الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كأنّه أبي-الفصل الرّابع-3-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 7 / 6
الادب والفن


شعرت أنّه اللقاء الأخير
بل كنت أكاد أجزم
كان بيني وبينك قبلة خاطفة على درج المنزل
أوصيتك أن تهتمّ بنفسك. قلت: لا تخافي. انتبهي أنت لنفسك
لم تكن مجزيّة تلك العطور التي أوزّعها على الحيّ بالمجان من حديقتي، العطور ترغب في أمكنة تشتاق لها، وأماكننا لم تكن تحبّ إلا رائحة البارود. هم يغنّون ويطربون له.
كنت أغنّي، وأنا أتمسّك بشجرة ضخمة علّها تمنعني من المغادرة، فجأة رأيت نفسي أدير ظهري للعمر، وأطلق ساقيي للرّيح.
كان مشروع حبّ رفضه أنت جملة وتفصيلاً، تمسّكتُ به، واعتقدت أنّ العمر قادم، وما نعيشه اليوم ليس عمراً. لم أعدّ السنوات . فجأة رأيت نفسي وحيدة . رحلت وأنت تردّد: "أنا السبب
لم أكن أعرف أن عمري لحظة
لم أكن أعرف أنّك في عمري قتيلة
والحياة مستحيلة
لم أكن أعرف أنّ أجمل أيّامي معك
قصّة جميلة
أحببتك يوماً، وغبت عن وعيي دهراً
كان سباتي قاتلاً، وأنتِ القتيلة
كنت مشروع حياة ولم أكن
إلا لاعباً بالنّار. أشعل عن عمد فتيله
ما لهذا الصّبر الحزين يأخذك
وتركضين أمام قبري. تبكين ما مضى
والحياة التي كانت
كنت مخادعاً ت
وكنتِ أصيلة"
كتب هذا في مقدّمة مسرحيته المشهورة
" كانت تبحث عن الحبّ"
وقال أنّه إهداء لزوجتي أي لي. هذا هو يونس الفنّان الحزين الذي لم يكن يستفيق من السّكر إلا ويجد نفسه قد بدأ فيه، خسر كلّ الأوراق، ولم يبق سوى ذكرى مسرحه.
. . .
أقول له: ماذا يفيد هذا الكلام اليوم؟ متّ، لم أرك ولا مرّة قبل الرّحيل ، ولا حتى في حلمي. كان العمر كابوساً ثقيلاً. كنت أودّ أن أصبغ شعري بلون الشّيب كي أخفي ذلك الموت البطيء، والحزن الموروث من الهروب إلى الفرح، والعودة منه عندما يكون الباب موصداً. لم تكن رفيقاً، ولا صديقاً.
لم أعد أؤمن بالأسماء التي ليس لها معنى في القاموس. فتّشت كلّ القواميس لم أجد معنى لكلمة الحبّ، والوطن. وضعت من ذاكرتي معنى لك. أردتك وطناً، فكنت خصماً.
أرغب أن أقتلع من داخلي ذلك الألم الذي سبّبته حياتك، والتي لم أكن قادرة على اتخاذ قرار فيها، فكلما وصلت إلى الباب، وأردت أن أغلقه خلفي. أتذّكر أنّه لو تركتك فسوف تموت، فأعود وأحضن نفسي. انتظرتك كي لا تموت.
موتك حرّرني من قيد خارجي، إنّني اليوم حرّة من العذاب، لكن هل لديّ قدرة على مسامحة نفسي. هي عقوبة عن ذنب لم أرتكبه.
شكراً لحضوركم جميعاً لحفل تأبين زوجي على مسرحه. لقد تعب كثيراً حتى تمكّن من النهوض به، وعندما اكتمل مشروعه مات. كان قلبي يخالف عقلي على الدّوام، وأنا معه، واليوم أيضاً، فأنا لا أفقه ألف باء المسرح، لكنّني لن أترك مسرح يونس ينهار، وهذا لا يعني أنّني لم أقل الحقيقة. شكراً لكم ثانيّة.
. . .
والآن مع كلمة أسرة المسرح يلقيها غريب
أهلاً بكم جميعاً. أنا مربك، ولم أتعود على كلمات التّأبين؟ حضّرت هذه الكلمة المكتوبة ، ولم أكن قد سمعت زوجة الفقيد. أما وقد سمعتها فسوف أقول لها: شكراً لصراحتك.
كان الفقيد فناناً، لكنّه على ما يبدو لم يكن زوجاً، أو بالأحرى لم يكن رجلاً.
وضعت يدك على جرحي سيدتي، فمنذ الطفولة وأنا أبحث عن أبي. كنت أشتاق أن يضع يديه على خدّي ، ويأخذني في حضنه. لكنه بدلاً من ذلك أراد أن يقنعني بأنّ أمّي مجنونة. هو لم يتركنا دون متاعب. حرّضنا عليها، ولم نكن نعرف نواياه ، فإذ به يحضّر لجريمة غدر. ربما لا يوجد شيء اسمه جريمة غدر في القانون، لكنّها أصعب من القتل. هي مؤامرة محبوكة ضدّ شخص، والغاية تبرّر الوسيلة. حاصرنا نحن وأبي أمّي لفترة، كادت تجنّ، وبالصدفة فتحتُ الفيس بوك كي أتابع تعليقات أصدقاء أبي، ورأيت أولاداً بنفس عمر إخوتي الكبار يقولون متى سوف تأتي يا خال. رأيت صورة والدهم قبل أن يقتل. كان من الصور، والتعليقات يبدو أنّه مجرم حرب . كان يخطّط للزواج بامرأة ورثت مالاً عن قاتل. في تلك اللحظة نظرت إلى أمّي. ضممتها. قلت: أحبّك. لا تخافي .
اختار الطريقة التي تقطع أمامي الطّريق، فهو لن يستطيع العودة إلى هنا. كان بإمكانه أن يترك أمّي ويبقى هنا من أجلي، لكنه اختار أن يخسر كل أوراقه مقابل الحصول على أرملة رجل ثري، أنهى الموضوع خلال أيّام. أبي خائن.
أمّي تشبهك أيتها السّيدة. هي لم تقرّر الرّحيل رغم أنّه لم يكن رجل الأسرة، ولم يمنحها يوماً سعيداً، كانت تودّ لو يبقى من أجلي حتى لو لم يكن زوجاً، واختار أن يرحل من أجل أن يتخلّص من الأعباء. قولي لي أيتها السّيدة: هل يمكن أن أنسى الألم؟
أستميحكم عذراً، فهذا التأبين المكتوب لم أستعمله. سوف أستعمله في مناسبة أخرى ربما. هل تسمحين سيدتي بعناقك، والبكاء معك؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة