الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشباب الفلسطيني :المقاومة وطقوس العبور

وليد يوسف عطو

2017 / 7 / 8
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الشباب الفلسطيني :المقاومة وطقوس العبور

استعمل الفلسطينيون اقدم سلاح لمواجهة دولة اسرائيل المحتلة لاراضيهم وهي الحجارة .فالفلسطينيون في الدفاع وفي الهجوم

يشهرون السلاح وهو سلاح الحجارة , اقدم اشكال السلاح المعروفة عند البشر باعتبارها جزء من الطبيعة والبيئة .لقد نشات اجيال جديدة من الاطفال والشباب الفلسطيني تحت الاحتلال الاسرائيلي وتحت عنف السلطة الاسرائيلية.ان العجز عن تطبيع الاحتلال يعني اللجؤ المتواصل الى العنف الجسدي .يدرك المرء بسرعة ان الضرب ممارسة مالوفة لدى المؤسسة العسكرية والامنية الاسرائيلية .

لقد اصبح الضرب جزءا من جهاز السيطرة الاسرائيلي منذ بداية الاحتلال لغرض تطويع الشعب الفلسطيني .ان الاحتكاك مع سلطة الاحتلال يؤدي الى ضرب الشباب الفلسطيني , لذا رفض الشباب الفلسطيني الدعوات المسائية لقيادة السيارات لان الجنود الاسرائيليين على حواجز الطرق يوقفونهم وينزلون الرجال عشوائيا لغرض ضربهم .وفي ازقة المخيمات يحرص الاطفال على البقاء قرب المنزل لان الجنود الاسرائيليين يقومون احيانا بملاحتقهم وضربهم واحتجازهم عدة ساعات .

قبل الانتفاضة الاولى لثورة الحجارة كانت عمليات الضرب تجري خلال التوقيف .وكان الضرب جزءا لايتجزا من الاستجواب والهدف منه تحطيم ارادة المعتقلين وانتزاع الاعترافات منهم بالقوة . وكان الضرب بالنسبة الى الاسرائيليين رسالة مشفرة الهدف منها توجيه رسالة عن عواقب المقاومة .

فالشاب الفلسطيني يرمز للمقاومة وللنضال ضد المحتل الاسرائيلي حيث يجب استئصال فكرة المقاومة ورموزها واسكات صوتها .يجب ارغام الفلسطينيين على الاذعان للمشروع الاستيطاني .فالعنف الاسرائيلي ينطلق من افتراض الذنب الجماعي والمسؤولية الجماعية للفلسطينيين .الجندي الاسرائيلي يلوح بالوسائل التكنولوجية الحديثة للعنف مثل القنابل المسيلة للدموع وخراطيم
المياه والطلقات المطاطية والهراوات .

ان الخطاب العسكري الاسرائيلي الى جانب الايديولوجية الاسرائيلية – الصهيونية حول حقوق المحتلين بالارض في اطار نظام قضائي يسكت على الانتهاكات الممنهجة لحقوق الانسان حيث اشاع اجواء ازدهرت فيها ممارسة العنف الجسدي .

ان تحدي الشباب الفلسطيني وتعرضهم للضرب يمنح المقاتل والشاب الفلسطيني شرفا .هذا التحدي يقوم على على عدم الخوف من احد ,حيث الرجال الحقيقيون قادرون على فرض الاحترام والطاعة على الاخرين . ان اعتقال الاطفال الفلسطينيون وتعرضهم للضرب وللسجن هي طقوس للعبور من الطفولة الى الرجولة .
من متابعة نشاطات المقاومة في المخيمات والقرى والاحياء في المدن الفلسطينية كان واضحا ان دور الرجال الاكبر سنا هو دور صغير , لذلك بات دور المقاومة من اختصاص الفئات العمرية دون سن الخامسة والعشرين . ان السجن الاسرائيلي يتحول الى اكاديمية لتخرج المناضلين والمقاتلين , حيث تزدهر داخل السجون الاسرائيلية عمليات الانتساب الى صفوف المنظمات السياسية .
يتشابه الشاب الفلسطيني مع الشاب العراقي الذي قاوم الاحتلال الامريكي للعراق بانهم لايملكون شيئا يخسرونه .لذلك يتحولون الى صفوف المقاومة الفلسطينية . ان الاطفال والشباب بصفتهم متلقين للعنف يكشفون عن مؤهلات رجولية ثورية .

واثار العنف على اجسادهم تشير الى ذات رجولية مقاومة , وهو طقس للعبور نحو الرجولة . تتميز طقوس العبور بثلاث مراحل :
1- الانفصال 2- الهامشية 3 – الاجتماع
في المرحلة الاولى ينفصل الفرد عن الجماعة فهو يؤخذ من بيته وعائلته الى سيارة جيب ثم الى الاستجواب .المرحلة الثانية هي الهامشية وهي مرحلة محفوفة بالمخاطر ويتم فيها تمييع التراتبيات الاجتماعية للسن وللطبقة .يكون كثير من المعتقلين عراة في حالة من الهوان بلا رتبة او مكانة . انهم يعانون الالم والعذاب بصمت ..

ان السجن مرحلة انتقالية لتحقيق تراتبيات جديدة تقوم على القدرة على تحمل العنف الجسدي والنفسي ,والقدرة على القيادة في مجتمع السجن .اما الجزء الاخير وهو الاجتماع فيعني العودة الى الحياة الطبيعية .حيث يقوم الاقارب والاصدقاء والجيران بالزيارة على امتداد اسابيع من اجل ابداء الاحترام للمعتقل المطلق سراحه .وتتولى نساء البيت تحضير اطعمة خاصة محضرة من اللحوم الاغلى ثمنا لتقوية صحة السجين وللتعبير عن الاحترام والتقدير لصموده .

يتبع ..

المصدر :

المقال منقول باختصار شديد وبتصرف من مقال بعنوان (الجذر الذكري وطقوس المقاومة في الانتفاضة الفلسطينية الاولى :السياسات الثقافية للعنف ) – تاليف جولي بيتيت , من كتاب (الرجولة المتخيلة :الهوية الذكريةوالثقافة في الشرق الاوسط الحديث ) –اعداد :مي غصوب وايما سنكلير ويب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نحتاج إلى ثقافة جديدة
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 9 - 10:01 )
يوماً طيبا ً لك يا صديقي الجميل!

نحتاج إلى ثقافة جديدة تتبنى بدل الولع بالسجون و تمجيد العذاب باعتبارهما شهادات للمقاومين، و مع ما يتم التغاضي عنه من الأثر النفسي المدمر و الجسدي المُعطِّل للسجين،،،

،،، نهجا ً جديدا ً عقلانياً يمجد ُ ملازمة َ العلوم، و الارتقاء َ في سُلَّم الوعي، و يسعى للحلول الذكية، ليثبت الشباب الفلسطيني جدارته النوعية، كبديل لهذا الانخراط المؤذي في نشاطات عنيفة تضره من جهة و تبقي وعيه في مستوياته البدائية من جهة أخرى و تحجب بصيرته عن ما يمكن أن يتطور إليه من جهة ثالثة،،،

،،، هذا يعني أن على الفلسطينين إيجاد حل عقلاني ذكي لدفع المحتل الإسرائيلي إلى الالتزام بتعهداته السياسية و تحصيل المزيد من حقوقهم بثبات، بعيدا ً عن كل الأعمال المسلحة أو العبثية التي ما عاد لها أي وجود في عالم متحضر يكرهها و يُدينُها و يعمل على استئصالها حتى لو كان فاعِلُها صاحب حقٍّ واضح لا جدال فيه.

دعوتي هنا هي لإنهاء هذه المعاناة العبثية للشباب الفلسطيني الذي بمقارنته مع الشباب الإسرائيلي تتضح الكارثة التي يتم ارتكابها بحقه حينما يُزين له الانغماس في العبث، باسم الحق.

دمت َ بودٍّ!


2 - الاخ نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2017 / 7 / 9 - 17:24 )
اهلا بك اخي نضال..

اتفق معك في التحليل ..

نحتاج الى ثقافة اللاعنف والتحاور واستخدام العلم والعقل النقدي ..

المقال ماخوذ من بحث انثروبولوجي اجنبي للمقاومة الفلسطينية وهو يفيدني انثروبولوجيا ..

استطيع ربط الموضوع بالعنف في العراق وظاهرة المليشيات والمافيات وسماتها .

لدينا انواع متعددة من العنف ومنها ابادة العائلة الهاشمية المالكة في العراق بتخطيط من بريطانيا

ويبقى البحث عن مفاهيم الوطنية والثورية والعمالة لامعنى لها في ظل استخدام

المفاهيم الضبابية والهشة ..

ختاما نليتقيكم على خير دوما اخي نضال

وشكرا على مروك الجميل على مقالتي ..


3 - إلقاء الحجر خسّة والمحرّض جبان
معلق قديم ( 2017 / 7 / 9 - 18:11 )
الكبير الذي يدفع الأطفال للتعدي بالحجر جبان خسيس...
نعم هو يعلم تماما عجزه فيرمي بالأطفال إلى التهلكة

سأشرح لكم وجهة نظري:

من هو الأقوى معنويا..هل هو الطفل المهاجم أم الجندي المدجج بالسلاح؟

الأقوى دون شك هو الجندي والطفل المستفزّ هنا وظيفته الوحيدة اشعال الأمور وإلحاق الأذى فإن لقي ردعا اجتمعت الصحافة المتحيزة والغوغائيات الدعائية من كل لون للتشهير بمن ردع المعتدى !

ما كتبت ينطبق أيضا على كل تظاهرة غوغائية تدّعي الدفاع عن قضية...من الهمج المعادين للعولمة في هامبورج إلى جحافل اليساريين والفوضويين من كل جنس

ما البديل؟

ليس من مسئوليتي ايجاد البديل ويسأل في ذلك السياسيون والقادة لكن من حقي كشف الخسة واللعب على مشاعر البسطاء

اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة