الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماقبل جيل النّعم، وما بعده

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 6 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كانت مصر ولبنان ، وسوريّة، تسير في طريق العلم والثقافة والفن، وهو الطّريق الموصل للديموقراطية، ولم تكن فكرة إلغاء الآخر موجودة ، ففي الانتخابات النيابية مثلاً يتحالف حزبان كما هو الحال في الغرب، والحزب الذي يشعر بنفسه ضعيفاً ، يحاول أن يعطي أصواته للحزب الذي يحقّق له بعض المطالب. لم يكن ذلك التنافر بين القوميين السوريين، والشيوعيين، وحزب الشّعب في سورية إلا في التّصويت حين يطرح كلّ برنامجه. هم مختلفون، ولا يلغون بعضهم البعض.
كان الانتماء إلى الأحزاب هو خروج من العزلة الفكرية، ولا يعني أنّه فيما لو كنت قوميّاً أو شيوعيّاً أنّك درست مبادئ وأفكار الحزب كالكتاب المقدّس، فلم يكن أنطون سعادة مجرماً ولا فرج الله الحلو حتى يعاقبان بتلك الطّريقة، وبغض النظر عن الاختلاف أو الاتفاق.
بعد استلام حافظ الأسد للسّلطة. أصبح الحاجز بين جيلين. جيل الحياة ، وجيل النّعم. سألت أحد أصدقائي، وهو في الخمسين من عمره عن الفرق فقال: كانت أجيالكم كاذبة، ومنافقة، لكنها متمرّدة على الواقع. نشيطة. تحبّ المسرح والسينما، والكتب، أما أجيالنا فلم تعرف سوى النّعم، ومن أمثلة النّعم هذه أنّنا كنا نخدم في الجيش فأتى صندوق الاستفتاء، ووضعت لا، اعتقدت أن الجميع علم بأمري، وفي نهاية الفرز. قال الضابط: يسرّنا أن جميع كتيبتكم قالت نعم، نظرت في العيون وعرفت أن الكثيرين فعلوا ما فعلت. أولاد الأجيال السّابقة للقائد الرّمز كانوا يحاولون الحصول على الشّهادة الجامعية، يحاولون أن يكتبوا الشعر، أما أولادنا فهم أعضاء في البعث أو الشبيبة يرقصون تحت الخيم، وبعضهم آباؤهم يعانون في السّجون.
فشلت التّجربة الشيوعية في الاتحاد السوفييتي، وهذا لا يعني أن كل من انتسب للحزب أو ناصره كان مؤمناً بالاتحاد السوفييتي. فقد انتسب العمال والنّساء من أجل الحصول على حقوق، وكان أكثرهم من الشباب. هم لم يقرؤوا رأس المال، ولا للينين. هم يرغبون في التّغيير. هذا أيضاً كان قبل أن يصحح ذلك الأب السيء الصّيت مسيرة الأحزاب السّوريّة.
بعد التّصحيح أصبحت مهمة الأجهزة العمل تأهيل الزّعران للقيادة ، وللزعران أسماء باهرة، وهم مواطنون بدرجة امتياز، وبعد تولّيهم أمور العباد انقسمت الأحزاب السياسية بمتوالية هندسية، فأصبحت أحزاباً شيوعيّة، وأحزاباً اشتراكية، وقوميّة. وعلى سبيل المثال كان هناك حزبان كلاسيكيان كرديان فرّخوا حولي ثلاثين حزباً، كما أنّ حركة الإخوان المسلمين التي لم يكن لها حاضنة شعبية، أصبح حتى المسيحين يتعاطفون معهم عندما تعرّضت حماه للإبادة ، فالأب الرمز لم يفرّق بين مدني، وطفل ، ومسن.
تغيّر الأمر اليوم. أتى الطبيب الشّاب كزعيم روحي للعالم الشيعي، وبطل بالنسبة للزعران الذين هم على رأس السّلطة، فجرى ما جرى. سواء كانت ثورة خرجت من الجامع، أو من الطّاحونة الحمراء" في دمشق" . مات الثّوار، أو سجنوا، وبدأ الزعران بالقفز من المركب، وتوزعوا على دول العالم ، لكن أغلبهم حصل على الإقامة في الغرب، وعاد للاستقرار في دول الخليج، وأصبحوا ثوريين معارضين بلباس جديد. غيّر الأزعر ثوبه. بعضهم ربى لحيته، وبعضهم حجّب زوجته، وأصبحوا جميعاً كتاباً، ومفكرين، وجميعهم مع الثورة ، فمن يعيش في الإمارات على سبيل المثال في الإمارات يمتدح حريّة الإمارات، ويشتم دكتاتورية الأسد، ومن يعيش في السعودية يمتدح الإسلام السني، ويشتم الشّيعي، ومن يعيش في قطر يمكن أن ينشأ صحيفة، أو مركز بحوث على نمط قناة وصحف عزمي بشارة الممولة في قطر وفي الغرب، ولها أسماء رنّانة، ولن يضعوا لك مقالاً حتى لو كنت نجيب محفوظ إلا بالواسطة، أو إذا كان موافقاً لأراءهم. كتبت عدة مقالات بالعربي الجديد، وآخر مقال حذفوا كل مالم يعجبهم، وكل الصّحف التي تأخذ شهرة هي صحف مموّلة كجيرون وقلمون، و, و, تحدّث لي صديقي عن صحيفة نشرت مقاله، وقالت أنها تدفع مئة دولار للمقال، وهو مقال قيّم. فهو من نزلاء سجون الأسد لمدة اثنى عشر عاماً. قال لي أرسلوا لي عشرين دولار. أعتقد أنّني شوّهت سمعتي عندما كتبت معهم.
نعود إلى جيل النّعم. ذلك الجيل الذي تمّ تخريب قيمه، والاعتداء على خصوصيته من خلال انتشار قيم الزعران حيث يتمّ إحباط المتفوقين بانتشار مقولة أنّه لا قيمة للعلم، وانتشار مقولة أنّ الذكاء هو إمكانية تحصيل المال ولو عن طريق الارتباط بالأجهزة، وعن طريق التّباهي بتقديم الرّشوة والحصول على الزعامات العائلية، والعشائرية، وهذا ما كان سبباً أساسياً في تفكّك المجتمع.
في جميع الأحوال. الصحف والمواقع الالكترونية أغلبها ممّول من دول الخليج
أما تركيا فربما لم تموّل الصحافة لكنّها موّلت مجموعات مسلحة، ولا أحد بريء في تلك الحرب.
هذه إضاءة، ربما سيقرأ ها القليل، لكن لو تمكّنا من تأسيس مجموعة بحثيّة تضيء على جميع الجوانب، وفيها خبراء في جميع المجالات لاستطعنا أن نؤسس لنشوء فكر جديد. يتحدّث بالحقيقة، ويضع الحل. قد لا نستطيع تنفيذ الحلول، لكن الدّراسات تبقى للتّاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا