الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-إخوة يوسف- .. قطر وإيران !

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2017 / 7 / 8
السياسة والعلاقات الدولية


بعيداً عن الصورة النمطية التي يرسمها لها الإعلام «العربي» الرسمي، والرديف الذي صار «رسمياً» أكثر من الرسمي المحلي، فإن إيران برزت في ما أصبح يعرف بالأزمة الخليجية أو أزمة قطر أو الأزمة مع قطر، «داعية سلام» معارضة لاستخدام العنف والقوة في حل الخلافات بين الدول، والأهم في كل ذلك، فقد حرصت على تسويق صورة مغايرة تماماً لما تنقله عنها هذه الوسائل في شأن موقفها من مجلس التعاون الخليجي، وأنها لا تريده أن ينهار ويتفتت، بل تريده منظومة موحدة قوية تدخل معها في حوار لايجاد تفاهمات كبرى، عكس ما يروجه عنها الإعلام «العربي» الرسمي والرديف. وطبعاً «العربي» هنا استعارة لها مغزى تختصر سيطرة المال السعودي على معظم ما يبث وينشر باللغة العربية ضد إيران (التي تحولت فجأة إلى قطر) حتى في وسائل إعلام عالمية لا تملكها السعودية، وبعضها تابع لدول «عظمى»!.
مجلس تعاون قوي !

لا تريد طهران كما كشفت في تصريحات كبار المسؤولين الرسميين فيها، أن يجلس في الجهة المقابلة من طاولة حوارها المرجو والمطلوب بل المفقود، مجلس تعاون ضعيف وممزق لبحث صيغة مناسبة لإنهاء الخلافات التي تقول إنها «مفتعلة» ويمكن حلها بسهولة إذا توفرت الإرادة، لدى دول مجلس التعاون، ولم يتعرض المجلس للابتزاز من قبل دول من خارج المنطقة، وتحديداً الولايات المتحدة، ولهذا سعت مع إندلاع أزمة قطر إلى بذل جهود لافتة، ليس فقط مع دول المنطقة، بل تعدتها إلى دول أوروبية كبرى والاتحاد الروسي الحليف لها، للقيام بدور إيجابي وحل الأزمة الخليجية سلمياً.
كان يفترض أن تستفيد طهران من الانقسام الحاصل في «البيت الخليجي» وتعمل على تعميقه، لتفرض شروطها فيما يتعلق بالأزمات الإقليمية التي هي طرف أساس فيها كالأزمة في سوريا بشكل خاص، لكن الاجتماع الذي عقده المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني السبت العاشر من حزيران/يونيو برئاسة الرئيس حسن روحاني، بعد ثلاثة أيام من تفجيرات طهران الإرهابية، قرر إتخاذ سياسة «الحياد الايجابي» في النزاع الخليجي، بشرط أن لا يتحول إلى نزاع مسلح، وأن لا تتعرض قطر لغزو عسكري على غرار ما فعل صدام الرئيس العراقي السابق مع الكويت عام 1990.
في البين زار وزير الخارجية محمد جواد ظريف أنقرة، وبحث خطوة إرسال قوات تركية إلى الدوحة في سياسة ردع تحمل رسائل واضحة عن رغبة طهران في تجنيب المنطقة حربأً تلد أخرى، وأعلنت أكثر من مرة أنها لن تتورط في أي نزاع مسلح بسبب هذه الأزمة على أمل أن تجد طريقها إلى الحل، لكن وبعد أن تطورت مطالب الدول «المحاصرة» لقطر إلى الحد الذي جعل طبول الحرب تقرع عندما اتهمت الدوحة التي تريد فقط أن تدافع عن نفسها، بعسكرةالحل بذريعة استقدام القوات التركية، فقد أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني في اتصال هاتفي أجراه مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وقوف بلاده حكومة وشعباً إلى جانب حكومة الدوحة والشعب القطري.
إلّا الحرب

من وجهة نظر إيرانية ورغم السجال الداخلي بين الرئيس والحرس الثوري حول ما يسمى «حكومة بلا بندقية» إذ يرى الحرس الثوري أن من حقه الاستمرار في التلويح باستخدام القوة العسكرية الصاروخية تحديداً ضد خصوم إيران وأعدائها في المنطقة والعالم، وأن حكومة «بلا سلاح» ستستضعف وتستسلم للعدو، إلا أن المجلس الأعلى للأمن القومي ويضم كبار قادة الحرس الثوري وممثلين عن المرشد آية الله علي خامنئي، خرج بموقف موحد إزاء تطورات الأزمة الخليجية من واقع أنها أيضاً تأتي في سياق المنافسة الشرسة على النفوذ في المنطقة، بين إيران والمملكة العربية السعودية.
حتى الخبراء الإيرانيين، ومنهم معارضون، يعتقدون أن هذا الصراع يمكن أن يؤزم الأوضاع في المنطقة، ويزيد من احتمال وقوع حرب إقليمية لا يفصحون بشكل واضح عن إمكانية أن تشارك فيها إيران، لكنها بالتأكيد ستعمق الخلافات المستعصية بين البلدين.
فالهجومان الأخيران اللذان تعرضت لهما طهران في شهر رمضان عقب إندلاع الأزمة القطرية، جاء كما يقول الإيرانيون بعد تصريحات «عدائية» أدلى بها في أيار/مايو محمد بن سلمان بصفته وزير الدفاع قبل أن يصبح ولي العهد في السعودية، عندما هدد بجر ساحة المعركة إلى طهران بقوله:» لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لتكون المعركة عندهم في إيران».
محمد بن سلمان يصفه الإيرانيون بصدام الصغير(صدامك) ويرون أنه تصريحاته تلك تعكس عدم نضج سياسي، برز كداعية للحرب وهو يتبع سياسة هجومية مع إيران، عندما شن الحرب على اليمن بحجة دعم إيران للحوثيين بينما كان يعمل متذرعا بتلك الحرب كما يقولون، على إقصاء منافسيه خصوصاً الأمير محمد بن نايف ولي العهد المعزول.
وسلطت الصحف الإيرانية وتصريحات رسمية الضوء على ما تقول إنه ارتياح «إسرائيلي» لتعيين الأمير محمد بن سلمان في منصب ولي العهد ،مشيرين إلى احتمال أن يلجأ إلى استخدام القوة العسكرية مع قطر، لجر إيران إلى الحرب في المنطقة.
ورغم أن الرئيس روحاني أكد لأمير قطر أن الدعم الإيراني للدوحة غير محدود، إلا أنه كان حريصاً على تجنب ذكر أي عبارة تلمح إلى احتمال التدخل العسكري لصالح قطر، في الوقت الذي كان وزير خارجيته ظريف يتحدث في يوم عيد الفطر في برلين عن أهمية أن تضطلع الدول الأوروبية بدور بناء لانهاء الأزمة الخليجية. وقال ظريف «إنّ المنطقة لا تتحمل مزيدا من التصعيد، وآمل من جميع الدول التي لها نفوذ في المنطقة أن تستخدمه للوصول إلى حلول للأزمة» معتبراً «أن الحقائق في منطقة الخليج تؤكد أن دولها غير متماثلة في الحجم والقوة والثروة، وأن هذه الحقائق تقتضي أن تعتمد دول المنطقة في علاقاتها الحوار وليس الإرغام والحصار».
وقد أشاد ظريف بموقف ألمانيا في هذه الأزمة ، داعياً إلى الاستجابة لجهود الوساطة من جانب الكويت. لكنه أشار بشكل له مغزى إلى أن هناك بلداً (يقصد قطر) لم يرتكب أي فرد فيه أي عمل إرهابي، فكيف يوصف بالإرهاب؟ بينما هناك بلدان (يقصد السعودية وأحداث 11 سبتمبر) تلطخت أيديهم بالدماء ولا يوصفون بذلك».
إنتهازية أم عقلانية؟

وبسبب ما يصفونه بالانحياز، وليس الحياد الايجابي، يتعرض الرئيس روحاني ووزير خارجيته ظريف إلى انتقادات من نافذين في نظام الجمهورية الإسلامية، شددوا على أن دخول إيران على خط الأزمة القطرية «غير عقلاني البتة»؛ وقالوا إن تدخلها سيعجل في حل الخلافات بين قطر وخصومها المقاطعين، وهو خلاف يقولون إنه قائم أساساً بسبب العلاقات الخليجية المتوترة مع إيران. «وإن على إيران أن تدرس كل خطوة تتخذها بشأن الخلاف الخليجي، وتستثمره لصالحها».
المعترضون على الموقف الايراني الداعم لقطر يبررون ذلك أيضاً بقولهم إن الخلافات السعودية القطرية قديمة يجب أن لا تساعد إيران في حلها خصوصاً وأن أن قطر كما يرون تحارب ايران عبر دعمها منظمات تقاتل نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وكتب مسؤولون سابقون في وزارة الخارجية الإيرانية متهمين قطر بلعب دور مفصلي في إفشال المخططات الإيرانية وتهديد مصالح طهران في كل من سوريا والعراق «وليس عقلانياً إتهام الدوحة من قبل السعودية وحلفائها بأنها كانت تتقرب لإيران أو أنها كانت تنفذ أجندة إيرانية في المنطقة». وأضافوا أن من غير المعقول أيضاً أن تقف إيران إلى جانب قطر «لأن ذلك من شأنه في النهاية أن تتناسى الدول الخليجية خلافاتها، وتتصالح لتتوحد مجدداً ضد إيران».
بعض المعترضين على الحكومة يعتقدون أن على إيران أن لا تتمادى في دعمها لقطر في أزمتها مع السعودية لأن الخلاف كما يقولون نشأ في البيت الخليجي «وهذا شأن داخلي بين كبار داعمي التطرف السلفي الوهابي، وستجد هذه الخلافات طريقها للحل شئنا أم أبينا».
وينظر هؤلاء إلى أن التدخل الإيراني سيفاقم الأمور بدل حلها ويعرض الأمن القومي ومصالح إيران في الشرق الأوسط وبالأخص في الخليج للخطر خصوصاً أن الرئيس الإيراني حسن روحاني، كان من بين وعوده الإنتخابية، تحسين العلاقات مع دول المنطقة بما فيها المملكة العربية السعودية، ولذلك لا ينبغي لحكومته التدخل في الخلاف الخليجي الخليجي لأن هذا الخلاف سينتهي، وتعود المياه إلى مجاريها، وسينقلب الأمر برمته ضد إيران، لهذا فإن على إيران التي تسعى لتحسين علاقاتها مع دول مجلس التعاون النأي بنفسها عن الدخول في الأزمة الخليجية».
وفي الاتجاه نفسه حذر معترضون آخرون الرئيس روحاني من توريط ايران في نزاع مباشر مع واشنطن التي يرون أنها تعتبر الدوحة شريكاً إستراتيجيا لا يمكن التفريط به لذلك لن تسمح لطهران التدخل أو بناء علاقات إستراتيجية وثيقة مع قطر على حساب مصالحها وباقي دول مجلس التعاون.
ويبدو في سياق متصل لقراءة منتقدين داخل نظام الجمهورية الإسلامية أن الدوحة استثمرت دخول إيران على الخط بشكل جيد خصوصا بعد ردود الفعل السلبية من الدول المقاطعة لقطر إثر الاتصال الهاتفي بين الأمير تميم والرئيس روحاني، فالدوحة كما يقولون سعت منذ اللحظة الأولى إلى استغلال دخول طهران على الخط لصالحها لكسب المزيد من الامتيازات من خصومها، «ولطالما كانت الدوحة تنظر لإيران على أنها أداة يمكن لها أن تستخدمها لتخفيف حدة الحصار المفروض عليها، والرياض ترى الأمر بهذا الشكل أيضا وهذا منطقي أن قطر تتحرك ضمن الأزمة من أجل إحداث توازن إستراتيجي بما يخدم مصالحها الأمنية». ويزيدون «أن على إيران التي تسعى حاليا لتحسين علاقاتها مع الرياض ان تعلم أن وقوفها بجانب الدوحة سيكون له عواقب وخيمة على سياساتها الخارجية».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف فلسطينيين أثناء تجمعهم حول نقطة للإنترنت في غزة


.. طلبة في تونس يرفعون شعارات مناصرة لفلسطين خلال امتحان البكال




.. الخارجية القطرية: هناك إساءة في استخدام الوساطة وتوظيفها لتح


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش خياري إيران ورفح.. أيهما العاجل




.. سيارة كهربائية تهاجر من بكين إلى واشنطن.. لماذا يخشاها ترمب