الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوضع بالصحراء اضحى اكثر من خطير

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2017 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يوما بعد يوم ، تتأزم وضعية الصحراء مع الأمم المتحدة ، والطّوْق يقترب كثيرا من عنق النظام الذي يعتبر المسؤول الرئيسي الوحيد ، عن المآل الذي وصله الوضع بالصحراء ، والمُهدّدُ بانفصالها في اي وقت وحين . فهل انتصرت الدبلوماسية الجزائرية عن ما يسمى بالدبلوماسية المخزنية ؟ وهل أضحى وضع المغرب معزولا دوليا في قضية الصحراء ؟
منذ ان فتح النظام المغربي قضية الصحراء في بداية سبعينات القرن الماضي ، كحل للإهِتزاز الذي كان يتعرض له العرش ، والذي كان مهددا بالسقوط ، والى اليوم ، فان الوضع لم يزد ألاّ استفحالا وتعقيدا ، بسبب ان النظام عندما دخل الى الصحراء ، فهو لم يدخلها كجزء من الوطن ومن المغرب ، بل دخلها كصمام أمان لنظامه الذي كان مهددا بالسقوط . وإذا كان النظام قد نجح في تحويل مجرى الصراع الداخلي نحو الخارج ، مُجسّدا في جبهة البوليساريو ، وفي الجزائر ، وفي كل الدول التي تساند مبدأ تقرير المصير .
وإذا كان قد نجح في تغيير نظرة ، ومشروع المعارضة ، التي كانت تطالب بالحكم ، وليس بالحكومة ، او فقط المشاركة فيها ، بحيث اصبحت في مرة أولى تعتبره عدوا ثانويا بعد ان كانت تعتبره عدوا رئيسيا وكانت تطالب برأسه ، فأصبحت تعتبره محررا ووطنيا ، وانغمست حتى النخاع في كل خرجاته التي لم تكن محسوبة ، وسببت انتكاسة للقضية الوطنية ، كاقتسام الصحراء مع موريتانيا كغنيمة ، واعتبار سكان الجزء الذي آل إلى موريتانيا ، موريتانيين وليسوا مغاربة ، واعتبار وادي الذهب كذلك ، موريتانيا وليس مغربيا ، ثم الارتباك الذي لحق سياسة النظام في المحافل الدولية ، بسبب المواقف المتذبذبة والمتناقضة في التعامل مع القضية الوطنية ، بحيث مرة مع الاستفتاء ( نيروبي 1981/1982 ) ، ومرة مع الاستفتاء والحكم الذاتي معاً ( مخطط جميس بيكير ) ، ومرة مع الحكم الذاتي فقط ( خطاب الملك في سنة 2007 ) ، وأخيرا اعترافه بالجمهورية الصحراوية ، عندما وافق على القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي ، وهي مواقف مباركة من قبل كل الأحزاب وبدون استثناء ، فان ما وصله الصراع اليوم حول الصحراء ، اصحب يهدد الوحدة الترابية للمغرب ، وأضحى الطوق محاذيا الآن لعنق النظام الذي إذا خسر الصحراء وآلت إلى جمهورية ، فهي الكارثة العظمى التي ستنزل على شعب وارض المغرب ، وستكون القشة لتحويل كل المغرب إلى اكسر من حراك الريف . والنظام الذي ربط مصيره بالصحراء ، وقدم نفسه كمحرر ، سيصبح كله ، بل كل الدولة ،وليس فقد الرأس ، محط اتهام ومسائلة . فهل بعد الآلاف من الجيش التي استشهدت من اجل الصحراء ، وتركوا وعائلاتهم يتضورون الفقر والجوع والفاقة ، وهل بعد اسر أكثر من 4000 جندي ، وضابط صف ، وضابط ، ولمدد وصلت الى خمسة وعشرين سنة ، وبعد كل الثقل الذي أداه الشعب المغربي من اجل الصحراء من ضرائب واعتقالات ، وهل بعد ذهاب الصحراء سيصمت الشعب والجيش ؟
وللإشارة ، فان إجراء الاستفتاء بالطرق الأممية ، يعني الانفصال الأكيد ، وان 99 في المائة من المصوتين ، ستصوت لصالح الانفصال ، لرفضهم العيش في ظل نظام عدواني ، ومُعْتد ، وحگار ، ومفترس .
ورغم هذه الحقيقية الساطعة ، فان الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن ، تركز فقط على حل الاستفتاء ، حتى وهي تعرف مسبقا انه سيؤدي الى الانفصال ، وسيُسبّب في سقوط الدولة ، ومع ذلك تؤيده ، لان وجود النظام المغربي من عدمه ، لم يعد ضمن اهتماماتها ، خاصة بعد الفضائح المتفشية من تهريب للعملة الصعبة وللذهب ، بل ان المخطط المعروف بسايكس بيكو الذي فتّت العالم العربي بعد سقوط الإمبراطورية السجلوقية العثملية ، يجري اليوم بالشرق الأوسط ، وأكيد قرب من شمال إفريقيا . وان مُنفذي هذا المشروع اليوم ، سايكس بيكو الجديد ، هما بوتين ترامب .
مؤخرا صادقت اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ، وهي المعروفة بمجموعة 24 ، وبالإجماع ، على قرار يؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ، وفي تأكيدها التشبث بكل القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وعن مجلس الأمن ، في شان الصراع حول الصحراء .
والخطورة ، فان اللجنة بعد رفضت في 12 من يونيو الجاري ، حضور أشغالها ، كل من رئيس جهة الداخلة ، ونائب رئيس جهة العيون ، الذين قدمهم النظام كممثلين صحراويين ووحدويين ، حيث صوتت ثمانية أصوات بالرفض ، مقابل سبعة ، وامتناع خمسة أصوات عن التصويت ، اعتبرت مجموعة 24 ، اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ، ان الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ، وأنها وحدها تملك الصفة القانونية لحضور أشغال اللجنة .
وفي خضم اشتغال اللجنة ، فان مجموعة 24 التابعة للأمم المتحدة ، تبنّتْ بدون تصويت ، مشروع قرار يتعلق بالأنشطة التجارية ، والاقتصادية الغير القانونية ، في موارد وثروات الصحراء ، باعتبارها مناطق لا تزال خاضعة لمسطرة تصفية الاستعمار ، المحددة بموجب القرار 1514 الصادر عن الأمم المتحدة .
ان تبني لجنة تصفية الاستعمار لهذا القرار بالإجماع ، وبعد عرضه على الأمم المتحدة ، فإن هذه ستكون مجبرة على دعوة كل الحكومات ، وكل المنظمات الدولية ، على الالتزام بالمحافظة ، والاحترام التام للموارد ، وثروات المناطق الخاضعة لتصفية الاستعمار ، احتراما لقرارات الجمعية العامة السابقة ، ولقرارات مجلس الأمن في الموضوع . و دون ان ننسى ان مشروع القرار هذا ، يدعو الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، لاتخاذ التدابير ، والإجراءات القانونية ، ضد الشركات ، التي تساهم في سرقة ثروات المناطق ، التي تعتبرها الأمم المتحدة مشمولة ،وتخضع لتصفية الاستعمار .
فهل أضحى الطوق الآن لصيقا بعنق النظام المغربي ، الذي ربط وجوده من عدمه ببقاء او ذهاب الصحراء ؟
وهل الشعب المغربي والجيش الذي دفاع عن الصحراء منذ إحدى وأربعين سنة ، سيصمتان عن ذهاب الصحراء ؟
ان القرار الذي تبنته مجموعة 24 المختصة بتصفية الاستعمار ، التابعة للأمم المتحدة ، برفض قبول حضور رئيس جهة الداخلة ، ونائب رئيس جهة العيون أشغالها ، وتصويتها بالإجماع على اعتبار الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الصحراوي ، واعتبار الجبهة وحدها لها الحق في حضور أشغال اللجنة .
وان الموافقة بالإجماع على مشروع القرار الذي سيعرض على أنظار الجمعية العامة ، والداعي لكل الدول باحترام ثورات المنطقة ، مع فرض تدابير قانونية و إدارية ضد الشركات التي تمارس ، كما وصفها المشروع ، النهب .
وان قرار محكمة العدل الأوربية في نسختيها الابتدائية ، والإستئنافية ،بخصوص عدم سريان الاتفاقية التجارية الموقعة بين المغرب ، وبين المجموعة الأوربية على ثورات الصحراء ، مثل ثروات فلسطين
كل هذا يحمل مؤشرات خطيرة على الوضع النهائي للنزاع ، والآيل الى الانفصال ، بتوجيه من الدول الكبرى المسيطرة على مجلس الأمن ، والأمم المتحدة .
ان إهانة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرأس النظام ، فيها أكثر من رسالة مشفرة ، وفيها أكثر من رسالة للوضع الذي ستصبح عليه المنطقة عندما يحِنْ وقت التفجير الذي أضحى يطل برأسه من الأبواب .
بالأمس تم التقسيم بيد ساكيس بيكو ، واليوم سيتم التقسيم بيد بوتين ترامب .
فهل سيصمت الشعب المغربي ، وهل سيصمت الجيش المغربي الذي دافع عن الصحراء منذ إحدى وأربعين سنة خلت ، واستشهد منه الآلاف ، بعد ان تركوا عائلاتهم تتضور الجوع والفقر والفاقة ؟
الوضع جد خطير ، وأكثر من خطير ، وعلى كف عفريت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القادة الأوروبيون يبحثون في بروكسل الهجوم الإيراني على إسرائ


.. حراك تركي في ملف الوساطة الهادفة الى وقف اطلاق النار في غزة




.. رغم الحرب.. شاطئ بحر غزة يكتظ بالمواطنين الهاربين من الحر


.. شهادات نازحين استهدفهم الاحتلال شرق مدينة رفح




.. متظاهرون يتهمون بايدن بالإبادة الجماعية في بنسلفانيا