الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 11 – ما قبل المسيحية – 6.

نضال الربضي

2017 / 7 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 11 – ما قبل المسيحية – 6.

أتابع معكم اليوم هذه السلسلة لأُتم َّ أجزاءها الخاصة بالفكر الأبوكاليبتي ما قبل المسيحية، حيث ستكون ُ خاتمة ُ الحديث ِ: عن جماعة الأسينين، و هم جماعة يهودية أبوكاليبتية تُشكِّل الوجه الثالث للفسلفة الروحية اليهودية في فترة ما بعد العودة من السبي البابلي (أي فترة الهيكل الثاني)، مع الوجهين الآخرين و هما الصدوقيِّن و الفريسيِّن.

لا نجدُ إجماعا ً على معنى كلمة "الأسينين"، إنَّما ترجيحات ٍ تُحاول الوصول إلى أصل هذه التسمية، فنحصلُ بالتالي على هذه التفسيرات باعتبار المعنى هو إما: "الأتقياء" أو "المقدسون (القديسون)" أو "الصامتون" أو "الروحيون (الإلهيون)"، و هي جميعا ً تتَّفِقُ فيما عُرف عنهم من نمط حياة، و مُعتقدات، و منهج تعبُّد.


منشؤهم
---------
نشأت هذه الجماعة في فترة الثورة المكابية التي عرضتها لكم في المقالات السابقة من هذه السلسلة، و اعتزلت المجموع العام لليهود لتعيش َ لوحدها، كردِّ فعل ٍ ممن انتموا إليها على ما رَأوا أنه خروج ٌ على الإرادة ِ الإلهية المُعلنة للشعب اليهودي في التوراة، من قبل جميع اليهود ِ الموجودين في تلك الفترة:

- فالمكابيون (راجع أجزاء السلسلة ِ السابقة) و إن كانوا غيورين على الدين يحاربون المُحتلَّ السلوقي، و يسعون لإعادة المُلك للأمة اليهودية، إلا أنهم قد أخطؤوا خطأين لا يُغتفران: بتعينهم أنفسم ملوكا ً و هم ليسوا من نسل سليمان بن داوود (و هذا شرط ُ المُلك)، و باختيارِ كبير كهنة ٍ منهم أيضا ً و هو ليس من نسل الكاهن صادوق (و هذا شرط الكهنوت)،

- و اليهود الباقون على يهوديتهم في أوراشيم و المدن الأخرى لا يحافظون على التوراة، و خصوصا ً قوانين الطهارة الطقسية، كما يجب،

- بينما يخرج اليهود الذين يتبنون الثقافة الهلستينية عن يهوديتهم بشكل سافر، يتعذر معه إصلاحهم.

إذا ً و الحال هذه لا بدَّ من اعتزال المجموع اليهودي بأكمله، و السير في نهج حياة ٍ موافق ٍ للمشيئة ِ الإلهية، بانتظار تحقيق الوعد الإبراهيمي الداوودي السليماني، بإقامة المملكة اليهودية، و في سبيل تحقيقه لا حِياد َ عن التَّمسُّك ِ التام بالقوانين الإلهية.


نمط حياتهم
------------
نعرف الكثير عن الأسينين من خلال مصادر عدَّة:
- المؤرخ اليهودي يوسيفوس.
- الفيلسوف اليهودي فيلو الإسكندري.
- الكاتب و الفيلسوف الروماني بلينيوس الأكبر.
- مخطوطات البحر الميت (و التي يُعتقد اليوم على نطاق واسع أنها كانت تُشكِّل مكتبة الأسينين، مع وجود نظريات أخرى).

و بحسب هذه المصادر اعتزل الأسينيون المجتمع، و سكنوا في جماعات لوحدهم، و منهم الجماعة الموجودة في قمران – البحر البيت، حيث ترَّكزت حياتُهم على العمل و المشاركة الأخوية، مع التزام ٍ شديد بقوانين الطهارة الطقسية عن طريق الاغتسال و الانغماس في الماء، و لعلَّ اختيارهم لموقع البحر الميت و منطقة نهر الأردن كان لملاءمة ِ تلك البيئة الجغرافية المائية لاحستياجاتهم التعبُّدية، مع ما هي عليه من قداسة كونها موقع خطف إيليا النبي (الذي سيأتي قبل المسيح) و صعوده للسماء في مركبته النارية، الأمر الذي يتّفق مع رؤيتهم الأبوكاليبتية لمستقبل العالم، و يُعزِّزها في وجدانهم.

كان الراغب في الانتساب للجماعة يعيش فيها لمدة سنتين يتدرب على نهجها بينما يتم ُّ تقيمُه، و في حال قبوله كان عليه ان يبيع كل ممتلكاته و يأتي بها للجماعة لتصبح َ جزءا ً من الصندوق العام، و هو الأمر المُشترك بين الجماعات الأبوكاليبتية التي تحرصُ على بيع ممتلكات الأعضاء و تَشارُك ِ الجميع فيها لسدِّ احتياجاتها اليومية (مع العمل طبعاً)، مصداقا ً لاعتقاد ِ جميعها باقتراب الكشف الأبوكاليبتي الإلهي الذي سيُنهي العالم في حرب ٍ أخيرة بين الخير و الشر.

يبدأ ُ الأسينيون نهارهم بالاغتسال الطقسي الذي هو مدخلُ الطهارة ِ الروحية، و هناك َ ساعات ٌ للعمل، و أخرى للطعام، و غيرُها للصيام، بينما يسلكون َ حين الاجتماع بحسب أقصى درجات الانضباط: الكلام بمقدار، و الضحك بمقدار، و الاستماع للإخوة واجب بينما مقاطعة ُ البعض للبعض ِ أثناء الحديث خروج ٌ عن القانون يستجلب ُ الحساب و العقاب.

معتقداتهم
---------
يشترك ُ الأسينيون مع كل الجماعات الأبوكاليبتية في الرؤية التي عرضتُها في أجزاء السلسلة ِ السابقة و التي نُلخِّصها لمن يقرأ فيها لأول مرَّة ٍ من القرَّاء الكرام بما يلي:
- في العالم قوَّتان هما قوة الخير (يمثِّلها الإله و ملائكته و من معهم من البشر)، و قوَّة الشر (يمثلها الشيطان و ملائكته و من معهم من البشر الضالين).

- لسبب ٍ ما مجهول ٍ للمؤمنين ترك َ الإله العالم للشيطان يُفسده و يعمل فيه، و يتزايد ُ الفساد كلَّ يوم ٍ بشكل يتعذَّر معه إصلاح العالم مهما حاول الخيِّرون من المؤمنين، و لا بدَّ لهذا الفساد أن يبلغ تمامه، كما هو معلوم ٌ و مقدَّر ٌ عند الإله منذ إنشاء العالم.


- عندما يبلغ الفساد تمامه سيتدخل الإله بنفسه حيث سيقوم ُ بإرسال ِ مندوب ٍ أو وكيل ٍ عنه (اسمه ُ في الكُتب الأبوكاليبتيه: ابن الإنسان) و هو كائن ٌ له حظوة خاصة عند الإله و مكانة رئيسية مهيبة في الحضرة الإلهية (راجع سفري أخنوخ و دانيال)، لكي يقوم َ و جنودَه من الملائكة الأخيار بتدمير الشيطان و أعوانه من الملائكة الأشرار و البشر (بممالكهم و أنظمتهم الفاسدة) دمارا ً شاملا ً، في عملية ٍ نهائية لا حروب بعدها اسمها عملية: الكشف، و سُميِّت كذلك لأن الإله يكشف فيها للمؤمنين الحكمة َ من غيابه و تركه العالم للشيطان و من وجود ِ الشر ِّ و الظلم ِ و الألم، و سيقوم ُ الأموات منذ بداية إنشاء العالم لكي يؤدُّوا حسابا ً عما صنعوه لتتحقَّق العدالة، و ستقامُ المملكة الإبراهيمية الداوودية السليمانية التي وعدها الإلهُ شعبَه اليهودي، يحكمها المسيحُ المختار، و تسودُ على كل ِّ أمم الأرض الذين سيعرفون الإله الحقيقي و يعبدونه بدورهم.

- و ستكونُ هذه الملحمة ُ الإلهية ُ النهائية و هذا الكشفُ المُنتظرُ العظيم: قريبا ً جدَّاً، في ذات العصر ِ الذي يعيشُ فيه أفراد المجموعة الأبوكاليبتية أو بعده بسنوات قليلة، لذلك لا بدَّ من الاستعداد و الخضوع ِ لنظام ِ حياة ٍ خاص، يتمثَّلُ فيه أفراد المجموعة قانونهم الموافق َ لمشيئة ِ الإله (يختلف من مجموعة لأخرى، لكنه دائما ً في نظرهم يمثِّل ُ المشيئة الإلهية).


تميَّز َ الأسينيون بمعتقد ٍ نادر، هو أن المسيح المنتظر َ في الحقيقة شخصانِ اثنان: أحدهما الملك ُ الذي سيملك على المملكة اليهودية التي ستدوم للأبد، و الثاني هو الكاهن الأعظم الذي سيقيم ُ الشريعة َ و العبادات كما أمر بها الإله اليهودي.

أهمِّية الأسينين
---------------
للأسينين أهمِّية كبرى حيث أن مخطوطات الكتاب المقدس اليهودي التي اكتُشفت في الكهوف التي كانوا يقيمون بها في قمران – البحر الميت وُجدت بأنها أقدم ُ بألف ِ عام من النُّسخ التي كانت موجودة ً وقت الاكتشاف، و هو أمرشديد الأهمية من الناحية الأكاديمية. و بدراستها و مقارنتها مع النسخ الموجودة ِ وقت الاكتشاف تثبَّت َ الباحثون من أمانة ِ نقل اليهود ِ لكتابهم بوجه ٍ عام، مع وجود بعض الاختلافات عن النسخ الموجودة وقتها، خصوصا ً أن تلك المخطوطات ِ احتوت على أجزاء من جميع كتب الكتاب المقدس اليهودي ما عدا سفر استير.

المدهش في الموضوع هو أن تلك المخطوطات انقسمت إلى ثلاث فئات رئيسية هي:

- الكتب القانونية: أي الكتب الموجودة حاليا ً في الكتاب المقدس اليهودي، و نسبتها 40% من المخطوطات التي تم التعرف عليها.

- الكتب القانونية الثانية: و هي كتب ٌ يهودية كانت متداولة على أيام جماعة الأسينين و ذات سلطة ٍ روحية، لكن لم يتم الاعتراف بها حين تم الإقرار الرسمي للكتب المقدسة اليهودية، و لذلك لا تجدها في التوراة الحالية، و منها سفر حكمة يشوع بن سيراخ و سفر طوبيا (الموجودين في الكتاب المقدس المسيحي الكاثوليكي و الأرثوذكسي) و غيرها مثل سفر أخنوخ (غير المُعتمد رسمياً لدى اليهود أو المسيحين، لكن يُستشهد به في كتابات و رسائل مسيحية)، و نسبتهم 30% من المخطوطات.

- كتب القوانين و التعاليم و التفاسير الخاصة بجماعة الأسينين، و نسبتها تقريبا ً 30% من المخطوطات.

لاحظ هنا عزيزي القارئ نقطة ً شديدة الأهمية و هي اعتماد هذه الجماعة الأبوكاليبتية لشتى أنواع الكتب المقدسة التي كانت مُتوفِّرة في الفضاء الديني اليهودي عندها، خصوصا ً إذا ما عرفنا أن هذه أتت بالعبرية، و الآرامية، و اليونانية، و النبطية، و أن محتوياتها تعود للقرن العاشر قبل الميلاد، مما يسلِّط الضوء على مفهوم: الوحي و ارتباطه بالنص المقدس عند الجماعات اليهودية (و بعده عند الجماعات المسيحية الأولى)، باعتبارها تستقي إيمانها من مصادر متعدِّدة لها سلطة روحية، بطريقة حُرَّة غير مقيَّدة بنصٍّ ثابت معروف ٍ مشترك، بعكس ما يظن ُّ الكثير من القراء العرب الذين سيُشكِّل لهم هذا الفهم مفاجأة ً كبيرة (نظرا ً لتأثرهم بمفهوم الوحي الإسلامي الذي يفترضُ إنزال نصٍّ ما بلفظه و كتابته و صياغته و حروفه و لغته، ثم تداوله كما هو، و هو ما لم يدّعِه لا اليهود و لا المسيحيون)، و ذلك قبل أن تتم عملية ُ قوننة الكتاب المقدس اليهودي و اختيار الكتب النهائية المقبولة فيه، وهي عملية امتدت حتى 200 عام بعد الميلاد تقريباً.

إننا في تلك الفترة ِ (و قبل انتهاء عملية القوننة) لا ننظر ُ إلى عددٍ من الكُتب المحدَّدة التي لا تقبل الإضافة إليها أو التعديل على إصداراتها، فالنسخ الموجودة لنفس الكتاب و بلغات ٍ متعدِّدة تتباين في محتوياتها عند الجماعات المختلفة، كما هو مُتوقع من عصور ٍ قديمة لا تنتشر ُ فيها المطابع و لا تعرف الطباعة الإلكترونية، و ليس فيها جهات ٌ روحية ٌ رقابية تعملُ على المراجعة و التدقيق و إصدار النسخ المُعتمدة، مما يعني أن الفضاء الديني يزخرُ بتنوُّع ٍ كبير لا يمكن ُ حصره و إنَّما يبرز منه للتاريخ تلك الجماعاتُ التي كان لها تأثيرٌ على مجرياته بشكل ٍ ما،،،

،،، مما يعني و بعبارة ٍ أخرى أننا حينما ندرس دينا ً ما، فإننا ندرس النسخة َ أو النُسخ البارزة ِ الواثبة إلينا من نصوص ِ جماعاته لأننا قدرنا على تحصيلها، و التي كان لتفاعُل أعضائها (أعني الجماعات) مع حركة التاريخ أثر حتَّم تدوينه و ألقى الضوء على الفاعلين فيه،،،

،،، و بعبارة ٍ ثالثة أقول: أننا إذ ننظر ُ للنَّص المقدَّس لدى جماعة ٍ ما يجب أن ننتبه لحقيقة ِ كونِه: إصداراً ضمن إصدارات تتفقُ معه و تختلف ُ بدرجات، الأمر الذي يجب ُ أن يقودنا نحو محاولة اكتشاف هذه الإصدارات و رصد التباينات ِ بينها، و تأثيرها على الجماعة، و على عجلة ِ التاريخ ِ بالضرورة.

و إنني إذ أنهيتُ اليوم الحديث عن الأبوكاليبتية ِ اليهودية، غير زاعم ٍ أنني أحطُّت ُ بها كاملة ً إنما بأني قد قدَّمت للقارئ الكريم ما يلزمُه من معرفة ٍ ينطلق منها لفهم ٍ أصحَّ و أشمل للمسيحية و لقاعدتها التأسيسية ِ الأولى باعتبارها الوريث المباشر للأبوكاليبتية ِ اليهودية بكل ِّ زخمِها و كُتبِها على نُسخِها و لُغاتها و ترجماتها و مدارسها و فضائها الإيماني الثقافي المكتوب ِ و الشفهي ،،،

،،، أنطلق ُ معكم للأجزاء المُتبقِّية ِ من هذه السلسلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صباح الخير عزيزي نضال
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 7 / 8 - 07:46 )
وتحياتي
-أجبرتني - على البحث عن الاسينيين باللغة العبرية ، لأنني وللمرة الأولى اسمع عنهم ، فشكرا لك ..
يقولون بأن الاسم قد يكون مشتقا من الكلمة الآرامية اسيا وتعني الطبيب .. وقد لفت هذا انتباهي الى التشابه بين العربية والارامية .. فالآس بالعربية هو الطبيب على قول المتنبي - كأنه آس يداوي عليلا- ..
أما المرجح فالكلمة ذات أصول يونانية وتعني القداسة ..
المهم انها ليست بالعبرية اطلاقا ..
وهي فرقة دينية يهودية كما ذكرت ... يؤمنون بالتوراة المكتوبة فقط ولا يؤمنون بالتوراة -الشفاهية - أو المروية وبالضافة الى انهم زهاد في كل شيء حتى في الجنس ولهم طقوس كثيرة ..
لكن المهم بأنهم يعتقدون بأن الشر سيتراكم وينتصر حتى يبلغ مدى بحيث يتدخل الرب ..
هذا موجز وبايجاز شديد لما قرأته عنهم ..
يومك سعيد ومقالاتك توسع الآفاق .


2 - الاخ نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2017 / 7 / 8 - 11:54 )
اسعدني عودتكم الى الكتابة وعن الاسينيين بالذات بعد طول تمنع وممانعة لانني سبق ان كتبت عنهم ثلاث او اربع مقالات استندت في المقالين الاوليين الى ثمانية عشر مصدر ( يسوع والاسينيون - ج 1 و ج2

الاسينيون ليسوا يهودا بل فرقة منشقة عن اليهودية الرسمية كما كتب بذلك فراس السواح ..وكلمة الاسين جاءت بمعنى النطاسي او الطبيب او الشافي على اغلب الاراء.
توقع الاسينيون ان يكون المسيح المنتظر هو رجل البر او الصلاح مؤسسة الفرقة الاسينية والذي قتل على الارجح ..اثبتت مخطوطات قمران ان التوراة السامرية تعود لاصول مستقلة عن التوراة العبرانية وكذلك اثبتت ان الترجمة السبعينية هي تقليد مستقل عن التوراة العبرية والسامرية (الحدث التوراتي والشرق الادنى القديم ) لفراس السواح.. تظهر تعاليم الاسينيين مبلغ التشابه بينهم وبين تعاليم يسوع وهنالك كثير من الكلام المثير تجده في مقالاتي


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=266362


3 - الاخ نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2017 / 7 / 8 - 12:01 )
تتمة ..

ادناه رابط مقالي ( يسوع والاسينيون - ج 2 )اتمنى ان يعجبكم ..

ختاما لكم مني وافر التقدير والاحترام والمحبة ومدمتم بسلام

http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=267189&r=0


4 - الاخ نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2017 / 7 / 8 - 14:47 )
يتميز التقويم الاسيني عند جماعة قمران بكونه تقويما شمسيا ثابتا بعكس تقويم مؤسسة الهيكل اليهودية الرسمية حيث يثتبعون التقويم القمري .وبذلك يختلف عيد الفصح بين اليهود والقمرانيين .

لايتناول الاسينيون لحوم الذبائح لذا يكون عشائهم السري اطعمة نباتية وليس خاروف الفصح وهو مانشاهده في افلام الكنائس الانجيلية ..

هنالك علاقة واسعة جدا لم يكشف النقاب عنها تماما بين الاسينيين والمسيحية المبكرة وقد كتبت عن ذلك في مقالات اخرى ..

ختاما اتمنى لكم دوام الصحة ومزيدا من الابداغع في كتاباتك ..

تقبل مني موفر المحبة والسلام ..


5 - العزيز قاسم يسعدني أنك تحفَّزت لمتابعة الموضوع
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 8 - 15:19 )
يا صديقي الجميل!

هذا يعني أنني قد نجحت بإثارة فضولك

الأسينيون خدموا البحوث الأكاديمية بشكل كبير عبر مكتبتهم التي أخبرتنا الكثير عن تلك الفترة، و عن مناخ المدارس اليهودية. و يتصلون بشكل مباشر بما يمكن أن نسميه تطوُّر الفكر الديني اليهودي.

قدَّمتُهم في إطار الأبوكاليبتية كونه محور حياتهم كجماعة، و بالمقدار الكافي الذي يخدم السلسلة، و أشجعك على قراءة المقالين الذين كتبهم صديقنا الجميل وليد ففيهما تفصيل كبير، و سأحاورة في ما سيأتي في الأسفل.

دم بكل ِّ الود!


6 - موصول الشكر لك يا صديقي وليد!
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 8 - 15:26 )
بالفعل مقالاكَ تفصيلان مهمَّان جدَّا ً لمن يريدُ أن يستزيد في المعرفة عن المجموعة الأسينية، و اسمح لي هناك أن أتكلم معك في بعض النقاط الرئيسية:

- الأسينيون يهود، و ليسوا دخلاء على اليهودية. ربَّما تعتمدُ في رؤيتك َ تلك على حقيقة اختلاف معتقداتهم و ممارساتهم عن اليهودية الرسمية، لكننا نجد جميع الإشارات تقود ُ إلى يهوديتهم من اهتمامهم بالكتب اليهودية: الرسمية و غير القانونية على حدٍّ سواء (و جميعها يهودية)، و انتظارهم للمسيح المالك المقيم للدولة اليهودية، و اشتراكهم مع الفريسين و المكابين و غيرهم من الجماعات في الفكر الأبوكاليبتي اليهود بكل دعائمه،،،

،،، و من هنا ينبغي أن نفهم أن اختلافهم عن الخط الرسمي اليهودي هو مجرد افتراق في المدارس لا في الديانة، و لا بدَّ أنك تدُرك بطبيعة الحال المرونة الكبيرة للأديان و قدرتها على الإحاطة بألوان ٍ كثيرة في طيفها اللوني الشمولي،،،

،،، كمثال: أنظر اليوم للمسيحية: الكاثوليكية تشبه الأرثوذكسية اليونانية بدرجات و التي تشبه بدورها تلك القبطية بدرجات، فإذا ما قارنت الكاثوليكية بالقبطية وجدت تباينا ً أكثر

يتبع


7 - يتبع للعزيز وليد - 2
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 8 - 15:32 )
فإن قارنت الكاثوليكية ببعض الفرق البروتستانتية المتشددة وجدت تباينا ً شديدا ً، و لو قارنتها بجماعة شهود يهوه أو جماعة المورمون على سبيل المثال لقلت أنهما ثلاث ديانات مختلفة،،،

،،، و كذلك الحال لو درست الإسلام الصوفي و قارنته بالإسلام الوهابي أو الإسلام الشيعي،،،

إذا ً اختلاف المدرسة لا يعني اختلاف الدين.

- أما من جهة معلم الصلاح أو معلم البر فلا يوجد إجماع ٌ عليه، لكن بعض الدراسات تذهب أنه هيكرانوس الثاني الذي كتبتُ عنه في المقال السابق من هذه السلسلة.

- يسوع كان يهوديا ً هذا أكيد، لكنه لم يكن أسينيا ً، فهؤلاء يركزون على مفهوم الطهارة الروحية (الطقسية) المُتحصِّلة من ممارسة قوانين الاغتسال و الانغماس في الماء بطرق معينة و في أوقات معينة و حين إتيان أفعال معينة، بينما المسيحية يقلب مفهوم الطهارة الروحية ليجعله مرتبطاً بالأفعال القلبية بحيث يصبح الطاهر من يفعل الصلاح و النجس من يفعل الشر، هذه نقطة مهمة جداً.

يتبع


8 - يتبع للعزيز وليد - 3
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 8 - 15:41 )
تابع

كما أن الأسينين يعتزلون الناس لأنهم يريدون أن ينأوا بأنفسهم عن التلوث الروحي الناجم عن مخالطة الخطأة، بينما المسيح يعتبر أن هدفه الرئيسي هو التبشير بالملكوت القادم بين الخطأة و العشارين و البغايا من النساء، اي أنه يذهب عكس مذهب الأسينين تماما ً و يعتقد أنه يطهر الخطأة بجلوسه معهم (على عكس الأسينين الذين يعتقدون أنهم يتنجسون بالجلوس مع الخطأة، لاحظ الفرق).

الأسينيون لا يأكلون اللحوم (في بعض الدراسات لكن ليس هذا مؤكداً، إنما المؤكد أنهم يرفضون الذبح في الهيكل كوسيلة للبر)، بينما المسيح كان يأكل و يشرب بشكل طبيعي (كما أوردت الأناجيل على لسانه: متى 11: 16- 19، و لوقا 7: 31-35)

انجذاب يسوع في بداية رسالته ليوحنا المعمدان (الذي لم يكن أسينيا ً هو الآخر لكنه قريب جدا ً من فكرهم) سببه اشتراكهم في ذات الفكر الأبوكاليبتي، لكن يسوع ابتعد عن كليهما (يوحنا، و الأسينين) لأنه كان صاحب أبوكاليبتيه مختلفة.

هذا هو المناخ الديني في البيئة الرومانية الهلستينية، و في ذلك الوضع السياسي الملتهب الذي فارت و ماجت فيه المدارس و المجموعات حتى وصلت الأمور إلى دمار أوراشليم و صلب آلاف اليهود

يتبع


9 - يتبع للعزيز وليد - 4
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 8 - 15:48 )
تابع

صلب آلاف اليهود على يد القائد الروماني تيطس عام 70 م، حتى أن القصة تقول أنه قطع أشجار البساتين و الغابات القريبة من القدس حتى نفذت الأخشاب التي كان يصلب عليها الناس.

المكتبة الأسينية مكتبة يهودية بامتياز و ليس فيها أي شئ مسيحي، لكن َّ فكرها الأبوكاليبتي هو الفكر الذي اشتركت فيه مع ذلك الذي تبنته الجماعة اليهودية بمدرستها الخاصة التي تطورت فيما بعد على يد أبوكاليبتي آخر هو بولس لتصبح: المسيحية، و لتنشأ ديانة جديدة تجمع في ذاتها شتى الفلسفات و الديانات الموجودة في تلك الفترة.

برأي الشخصي: دراسة الأبوكاليبتية اليهودية ثم المسيحية تلقي الضوء على العقلية الدينية و مناهجها الحرة في تبني النص المقدس ثم إعادة تفسيره ليتم توظفيه ليقول ما تريده المجموعة، هذه النقطة بالذات التي يجب أن نستفيد منها لنفهم التشابك الحيوي بين النص و المتلقي، فنقول و نحن مطمئنُّون أنه تشابك في اتجاهين: من النص للمتلقي (و عليه) و من المتلقي للنص (و عليه)، و هنا بيت القصيد!!!!!!

دم بكل ِّ الود!


10 - الاخ نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2017 / 7 / 8 - 17:14 )
شكرا لردودك المفصلة عن الاسينيين واحب ان اضيف انني استندت الى عدة مصادر لقولي بانهم ليسوا يهودا ومنهم الباحث فراس السواح والاعلامي والصحفي والباحث الفلسطيني اسامة العيسفي كتابه المثير ( مخطوطات البحر الميت ) الصادر عن دارقدمس بالاضافة الى مصادر اخرى لاتحضرني الان
القول بيهودية الاسينيين يشبه القول بان اليهود من عبدة الاله مردوخ وانليل واله القمر سين لان كل التراث السومري والبابلي تم تطويعه واعادة كتابته من جديد وفق منهج ايديولوجي محدد

اماا اسينية يسوع فقدمت وجهة نظري علما ان ان تعاليم يسوع كتبت من قبل المؤمنين به وهم ليسوا من تلامذته والذين اضفوا الطابع اللاهوتي القصدي على الرواية الانجيلية فالحديث عن مخالطة يسوع للعشارين والخطاة لايمكن ان يتم في زمن يسوع وفي مجتمع صيادي الاسماك والفلاحين بل هو في مجتمع المدينة التي عاش فيهالا بولس وهذا الكلام صحيح اذا طبقناه في زمن بولس والمدن الكبرى التي بشر بها

ختاما اثمن جهودكم للوقت والجهد الذين بذلتهما من اجل انجاز هذه السلسلة وانا بانتظار دخولك في العصر المسيحي

تقبل وافر مودتي وتقديري اخي نضال !


11 - بين السرد الإيماني و التاريخي
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 8 - 20:28 )
العزيز وليد،

يسعدني حضورك بما لك من مشاركات قيمة جداً.

من الصعب أن نُعيد بناء التاريخ بعيدا ً عن الرواية الدينية، و لذلك فإننا نستطيع أن نعرف البعض عن يسوع التاريخي و بولس التاريخي و المجموعة المسيحية الأولى و ما قبلها، و تبقى النظريات المختلفة مطروحة حتى يحسمها العلم، و ما نعرفه الآن يقينا ً أن يسوع كان معلما ً يهوديا ً أبوكاليبتيا ً، و كذلك بولس، أما بالنسبة للأسينين فالمقبول الآن أكاديميا ً هو يهوديتهم، لكن هذا لا ينفي أن يضطلع المرء على كل البحوث المخالفة و أنت من السباقين دائما ً لفتح الأبواب يا صديقي و بجهد ٍ سخي يُشهد له.

علي َّ الآن أن أعود لأقرأ ما كتبت ُ عن الأبوكاليبتية اليهودية، حتى أرسم كيفية انطلاقي و مساري نحو تلك المسيحية لتكون السلسلة متسقة.

أعتز بحضورك الجميل و نلتقي على الإخاء و المودة في حوارات فكرية مثمرة كشأننا دائماً!


12 - في صُحبة المتنورين
عدلي جندي ( 2017 / 7 / 9 - 11:51 )
متعة وحافز
تحية
للحضور وصاحب الصالون


13 - العزيز عدلي جندي
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 10 - 06:56 )
يوما ً طيبا ً أتمناه لك أخي عدلي،

شكرا ً لمرورك َ الجميل، أتمنى أن تجد في هذه السلسلة فائدة ً و فرحاً.

أرحب بنقدك و ملاحظاتك.

مودتي و احترامي!

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س