الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مظاهر العنف في الشارع العراقي

زيد كامل الكوار

2017 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


لا يخلو مجتمع من المجتمعات في العالم مهما كانت درجة ثقافته ورقيه وتحضره من حالات الشذوذ النفسي والأخلاقي، والأمراض الاجتماعية السائدة كانتهاك القانون والخروج عليه، والتطرف في الفكر والتصرف. ولا يقتصر العنف في مجتمعنا على شريحة دون أخرى ولا على طبقة من الناس أو فئة منهم، فالعنف موجود في قمة الهرم الاجتماعي المتمثل في العنف السياسي ، ولا يغيب العنف عن مرتبة من مراتب ابتداء من قمة هرمه نزولا إلى أدنى مراتبه فلكل طريقته ومذهبه في العنف، فالسياسيون مثلا يعمدون إلى التفرد بالسلطة والرأي وتجاهل أصوات المعترضين والمحتجين، إن كانوا على منابر الرأي السياسي في مجلس النواب أو من على منابر مواقع العبادة من الجوامع والكنائس، ولا يسلم من التجاهل والتهميش كذلك الهاتفون من على منابر الإعلام الحر المطالبون بحقوق شعبهم ، وما منابر الاحتجاجات الشعبية السلمية بأفضل من غيرها في مجال تهميشها وتجاهلها على كثرتها وشعبيتها العالية.
إن هذا التجاهل والإلغاء يمثل جانبا من جوانب العنف السياسي إذ يلغي ثقافة الاختلاف المولدة للرأي الآخر التي تعد رافدا من روافد تطور الأداء السياسي الناجح الموفق، لطرحها آراء ونصائح من شأنها التصحيح والتقويم والإصلاح. ومازال الإلغاء والإقصاء والتهميش أرضية خصبة لنشوء العنف السياسي" النتيجة الطبيعية". ومع أن الاحتجاجات المطلبية المتمثلة بالتظاهرات المطلبية الحضارية الأسبوعية في العراق لم تطالب بغير الإصلاح وتقويم أداء الحكومة في تقديم الخدمات الضرورية وتوفير متطلبات الحياة الكريمة، بسلمية وحضارية عالية إلا أنها لم تسلم في كثير من الأحيان من الاعتداءات الجسدية والقسوة المفرطة من قبيل تفريق المتظاهرين بالقوة باستعمال قنابل الدخان والماء الساخن والضرب بالهراوات الثقيلة والرصاص المطاطي والرصاص الحي في بعض الأحيان الذي نتجت عنه إصابات كثيرة أوقعت ضحايا من الشهداء والجرحى من المدنيين العزل، وخطف وتغييب الناشطين منهم.
إن البطالة والعوز الاجتماعي وحشود العاطلين عن العمل والمتسربين من المدارس كل هذه فئات مرشحة لممارسة العنف في حياتها كردة فعل طبيعية متوقعة للظروف الشاذة التي يعيشها هؤلاء، تلك الظروف التي جعلت منهم وسطا زرعيا مناسبا وأرضا خصبة لتفشي العنف انتقاما من المجتمع الذي بخل على هؤلاء الشباب بفرصة التعليم المضمون والوظيفة المناسبة اللائقة. فأصبحت ممارسة العنف من جانب هؤلاء ممكنة في البيت مع الوالدين والزوجة والأخوة والأبناء بسبب الحالة النفسية المتأزمة دوما. ولم تسلم من العنف كذلك المدارس التي تضم بين جوانبها الأطفال والمراهقين والشباب من الذين يعدون الأرض الخصبة الأولى للتطرف لعدم نضجهم وعفوية وعاطفية تصرفاتهم، ولم نذكر تعنيف النساء والأطفال وغيرها من التجاوزات المتوقعة في ظل ظروف استثنائية يعيشها العراقيون على اختلاف مواردهم ومشاربهم، ومعاناتهم شظف العيش والتطرف الطائفي والتشدد الفكري العقدي عند الكثيرين منهم، ولن يتخلص العراقيون من العنف ما لم يتخلصوا من المسببات القائمة في المجتمع والضغوط التي تجثم على صدورهم، كالطائفية السياسية والفساد المالي والإداري الذي أوجد جيوش العاطلين عن العمل وكل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل الأسباب المباشرة لظاهرة العنف تلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان