الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بَصَائِرَ لِلنَاسِ - والحَقُّ أحَقًّ أنْ يُتَّبَعَ (10):

بشاراه أحمد

2017 / 6 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صَادِقُ البُرْهَانِ عَلَىْ زَيْفِ فِرْيَةِ بَشَرِيَّةِ القُرْآنِ:

الإشكالية العاشرة لدى الكاتب لبيب في مشروعه الدائري الذي ينادي فيه ببشرية وتناقض القرآن الكريم, في الحقيقة مثيرة للضحك والسخرية والإستهجان,, فقد جاءت هذه المرة تحت عنوان ((... الخمر بين السكر والرزق الحسن وبين الإجتناب وعمل الشيطان ...)),,, فما هي مصادر إشكالية هذا الكاتب المعرفية والفكرية؟؟؟.

في الحقيقة هذه الإشكالية تكفي لها بضع كلمات قليلات لتصحيح مفاهيم هذا الكاتب ولكننا سننتهزها فرصة لتصحيح وتقويم عوج مفاهيمي أصبح مزمنا لدا البعض, فماذا قال ولماذا؟؟؟

أولاً: نظر إلى آية كريمة محكمة في سورة النحل, فعميت عليه لغياب مقومات المعرفة وفقه اللغة اللازمتين, لذا قال: ((... فى الآية 66 من سورة النحل ( وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَ فِي ذلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) ...)). فلعل الله قد حال بينه وبين نوره المبين, فعجز عن إستيعاب هذه الآية الواضحة البينة.

ثانياً: واصل تخبطه, فبنى على الأخطاء المعرفية أخطاءاً حكمية كثيرة, فمثلاً قال: ((... فالله في هذه الآية يسرد لنا جملة من نِعمه التى يَمتن بها على البشر كالأنعام واللبن والسَكر(الخمر) والذي نتخذه من ثمرات الأعناب والنخيل كرزق حسن...)). فظن توهماً أن "السَكَرَ" المضمن في الآية هو أيضاً رزقاً حسناً - رغم وضوح وقوة القرائن التي تبعد الإحتمال الذي ذهب إليه - فإختلطت لديه المعاني والمفاهيم الواضحة وإستفحلت الغفلة عن الحق والحقيقة, فلو كان عارفاً بالنحو لأعرب الآية ولتبين له عندها أن السكر لم يكن ضمن الرزق الحسن,, ولكن كما قلنا له سابقا لا تدخل نفسك في متاهة, أو تحشر أنفك في خلية نحل نشطة.

ثالثاً: طبعاً ظن أنه قد فهم الآية فهماً صحيحاً فأسكرته نشوة النصر,, لذا أسرع يكشف عن مكنونه وأطلق العنان لظنونه, فبنى من الحبة "قبة", وقال بثقة الفطن: ((... سنعتنى بالخمر ونتوقف عند ( وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) فالله هنا يذكر صراحة أن الخمر رزق حسن وإذا كان كذلك فهذا يتناقض مع المائدة 90 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )...)).

فما دام أنه قد وقر في خلده أن الله عدَّ السَّكر ضمن الرزق الحسن,,, فليس غريباً أن يبني على خطئه البياني أخطاء معرفية وحكمية أكثر تطرفاً وإبتذالا,, لذا قال بثقة ودون تردد, وبتحدٍ: ((... فكيف يمتن الله بالخمر على عباده كرزق حسن ويسرده ويحصيه في جملة نعمه ثم ينقلب بعدها فيجعله من عمل الشيطان .! ...)), واضح أن الكاتب خالط للأوراق برتبة مشير.

رابعاً: وأخيراً لقد زاد طينه بلة, بقوله مستعرضاً متحدياً: ((... لن تُجدى مقولة التدرج فى تحريم الخمر فهى ليست ذات علاقة بما نثيره عن قضية الخمر هل هو رزق حسن أم من عمل الشيطان ؟! . علاوة لم يصدر قول صريح بالتحريم فالقول "إجتنبوه" لا يعنى التحريم بدليل قوله ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) كذلك الخمر الملعون فى الدنيا هو شراب ومتعة الشاربين فى العالم الآخر , بل كان محمد يشرب النبيذ كما جاء فى صحيح مسلم عن ابن عباس قال : ( كان رسول الله ينبذ له الزبيب فى السقاء فيشربه يومه والغد وبعد الغد فاذا كان مساء الثالثة شربه وسقاه ). ولكن كل هذا لا يعنينا فنحن بصدد التناقض فى تحول الخمر من موضع رزق حسن ونعمه من نِعم الله إلى عمل الشيطان , فألم يكن الله يعلم أنه سيقبح الخمر فلماذا سرده وأحصاه بين نعمه مع الألبان والأنعام ؟! فأليس هذا تناقض يدل على أن الكاتب يكتب اليوم ولا يعلم ما سيكتبه غدا , وإن كنت أعزى النفور من الخمر لاحقاً كون محمد صاحب مشروع عسكرى يأمل من مقاتليه التركيز واليقظة الدائمة وهذا يفسر لنا إباحته فى الجنه ...)).
كل هذه الفقرة لم تخرج من دائرة الخطرفة والهزيان بعد خلط الأوراق وشربكة الخيوط لديه,, والمطلع على هذا النص يراه قد تكررت فيه العبارة والواحد مرات ومرات عديدة وبطريقة هستيرية.

طبعاً لا بد من أن القارئ الفطن قد لاحظ أن هناك أخطاء عديدة وجسيمة في بعض الأحيان, ولكننا سنتغاضى عنها لأننا لسنا بصدد إحصاء الأخطاء أو تقييم النص أدبياً وبيانياً ولكننا نعنى بالحقائق التي سنعالجها على محورين,, الأول تصحيح المفاهيم ثم تفنيدها, والثاني تدبر الآيات البينات التي أشكلت على الكاتب حتى يظهر الحق المبين بصائر للناس, فيما يلي:

(أ): إشكاليته هنا مع سورة النحل حيث إختلطت لديه الأمور عندما عدد الله نعماً كثيرة,, فلنبدأ من قول الله تعالى: (وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ...), هذه أحدى النعم التي أراد الله أن يذكرنا بها, ثم بعد ذلك بين لنا ماذا فعل بهذا الماء؟؟؟ ..... قال عن نفسه: (... فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ...), ثم بين أن هذه آية من آياته الكونية, قال: (... إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ 65).

(ب): وقال عن الأنعام: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ...), فما الذي يريدنا أن نعتبر به في تلك الأنعام؟؟؟ ..... قال: (... نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ - « مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ » - لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ 66), وهذه آية نعيشها في كل لحظة, ولا تحتاج إلى تعليل.

(ج): ثم عن نعم أثمار النخيل والأعناب وما يتخذه الإنسان منهما بإختياره,, قال: (وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ ...), إذ المعلوم أن المقصود بها "التمور" و "أنواع العنب",, ولكن,, ما الذي يفعله الإنسان عادة بهذه التمور والأعناب خبيثاً كان أم طيباً؟؟؟ ..... قال لهم إنكم أيها البشر عادةً: (... تَتَّخِذُونَ مِنْهُ ...) بإختياركم ما هو خبيث, وما هو طيب من ورزق حسن:
1. فتتخذون منه (... سَكَرًا ...), وهذه حقيقة وواقع ما يفعله الإنسان دائماً, إما بإفساد هذه النعم والطيبات وتحويلها إلى مسكرات مفسدة للعقل ومذهبة للكرامة والهيبة,, وكفر للنعمة, حيث قال الله لكم عنها في سورة المائدة: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ 91).

2. أو تتخذون منها: (... وَرِزْقًا حَسَنًا ...), من طيبات ما رزقهم من طعام وشراب وفواكه ورطب, وتمر وزبيب وحلويات وسلع للتجارة,,, الخ من صنوف الرزق الحسن. وهذه أية من آيات الله الكونية: (... إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ 67).

(د): ثم قال عن النحل: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي ...):
1. (... مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ...), وقد شاهد الإنسان على مر الأزمان والعصور كيف يتخذ النحل هذه البيوت من الجبال, وكيف يتحصل العسل بألوانه المختلفة منها,

2. (... وَمِنَ الشَّجَرِ ...), وهذا أيضاً مشهد مألوف إستطاع الإنسان أن يقلده ويهتدي بهديه, بجانب الإستفادة من إنتاجه المتميز,

3. (... وَمِمَّا يَعْرِشُونَ 68), فقام الإنسان بعمل المناحل الصناعية مستلهماً بما رآه من وحي الله للنحل فصنع المناحل الصناعية للحصول على إنتاج وفير من العسل.

فبين كيف كان إيحائه للنحلة والتنيجة النهائية لهذا, حيث قال لها: (ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا - يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا « شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ » - فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ « إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » 69), فالعقلاء هم الذين يتفكرون في هذا الإبداع فيعرفون أنها آية من آيات الله الكونية التي أشار إليها وذكر الناس بها.

هنا نقول للكاتب ليتك تحاول مرة واحدة في إعمال فكرك في الإتجاه الصحيح الإيجابي وتخرج نفسك من عنق الزجاجة الإلحادية التي حشرت نفسك فيه فلا تكاد ترى سوى قاعدة سدادتها. ألم تسأل نفسك لماذا ذكر الله تعالى السكر منفصلاً عن الرزق الحسن؟؟؟ فلو كان هذا السَّكر أيضاً رزق حسن كما تظن,, فلماذا إذاً فصلة عن باقي أنواع الرزق الحسن,, ولماذا لم يقل مثلاً "تتخذون منه رزقاً حسنا" وكفى؟؟؟. إذاً المتدبر الفطن يعرف أن قوله تعالى تتخذون منه: «... سَكَرًا ... » أولا ثم يقول بعدها « ... وَرِزْقًا حَسَنًا ... », معناها أن "السكر" شيء, و "الرزق الحسن" شيء آخر غيره. هذا لا يحتاج إلى كبير عناء وتفكير إن سلمت النوايا وصحت المقاصد وزكت المدارك.

والقرينة الأهم هي قول الله تعالى للبشر إنكم أنتم الذين (... تَتَّخِذُونَ مِنْهُ ...) سكراً, بإفساد بعضه وتخميره, ورزقاً حسناً بالإستفادة منه في طعامكم وصناعاتكم وتجارتكم ومعاملاتكم, ولم آمركم بتخميره أو أمُنَّ به عليكم, بل حذرتكم, ولم أذكره لكم كرزق حسنة, بل قلت لكم صراحة إنه رجس من عمل الشيطان وأمرتكم بإجتنابه. ومع كل هذا الوضوح والبيان والإبيان المحكم, نجد أن الكاتب قد فهم الآية خطأ, إما قصداً, أو لإشكاليته اللغوية والبيانية والإدراكية التي يعاني منها كثيراً, وتدخله كل مرة في مآذق لم يتحسب لها. فالسَّكر ليس مذكوراً ضمن النعم ولكنه من صنع الإنسان لذا قال للناس "تتخذون منه" عادةً هذا وذاك.
لاحظ هنا قول الله تعالى لرسوله الكريم في سورة البقرة: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ ...):
1. (... « فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ » ...), وهذه حقيقة واقعية معاشة, ولا يمكن أن يتجاهلها القرآن في وصف العناصر الأساسية للأشياء,,
2. (... « وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ » ...), وهذه أيضاً حقيقة واقعية معاشة لا يمكن أن يتجاهلها عاقل, فهي تصنع, وتباع, وتشترى, وتستخدم الكحول في صناعات وإستخدامات عديدة, لا بد من ذكرها والإعتراف بها,
3. ولكن المنطق يقول لا بد من ترجيح بين الإثم والمنافع حتى يمكن التعامل معها بوعي ومعرفة, لذا قال تعالى: (... وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ...),, ثم تحدث أيضاً عن الإنفاق وهل يكون من المال اللازم لضروريات الحياة أم من المدخرات, فوضح ذلك لرسوله الكريم قال: (... وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ 219). لاحظ هنا انه قدم الإثم على المنافع. ثم أنظر إلى قوله تعالى في سورة الشمس: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا 7), (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا 8), وقد ذكر "فجورها" أولاً ثم تلاه بـ "تقواها".

لذا فإن عبارته التي قال قيها: ((... فالله هنا يذكر صراحة أن الخمر رزق حسن ...)), لا حَظَّ لها من صحة ولا منطق.

كما أن قوله بأن هذه الآية تتناقض مع الآية رقم 90 من سورة المائدة عند قوله تعالى, ليس صحيحاً بل على العكس تماماً, فهي تؤيد ما ذهبنا إليه من أنها لم تُعد ضمن الرزق الحسن, بل وتؤكد ذلك من منطوق الآية التي إستشهد بها الكاتب والآية التي بعدها, لقوله تعالى في مخاطبته وتحذيره للمؤمنين حصرياً:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ...):
1. (... إِنَّمَا الْخَمْرُ ...),
2. (... وَالْمَيْسِرُ ...),
3. (... وَالْأَنصَابُ ...),
4. (... وَالْأَزْلَامُ ....),
كل هذه الخبائث مجتمعة: (... رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ - « فَاجْتَنِبُوهُ » - لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 90), ثم ذكر الله تعالى العلة في هذا التحريم وأهم المضار التي تترتب على تعاطيها, قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ - « فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ » - وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ «« فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ؟؟؟»» 91).

وعلى ضوء هذه الحقائق الدامغة فإن قول الكاتب: ((... فكيف يمتن الله بالخمر على عباده كرزق حسن ويسرده ويحصيه في جملة نعمه ثم ينقلب بعدها فيجعله من عمل الشيطان ...)), انما هو تصور ساذج بكل المقاييس,, ولا أدري كيف هان عليه أن يضع فكره في هذا المحك؟؟؟ .... لقد أخفق في فهم الآيات, فكان إخفاقه أكبر وأنكى في تصوراته وإستنتاجاته وتقييمه.

والأغرب في الأمر كله قوله عن الآية إنه: ((... لم يصدر قول صريح بالتحريم فالقول "إجتنبوه" لا يعنى التحريم ...)), فهذا المفهوم الخاطئ ليس بسبب عدم فهم الآية فحسب, بل بسبب القصور في فهم معطيات ومقاصد المفردات إبتداءاً,, سنضرب له مثلاً عليه سهلاً نسوقه عادة للعامة فنقول لهم إن الفرق ما بين التحريم و الإجتناب تماماً كالفرق ما بين قمة الجبل وبطن الوادي, وذلك للآتي:
1. عندما يقول لك أحدهم "لا تأكل السمك", فهذا يعني تحريمه عليك أكله, ولكنه لم يحرم عليك حمله أو طبخه أو بيعه أو حتى إشتمام رائحته, فلو قال لك الله (لا تشرك بي شيئاً) معناه حرَّم الشرك نفسه,
2. وعندما يقول لك أحدهم "إجتنب السمك", فهذا ليس فقط تحريم أكله, بل تضمن التحريم كل شيء متعلق بالسمك حتى مجرد تداوله أو حتى شم رائحته. فالإجتناب هو أكثر تأكيداً للتحريم, لأنه تحريم من كل الأوجه والإحتمالات.

أما قول الكاتب: ( بدليل قوله: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ), فهذا دليل غير صحيح, لأن التحريم شيء, والإقتراب شئ, والإجتناب شئ آخر مختلف, فقول الله تعالى « لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى », هو نهي وتحريم مقيد بشرط لقوله تعالى (حتى تعلموا ما تقولون), وليس نهياً مطلقاً كما هو الحال في "الإجتناب" الذي يعتبر تحريم مطلق شامل. معنى هذا أن لدينا هنا ثلاث معايير للتحريم في الشرع الإسلامي, هي:
1. تحريم مطلق, كقوله تعالى « رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ », وهذا يعني ألَّا تتواجدوا في مكانه وبيئته فضلا عن التعاطي معه, ومن أمثلة ذلك ما جاء في سورة الزمر عند قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ 17), وهذا يتضمن تجنب الشرك الخفي الذي قد يقع فيه الإنسان غافلاً, وهذا يؤكده قوله تعالى (ولا يشرك بي شيئاً), وهناك نماذج كثيرة منها قوله تعالى في سورة لقمان: (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ « فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى » وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ 22),, وقوله في سورة البقرة: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ - « فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ » - فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى «« لَا انفِصَامَ لَهَا »» وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 256).

وقوله في سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ » ...),, لمجرد أن بعض الظن إثم, هذه هي التربية الإيمانية لخير أمة أخرجت للناس, قال: (... « إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ » ...),, فالإنسان في الشرع الإسلامي كله حرام على أخيه الإنسان, لذا لم يقف عند أمرهم بإجتناب الظن, بل ونهى عن التجسس والغيبة ونفرهم منها قال لهم: (... « وَلَا تَجَسَّسُوا » « وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا » ...), فإعتبر الغيبة كأنها أكل لحم الأخ ميتاً, فذكره بكراهيته لهم قال: (... أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا « فَكَرِهْتُمُوهُ » ...),, ولم يقف عند حد التنفير منها, بل ربط كل من الإجتناب والنهي "بالتقوى" والترهيب بها, قال لهم إحذروا من الوقوع في مثل هذه النواهي والمحظورات, وحتى إن وقعتم في شئ منها خطأً أو نسياناً أو غفلة,,, فعليكم بالتوبة والإستغفار ولا تقنطوا من رحمة الله, إن الله يغفر الذنوب جميعاً ويعفوا عن كثير, قال: (... وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ 12).

وفي سورة النحل, قال: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ « فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ » « وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ » 30), ثم قال: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ « وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ » فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ 36).

2. وتحريم محدد كقوله تعالى (لا تشرك بي شيئاً), فالتحريم للشرك عينه, وأمثلة ذلك منها ما جاء في سورة النساء, قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا 23),,

وقوله تعالى في سورة المائدة: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ - الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ « أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا » فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 3).

3. تحريم مشروط, كقوله تعالى في سورة النساء: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى - حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ » « وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ - حَتَّى تَغْتَسِلُوا » « وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا » فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا 43), فمتى ما ذهب السكر, وإنتهت الجنابة بالغسل أو التيمم حال فقد الماء,,,, كانت الصلاة,.
وقوله تعالى في سورة الأنعام: (« وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ » وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ « لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا » وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 152).

وقول الكاتب: ((... لن تُجدى مقولة التدرج فى تحريم الخمر ...)), فهذه عبارة جاءت في غير محلها ولا مبرر لها, إذ ليس هناك في كل الآيات التي إستشهد بها الكاتب أي إشارة لهذا التدرج, ولن يقول به عاقل إبتداءاً, ومع ذلك نود أن نوضح للكاتب أن التدرج كان آلية منطقية في سبيل إزالة عادة متأصلة في الإنسان منذ الأزل, بل أصبحت متشعبة إقتصادياً وإجتماعياً ولدى كثير من أهل الكتاب والمشركين وسمة دينية لدى بعضهم,,, الخ, لذا فتحريمه المطلق من اللحظة الأولى سيخلق هزة عنيفة في المجتمع ستأتي بكوارث مدمرة,,, ولعل أهم عنصر الآن في الطب الحديث ومنهجية مكافحة الإدمان وعلاجه هو التدرج في تخليصه من دم المريض حتى يشفى تماماً منه إن كانت لديه الإرادة والعزيمة.

رابعاً: ثم أخيراً زاد طينه بلة وتوجهه زللاً وذلة, بقوله: ((... كذلك الخمر الملعون فى الدنيا هو شراب ومتعة الشاربين فى العالم الآخر...)).

بالطلع هذه حقيقة بالنسبة لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد,, فأنى للضال الذي لا يعرف ربه أن يعرف الفرق بين دار العمل ودار الجزاء, بل ولا يعرف أن يفرق ما بين الحق والبال؟؟؟ ..... أنى لهذا المغلق أن يستوعك أو يفهم أن الجنة فيها ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر؟؟؟

نعم الخمر في الدنيا هي شر ورجس من عمل الشيطان, وقد وضع الله تعالى أسباب ذلك فقال في سورة : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ 219), إن الإثم الكبير الذي فيهما يكون كافياً لإجتنابهما والزهد في منافعهما ما دام أن الإثم أكبر منها. وفي سورة المائدة, قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ - « رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ » - فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 90), فهذا مبرر كاف لإجتنابها كلها لأن الشيطان لا يأتي بخير لا لنفسه ولا لعدوه اللدود ابن آدم,, ثم أكد ذلك الشر بقوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ 91), وفي الحياة العملية يعلم الجميع مقدار الشر والعدوان والجرائم التي تحدث من وبين أهل الخمر والميسر.

أما الخمر في الآخرة فهو أمر آخر, لأنه خالٍ من كل تلك الأرجاس والشرور, إذ يكفي قول الله تعالى عنها في سورة محمد أنها أنهار من خمر لذة للشاربين ولكنها غير مسكرة ولا مذهبة للعقل والوعي والوقار, قال: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ «« وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ »» وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ 15),, ثم قال عنها في سورة الصافات: (لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ الصافات 47), فهي في نفسها خالية من الغول "الكحول", ولا هم يفقدون عنها عقولهم ومداركهم. ولكن أنى للكاتب أن يلم بهذا؟

ثم قوله ايضاً: ((... بل كان محمد يشرب النبيذ كما جاء فى صحيح مسلم عن ابن عباس قال: ( كان رسول الله ينبذ له الزبيب فى السقاء فيشربه يومه والغد وبعد الغد فاذا كان مساء الثالثة شربه وسقاه )....)).

حسناً,, حسناً,, فليكن ذلك كذلك, ولكن هل في مفهومك ومعرفتك العلمية التي تتغنى بها أن كلمة نبيذ معناها "خمراً مطلقاً"؟؟؟
1. أولاتدري قط أن "النبذ" لغة معناه الترك,, قال تعالى عن إغراقه لفرعون وجنوده في البحر في سورة القصص: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ 40), فهل هذا يعني أن الله جعلهم خمراً مسكراً؟؟؟ ..... وقال عن نبيه يونس في سور الصافات, قال (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ 145), أيعني هذا النبذ انه جعل نبيه خمراً مسكراً؟؟؟ ..... وفي سورة الذاريات قال عن فرعون وجنوده: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ 40). أيعني هذا انه أخذهم وصنع منهم نبيذا مسكراً؟؟؟
2. أولاتدري أن نبيذ التمر أو العنب أو الزبيب... معناه تركه في الماء لفترات زمنية مختلفة, وبكيفية مختلفة بإختلاف المنتج منه إن كان عصيراً أو شراباً أو خلاً أو خمراً؟؟
3. أولاتدري أن السكر البسيط أو المركب - الذي يؤخذ من التمر أو العنب أو الشعير أو غيرها من الفواكه التي تحتوي على نسبة معينة من السكر - هو عنصر أساسي في تكوين كل من الخل والخمر ولكن لكن منهما شروطه وظروف وتفاعلاته الكيمائية ومدة هذه التفاعلات؟؟؟
والظاهر انك لا تدري أن نبذ الزبيب مثلاً في الماء لمدة ثلاثة أيام لا ولن يولد فيه كحولاً وبالتالي لن يكون مسكراً حتى إن وضع في البيئة المناسبة لذلك لأن عملية التخمر بفعل البكتريا (الجراثيم) تبدأ بعد أربعة أيام من نبذه, وأن التخمر الكامل للسُكَّر يحتاج إلى مدة اسبوعين كاملين حتى يصبح مسكراً ومحرم قليله مثل كثيره.
يجب أن تعلم أيها الكاتب أن الفترة الزمنية فقط لنبذ الزبيب أو غيره في الماء لا تعتبر كافية لتوليد الكحول "الغول" لأن هناك شروط وظروف كيميائية إن لم تتوفر بدقة يتغير التفاعل وينتج شيئاً آخر مختلفاً تماماً.
1. معلوم أن تخمير السكر لفترة زمنية طويلة لن ينتج "غولاً" إن لم يكن إناء التخمير مغطى بإحكام كافٍ ومانع تماماً لوصول الأكسجين للكحول (ethanol) CH3CH2OH المنتج خلال فترة التخمير, وإلَّا فإن الكحول ethanol عندها سيتأكسد وينتج مركباً آخر,
2. إذاً, فإن نبذ الزبيب أو غيره من المواد التي تحتوي على سُكَّر - في الماء - في إناء مفتوح أو غير مغلق بإحكام - بحيث يسمح للأكسجين بالتفاعل مع الكحول - فإنه سيؤكسده فيتحول إلى " حامض خليك" + ماء,, هكذا:
إيثانول (كحول) + أكسجين ← حامض خليك + ماء
CH3CH2OH + 2 02 ------- > 2 CH3COOH + 2 H2O Alcohol + Oxygen --------> Acetic Acid + Water

خلاصة القول بأن الكاتب قد أخفق حتى في معرفة العلم الحديث الذي يتغنى به, وقد أعماه الشنآن من أن يتحسب لمصداقيته والحفاظ على ماء وجهه.
فما ذكرناه هنا هو قول العلم الحديث, وعلى ضوء ذلك دعونا نراجع إلى قول الكاتب: ((... بل كان محمد يشرب النبيذ كما جاء فى صحيح مسلم عن ابن عباس قال: ( كان رسول الله ينبذ له الزبيب فى السقاء فيشربه يومه والغد وبعد الغد فاذا كان مساء الثالثة شربه وسقاه )....)), فنقول له, ها قد خزلك العلم وطوقك بكل جانب, ولكن فينذكر أهمها فيما يلي:

1. ليس كل ما ينبذ من تمر أو زبيب أو ما شابه ذلك معناه صار خمراً مُسْكِراً ما لم تتوافر كل الشروط التي تنتج كحولاً غير مؤكسد, وهذا يقتضي تخمير السكر في إناء محكم الإغلاق منعاً لوصول الإكسجين لمحتوياته,, فهل كان النبي ينبذ له الزبيب في إناء بهذه المواصفات؟؟؟

2. المواد المحتوية على سكر - عندما تنبذ في الماء - فإنها تحتاج إلى أربعة أيام حتى تبدأ عملية التخمير, وإلى أسبوعين حتى تنتج "غولاً" (كحولاً), وبالتالي فإن ثلاثة أيام فقط غير كافية حتى لو توفرت كل الشروط والظروف الأخرى,
3. الحديث الذي إستشهدت به الكاتب يقول إن النبي (كان ينبذ له الزبيب « فى السقاء » فيشربه يومه والغد وبعد الغد فاذا كان مساء الثالثة شربه وسقاه ) وهذه الفترة أقل من 72 ساعة, وهي دون الحد الأدنى للفترة اللازمة لبدء عملية التخمير وهي أربعة أيام, فهل فترة ما دون الثلاثة أيام كافية لإنتاج إيثانول؟؟؟

4. المواد المخمرة تحتاج إلى اسبوعين حتى يكتمل التخمير, وليس ثلاثة أيام,

5. يشترط في عدم أكسدة الكحول أن تتم عملية تخمير السكر في إناء محكم يمنع تماماً وصول الإكسجين إليه حتى لا يتأكسد مكوناً حمض الخليك Acetic Acid, فهل كان ينبذ الزبيب للنبي في إناء بهذه المواصفات, أم كان يشربه ويسقيه في مساء الثالثة كحد أقصى؟؟؟

معلوم في الإسلام أن كل شرابٍ مسكر، يعتبر خمر محرَّم. بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مُسْكِرٍ خمر، وكل خمرٍ حرام). وهذا يعني صراحة أن الخمر محرمٌ "مطلقاً" قليله أو كثيره، والدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (ما أسكر كثيره، فقليله حرام).

إذاً جميع تلك المعطيات التي مرت بنا تؤكد بأن كل ما ورد بهذه الفقرة التي ختم بها الكاتب موضوعه المصطنع يعتبر عرض ساذج ومغلوط ويفتقر للحبكة البيانية فضلاً عن العلمية, بل ولم تخرج كلمة واحدة منه من دائرة الخطرفة والهزيان بعد خلط الأوراق وشربكة الخيوط لديه,, والمتطلع لها يراه قد كرر العبارة والواحد مرات ومرات عديدة وبطريقة هستيرية تجعلنا نشفق عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انظر كيف ضربوا لك الامثال
ايدن حسين ( 2017 / 6 / 27 - 09:56 )
يبدو واضحا استاذ بشاراه انك تطبق نفس المنطق الذي جاء به محمد البدوي الصحراوي في الرد على الحجج
انظر كيف ضربوا لك الامثال
فالكفار يريدون ان يمتثل محمد او اله محمد فيستجيب لطلباتهم في تحقيق بعض المعجزات
و يصبح ذلك حجة لمحمد او اله محمد عليهم اذا لم يؤمنوا حتى بعد ان حقق لهم مطالبهم
لكن محمد و اله محمد يصر اصرارا عجيبا على عدم تحقيق مطالبهم
بالرغم من ادعاء محمد ان الهه قادر على كل شيء و لا يعجزه اي شيء
فيقول .. و ما منعنا ان نرسل بالايات الا ان كذب بها الاولون
و لو كان يمشي على الارض ملائكة مطمئنين لانزلنا عليهم ملائكة
مع انه يدعي انه قد قام بمعجزة الطير الابابيل قبل خمسين او ستين سنة من بعثة محمد
ايضا
يدعي محمد .. ان عيسى كان يبريء الاكمه
لماذا لم يحاول محمد ان يبريء ابن ام مكتوم الاعمى
و انت معذور .. فانت تطبق ما فعله محمد بحذافيره
و احترامي
..


2 - أيدن حسين
بشاراه أحمد ( 2017 / 6 / 27 - 14:15 )
لا تعليق ولا تحليق

إنتهى.

اخر الافلام

.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو