الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أعطيت خدك الأيمن ؟

ياسمين عزيز عزت

2017 / 7 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في إحدي مدن الساحل الشرقي التي أقمت بها، وبينما أتبادل الحديث مع إحدى الجارات، دعتني لزيارة الكنيسة المجاورة معها بحماس وود شديدين، وكانت قد افترضت أني مسيحية لأنني غير محجبة، وتعاملت علي هذا الأساس، وأنا من خلفية مسيحية لكني لا أقدم نفسي للآخرين إلا بصفتي الشخصية فقط، فأنا لا أقر بتصنيف الناس وفقا لهذه الإعتبارات، ولسبب ما، شكرتها بكل محبة وأخبرتها أنني لست مسيحية، وبابتسامة كبيرة قلت نحن أخوة وأصدقاء، ولما رأيت تغير وجهها الشديد، استطردت أنني "من بحري "، فالسيدة صعيدية وقد تكون قد عانت من الاضطهاد الحادث للمسيحيين هناك، لكن التجهم الشديد حل محل الابتسامة الودودة من ذلك الوقت فصاعدا، رغم مودتي وترحابي بها !
الحكم علي كل المسلمين بانهم يريدون بالمسيحيين شرا، وبأنهم "الآخر" الذي لا ينبغي أن تتعدى علاقتك به حدود الصداقة السطحية، كان هوالقاسم المشترك بين كثير من المسيحيين الذين عرفتهم تقريبا في سني طفولتي وشبابي المبكر، ولم أسمع عن مسيحي متسع الأفق، علماني النزعة، متفتح لاكتشاف الوجه الآخر الحسن، إلا بعد اختراع الفيس بوك الذي ربط بين القلة القليلة "المختلفة"، وأتاح الفرصة لمواطني الشرق الرجعي القبلي أن يتحدثوا عن تابوهات ظلت أسيرة الغرف المقفلة في القلوب آمادا طويلة، لا أستثني من معارفي في تلك السنوات إلا نفسي وأبي .
قد يكون المجتمع من حولك سيئا بالفعل، وقد يكون هناك تمييز حقيقي، لكن بالتأكيد هناك نسبة ولو قليلة، طاهرة القلب، محبة للآخرين، بل ومدافعة عن حقوقهم لو لزم الأمر، ومن الأمور التي أشعر بالعرفان تجاهها، هي أنني قد قابلت هؤلاء وعرفتهم عن قرب، وأؤمن أن المسيحيين الذين لم يقابلوا أبدا مسلما محبا لهم، كانوا هم السبب لما لديهم من بارانويا "جنون الشك" وعقدة الإضطهاد، ولما يكنون من كراهية، فالكراهية والخوف يجذبان الكراهية والأذي، وهما يمنعانك من رؤية وتصديق العشرة بالمئة الطيبين، أحيانا تقل النسبة جدا، وأحيانا تزيد جدا، ولكن دائما هناك من قد يكون تجسيد للخير الذي تقرأ عنه في الأنجيل، والذي ربما لم تقابله في الكنائس، الطاقة السلبية لن تجذب إلا الطاقة السلبية بينما الطاقة الإيجابية النابعة من موقف متفتح، ستتيح لك علي الأقل اختبار الجانب الإيجابي في الحياة وليس السلبي فقط، وهوما يعرف بقانون الجذب والذي، كغيره من القوانين الروحية، نجد مقابلا له في الكتاب المقدس وذلك، علي سبيل المثال، في عبارة المسيح البسيطة القوية في آن واحد :" كما آمنت ليكن لك"، نعم ستعاني وربما تخدع ولا أنكر عليك التحلي بالحكمة والإستفادة من دروس الحياة وتحكيم العقل (وأرجوالتمييز بين الحكمة والخبث)، لم يعدك المسيح بحياة وردية دائما، لكن في النهاية ستنتصر المحبة، ألا تؤمن بهذا ؟ ستجد من يستحق محبتك إذا كنت محبا، لكن لواحتميت بالكراهية وآمنت بها وأصبحت نبراسك، ستجد دائما من يستحق كراهيتك، وستكون كذلك مستحقا للكراهية . تتسم المجتمعات الإسلامية بالعديد من الظواهر السيئة، هناك تمييز ديني وجنسي وقبلية وعدم احترام للأقليات وللمرأة بوجه عام أكثر بما لا يقاس من أي مجتمعات أخري وهذا ليس محل جدال، إلا إذا لم تكن قد سرت في إحدي طرقات أي مدينة مصرية أوشرقية ورأيت ما يحدث للنساء، لكن هذا ليس مبررا لعدم الإعتراف بأن في تلك الشوارع عينها، هناك علي الأقل شخص في كل مرة، مسلم أيضا، دافع عنك عند تعرضك للعدوان وأحبك، وإن كنت لم تقابله، فربما لأنك تنكر وجوده قبل أن تبحث عنه ! لا يستخدم المسيحييون في مصر القوة ضد الآخرين وهم ضحايا للعنف من مواطنيهم المسلمين، المتعصبين منهم، وضحايا للتمييز علي المستوي الرسمي والشعبي وربما يجعل هذا كفتهم بكل المقاييس الأرضية أرجح أخلاقيا، كجماعة وليس كأفراد (فالأفراد يختلفون الواحد عن الآخر كما ذكرت)، ولكن بالمقياس المسيحي، قد لا يكونوا أفضل كما يعتقدون، فالكتاب المقدس يعلم قراءه أنك كلما أخذت كثيرا، طلب منك كثيرا، فإذا كان لديك الإله الذي تؤمن وتفتخر بأنه التجسيد الحي للمحبة، فسأتوقع منك محبة كبيرة أيضا، أنا لا أقول أنني لا أنتظر رد فعل ممن يقع عليهم الإضطهاد، فنحن بشر، وأنا لورأيت إحدي سيدات عائلتي المسنات تجر للطريق عارية وتجرد من ملابسها، سأمتلأ بالغضب وربما اتخذت رد فعل في منتهي القوة إن استطعت، أتحدث عن نفسي، ولكن، أن تعمي عيناك عن رؤية المسلمين الآخرين( الذين حتي ولوكانوا قليلين، فالخيرين في زماننا قلة عموما، لكن بعضهم قد كرس حياته، وآخرين عرضوا أنفسهم للخطر، للدفاع عن حقوق الأقليات والمسيحيين علي وجه الخصوص)، فأنت مغلق الذهن والقلب، ولا يحق لك أن تتشدق بالمحبة المسيحية وما إلي ذلك ولا يحق لك لعب دور الشهيد، فليس المسيحي من كان إسمه مرقس أوكيرلس اوماريا، بل المسيحي هوكل من كان في قلبه روح وحب المسيح، حتي لولم يكن قد رأي كنيسة في حياته وحتي لوكان إسمه محمد أوحسن ! يعتقد بعض المسيحيين أنهم، بسبب إجتيازهم طقس المعمودية في الصغر، فهم، بشكل ميكانيكي، ينتمون للمسيح، وسيحميهم المسيح، بغض النظر عن حالة قلوبهم . ومن ناحية أخري لا أعلم كيف يتصور الأرثوذكسي الذي يقوم بتكفير البروتستانتي ويضطهده أو البروتستانتي الذي يسخر من الأرثوذكسي ويكفره أيضا أن "المسيح" له علاقة بهذا الموضوع ! والمحزن أنك قد تجدهم يحفظون الكتاب المقدس عن ظهر قلب ولكن يصدق عليهم قول نفس الكتاب (يبصرون ولا يرون) فهو يتصور، مثله مثل المتدين الغبي في كل الثقافات والجماعات الدينية، أن كل ما قيل في كتابه من مدح، هوله، وما قيل من ذم، فهو لغيره ! يقول العهد الجديد، بما معناه، هل تريد تطبيق الناموس (القانون الديني) ؟ هل سمعت الناموس ؟ أي هل تعمل به ؟ والناموس المسيحي، لمن لا يعلم، هو ناموس المحبة.
المسيحي المغلق القلب، رسخ في وجدانه حاجز نفسي ومعنوي هائل بينه وبين الآخر، حتي يحمي نفسه من شرور يتوقعها، فهولم يعط الخد الأيمن من الأساس حتي يدعي أنه أدار الخد الأيسر، فهو، كالسيدة التي استخدمت قصتها كمثال، لم يفتح قلبه لاحتمال أن هذا الشخص البشوش، الذي يبدو مختلفا، قد يحمل قلبا مختلفا عن الآخرين الذين آذوه (اذا افترضنا أن كل من قابلتهم من مسلمين آذوها بالفعل)، والحقيقة أن مثلها لا أصدق أنه يحمل حبا حقيقيا حتي لمن ينتمون إلي نفس الجماعة الدينية، فالقلب المحب بحق، لا يعرف مثل تلك التقسيمات، القلب المحب يكون دائما ذا بصيرة فينفتح لمن يحبونه، وقلب مثل تلك السيدة، قلب غبي، لم يعرف بمن يثق. والحقيقة أنها تمثل كثيرا من المسيحيين (وأنا ممتنة للصحوة الفكرية التي تكشفت عن صفوة تحمل، وتعلن لأول مرة، عن رفضها لكل مظاهر التخلف)، ففي مدينتي في الوجه البحري، في الثمانينيات والتسعينيات، لم تكن هناك حوادث اضطهاد حقيقي في الحضر، ولم يكن تيار الأسلمة قد اكتسح المجتمع كما حدث في العقد الأول من الألفية الثالثة، ولكن كانت البارانويا دائما هناك، فالفتيات بالذات تراقب من خادمات الكنيسة "أي المعلمات الدينيات" لئلا تكتشف الكنيسة أن صديقاتها الحميمات كلهن مسلمات مثلا، فيجب أن تكون صديقاتها المقربات جدا من المسيحيات ! ومجتمع المسيحيين في الجامعات غالبا ما يكون مغلق علي نفسه وأفراده يدسون أنوفهم في أمور القليلين المتمردين من المسيحيين الذين لا يجدون غضاضة في اكتشاف الحياة والإنفتاح علي البشر ولا أريد مجرد الحديث عن احتمال أن ترتبط فتاة أو يرتبط فتي مسيحي بشخص مسلم، وقبل أن يتهلل البعض هنا ويشن هجوما علي هذا الموقف، دعنا نتفق علي انك لوكنت مسلما وتجد غضاضة في أن تتزوج أختك من شخص مسيحي مثلا، فلا يحق لك مجرد التفكير في التعبير عن أي نوع من الإنتقاد لموقف المسيحيين في المقابل، حديثي فقط، موجه لكل وأي شخص يؤمن بأن اختيارات المرء هي شأنه وحده ، بالطبع هناك العديد من الأمور التي يجد فيها المسيحيون مبررا لمواقفهم، فأولا، كيف يطلب منهم التسامح في مجتمع لا يعترف لهم بأبسط الحقوق ويصل رد فعل مسلميه للقتل في حالة حدوث المثل ؟ وكذلك، فإن هذا الزواج سيكون زواجا غير مسيحيا لأنه لم يتم عبر الكنيسة التي تعد الزواج "سرا " مقدسا، وكذلك ، فإن، في حالة إعلان شخص مسيحي إسلامه، لن يمكنه الرجوع لوشاء، فهوسيعد مرتدا وقد يقتل، والحقيقة، أن الناس هنا لا تتعامل مع كل موقف علي حدة وتردد ما لقنته، وتتصرف بشكل ميكانيكي آلي، فكل منا لديه أجندة، وأحكام مسبقة يتعامل علي أساسها، فالفتاة المسيحية الثلاثينية مثلا، المثقفة، المسئولة عن تصرفاتها، إذا ارتبطت بشخص مسلم، ناضج، مسئول، وكان لديها من المال ما يكفل لها حياة آمنة حتي لو فشلت زيجتها، ستعامل نفس معاملة الفتاة ذات الستة عشر ربيعا التي تقفز من النافذة لتفر مع شاب مسلم يتزوجها لفترة ثم يلقي بها في الطريق أوما هوأسوأ، والتي اتخذت نموذج مثالي لا يري المسيحيون في مصر سواه أمام أعينهم كلما اقترب أي شخص من هذا التابوه المرعب . في كل الأحوال، إن كنت بحق قلقا علي مستقبل هذه الفتاة أو هذا الفتي، فلماذا نرى رد فعل لا يعبر عن أي نوع من المحبة في أغلب الأحوال، فالاحتقار والإدانة والكراهية ونهش العرض يصبح واجبا قوميا في المجتمعات المسيحية "التقية" في تلك الحالات! . فتش عن الدافع قبل أن تقحم الله والمسيح في تصرفات قد تكون الكراهية مبعثها لا المحبة. علي الأبوين حماية أبنائهما القصر وصغار السن الذين لا يتحملون بعد مسئولية تصرفاتهم، أما الناضجين، ومن بمقدورهم النهوض بأعباء حياتهم، فلا أعلم كيف يمكن لكراهيتك أن تفيدهم إذا اتخذوا قرارا في حياتهم الخاصة تري أنت أنه لا يتفق مع مبادئ المسيحية أو بالأصح مبادئ الكنيسة ؟ اخرج القذي من عينك من فضلك وكفانا افتراء علي المسيح. إن كنت تحب صديقك المسيحي الذي قرر الزواج بمسلمة أو العكس، فستظل تحبه وتدعمه، لن تجعله يدفع ثمن ما ارتكبه مسلمون متعصبون لا شأن لهم بالموضوع، فالمسلم الذي يقرر الارتباط بفتاة مسيحية ويتعرض للانتقاد ولمشاكل اجتماعية قد تربك حياته، لا أظن أنه يكره المسيحيين جميعهم كما تتصور !وكذلك فإن علاقة هذا المسيحي بربه أمر لا يعنيك وليس من شأنك ! وأكرر، لا يدين المسيحيون المصريون لهذا المجتمع الذي يسلبهم الكثير من حقوقهم بشيء أكثر مما يدين به المسلمون، لئلا يتخذ هذا الحديث ذريعة لتبرير الكيل، كالعادة، بمعيارين، فكثيرا ما نجد إسلاميين متطرفين يشنون الهجوم علي المسيحيين الذين يرفضون زواج بناتهم من مسلمين وهذا بالطبع أمر مثير للاشمئزاز ! فكيف تبيح لنفسك شيئا وتحرمه علي غيرك ؟ كيف تبيح للمسلم الزواج بمسيحية وانت لا تقبل العكس؟ إذا كان دينك هو حجتك فدينه هو أيضا حجته ! وكلاكما لا يحق لكما التدخل في شئون الآخرين . وأنا أؤمن بالحرية والمساواة، وأؤمن أن من حقك أن تؤمن بما شئت لكن ليس من حقك استخدام ما تؤمن أنه أوامر إلهية ذريعة للكراهية ولهذا أعطيت لنفسي الحق في فتح هذا الملف ! وكذلك فإن من يتصور أخذ تلك البارانويا المكتومة لدي كثير من المسيحيين مبررا لما يحدث ضدهم من عنف، فهو لم يفهم ولن يفهم أي مما أحاول قوله.
يساوي المسيح بين قولة "يا أحمق"، وبين "القتل"، فناموس المسيح يعني بما في القلب لا بما يصدر من تصرفات ظاهرية فقط، فإذا كان قلبك مرتع للبغض، فالفارق، في نظر المسيح، إن كنت حقا تؤمن بما قاله، ليس كبيرا بينك وبين من يقتل ! وتأملي في قصة صلب المسيح جعلني أدرك أن المجتمع المتدين هو المجتمع الذي يمثله اليهود في هذه القصة، وهو الذي يربأ بنفسه عن "فعل" الأمور الشريرة، فقد قال اليهود، الذين سلموا المسيح للرومان ليقتلوه أنهم ليس بمقدورهم ارتكاب فعل القتل !، لكن، وكما قالوا "دمه عليهم وعلي أولادهم" فهم مدانون بالقتل حتي لولم يمسكوا بالسكين، والمعني هنا، ليس لعنة تحيق بكل من ولد في بيت يهودي كما قد يتصور البعض، لكنها لعنة تلقين التعصب الديني الأعمي أي الذي لا يفرق بين شخص وشخص، لأبنائك وأبناء أبنائك حتي تصير الكراهية ناموسا يتخفي في ستار من الشريعة، والتي تحيق بكل جماعة دينية يظن أفرادها أنهم بمجرد انتمائهم الوراثي أوالطقسي للجماعة، يشترون حماية الله لهم ، هذا المجتمع المتدين كثيرا ما يصدر أحكام القتل علي المسيح "علي المحبة"، وكونه مراء كفاية حتي لا يصدر عنه تصرفا عنيف، لا يعفيه من الوقوع تحت طائلة الناموس المسيحي الروحي، فكم من فتي كان اندفاعه لأحضان المجموعات المنحرفة أخلاقيا أو دينيا سببه تعنت وضيق أفق المجتمع الديني سواء الأسرة اوالكنيسة أوالجامع، فهم يسلمون تلك الروح الطيبة لمن يقتلها كما سلم اليهود المسيح للرومان .
الله يحمي كل ضعيف يلجأ له أيا كان انتماؤه ، وهو الله كما أتصوره، يتفهم كل المرارة التي تنشب مخالبها في قلب من تعرض لاضطهاد او ظلم، فأنا لا أستنكر أبدا شعور المسيحي المضطهد بالمرارة أو الخوف أو غيره من المشاعر السلبية، حديثي كان عن وصم كل وأي من ينتمي لجماعة عرقية أودينية معينة، بالسوء مسبقا، حتي لولم تكن قد تعرضت لاضطهاد، فحتي لوزادت نسبة سيئ الخلق في هذه الجماعة أو تلك، فدائما هناك ولو نسبة خيرة، كما أن ممارسة أفراد مجتمع ما لسلوكيات ارتضاها هذا المجتمع وتحمل تمييزا، لا يعني بالضرورة أن ممارسات كل أفراده تنبع من كراهية مقصودة، فربما كانت صادرة عن جهل يضر ليس فقط بالأقليات، لكن أيضا أفراد المجتمع ممن ينتمون للأغلبية، فالمجتمعات الرجعية التي تمارس تمييزا ضد الآخر المختلف، تمارس التمييز ضد نسائه وضد الأبناء وضد من ينتمون لنفس الديانة من طوائف مختلفة. وهذا لا يبرر أبدا التمييز ولكن من الأفضل تحليل الظاهرة بموضوعية، بدلا من إرجاع كل الظواهر السلبية للكراهية، فمهما كان المعتقد يحمل من تمييز أو عنف، هناك البعض ممن يطوعون حتي النصوص السلبية وفقا لنفوسهم الطيبة، فكم من متدين يردد أوامر كتابه بحسن معاملة الآخر، ويتجاهل مواضع أخري في نفس الكتاب تحمل معني مختلف ؟ البعض يفعل هذا ليظهر عقيدته بمظهر حسن أو ليناور ولكن أيضا، هناك من يفعل هذا لأنه خير، ونقي السريرة ولا يستطيع "هضم" ما قد يعكر هذا النقاء. لن يضيرك شيء إذا بحثت عن هؤلاء، ولكن، لتجدهم، ينبغي ان تكون أنت منهم قبلا !!
(ينبغي التنويه هنا علي أنه سيكون من المضحك أن يحاول البعض من الكارهين والراغبين في إلقاء اللوم بأي شكل علي الأقليات الضعيفة سواء من المسيحيين أو غيرهم من لا دينيين أو أفراد من أديان أخري غير شائعة أن يحاولوا استغلال هذه الكلمات أو غيرها لتبرير ما يعتمل بداخلهم من حقد علي (الآخر)، أي آخر، غير مدركين أني أتحدث من منطلق أخلاقي وإنساني أعلي كثيرا إذ أني ألوم أفراد الأقلية التي لا تحاول البحث عن أفراد خيرين في الأغلبية الممارسة للتمييز عمدا أو اعتناقا لعقائد تمييزية إن جاز التعبير، بينما هؤلاء يمارسون ويضمرون كراهية لأشخاص لا ذنب لهم إلا أنهم مختلفون عنهم، وهم يتحملون تمييزا واضطهادا يصل للقتل والتهجير، فكأني بهم في هذه الحالة يعايرون غيرهم علي عدم وصولهم لدرجة مئة بالمئة من المحبة بينما هم لم يصلوا حتي لدرجة العشرة بالمئة.)
وفي النهاية أحب أن أهدي مقالي هذا لجارتنا في منزلنا القديم رقم 23 بشارع محب، طنط عائشة (عيشة)، التي كنت أظنها جدتي الأخري، وأحببتها أكثر منها والتي كانت تصنع لنا الفطائر التي لا تجيد أمي صناعتها، والتي كانت تستنجد بأبي وحده إذا تشاجر أبناؤها، وكانت تناديها أمي لنأتنس بها عندما يخرج أبي ويتركنا بعض الوقت في المنزل الكبير ذي الحديقة فنشعر بالأمان بمجرد سماع صوت خطواتها المميزة هابطة الدرج إلينا، هذه "الطنط" التي عندما أطلت علي حجرتي في مرضي وأنا ابنة العاشرة، و"رقتني " كما كانت تفعل جدتي، وكما اعتادت كل الجدات أن تفعلن لا فارق بين مسلمة ومسيحية، تحسنت حالتي فعلا، إن لم يكن بسبب الرقية التي تلتها شفاهها الطيبة، فلوجهها الصبوح المستدير وصوتها الأموي القوي وحنوها وهالة الطيبة التي طالما أحاطت بها، ورائحة الريف، بنضارة صبحه وأصالته وخيره، التي بقيت بها حتي بعد تركها "دوار" عائلتها الغنية وإقامتها مع زوجها في المدينة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #shorts - 14-Al-Baqarah


.. #shorts -15- AL-Baqarah




.. #shorts -2- Al-Baqarah


.. #shorts -20-Al-Baqarah




.. #shorts - 7- Al-Baqarah