الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دموعُ أساتذة كلية الفنون..!

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2017 / 7 / 4
الادب والفن


دموعُ أساتذة كلية الفنون..!!
بالأمس ، ذهبتُ لمشاهدة مشاريع التخرج لطلاب كلية الفنون في جامعة حيفا ..
لم أذهب للمشاركة في هذا المعرض الفني ،" لوجه الله تعالى " فقط .. بل كان الحافز هو مشاهدة مشروع تخرج ابنتي يارا ، الفنانة ، وأقولها بجرأة بعد الأمس، نعم الفنانة والطالبة في الكلية الجامعية الحيفاوية .
وهناك ألتقيت أحد أساتذتها وهو رسّام عربي فلسطيني مشهور ، وبعد العناق ، حدثني عن بكاء كل من شاهد العرض الفني ليارا.. بكى كل الاساتذة وأنا بكيت ..!! قال الاستاذ الصديق .
وفي البوست الذي كتبته كلية الفنون على صفحتها الفيسبوكية ، وردت هذه الجملة ،" بعد قليل سيُقام معرض خريجي اللقب الأول في الفنون.. وهذا مقطع من العرض الذي تقشعرُ له الابدان ، ليارا محاجنة ".
لقد كان عرض البيرفومانس Performance الذي صممته ونفذته يارا، وعلى حد تعبير احدى الاستاذات في الكلية ، أجمل عرض تم عرضه تحت سقف مبنى كلية الفنون الجميلة في جامعة حيفا منذ إنشائها.
والبيرفومانس هو شكل من اشكال التعبير الفني في حقبة ما بعد الحداثة (البوست موديرنيزم)، حيث يكون الجسد الانساني هو الوسيلة التعبيرية – الفنية .. فالبيرفومانس والحالة هذه هو لوحة فنية حيّة تتفاعل مع المشاهد ، وليست لوحة صامتة مُعلقة على حائط .
والعرض الذي قدمته يارا، بعنوان "كثيبا مهيلا " ، يتحدث عن نساء مصدومات ، تعرضنّ لصدمة باثولوجية ، يُشكلن مجتمعا نسويا خاصا بهن ، (دولة مستقلة ) لها عَلَم وشعار .. وقدمت للعرض الفني بهذه الفقرة ، " يأتي على الإنسان يومٌ ترتجف فيه الأرض حتى تُصبح الجبال رمالا متطايرة، بعد أن كانت حجارة صماء تغمرُ كل شيء. فلا يعود للعالم أي ملامح ، فلا شيء ينخفض ولا شيء يرتفع " ، وهذا هو حال النساء اللواتي تعرضن لصدمة .
شاركت في العرض الفني ما يزيد على العشرين فتاة من صديقات يارا والطالبات في كلية الفنون الجميلة ، ارتدت جميعهن ثوبا اسود طويلا ، عليه شعار " مجتمع المصدومات" ، وفي مقدمتهن سارت فتاة تلبس نفس الثوب وتحمل علم "مجتمع المصدومات " .
تتقدم الفتيات وقد رُبطت بهن اجسام ثقيلة ، يجررنها ورائهن بصعوبة ، وتُصدر هذه الأجسام أصواتا وضجيجا عند جرها على الارض .. لقد رُبطت هذه الأجسام بالحبال في ايدي ، رقاب وخصور الفتيات العارضات ... وبعدما أخذت كل فتاة موقعها في مبنى الكلية ، يبدأن بترداد جملة لكل مشتركة بصوت عال.. لكن الضجيج في المبنى لا يتيح للمشاهد أن يفهم ما تقوله كل فتاة ، لذا على المُشاهد الاقتراب والانصات للجملة الخاصة بكل فتاة... لقد كانت الجمل صادمة وهن يكررنها بصوت عال ، وعني شخصيا فقد صدمتني جملة " أبوي ما اغتصبني أبوي ساعدني " التي كررتها فتاة ، بوجه متجهم حائر .. بينما أخرى تذرف الدموع وهي تصرخ جملتها " أنا متأكدة إنك راح تيجي (تأتي).. وهكذا ، فمشهد النساء اللواتي يجررن أو يحملن صدمتهن ويُعانين تحت وطأة هذا الحمل الثقيل ، هو مشهد يقشعر الأبدان حقا .. وهذا التكرار القهري لجملة مبهمة ظاهرا ، طافحة بالمعاني الانسانية الدالة على معاناة النساء اللواتي تعرضن للصدمة .. هو تعبير عن ذات مكلومة مصدومة ومثقلة بأحمال الصدمة التي لا تختفي ، وفي المقابل يقف "المجتمع" مكتوف الأيدي أمام صدماتهن ،لا يملك الّا ذرف الدموع ..!!
لقد استطاع هذا العمل الفني أن يُجسّد "الحدث الصادم " (Trauma)، بشكل واضح ومفهوم للجميع .هذا رأيي على الأقل. لذا ومع تقريب مفهوم الصدمة للجمهور العريض ، اهتزت المشاعر وذُرفت الدموع .
وكانت الفرحة الكبرى حين أعلنت لجنة التحكيم المكونة من اساتذة الكلية عن فوز مشروع التخرج بالمركز الأول والحصول على منحة التميز من الكلية ..
وهذا مقطع من مشهد دخول "مجتمع النساء المصدومات " الى قاعة مبنى كلية الفنون :
https://www.facebook.com/Asala.Mahajna/videos/pcb.10154468372611924/10154468291756924/?type=3&theater










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الزميل قاسم حسن محاجنة المحترم
وليد يوسف عطو ( 2017 / 7 / 4 - 14:17 )
نبارك لابنتكم يارا التخرج والتفوق وانتقالها الى الصفوة المختارة من الفنانات

مقال كبير وانساني بغض النظر عن حجم المقال الصغير

شجعتني لاكتب مقالا بسيطا عن الشعب الفلسطيني

اتمنى ليارا دوام التفوق والازدهار

ودمتم بخير دوما


2 - تحية وفخر
عبد الرضا حمد جاسم ( 2017 / 7 / 4 - 22:06 )
الغالي ابو افنان الورد

نبارك لكم تفوق المتفوقة بالدرس و العلم و العمل و الاخلاق
عنواني خاصة المتفوقة و امنيات لها بدوامه لتكون عبرة لغيرها و فخرا لنا و لأهلها و وطنها
دمتم العائلة جميعا بخير و تمام العافية
رافقت مسيرتكم النجاح اللتان و المستمر


3 - الإنجاز و النجاح
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 5 - 08:07 )
العزيز الطيب قاسم،

أطيب الأمنيات القلبية لفنانتنا الشابة، المُبدعة و النابضة بالإحساس، العابقة بالزخم الإنساني الفواح: يارا قاسم حسن محاجنة!

و بعدها أبارك لوالدتها الكريمة و لكم أيها الصديق الجميل!

إذا ً لقد وجدت طريقها بأن تستخرج ما في الأعماق، لتجلوه أمام العيون، عيون ِ الفهم و عيون ِ القلب، و تقدِّمه من خلال الفن ِّ قناة َ تواصل إنساني من القلب للقلب، برمزية الجسد، هذا الكيان ُ الذي نخافه في هذه المنطقة من العالم،،،

،،، إن هذه الفلسطينية الأصيلة أشجع في تمثيلها له من أكوام مكومة و أكداس مكدسة من الشوارب و اللحى و الحناجر، فهي: تصنع و تُعلن و تكون، أما هم فيصرخون، و شتان ما بين عقل ٍ بحر ٍ زاخر و آخر َ خاوٍ ضامر!

إليكم كل ّ الاعتزاز و الفخر!


أسلِّم ُ على الأخوين الجميلين وليد و عبد الرضا!


4 - الزميل العزيز وليد عطو الغالي
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 7 / 5 - 20:40 )
تحياتي الحارة
وعذرا على التأخر في الرد ، لانني عدت الان من مشوار طويل
شكرا لك عزيزي


5 - الغالي عبد الرضا
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 7 / 5 - 20:42 )
بونسوار يا عزيزي
لك خالص مشاعر الود والشكر الجزيل على كلماتك الغالية
ليلتك سعيدة


6 - العزيز نضال تحياتي
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 7 / 5 - 20:43 )
كيفك ؟
كفيت ووفيت ويعجز الكلام عن مقدار تثميني لما كتبت
ليلتك سعيدة

اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا