الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الإختلاف ..

محمود الزهيري

2017 / 7 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإختلاف بمثابة قيمة , من أسمي القيم التي تسعي إلي تأصيله العقول الإنسانية النابهة بمتطلبات الحاضر والمستقبل علي مستوياته المختلفة , وتبدأ بالإختلاف في الدين والمعتقد السماوي أو الأرضي , وتؤصل لمنظومة الحق والواجب وتقبل بما عداهما من إختلافات بداية من الدين للفن والموسيقي والدساتير والقوانين والتشريعات , والنظريات السياسية والإجتماعية لخلق عالم مبدع في تأصيله للرفاهية وجلب أسباب السعادة والأمل والطموح لخلق عالم أفضل يتسع لجميع المختلفين في كل شيء وأي شيء إلا القيم المتصلة بالحقوق والواجبات المتبادلة والتي تحكمها جملة من القوانين والتشريعات والنظم واللوائح التي تنظم الوصول للحق والواجب بسهولة ويسر ومجازاة الخارج عن هذه الدائرة التي اتفق عليها الناس , وليترك كل إنسان حراً في اختياراته الدينية / العقيدية وبالتوازي الحرية في التفكير والإبداع والتنقل , وهذه الحرية التي يسعي لوأدها كل من هو رافض لقيمة الإختلاف والتعددية , ولذلك اتسع المجال للعديد من الآراء والأفكار والتصورات لهذه القيمة الخاصة بالحرية في الإختلاف أو الإختلاف المؤصل لقيمة الحرية .
ويتبقي بالقول أولاً وبالفعل ثانياً أن كل من هو خارج عن دائرة الحريات فهو يبدأ متطرف وينتهي إرهابي قاتل , فالتأسيس للحريات يبدأ بالتأسيس للحريات الفردية والمجتمعية عبر أسس واطر قانونية عامة مجردة , ولذلك فإن التطرف لايقبل بالحريات الفردية إلي أن يتبلور في شكل من أشكال الإرهاب الدموي كونه قابلاً لحرية الأفراد والحريات المجتمعية لتصادمها مع مشروعه العقيدي المبني علي أسس وقواعد دينية لاتقبل بالتعديل أو التفسير إلا من خلال العقل الديني الثابت الغير قابل للتأويل كأداة تمكنه من قبول الإختلاف والمختلف معه والمختلف فيه والمختلف عنه , وهنا تبدأ كارثة التغيير بالدم عبر القتل والتفجير والحرائق والأحزمة الناسفة والعبوات التفجيرية لرفض تلك الحريات الفردية والمجتمعية المبنية علي دساتير وقوانين وتشريعات ليتم محوها والتأسيس لثقافة موحدة علي مسطرة المعتقد الديني الغير قابل لأي إختلاف علي المطلق , لأن النص الديني مطلق وماينتج عنه من أقوال ناتجة عن قراءات واحدية مطلقة ومن ثم فالأفعال تكون مطلقة في إستباحة التغيير للواقع المتعدد في حرياته واختلافاته لتوحيد تلك الثقافة الواحدية المطلقة بالدم !
وحين الوصول للدم تتبدي مدي هشاشة الشخصية الدينية ووهانتها أمام الواقع واستجلابها للقوة المتوهمة من النص الديني المطلق , وقد عبر ستيوارت مل عن هذه الشخصية الرافضة للإختلاف ذاهباً إلي أن :" الاختلاف يسود دائما وقتما و أينما سادت قوة الشخصية ، و كم الاختلاف في مجتمع ما يتناسب غالبا مع كم العبقرية والنشاط العقلي والشجاعة في هذا المجتمع " .
ولأن المجتمعات الرافضة للإختلاف , مجتمعات ضعيفة لاتقبل بأي آخر مهما كان نوعه ومهما كانت صفاته , خشية التأثير عليها وإضعافها حال مواجهتها مع الآخر في أي نقاش أو حوار أو فعل من الأفعال الحياتية العادية , فإنها تري بأنه خطر علي وجودها ومجرد القبول بوجوده بمثابة زحزحة أو إزاحة لسلطة النص ومن ثم إزاحة لتلك القوة المتوهمة , وكذلك إزاحة للمصالح المتيقنة من خلف ستار المعتقد , وأحداث التاريخ تؤدي إلي النتيجة التي مؤداها بأن كافة الصراعات كانت من وراءها مصالح تدعي القداسة والإحتماء بالمقدس علي شرط رفض الإختلاف ورفض الآخر _ أي آخر _ , ومن هنا يكون الإختلاف بمثابة المعضلة الأزمة أو الأزمة المعضلة التي لاتجد لها ثمة حلول في تواجد المعتقد الديني وموروثاته ونصوصه المقدسه بل تراثه الإنساني الذي صار مقدساً لمجرد تماسه مع المقدس !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا


.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س




.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و