الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيار المقاومة وحتمية الانتصار

بدر الدين شنن

2017 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


ليس كيف تتشكل ، وتفهم الخلفيات ، لحدث ما صعباً . إنها ببساطة مجموعة المصالح والغايات ، التي تهدف الحركة ، بشتى الوسائل لتحقيقها . قد تضعف أو تفشل الوسائل ، لكن الخلفيات تبقى قائمة .. وتستدعي وسائل أخرى . هكذا هي الأمور ، تسير بصورة عامة ، بالنسبة للفرد والجماعة ، عبر سيرورة الوعي والحركة . وقد كانت الخلفيات المصلحية للطبقات الاقتصادي والحاكمة السائدة ، هي الدافع لما سمي بالفتوحات .. ومن ثم سميت " بالحروب " .سيما الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن الماضي. ما أدى إلى انقسام العالم على معسكرين متصارعين .. اشتراكي .. ورأسمالي .

ومع انقسام العالم إلى معسكرين ، استمرت الحرب على خلفيتين متعارضتين ، لكنها صارت باردة . أي أنها تستبعد أي اشتباك كوني مسلح . وذلك بسبب امتلاك كلا المعسكرين السلاح النووي .
بعد انتهاء الحرب الباردة بانهيار المعسكر الاشتراكي ، فتح المجال أمام القوى الرأسمالية الأعظم ، والقوى الحاكمة الأقوى والأشرس ، للسيطرة على العالم كله ، على خلفية مصالحها الاقتصادية ، التي تتطلب الهيمنة على كل شيء له صلة حيوية مباشرة بطموحاتها وسلطاتها ، دون استخدام الوسائل المعتادة في الماضي .
لكن السيطرة على العالم ، لم تلغ قوانين الصراع التنافسية في بني الرأسمالية ، بين الاحتكارات والتكتلات الاقتصادية ، لاسيما القوى الرأسمالية العريقة القوية ، وبين القوى الرأسمالية الناهضة ، التي تبحث عن مكان لها في رحاب العالم ، الذي خضع كلية ، للرأسمالية وقوانينها وآلياتها . ونتيجة لذلك . يصبح وصف الواقع بوجود مركزين للرأسمالية الكونية . ولكنهما بحكم تنافسهما يختلفان بنمطية العلاقة مع الآخر ، وبأسلوب تداول السياسة الدولية . وتبعاً لذلك تصبح أي مشكلة تمتد إلى خارج الحدود ، أو أن يستعصي بلد ما على السيطرة الكونية ، تصبح أزمة دولية . وهكذا ، جرى ربط الخلفيات المعبرة عن المصالح بالوسائل الجديدة .

وتم اختيار الإرهاب الدولي ، من بين كل الوسائل ، وارتبطت الحرب الجديدة ، باسم التنظيمات الإرهابية ، التي أنشأت وكلفت بهذه الحرب .. وأبرزها .. القاعدة .. وداعش .. والنصرة . وقد بنيت خلفية حروب الإرهاب الدولي وفق المحددات التي نتجت عن الإجابة ، على سؤال لطغاة المرحلة الرأسمالية الكونية وهو : كيف نسيطر على مصادر مقومات الحياة الأساسية ..لنؤمن السيطرة المطلقة على العالم .. وبخاصة .. مصادر الطاقة بكافة أنواعها ؟؟مصانع السلاح وخاصة النوعي المتطور الشمل .. والإلكترونيات عامة والفضائية خاصة .. والتكنولوجيا .. والرأسمال المالي .. وآليات الاستثمار الكوني .. والتعليم .. والإعلام .. والثقافة التراكمية المنتجة للفكر .. وللعلوم .. وحركة العقل .

وقد برهنت التجربة ، أنه لكي يفهم الحدث ، ويجري التعامل معه بنجاح ، ينبغي فهم الخلفية التي دفعت متطلباتها الحدث إلى الحركة ، لترى أهدافها النور و تتحقق .
ما حدث في حرب الإهاب الدولي ، المنبثقة من الزواج غير المقدس ، بين الاحتكارات الإمبريالية وبين التخلف الرجعي العربي ، يكاد يطابق هذه المحطات المتلازمة لسيرورة .. حركة .. حرب .. أي لم تكن استجابة للتطور الطبيعي الموضوعي ، وإنما استجابة لمطامع وطموحات لا تتعامل مع التاريخ بشفافية مع ضرورات التطور الحضاري الإنساني ، وإنما استجابة للرغبات الجشعة في المزيد من السلطة والثروة لحساب مراكز الاحتكارات الرأسمالية المجرمة بحق الإنسانية ، والمعادية للتطور ، إلا ما يخدم ارتفاع نسبة الأرباح المضرجة بدماء المليارات من البشر .

وفي هذه الحرب التي أطلقت على بلدان عربية عدة ، وخاصة ليبيا ، والعراق ، وسوريا ، واليمن ، انفلتت القوى الرأسمالية والرجعية العربية من عقالها ومن عقولها و من أي شريعة أو قانون . وعادت إلى شريعة الغاب الحيوانية الشرسة .
وكان اكتساح العالم ، من قبل الاحتكارات العابرة للقارات والسلطات القابرة للعدل والقانون .. بكل مكوناته الاقتصادية ، والأحكام البشرية الحضارية القيمية .. وتحويله إلى ركام من الدمار وبحار من الدم .. هو الخلفية الرئيسية لسلوك الحكومات والدول والاحتكارات في السيطرة على العالم . التكتلات الاقتصادية التي تجنبت هذا المسار .. بل وتأثرت بارتداداته وشظاياه ، لم تتمكن من وضع حد حاسم لتوحشه . فلجأت لطرح تسويات للبؤر الأكثر سخونة في فضاء الهيمنة على العالم .

ووفقاً لذلك ، تصبح الحرب على سويا أزمة دولية . إذ أن مصدر سلاح هذه الحرب .. وقرارات التصرف الأساسية في مصيرها ، هو بيد القوى الدولية . وربما أن هذه الحرب .. أحد التعبيرات عن خلفيات القوى الدولية المشتبكة فيها .فإن أي تسوية لوقف الحرب إن لم تنسجم بشكل أو بآخر ، مع خلفيات هذه القوى في الصراع المسلح ، فلن تكون هناك تسوية . أو أن يكون التقسيم هو التسوية ، إذ أن الأزمة الجارية تكرست أزمة دولية .. عبر سورية ..

ومن يفكر أن الأزمة سورية بالمطلق .. والتسوية سورية ـ سورية وحسب ، هو خارج الواقع الملموس المعاش . وما يجري من تعثر في إنجاز التسوية للحرب على سوريا ، إنما هو بسبب تعدد خلفيات القوى الدولية ، وليس يسيي تردد السوريين حول التسوية .

وعلى هذا يمكن فهم خلفية وتخبط سياسة " ترامب " في التعامل مع الحروب في المشرق . فهو يريد أن يحسم الأمور بالضربة العسكرية الحاسمة . ولكنه يتراجع أمام ارتداداتها الدولية ، وأمام التداعيات المفجعة مادياً وبشرياً لأميركا وحلفائها . ويريد أن يفرض شروطه في تسوية لصالحه لا رجعة عنها.. لكنه يصطدم بطلبات الآخرين .. وتتحول خلفية سياساته في الشرق الأوسط إلى فوضى وعبثية ، تتمثل بالابتزاز ، وباستخدام الضربات العسكرية العدوانية في تدمير البنى التحتية ، وفي اعتداءات الغدر على المواقع السكرية السورية .

وبذا تستمر معادلة التسوية أو الحل السياسي ، دون حل ، حتى يحزم الشعب السوري أمره .. ويتوحد .. ويختار كله المقاومة على خلفية الانتصار .. ليبني بعده حياته الجديدة .. حسب طموحاته .. وكرامته .
وتستمر الحرب حتى ينهيها الجيش السوري على طريقته الهجومية الأسطورية ’








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع