الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كأنّه أبي-الفصل الرّابع -2-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 7 / 5
الادب والفن


تتطاير الأخبار وأرتجف
الخبر اليوم سّار
لم أتعوّد على سماعه
أسدّ أذنيّ بالقطن، أغض الطّرف
الأخبار ماضية في الطّيران
سرور، حبور، واحتضار
أخاف يا ابنتي من السّرور
وما يعقبه
ففي كلّ مرّة أهتزّ فرحاً
تداهمنا من كل صوب الشّرور
تنزل أخبارنا
مع أصحابها إلى العالم السّفلي
نعيش أحلامهم بين القبور
. . .
خبر سار
تتطاير الأخبار
لا أصدّق الفرح
الخبر مغشوش
فيه طُعم
مدّدوه كي يطفو، وتبتلى قلوبنا
يمتزج دمنا الأسود والأحمر القاني
وينتصر كلامنا
بعد فناء البشر، و الجيوش
الخبر السّار أيها النّاس هو أنّني حلمت بألف من العملة النّقديّة السّهلة، أرغب أن أهديها لابنتي في عيد ميلادها السّابع
تصوّروا أنّه وصلني ألفاً وخمسمئة منها عدّاً ونقداً، أقمت حفلاً لنفسي بخمسمئة. لم أكن أدري كيف أحتفل. هل أجرّب أن أصبح مدخّناً، أم أشتري كأساً من النبيذ.
يمكنني اختيار إحدى الحالتين، استيقظت على صوت زوجتي تولول، تقول أنّني لست رجلاً شهماً تركتها بين الوحوش. هجمت عليها أمّي وأختي، أوسعوها ضرباً. قالوا سرقت ابننا منّا. تدفعني إلى الباب. تقول: اذهب إليهم أيّها الأمير.
يا أهل زوجي! خذوا أميركم
أعيده مع الشّكر الجزيل
. . .
-هل تعتقدين أن هذه أمسية شعريّة يا ميّ؟
-نعم يا غريب. دعنا ننتظر بقيّة أخبار الرجل. هو لم يعرّف عن نفسه أنّه أديب. عرف عن نفسه بأنّه الذي " تمنى أن يكون ابن عاهرة"
لم نعد نعلم شيئاً من تلك الثقافة، لكنّها ثقافة يجب علينا أن نعرفها بحكم كوننا نعمل في مجال المسرح.
أعتقد أنّ الرجل لبس عن قصد تلك الثّياب المقطّعة، لكنّه اعتنى بمظهره، واختار أن يمزّق قسماً من قميصه.
إنّه يقول أمراً هاماً:
في بلادي يقيم بين الجّامع، والجامع سيّاف يطبّق شرع الله، وخلف كل سيّاف رجل بيده مسدّس كاتم للصّوت. إن أخطأ السّياف مات بطلقة صامتة بإذن الله.
في بلادي. لا تقف العصافير على الأشجار
تحشى الأطفال والكبار
في بلادي
يلفون الفتى ببركات الجنّة
يتمزّق جسده
يصرخون لنصرة الله
يرحل الفتى لاتبكيه أمه
فالله قد اختار
. . .
-أعتقد أنّ متابعة الأمسيات الشّعرية، أو الأفلام أو المسرحيات يجب أن لا يكون عشوائياً. أشعر أنّني منهكة. إنه أمر جميل أن نحضر في الشهر مرّة، أو مرتين، ونقرأ عن الباقي في الصحف. أشعر بالتّشويش، فقد نقلني الرّجل إلى ذاته. أعيش نفس حالته.
-معك حق يا ميّ. غداً هو للرّاحة. سوف نختار ما سوف نحضره بعد أسبوع، لكن دعينا نسمع، قارب الرجل على إنهاء أمسيته. طلب من الجمهور أن يطعموه. رفض أن يأكل الهمبرغر. هو يأكل الفلافل. مسح فمه بيده، ومسح يده بثيابه، ولا زالت اللقمة في فمه.
ألم أقل لكم أن الأخبار سارّة؟
خبر سار، يتلوه خبر سار
أنهيت للتوّ احتفالي بالأخبار
هل سمعتم بقوميّة هردبشت
أنتمي لها
تسألون لماذا؟
لا أحد سمع بها ، ليس لها قضيّة
هل سمعتم بديانة التشرّد؟
سوف أشرح لكم بعد قليل
في بلادي حيث تحترق الأشجار
جميعنا ننتمي إلى " الهردبشت" العظيم
وأصبحنا فرقاً تتعالى على فرق
وأصلنا واحد
كتبوا قضايا على الورق
وزعها السّياف، وصاحب كاتم الصّوت
فأصبحنا قوميات شتّى
تحرّك الرّب الذي يجلس قرب ربّ البلاد
صبّ غضبه علينا
أفنى شعب الهردبشت
ولم يبق غيري منّا
الباقي من أبناء عمّومتي وأخوالي يحبّهم
السّياف،
قضاياهم جميلة الآن
لو فتحتَ التّلفاز
لرأيت ألفاً
يلبسون لباسهم الشعبي
يدبكون كنوع من النّضال
يحلّلون الدّماء
مع أنّنا كلّنا هردبشت
. . .
صوت من الخلف
يرغب هذا الرّجل أن يصبح أيقونة في كلّ الأوقات
هل تتذّكر أيّها الهردبشتي يوم كنت تبيع أفكارك
ويسد السّياف الطرقات على البشر
يستمعون لك وأنت تمدح ربّ البلاد
ليس الحقّ عليك
أنت متلاعب باللفظ، والمشاعر
لديك بلاغة تستطيع من خلالها الظّهور
وألف شاعر ينام بين القبور
أيّها النّاس
لا تسمعوه
هو خائن مأجور
أمضى عمره في الحانات
وفي تصيّد الشّهرة
والمومسات
. . .
صحيح ما قاله الرّجل
من لا يعجبه ما أقول فالدّرب مفتوح
هل تذكر أيّها الصديق يوم كنّا رفاقاً
كنت تعادي من يؤمن بالله
أشبعتنا نفاقاً
أطلقت لحيتك اليوم
وجمعت عليها عملة صعبّة
بينا أتاني ألفاً وخمسمئة من العملة السّهلة
كنّا معاً نقرض الجزر على مائدة صاحب الطّلقة المكتومة
في بلادنا نعيش على الدّمار
وعندما نغار
نقتل
ننهب
قبل أن ينتهي النّهار
نحن أقواماً من الهردبشت
سوف أريك من أنا أيها النّذل
يمكنكم متابعة المشهد بعد الصّراع
أحدنا سوف يقتل الآخر
وقد يكون أحدكم ضحيّة
وتحملوه على الاكتاف
وتقبروه
ويستمر القتال.
. . .
يا إلهي!
الجميع يقتل الجميع بالكراسي والأيدي، والصحون. دعينا نخرج ياميّ. أخاف أن يقتلونا.
-لقد أغلقوا الباب
سوف نختبئ ريثما تأتي الشّرطة تحت الطاولات

-مي اقتربي كي أهمس في أذنك
كم شخصاً وقع أرضاً من طرفك حتى الآن
-تسعة أشخاص مضرجين بدمهم ،
وبعضهم يرفع شارة النّصر أو سبابته،
من جهتي سبعة أشخاص وقعوا ، ومن معهم يصرخون عاش الوطن.
الشّاعر أيضاً تنزل الدماء من وجهه. يسرع إلى المسرح. يقول: ألم أقل أنّني أرتجف من الخبر السّار؟
نحن قوم الهردبشت لا نعرف ماذا نختار
إن صمتنا قتلنا
وإن قلنا متنا
والحبل على الجرّار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة