائلة بأن حسين أحمد الرضي ـ سلام عادل قد بقى في سجن نقرة السلمان الصحراوي كسجين سياسي بدون إنقطاع لغاية حزيران 1953 صحيحة في إطارها العام. ولكن ماهو مؤكد بأن جميع السجناء السياسيين الذين كانوا متواجدين في نقرة السلمان عام 1951 قد نقلوا إلى سجني الكوت وبغداد حسب إختيار السجناء انفسهم تنفيذاً لإتفاق تم الوصول إليه بين منظمة السجن وإدارة السجن كشرط لإنهاء إضراب عام شمل جميع السجون مدعوماً بنشاطات جماهيرية من قبل عوائل السجناء وغيرهم في بغداد ومدن أخرى، أود أن أذكر بأنني لم أخذ ملاحظة زكي خيري "إستبقوا خميرة من السجناء السياسيين" بنظر الإعتبار، في الوقت الحاضر، لأنني لم أجد ما يؤكد ذلك من بين ما إطلعت عليها من الوثائق من جهة ولم يذكر زكي خيري إسماً محدداً من جانب أخر:" ورفضنا عروضه( يقصد مدير شرطة البادية-خسرو) جميعاً واصرينا على مطلب نقلنا إلى إحدى الحواضر والغاء السجن الصحراوي.
وبعد أيام شرعوا بنقلنا على وجبات إلى سجن بغداد والكوت ولكنهم في أخر لحظة استبقوا خميرة من السجناء السياسين في سجن نقرة السلمان" ص159- "صدى السنين في ذاكرة شيوعي عراقي" وفي هذه الحالة يمكن الافتراض بأن روايتي كلٍ من ثمينة ناجي وآرا خاجادور حول الموضوع صحيحة في إحدى الحالتين:
1- إحتمال قد يكون حسين أحمد الرضي-سلام عادل ضمن "الخميرة "التي ذكرها زكي خيرى في مذكراته.
2- إحتمال كون المادة القانونية التي حُكم بموجبها حسين أحمد الرضي-سلام عادل تقع ضمن الأحكام المتعلقة بالقضايا غير السياسية.
لم نجد مصدراً يُشير إلى أسباب الحكم على حسين أحمد الرضي- سلام عادل في أوائل عام1949 باستثناء ماأورده حنا بطاطو في الكتاب الثالث ص 22 بصيغة مقتضبة:"اعتقل يوم 19كانون الثاني 1949 وأرسل الى السجن بعد مظاهرة شارك فيها", وما أوردتها ثمينة ناجي في كتابها الموسوم "سلام عادل -سيرة مناضل" التي ذكرناها في الحلقة (27) وسنذكرها مجدداً لغرض التمعن فيها :
(( فصل سلام عادل من التعليم للمرة الثانية خلال حملة الاعتقالات والارهاب في نهاية 1948. واحترف العمل الحزبي وسكن في بيت حزبي مع رفيق جالاك-الشخص الثاني في الحزب اثناء قيادة ساسون دلال، لكنه فتح دكانا مع طالب الثانوية المفصول الشهيد صبيح سباهي في الفترة ذاتها ليعملا معا. واصبح الدكان عنوانا للبريد الحزبي.
إبان قيادة ساسون دلال للحزب، شخص احد عملاء الامن سلام عادل في احدى مظاهرات عام 1949 وهو من ابناء مدينته، ورغم ضرب سلام عادل لهذا العميل على رأسه في المظاهرة، لكنه بعد ان آفاق من غيبوبته بسبب الضربة اخبر الامن عن هوية سلام(حسين احمد)، وبعد التحري القي القبض عليه وقدم الى المحكمة العسكرية التي حكمته مدة ثلاث سنوات تليها سنتان في الإقامة الاجبارية تحت مراقبة الشرطة. وبعد صدور حكم المحكمة العسكرية بقي سلام لفترة ثلاثة اشهر في سجن بغداد المركزي ببناية الموقف العام. وكنت اذهب لزيارته كلما أمكن ذلك.
اخبرني سلام في احدى تلك الزيارات بان حادثا سيئا قد وقع له، فقد استغل فرصة القيلولة عند نوم الرفاق، وجلس في المخزن يكتب لي رسالة، وبغفلة منه وقف مأمور السجن أمامه وخطف الورقة، الرسالة، من يده التي تصورها منشورا شيوعيا. وسجلت ضده دعوى بهذا الخصوص وسيقدم بسبب ذلك الى المحاكمة خلال فترة قصيرة ........ولكنهم لم يحضروه الى المحاكمة. وعرفت فيما بعد انه لم يقدم للمحكمة وقاموا بتسفيره الى سجن نقرة السلمان مع عدد اخر من السجناء، وبعد مرور عام على هذا الحادث جاءني احد الرفاق ليخبرني بوصول سلام الى بغداد للمحاكمة التي تمت بسرعة وانه سيسفر نفس اليوم عائدا الى سجن نقرة السلمان ويمكننا ان نلتقي به في محطة القطار.....أعطى الصديق بعض النقود للشرطة فسمحوا لنا بالتحدث اليه الى حين موعد تحرك القطار.......
ثم حدثنا عن المحاكمة وكيف قرؤت رسالته لي وكأنها منشور حزبي، لانه تحدث فيها عن اوضاع الشعب السيئة ومسؤلية الاستعمار والآفاق الممكنة لاسقاط النظام (حيث سنلاحق الاستعمار واذنابه واذناب اذنابه)...الخ فسأله الحاكم: لقد فهمنا من هو الاستعمار ومن هم اذناب اذنابه؟
اجابه سلام عادل: انهم المنفذون لارادة أذناب الاستعمار والذين يجلبون الويل على شعبنا.
فرد عليه الحاكم: اتقصدنا نحن؟
فقال له سلام: لستم أنتم فقط بل كل من يضطهد هذا الشعب ويعذبه.
حكمت عليه المحكمة بعد ذلك بعامين تضاف الى محكوميته فتصبح خمس سنوات، مع مائة جلدة "فلقة" مع عامين ابعاد وإقامة إجبارية تحت رقابة الشرطة))ص37-38
كمدخل لدراسة الموضوع إرتأيت أن أضع أمام القارئ ما جاء في ص184 من كتاب :"دراسات في تأريخ الحزب الشيوعي العراقي"، زكي خيري وسعاد خيري المجلد الأول الطبعة الأولى 1984, اصدار اليوبيل الذهبي للحزب الشيوعي العراقي، حول الوضع السياسي الذي كان سائدا في العراق خلال الفترة 1948-1949 :
"1- اعادة بناء الحزب
كان أمل الطغاة «تصفية شاملة للحزب الشيوعي العراقي» وخيل اليهم ان كل شئ قد انتهى وأقل المجرمين تفاؤلاً كان يقول:« أن الحزب الشيوعي العراقي لم يقض عليه ولكنه ضعف لدرجة لم يعد معها يشكل خطراً على أمن الدولة لبضع سنوات».
وردّ أبناء الشعب الكادح كلا ...لن يفنى الحزب الشيوعي العراقي ما زال في العراق ظلم واستغلال طبقي والنبتات الغضة للشيوعية تندفع أبدا الى قلب الشمس من قلب ارض الوطن الزكية وبعد عام ثم عاد الشيوعيون الى الميدان بعزم فولاذي شهرته التجربة......لا هوادة هكذا ارادها الاستعمار وعملاؤه الرجعيون وتحدت الحناجر في السجون وخارجها منشدة :-
حصن حزب شاده فهد / كيف تستطيع هدمه قرد
وودع الشيوعيون قادتهم معاهدين اياهم السير على درب النضال الذي اختطوه بدمائهم وأناروا بتجربتهم التي هي خلاصة تجارب الشعب العراقي وشعوب العالم منشدين:-
يارفاقنا الخالدين / يا مثال المخلصين
كان الشيوعيون الذين أفلتوا من قبضة الشرطة قلائل وعاشوا متخفين في أقسى ظروف الاٍرهاب يترصده رجال الامن في كل شارع وفي كل مقهى وكل معمل ومدرسة...تبحث عنهم الشرطة فتداهم بيوت المواطنين ومحلات عملهم في أية لحظة وتروع أطفالهم وتهين عوائلهم..والموقوفون السياسيون يلقون صنوب التعذيب والتنكيل في زنزانات التحقيقات الجنائية وفي كل يوم تنقل سيارات السجن السوداء وجبات جديدة من السجناء السياسيين الجدد من المجالس العرفية الى السجون مثقلين باقسى الأحكام الاعتباطية..."
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطائرات من دون طيار الفاعل الرئيسي الجديد في الحروب


.. سيول جارفة ضرب ولاية قريات في سلطنة عُمان




.. دمار مربع سكني بمخيم المغازي جراء القصف على غزة


.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: سنرد على إيران وقاعدة نيفاتيم




.. بايدن ينشغل بساعته الذكية أثناء حديث السوداني عن العلاقة بين