الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغزية السياسية الفلسطينية

محمود فنون

2017 / 7 / 3
القضية الفلسطينية



مصلحة الفصيل أولا وقبل مصلحة الوطن
وما دام القائد بخير كل شيء لا يهم
من أساسيات احتياجات الإنسان: الطعام والشراب والمأوى والكساء والأمن والجماعة وتعني الجماعة : ان يكون في علاقات اجتماعية . ومنذ ان ظهر الإنسان وتميز عن الحيوان ، وحتى وهو في مرحلة المجتمع البدائي ،كان ينتمي إلى الجماعة التي انحدر منها ، وحينما ظهرت العشيرة انتمى للعشيرة وكان حاله من حالها ووجوده مرتبط بوجودها ، ثم توسع الإنتماء من العشيرة الصغيرة الى القبيلة من خلال العشيرة ثم اتحاد القبائل وذلك من خلال العشيرة والقبيلة .
لم يكن الوجود الفردي للإنسان بمعزل عن قرابة الدم المتمثلة بوجوده في اسرة هي جزء من العشيرة والعشيرة جزء من القبيلة .
وفي العصر الحديث تغير الحال كثيرا عبر اطوار مر بها المجتمع والعلاقات الإنسانية ومختلف الروابط كالقبيلة والدين والطائفة والفرقة والجهة والعرق واللون والطوائف المهنية والحارة ... الخ إلى ان ظهر الإنتماء للامة والوطن وهو لا شك انتماء راقي يتوسع فيه الإنسان من حدود مكان اقامته في مضرب البدو او القرية او الحارة ، يتوسع إلى انتماء للوطن كله ولعموم الشعب بكل مكوناته المختلفة ويكون هذا بمنزلة مواطن ويتعاطى مع الآخرين كذلك .
إن بداية الأنتماء للامة والوطن قد يكون من خلال الإنتماء الحزبي فالحزب هو رابطة انسانية سياسية تهتم بالوطن ككل وبالأمة ككل، والأنتماء للنقابات او لإتحادات ذات الصبغة العامة . أي بدا الإنسان بمغادرة الروابط التي ولى زمانها والتي اصبحت مظاهر رجعية ومتخلفة إلى المظاهر المعاصرة والتي تتسع ويتوسع معها انتماء الفرد واهتماماته وتطلعاته .
اسوق هذه المقدمة من اجل مقاربة الإنتماء في الساحة الفلسطينية بمظاهر التطور الحضاري والإنساني في العالم المتحضر الذي يمثل صورة مستقبلنا .
في بلادنا فلسطين لا زالت العشيرة راسخة الأوتاد اسميا مع انها تفككت اقتصاديا واجتماعيا ولم تعد حاضنا للفرد يتنفس من خلالها ويعيش من خلالها ، وهي لكثير من الناس مجرد اسم في الهوية .
ومن حسن حظنا في فلسطين ان قطاعات واسعة وافواج عريضة قد التحقت بصفوف فصائل العمل الوطني الفلسطيني وتراكيبه النقابية والإجتماعية والإتحادات والمنظمات واللجان ذات الصلة بالفصائل والعمل السياسي . فالشعب اقبل على التنظيم والحشد والتجييش بنسبة ملموسة بلغت اوجها في مقدمات واثناء الإنتفاضة الأولى عام 1987م.كان هذا الإقبال أصيلا ولكن تم تثميره لاحقا في غير الإتجاه . فكيف كان هذا ممكنا ؟
كان هذا ولا زال ممكنا كون الإنتماء للحزب قد تحول على انتماء قبلي بفعل القيادات والممارسات الهادفة التي جسدت العصبية الفصائلية بدلا من والى جانب العصبية القبلية .بدلا من ان يكون الإنتماء أعلى من القبيلة والجهة والطائفة وغير ذلك من التراكيب
لقد عززوا في الإنتماء الفصائلي الإنتماء للأبوات والقيادات والأفراد والجهويات بدلا من تعزيز الإنتماء القومي والوطني والإنتماء إلى الأهداف والمباديء المعلنة . ولذا سهل تغيير المباديء والمواقف دون ان يهتز انتماء الأفراد للفصيل متمثلين بقول الشاعر:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
"فالشاعر يجسد مصدر فخاره وفي القلب من فخره: ذوبان رأيه في جماعته وإن خالف الحق واقتفى أثر الضلال، فأضحى معيار الأخلاق ما قامت به القبيلة وانتهي الرأي إليه"
في دورة المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1991م عقد ياسر عزقات اجتماعا لممثلي فتح وانصارها وقال لهم " ارفعوا ايديكم جميعا مع القرار ومن لم يرفع يده سأفصله . هذا قرار فتح " وفي الإجتماع تسابق الرافضون و الناقدون والمختلفون وأصحاب الرأي وأصحاب الملاحظات مع الموافقين وهبت ايديهم مرفوعة دفعة واحدة تأييدا لقرار فتح!!
كيف حصل هذا ؟؟
كان هناك سياق طويل من التدجين والإعداد لخلق هذه الحالة :
أولا : إن القبيلة موجودة في خلفيتنا الثقافية وقدعززها النظام السياسي في فلسطين منذ العهد العثماني وحتى يومنا هذ.
ثانيا : إن التربية الإجتماعية وهي في الأغلب تربية الفتوى قد عززت النظرة للمسئول كما لو كان المفتي ولا ينطق عن هوى ، ورأي كبير الجماعة لا يخالف!
ثالثا : منهج النقد لم يتعزز في ثقافة وسلوك الجماعة والأفراد إلى درجة السيادة بل بشكل انتقائي بحيث لا يمس اسم الحزب والمستوى القيادي وإن جاز نقد الجماعات الأخرى فلا يجوز النقد الذاتي وربما تحت طائلة العقاب وفقدان المصالح .
رابعا : التربية جسدت الثقة بالمسئول الذي لا يخطيء فهو القائد الحكيم المخلص وربما لا ينطق عن هوى !
قال احد كوادر حماس عن المسئول : " كيف يخطىء والقرآن في صدره يحميه من الخطأ" فهو لا يتخيل مجرد امكانية ان يخطيء المسئول.
خامسا : والأحزاب الدينية قامت بتربية كوادرها مستفيدة من قول الشيخ للمريدين : " من قال لشيخه لمَ ؟ لا يفلح ابدا"
وأن شيخك هو طريقك في كل شيء وهو شفيعك يوم القيامة،ومع فكرة السنة عن طاعة ولي الأمر.
كيف انتقلت فتح من هدف العمل على تحرير فلسطين السليبة إلى اوسلو والتنسيق الأمني وظلت القيادة حكيمة ومخلصة وصاحبة الأمر وتمتلك الحقيقة وهي التي تعرف مصلحتنا ولها الولاء؟
وكيف تسير حماس اليوم من حفرة إلى دحديرة بينما يعبر المريدون عن اعجابهم بحكمة القيادة وصوابية قراراتها ومواقفها ..؟؟ ولها الولاء.
الولاء إذن للفصيل مهما تغيرت مواقفه .
إن ارقى اشكال اإنتماء السياسي هو الإنتماء للأمة ومنها للإنسانية الجامعة للامم .
وارقى اشكال العلاقات السياسية هي الرفاقية النضالية التي ترتقي إلى الأخوة الإنسانية .
من هنا نفهم قباحة وتخلف طرائق التعبئة التي جعلت الإنتماء للفصيل عبارة عن تبعية للسيد ولي الأمر .
كيف حصل هذا؟ .
بالإفساد والإغراق في المصالح الشخصية والدفعات النقدية، بحشد الإفكار المعادية عن الغير الوطني ، بالإمساك بنقاط ضعف الأفراد وسوء تصرفاتهم ، وبطرائق تعتمد الكذب والدجل والغوغائية ، وبترقية اصحاب الولاءات على حساب الكفاءات والوصوليون وضعاف النفوس والمتزلفون والمدعون والمنافقون .... الخ.
كل هذا كان بديلا عن الثقافة الحداثية والتربية الوطنية الجامعة وتعزيز الإنتماء للوطن والأهداف الوطني والإنسان والأهداف الإنسانية بعيدا عن التعصب والعصبوية . علما ان الشعبية تمثلت هذا التثقيف وبروح نقدية لفترة طويلة .






























التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على