الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرد على احلام نبوية 2

احمد الكناني

2017 / 7 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بالعودة الى الاعتراض القائل بأنكار المجازات والاستعارات على القول بالاحلام ، مما يعني الالتزام بظاهر النص ولازمه تصحيح لمذهبي المجسمة والمشبهة ، بالاضافة الى ان لطافة الكلام وايصاله الى حد الاعجاز متقوم بالمجازات والاستعارات ، والايمان بالاحلام الغاء لكل ذلك .
يضيف سروش الى ما تقدم في جواب هذا الاعتراض مقدمة موجزة عن مفهوم الباردايم وكيفية استفادة الفلاسفة وعلماء النفس من هذا المفهوم وتصويرهم عالمنا بحالة من المجاز .
الباراديم مفهموم تبتني عليه البنية الادراكية للبحوث ، وهو مفهوم شائك ومتشعب بتشعب العلوم النظرية والتطبيقية ، ابتدأ من لوحة بسيطة رسُم عليها خطوط تبدو انها لشكل حيوان ان اُمعن النظر اليه بدا لك شكل حيوان اخر ، هذه اللوحة الملهمة اوصلت العلماء لمفهموم اصبح اساسا للتفكير فيما بعد اطلق عليه الباراديم .
للمرة الاولى عام 1892 اظهرت مجلة المانية صورة لمصمم مجهول يشاهد من خلالها وفي آن واحد صورتين لارنب وبطة ، فلو رأيتها من اليمين الى اليسار لشاهدت ارنبا ولو عكست اتجاه الرؤية لرأيت بطة ، وكانت مثالا للخدع البصرية للوهلة الاولى ، لكن هذه الصورة احدثت انقلابا في التفكير وصارت مرجعا للباحثين في مجالي الفلسفة وعلم النفس .
الفيلسوف النمساوي -الانكليزي استلهم من تلك الصورة مطلبا اخر وتحدث عن مقولة رؤية الشي بمنزلة لودویگ ویتگنشتاین
شئ اخر وفصلها عن الرؤية المجردة المحضة ، ومن هنا انطلق مفهموم الباراديم .
و المقصود بالباراديم هنا الاصطلاح الذي استخدمه توماس كون بمعناه الميتافيزيقي ، اذ للباراديم مفهوم واسع فضفاض ابتدء على يد ليختنبرج في اواسط القرن الثامن ثم تكامل بشكل تدريجي عند توماس كون في كتابه بنية الثورات العلمية ، لكن ما ينفعنا في البحث هو الباراديم بمعنى المعتقدات والقناعات والمفاهيم المسبقة التي توجه الباحثين وتحدد طريقة نظرهم الى موضوعات بحثهم ، وعليه فالباراديم هو البنية الادراكية للبحث *

غالبا ما تكون مسألة انبثاق الثورات العلمية حدث فجائي وغير محدد المعالم و كومضة البرق التي تغمر بنورها لغزا بدا غامضا في مضة ، هنا يشاهد العلماء شيئا جديدا مغايرا، وهذا التحول يحدث في الرؤية وليس في موضوعات الرؤية ، والتحول في الرؤية الكلية للواقع يفرض تحولا في شبكة الالتزامات والعادات والمعتقدات والمفاهيم ، وهذه تشبه الخدع البصرية التي ترى الصورة الواحدة فيها بطريقتين مختلفتين كما في رؤية الارنب والبطة ، كما في رؤية بطليموس للفلك حيث كان يرى نظاما من الدوائر مركزها الارض بينما راى كوبرنيكوس الدوائر مركزها الشمس فهي رؤية تأويلية تعتمد على نظريات مسبقة وفروض حدسية تنكشف بطريقة الهامية غامضة ، كما يحدث للشعراء حيث يستلهمون حدسا غيرعقلاني .
يقول بوانكاريه قد يكتشف البرهان الرياضي بمحاولات لاواعية مسترشدة بالهام ذي طبيعة جمالية عن طريق الحلم بها او عن طريق احتساء قهوة سادة .
والبرت اينشتاين يصف الاسباب التي تدفع الانسان الى ممارسة البحث العلمي والتأمل الفلسفي بالهروب من الحياة اليومية الرتيبة بقسوتها المؤلمة وكأبتها البائسة ..الى عالم الخيال والفكر والتامل الرحب والفضاء المفتوح .
الغرض من المقدمة الموجزة عن الباراديم والتي اشار اليها سروش باختصار شديد اورده بمثال الارنب والبطة لبيان ان المجاز والاستعارة هما خيال منفصل عن شيئين يجملهما شئ واحد كصورة الارنب والبطة و كما في الانسان الصالح عندما يقال عنه انه ملك او الرجل الشجاع يقال عنه اسد او للعالم يسمونه بالبحر ..وهكذا ، و هذا يثبت ما اكد عليه سروش من قبل من ان المجاز هو كشف و رواية عن عالم الخيال وتجربة ماوراء اللغة ، وليس صنعة لغوية فقط الغرض منها تحسين الكلام وتجميله .
يقول سروش : صرنا نقترب اكثر من اقوال ديفيدسون ونيتشيه لكن للقلم لغة تثقل خطواتنا ... و أراء هذين العلمين واسعة جدا ، اوسع مما بين السموات والارض .
وللوقوف على اقوال ديفيدسون ونيتشيه وكيف اصبح سروش يقترب من اقوالهما يذكر مصدرين لكتابيهما في الهامش لمن احب الرجوع الى تفاصيل أراء هؤلاء العباقرة **.
لكن وبأختصار شديد اشير الى رؤية نيتشه الى الحقيقة ومطابقتها التقليدية للواقع ، وما هو معيار صدق الحقيقة ؟ هل هو المفهوم العقلي المنطقي فما طابق الواقع هو الحقيقة وما خالفه فهو غير حقيقة ؟
اوهو معيار واقعي مادي تجريبي؟ أي هل معيار الحقيقة هو معيار مطابقة الفكر لمبادئه أم مطابقة الفكر للواقع؟
أم أن معيار الحقيقة يوجد خارج ثنائية العقل والتجربة ؟

إن كل الأفكار عن العالم مصدرها العالم الحسي وأدواتها هي الحوار وبالتالي فالحقيقة مادية ومعيارها هو التجربة ، وأن ما يصل إليه من نتائج إنما تكون صادقة فقط عندما تتطابق مع ما هو في الواقع الخارجي .
في مقابل التصور التقليدي للحقيقة العقلانية التجريبية، فإن أطروحات الفلسفة المعاصرة تتجاوز مسالة حصر الحقيقة في ثنائية العقل والتجربة، وبالتالي معيار المطابقة من أهم أطروحات الفلسفة المعاصرة .وهنا ينتقد نيتشه مسألة التطابق بمعناها التقليدي. فهو يشكك في قدرة العقل على بلوغ الحقيقة، أن العقل لم ينتج عبر تاريخه إلا الوهم ...
للحديث تتمة ...






* توماس كون، تركيب الثورات العلمية ص178 ، نقلا عن نظرية الباراديم عند توماس كون واثرها في علم الاجتماع المعاصر، قاسم عبد المحبشي
** Davidson, D , What metaphors mean , in Davidson, D inquires into Truth and interpretation , p 245-264 .
Nietzsche , N , On Truth and Lies in a Non-moral Sense , Create Space Independent , Publishing Platform .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س