الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة الشك لدى المعري (1)

داود السلمان

2017 / 7 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


فلسفة الشك لدى المعري (1)

الشك طريق الايمان
يعتبر بعض الفلاسفة أن الشك خطوة اولى نحو طريق الايمان، ما يعني: إن الانسان اذا بدأ يشك في قضية ايمانية أو غيبية، وبدأ يبحث عن جذورها الاولية، فأنه سيصل الى طريق ايمانه بتلك القضية، وربما ديكارت يعتبر ابا فلسفة الشك: "أنا افكر اذن أنا موجود" فهو عرف وجوده عن طريق الشك، ولولا الشك لما وصل الى الايمان. وهذا عين ما قاله الفيلسوف الانجليزي فرانسيس بيكون منذ أكثر من ثلاثة قرون: إن قليل من الفلسفة يقرب الإنسان من الإلحاد؛ أما التعمق في الفلسفة فيرده إلى الدين أو الى الايمان. وهو يريد أن يقول: إن الذي يسير على شواطئ بحر الفلسفة وهو بعد لم يصل الى عمق ذلك البحر، حتى يكتشف ما في داخله من كنوز واسرار، فأنه قد يستهان بالبحر ولا يعطيه حقه، ولم يتوصل الى العمل النافع الذي يقدمه البحر للطبيعة وللناس وللحيوانات وللطيور، وغير ذلك.
ومن هذا المنطلق يقول بيكون: "إذا بدأ الإنسان بقناعات فسيصل إلى شكوك، أما إذا بدأ بشكوك فسيصل إلى قناعات" فبيكون يريد منا حينما نسير في الطريق أن لا نسير ونحن عميان، لا ندري اين نضع اقدامنا، فربما هنالك حفرا، أو معرقلات نقع فيها و تعرقل مسيرنا، بل الصحيح أن نشك بإيماننا القديم بأشياء ورثناها عن اسلافنا، وهي قد تكون غير صحيحة، ومن خلال هذا الشك قد نصل الى الايمان بتلك الاشياء، والعكس ايضا صحيح، خصوصا وأن التقليد الاعمى حتى القرآن قد ذمه:
قال:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}
وقال: {بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} الشعراء:74
وهذا يعني أن التقليد مُعيب، ولا يستند الى علمية، وأن المقلد للغير، خصوصا الآباء، غير صحيح، وكما في الحديث المنسوب للإمام على أن اولادكم ولد في زمن وهو ليس زمنكم.
يقول المعري:
في اللاذقية ضجة ما بين أحمد والــــمسيحُ
هذا بناقوس يدق وذا بمئذنة يــــــــــــصيحُ
كلٌ يعظِّم دينه يا ليت شعري ما الصحيحُ ؟
ويريد أن يقول: إن كنائس اليهود في اوقات الصلوات، تقرع اجراسها لتدل على موعد الصلوات، كذلك كنائس المسيحيين تفعل ذلك معلنة عن اقتراب وقت الصلوات، واما المسلمون فهم يكبرون في الجوامع حينما يحين موعد صلواتهم الخمسة. فهو يقول: اننا نسير مع من؟ ونعتقد بمن؟ ونصلي مع من؟. وقد خُلطت علينا الاوراق، فما عدنا نعرف الحق مع من؟، لأن كل من هذه الاديان الثلاثة يعتقد أن دينه هو الصحيح، فيعظمه ويقلل من شأن غيره. فاذا تبعنا الاول يكفرنا الثاني واذا تبعنا الثاني يكفرنا الثالث، وهكذا دواليك.
بمعنى آخر يريد أن يقول المعري: لماذا لا تتوحد هذه الاديان وتصبح دينا واحدا للجميع، وكفى الله المؤمنين شر القتال. وهذا التساؤل منطقي ويقره العقل، فيعتقد المعري أن المصالح والمناصب والمنافع والسياسات هي التي تتلاعب بمصائر الناس، خصوصا رجالات الدين من الاطراف الثلاثة، فكل منهم لا يريد أن يتنازل للآخر كي لا يخسر مصلحته، لأن مصلحته فوق كل شيء.
وعليه فأن المعري يؤكد بقوله:
إنّ الشّرائعَ ألقت بيننا إحَناً، وأودعتَنا أفانينَ العداوات
وهل أُبيحت نساءُ القوم عن عُرُضٍ، للعُرب، إلا بأحكام النُبوّات؟
فيعتقد المعري: إن الشرائع هي التي زرعت في قلوبنا (الاحن) وهي الاحقاد، فلولا هذه الشرائع لم يحقد انسانا على انسان، وليس هذا فحسب، بل وصنعت من بيننا طائفة من الناس لم يكن عمله الا نشر العداوة والكراهية في صفوف الناس، بدل نشر ثقافة المحبة والتسامح. وعليه فهذه الاديان لا تصلح للجميع، فهو يشك في مصداقيته.
ويضيف المعري:
وقدرةُ اللَّه حقٌّ، ليس يُعجزُها حَشْرٌ لخلقٍ، ولا بَعثٌ لأموات
فاعجبْ لعُلويّةِ الأجرام صامتةً، فيما يقالُ، ومنها ذاتُ أصوات
ولا تطيعنّ قوماً، ما ديانتهُم إلاّ احتيالٌ على أخذ الإتاوات
وإنّما حمّلَ التّوراةَ قارئَها كسبُ الفوائد، لا حبُّ التلاوات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي