الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلاسة السرد وسهولته في مجموعة -الأدرد- مجدلين أبو الرب

رائد الحواري

2017 / 7 / 6
الادب والفن


سلاسة السرد وسهولته في مجموعة
"الأدرد"
مجدلين أبو الرب
العصر يفرض ذاته على الكاتب/ة، لهذا نجد العديد من النصوص تميل إلى السلاسة والابتعاد عن الدخول إلى العمق، فتكتفي بتناول ما هو طافً على السطح، وكأن الكاتب/ة وضع نصب عينيه أنه يكتب لفئة معينة، تميل إلى المعلومة السريعة والسهلة، عازفة عن تلك التي تدفعه للتوقف والتأمل، هذا ما جاء في مجموعة "الأدرد" للقاصة "مجدلين أبو الرب.
بما أن المجموعة كتبتها أنثى فلا بد أن يكون هناك انحياز للمرأة ولقضاياها، فهناك العديد من القصص التي تحدث عن المرأة وهمومها في مجتمع الذكورـ الذي يهيمن عليها ويفرض سلطته وحكمه على الأنثى، وهذا ما وجدنا في قصة "امرأة تسيء الفهم" التي تتحدث عن أثر الكبت والممنوعات على الأنثى بحيث نجدها تأخذ في التخيل بحيث تسيء الفهم والتحليل فتفتكر أن نظرات الإعجاب إلى تطاردها اينما كانت، حتى أنها تبتعد في تفكيرها كثيرا ليكون الأعمى قد أعجب بجمالها، وحتى تجد نفسها قد وقعت في بحر من الأوهام الخادعة.

وفي قصة " ساحة خلفية" نجد الطريقة العنيفة التي تعامل بها الفتاة من قبل الأهل، فهم قد تحالفوا ضدها، بحيث نجدهم يضربونها بقسوة، ويتعاملون معها كشيء قابل للكسر، "ضربها أخوها محمود فيما هو عائد من الجامعة" ص28، فهنا نجد الإدانة ليس للذكر العادي بل للمتعلم أيضا، فهو يمارس القمع كما هو حال الآخرين، ونجد صورة أخرى لقمع الأنثى من خلال : "وفعلا عرف أخوتي كيف يضربونني جيدا، ومنعوني حتى من إخراج قمامة المنزل" ص 29، هذا حال الفتاة العربية في ظل مجتمع الذكور.
ونجد خيانة الزوج في قصة " الرجل الجالس على الرصيف، فالكاتبة تدين في هذه القصة المجتمع الذكوري الذي يبيح لنفسه ما يحرمه على الجنس الآخر.
وفي قصة "لماذا لم يفرح مثلي" نجد كيف يقوم المجتمع/الأهل بتزويج من هو غير مؤهلا للزواج، فيكون نتيجة ذاك الخيانة الزوجة، وفي هذه القصة يمكننا أن نقول بأن الكاتبة تعمل على تحذير المجتمع من مغبة الإقدام على تزويج الفتيات ممن هم غير مؤهلين، لأن نتيجة ذلك ستكون وبالا على المجتمع.


ونجد في قصة "كائنات" تهيم بنا الكاتبة في عالم الأرض والمجتمعات الإنسانية، وكأنها تروي من خارج الأرض.
من أجمل قصص في المجموعة قصة "باب الواد" التي تأخذنا فيها من مدينة الزرقاء في الأردن والتي يحمل أحد شوارعها أسم "باب الواد" إلى مدينة القدس، فعندما تتحدث عن هذا الشارع تصفه لنا بدقة، فتذكر مسجد العرب ومسجد الشيشان وتذكر مبنى البلدية ومكتبة الرازي والتي تعد من أقدم المكتبات في الزرقاء، لكنها نسيت أن تضيف مكتبة القسطل والتي تتماثل مع الرازي في العراقة والقدم، وأعتقد أن من المعالم المهمة في هذا الشارع أيضا عمارة السبعين، ومرطبات ضبان. تذكرنا بجدها الذي خاض معركة باب الواد فتقول: "لكن والدي الذي خاض معارك كثيرة، منها معركة باب الواد، رحل بعد تسعة عقود، ظل فيها أنين القدس يوجعه، ودفن في مدينة الزرقاء، دون أن يحقق حلمه" ص71، فنجد هنا إشارة إلى ضرورة العمل لتحقيق حلم الجد الذي قضى في مكان غير الذي يحن/ينتمي له.

وفي قصة "عزف غير منفرد" تتحدث عن واقع الطفولة التي تبحث عن اختراق جاز الخوف والأوهام التي يخلقها الواقع التخلف، فنجد طفلين يقومان باقتحام غرفة الفئران المخيفة في المدرسة ليجدا فيها مستودع من الآلات الموسيقية ويأخذا في العزف على البيانو إلى أن يسمعهما الحارس والذي بدوره يخبر الشرطة التي تقوم باستدعاء والديهما، "وصل والدي وبصق في وجهي وسبني وشتمني، وصلت والدة رائد الأرملة، وكانت ترتجف وتتحدث لاهثة مؤكدة أن ابنها لا يسرق، وأن هذه شقاوة أولاد ليس اكثر، وكان والدي ينظر إليها بطرف عين يكاد الشرر يتطاير منها، ...طلب الشرطي منهما التوقيع على تعهد بأن لا نعود لمثل هذا الفعل، فوقع والدي، أما أم رائد فغمست أصبعها بالحبر الأسود وبصمت على الورقة حيث أشار الشرطي" ص20 وهنا نجد المفارقة، أب الراوي كان متعلم ويقرأ ويكتب، لكنه عاما الأبن بطريقة شرسة وقاسية، بينما نجد أم رفيقه الأمية تتميز الفهم والثقافة وتتعامل مع الموضوع عل أنه شقاوة أطفال ليس أكثر، وكأن الكاتبة أرادت من خلال هذا الطرح أن تقول أن الأمهات أكثر عقلانية وتفهما لنا نحن الأطفال من الآباء القساة.
وفي قصة العنوان "الأدرد" تحدثنا عن الإنسان الذي يصاب في حرب 1948 في فلسطين، فيفقد القدرة على التحرك رغم أنه كان ينتقل من السلط إلى درعا مشيا.
وفي قصة "كرسي، عربة، حوافر" تحدثنا عن الأثر السلبي الذي تتكره الوظيفة على الإنسان، لنجد الموظف بعد انتهاء فترة صلاحيته في الوظيفة يصعب عليه الانخراط في الحياة العامة، لكن الكاتبة أرادت أن تكون نهاية قصتها ايجابية فرسمت لنا هذا المشهد: "استقبلني الشارع، وكنت قد تركت حيرتي وعجزي مع الأخبار والفرشاة التي وهبتها للحارس، وكنت أشعر بأني قار على أن أعمل أشياء كثيرة" ص46.
وفي قصة "مكاشفة" تكشف لنا الكاتبة قسوة المعلمة التي تتعامل مع الأطفال كوحوش أو كمجرمين، بحيث لا تتوانى أن ضربهم بقسوة.
المجموعة من منشورات وزارة الثقافة، الأردن، عمان، الطبعة الأولى 2010.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا